هنأ أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، والشعب المصري، والأمتين العربية والإسلامية، بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة، سائلًا الله (عز وجل) أن يعيد هذه الأيام المباركة عليه وعلى الشعب المصري كله وعلى الأمتين العربية والإسلامية وعلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وعلى البشرية جمعاء بالخير واليمن والبركات.


وقد شهد وزير الأوقاف احتفال وزارة الأوقاف بليلة النصف من شعبان وذكرى تحويل القبلة مساء اليوم السبت ٢٤ فبراير ٢٠٢٤م، عقب صلاة العشاء بمسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) بالقاهرة، بحضور اللواء/ خالد عبد العال محافظ القاهرة نائبًا عن الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية. وفي كلمته أكد الشيخ/مصطفى عبد السلام إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن من الأحداث المُهِمَّة التي وقعت في شهر شعبان من السنة الثانية للهجرة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وقد كانت القبلة في بداية فرض الصلاة تجاه بيت المقدس، حيث صلى نبينا (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه تجاهه نحو ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا. وكان (صلوات ربي وسلامه عليه) يدعو ويتمنى أن تكون وجهته في صلاته إلى بيت الله الحرام، فقلبه معلق بمكة‏، يمتلئ شوقا وحنينا إليها‏، إذ هي أحب البلاد إليه‏، وبعد أن استقر (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة‏، ظل متعلقا بمكة المكرمة مقلّبًا وجهه فى السماء، يترقب الوحى الربانى، حتى أقرَّ الله عينه وأعطاه مُناه وحقق مطلوبه، فأرضاه الله (عز وجل) بأن جعل القبلة إلى البيت الحرام‏، فكانت الإقامة بالمدينة والتوجه إلى مكة في كل صلاة‏، ليرتبط عميق الإيمان بحب الأوطان، ونزل قول الله تعالى: "قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ"، فلم يقل الله: فلنولينك قبلةً نرضاها، وهذا بيان لمكانة النبي (صلى الله عليه وسلم) عند ربه، وهو مصداق قوله تعالى: "وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى"، وهو (صلى الله عليه وسلم) لا يرضـى إلاّ بما يرضى به الله، وفي هذا يقول الشاعر:
كم للنبي المصطفى من آيةٍ
غرَّاءَ حارَ الفِكْرُ في معناها
لما رأى الباري تقلُّبَ وجهِهِ
ولاَّه أعظمَ قِــــبلةٍ يرضاها
مؤكدًا أن التحول إلى المسجد الحرام يعود بالانسان إلى أصل القبلة، فقد قال المولى (عز وجل): "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ"، فهي دائرة بدأت بآدم مرورا بإبراهيم حتى عيسى (عليهم السلام) ولكنها لم تتم أو تكتمل إلا بالرسول الخاتم (صلى الله عليه وسلم)، ‏ فهو وإن تأخر في الزمان فقد تحقق على يديه الكمال‏، وقد عزز هذا الحدث الجليل تأييد الرابطة الوثيقة بين المسجدين المسجد الحرام والمسجد الأقصى‏،‏ فإذا كانت رحلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى قطع فيها مسافة زمانية قصر فيها الزمن أو طال‏،‏ فقد كان تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام رحلة تعبدية‏،‏ الغرض منها التوجه إلى الله تعالى دون قطع مسافات‏،‏ إذ لا مسافة بين الخالق والمخلوق‏، يقول سبحانه: "وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ".
ولذا فإن القبلة الحقيقية حيث نتوجه بحركاتنا وسكناتنا إلى الحق، القبلة الحقيقية حيث نحقق الاستجابة للأمر والامتثال له - سبحانه- متى أمرنا، وحيث أمرنا، وكيف أمرنا، وليس في ذات الشرق أو الغرب، فجميع الجهات مِلْكٌ له سبحانه، لا فضل لجهة على جهة إلا بتفضيل الله، ونحن عبيد الله، فحيث وجه سبحانه وتعالى نبيه وأصحابه إلى بيت المقدس توجهوا، وحيث وجههم إلى بيته الحرام توجهوا، ونحن على هديهم نسير في السمع والطاعة لله (عز وجل)، "قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"، فوراء الوجهة الحسية التي نحن مأمورون بها هناك وجهة أخرى هي الوجهة المعنوية التي تتمثل في حسن القصد وحسن التوجه إلى الله (عز وجل)، إذ الله يقول: "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ"، ذلك أن ميزان الاستقامة الحقيقي، وهو الاستشعار الحقيقي لمعنى الخشية، وهو التحقيق العملي لقوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"، وكان من دعاء نبينا (صلى الله عليه وسلم) في مفتتح صلاته: "وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ".
فلما جاء الإذن الإلهي بالتحول من بيت المقدس إلى المسجد الحرام كانت الاستجابة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على قدر إيمانهم بالله ورسوله، فلما جاءهم الخبر وهم في مسجد بني سلمة في صلاة العصر تحولوا في الصلاة ذاتها تجاه قبلتهم الجديدة بيت الله الحرام، ولم ينتظروا أن يكملوا صلاتهم تجاه بيت المقدس، فنزل ذلك بَرْدًا وسَلامًا على المؤمنين، وشرِقت من ذلك قلوب اليهود والمنافقين. 
وإذا كان الله رَبّ الْعَالَمِينَ اصطفى هذه الأمة فَجَعَلَها أمة وسطا وخَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ، وَأَرْسَلَ إِلَيْها أَعْظَمَ الرُّسُلِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْها أَجَلَّ وَأَكْرَمَ الْكُتُبِ، فهذا من شأنه  أن يدفع الأمة دائما إلى أن تكون رائدة في شتى ميادين الحياة، وأن تقيم حضارة إنسانية راقية ومزدهرة تقوم على معايير علمية وفكرية وروحية، وعلى التوازن والوسطية والاعتدال، لتكون شاهدة بأخلاقها وعلومها ومعارفها وآدابها، فهي أمة الرحمة للعالمين، وقد قال الله في حق نبينا (صلى الله عليه وسلم): "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".
سائلا الله عز وجل أن يفيض علينا واسع رحمته في هذه الأيام الطيبة المباركة، وأن يرفع الكرب عن أشقائنا المكروبين في غزة وفلسطين، وأن يرد إلينا أقصانا ردًا جميلًا، وأن يحفظ مصر ورئيسها وجيشها وشرطتها وأهلها أجمعين من كل سوء ومكروه.

جاء ذلك بحضور كلا من أ.د/ محمد عبد الرحمن الضويني وكيل الأزهر الشريف نائبًا عن الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر، وأ.د/ سلامة جمعة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف، والدكتور/ صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، والدكتور/ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية، و/ السيد محمود الشريف نقيب السادة الأشراف، وأ.د/ نظير عياد أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، وأ.د/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور/ يوسف عامر رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، والدكتور/ عبدالحميد متولي رئيس مركز التسامح بدولة البرازيل، والدكتور/ هشام عبد العزيز علي رئيس القطاع الديني، والدكتور/ محمد عزت أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والشيخ/ صبري ياسين دويدار مسئول مجموعة الاتصال السياسي بوزارة الأوقاف، والدكتور/ نوح العيسوي رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، والدكتور/ أيمن أبو عمر رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة، والشيخ/ السيد عبد المجيد رئيس الإدارة المركزية لشئون المساجد والقرآن الكريم، والدكتور/ خالد صلاح الدين مدير مديرية أوقاف القاهرة، والدكتور/ جابر طايع رئيس القطاع السابق بوزارة الأوقاف، ولفيف من القيادات الدينية بوزارة الأوقاف، والقيادات التنفيذية والشعبية. 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وزير الأوقاف الرئيس السيسي مسجد الحسين د محمد مختار جمعة صلى الله علیه وسلم إلى المسجد الحرام تحویل القبلة بیت المقدس عز وجل

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء المصري يلتقي مساعد وزير الاستثمار وعددًا من رجال الأعمال السعوديين

التقى دولة رئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، في القاهرة اليوم، معالي مساعد وزير الاستثمار رئيس الهيئة السعودية لتسويق الاستثمار المهندس إبراهيم بن يوسف المبارك، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر صالح بن عيد الحصيني، ورئيس اتحاد الغرف التجارية السعودية حسن بن معجب الحويزي، ورئيس مجلس الأعمال السعودي المصري بندر بن محمد العامري, وعددًا من رجال الأعمال السعوديين.
وأعرب الدكتور مدبولي خلال اللقاء عن تقديره للمشاركة المهمة لرجال الأعمال من المملكة في ملتقى رجال الأعمال السعودي المصري الذي استضافته القاهرة يوم أمس.
وأكد حرص البلدين الشقيقين على تعميق الروابط الاقتصادية، واهتمام حكومة بلاده بتعزيز الشراكات الاستثمارية مع المملكة، مشيرًا إلى دخول اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة بين المملكة ومصر حيز التنفيذ، وأن الاتفاقية تُمثل نقطة انطلاق جديدة لتعزيز أفق التعاون الاقتصادي، وبادرة لزيادة العلاقات التجارية خاصة في القطاع الخاص بين الجانبين.
وأوضح رئيس الوزراء المصري أهمية التعاون والتكامل بين المملكة ومصر في إقامة مشروعات مشتركة ذات أهمية إستراتيجية واقتصادية للاستفادة من المزايا النسبية في كلا البلدين بهدف مواجهة التحديات العالمية وتحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز الأمن الغذائي.
وقال: “لمسنا تزايدًا كبيرًا للشركات المصرية العاملة في السوق السعودية، والأمر نفسه بالنسبة للشركات السعودية في مصر، وهو أمر مُهم للغاية يؤكد ثقة القطاع الخاص في الاستثمار في البلدين بما يُحقق أهداف التكامل المرجوة بين البلدين في المجال الاقتصادي”.
واستعرض رئيس الوزراء المصري أبرز الفرص الاستثمارية في بلاده في عدد من القطاعات المختلفة.
بدوره قال معالي مساعد وزير الاستثمار: “إن مصر تزخر بوجود العديد من الفرص الاستثمارية في القطاعات المختلفة، ولمسنا حرصًا ورغبة من رجال الأعمال المصريين على الاستثمار في المملكة”.
وأعرب عن تطلعه لزيادة الروابط الاقتصادية بين البلدين الشقيقين، واصفًا الاقتصادين السعودي والمصري بأنهما من دعائم الاستقرار في المنطقة.
وأكد المبارك على وجود فرص مهمة لتطوير برامج سياحية مشتركة بين البلدين، وتوفر هذه البرامج خيارات متنوعة للسائحين، مما يعزز التجربة السياحية، ويتيح فرصًا جديدة للتعاون, مشيرًا إلى إمكانية تحقيق تكامل كبير في هذا القطاع؛ مما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية.

 

وشدد على ضرورة العمل نحو تحقيق التكامل في القطاع الصناعي بين البلدين، خاصة في ظل التطورات التجارية الجارية على الساحة الدولية؛ مما يعكس أهمية التعاون في مواجهة التحديات المشتركة.
يُذكر أن ملتقى الاستثمار السعودي المصري عقد يوم أمس تحت عنوان “شراكة إستراتيجية للتنمية”، لتعزيز التعاون الاقتصادي واستكشاف الفرص الاستثمارية المتاحة، بمشاركة عدد من المسؤولين ورجال الأعمال السعوديين والمصريين.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف يهنئ د. شوقي علام بتعيينه عميدًا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية
  • وزير الأوقاف يهنئ الدكتور شوقي علام بتعيينه عميدًا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية
  • وزير الأوقاف يهنئ الدكتور شوقي علام بتعيينه عميدا للمعهد العالي للدراسات الإسلامية
  • وزير الأوقاف يقدّم العزاء في "والد رئيس جامعة الأزهر"
  • وزير الأوقاف يترأس وفدا لتقديم واجب العزاء في والد رئيس جامعة الأزهر
  • رئاسة الحرمين تضع اللمسات الأخيرة للخطة التشغيلية لحج 1446
  • رئيس مجلس النواب يهنئ الشعب المصري بمناسبة أعياد القيامة وشم النسيم
  • ثالث أيام عيد الفصح.. الأوقاف الإسلامية: أكثر من 750 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى منذ صباح اليوم
  • نسيج واحد.. وكيل أوقاف كفر الشيخ يهنئ الأقباط بعيد القيامة| صور
  • رئيس الوزراء المصري يلتقي مساعد وزير الاستثمار وعددًا من رجال الأعمال السعوديين