في عصر الانشغال كيف ينظر الطالب المعاصر للقراءة ؟
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
في زمن تشظت فيه الأفكار بين القراءة والأفق الرقمي، تبقى القراءة فسحة خضراء.. بل رحلة روحية نحو الذات، ومساحة لاكتشاف أسرار الوجود، ومغامرة تجوب بنا في أقطار المعرفة لتفتح لنا آفاقا جديدة، ونكتشف من خلالها ما كنا نجهله من قدراتنا وإمكاناتنا، فتحفزنا على التطور والنمو والارتقاء...
هنا عينة من الطلبة نستطلع وجهة نظرهم حول كيفية استعادة الاهتمام بالقراءة في عصر الانشغال.
وسيلة للتهدئة والتأمل
من وجهة نظره يقول خميس بن محمد المقبالي: في ظل انشغالنا اليومي بالتكنولوجيا والوسائط الاجتماعية، يمكن أن تكون القراءة وسيلة قيمة للتهدئة والتأمل، فهي تمنحنا فرصة للاسترخاء والابتعاد عن صخب الحياة اليومية، علاوة على ذلك، فالقراءة تمرين يساعد في توسيع آفاقنا، وتعزز من قدرتنا على التركيز والتفكير النقدي، كما يمكن للقراءة أن تكون مصدر إلهام وتحفيز للإبداع والابتكار، حيث يمكن أن تستنبط أفكارا جديدة وتفتح أفقًا جديدًا أمامنا، بالإضافة إلى ذلك، تقدم الكتب مصادر معرفية غنية ومتنوعة، حيث يمكننا الاستفادة من خبرات الآخرين وتعلم الكثير من مجموعة متنوعة من الموضوعات والمجالات التي قد تقودنا إلى المعرفة العلمية في دراستنا مثلا.
أداة لتحقيق الطموح
من جانبه يرى سعيد بن خالد العلوي بما أنه طالب فإن القراءة أداة قوية لتحقيق النجاح الأكاديمي والتطور الشخصي، كما يمكن أن تساعد الطلبة في توسيع آفاقهم، وتعزيز مهاراتهم اللغوية إضافة إلى تفكيرهم، والتزود بالمعرفة القيمة في مختلف صنوف المعرفة، ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين من تحديات الوقت والتوازن بين القراءة والدراسة والأنشطة الاجتماعية الأخرى.
فالقراءة تحافظ على العقل أن يكون نشيطا ومتجددا، وتساعد في تحقيق النجاح الأكاديمي بشكل عام، لذا، فإن استغلال الوقت بشكل فعال في القراءة قد يكون خطوة مهمة نحو تحقيق تلك الأهداف الشخصية والعلمية.
ليست أولوية!
في حين يقول الطالب قصي بن إبراهيم البلوشي: القراءة قد لا تكون الأولوية الرئيسية بالنسبة لي في ظل الضغوطات الأكاديمية والمسؤوليات اليومية الأخرى، قد يكون من الصعب العثور على الوقت الكافي للقراءة بين الدراسة والمسؤوليات الأخرى تلك، لكني في الوقت نفسه أؤمن بأهمية القراءة، إلا أنني قد أفضل تخصيص الوقت لأولوياتي الرئيسية والأنشطة التي تخدم أهدافي الحالية بشكل أفضل، مثل الدراسة وتطوير المهارات، وقد أستخدم وقت الفراغ للقراءة بشكل متقطع، ولكن ليس بشكل منتظم كما يجب.
جزء من الهوية
من جانبها ترى الطالبة تسنيم بنت طلال البلوشية أن القراءة بالنسبة لها ليست مجرد أحد الأنشطة الإضافية التي يمكنها القيام بها في وقت الفراغ حيث تقول: القراءة هي جزء لا يتجزأ من هويتي وتجربتي كشابة يافعة، فهي الطريقة التي أعبر بها عن آرائي وأفكاري، وأستكشف من خلالها عوالم جديدة وأتعلم من التجارب الأخرى.
وتضيف: على الرغم من كل الضغوطات التي نواجهها نحن الشباب، إلا أنني أرى أن القراءة تمنحني القوة والتأثير الذي لا يمكن أن أجده في أي نشاط آخر، إنها وسيلة للتحرر والابتعاد عن الروتين اليومي، وتساعدني في توسيع آفاقي وتحقيق النجاح في مجالات حياتي المختلفة.. باختصار بالنسبة لي، القراءة ليست مجرد هواية أو هواية إضافية، بل هي جزء لا يتجزأ من منهج حياتي وطريقة تفكيري، فهي وسيلة للتعبير عن نفسي وتحقيق النمو الشخصي، ولا أستطيع التخلي عنها بسهولة مهما كانت الظروف قاسية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
القراءة في عقل الأزمة
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن الأزمات و التحديات التي تواجه القوى السياسية، تعد أهم الاختبارات التي تواجه العقل السياسي، و هي التي تبين إذا كان العقل السياسي سليما قادارا على تجاوزها، أم به من العلل التي تعجزه أن يقدم مبادرات يتجاوز بها هذه الأختبارات، و إذا كان العقل معلولا تجده يبحث عن تبريرات يداري بها هذا العجز.. و علة العقل السياسي ظهرت في أول أختبار مرت به، عندما سلم ذات العقل المعلول قيادة الجيش السلطة طواعية عام 1958م، خوفا من نتائج الصراع السياسي مع الآخرين باعتباره حلا يمكن تجاوزه بدخول عامل جديد في الصراع على السلطة، أهمل العقل دراسة هذه الواقعة و نتائجها إذا كانت سالبة أو إيجابية، ثم تكررت التجربة في 1969م و أيضا إهملت تماما، و أيضا في 1989م، كلها تجارب ماذا كان دور القوى السياسية حيال هذه التجارب، هل استطاعت أي قوى سياسية يسارا أو يمينا كانت، أن تقدم نقدا لهذه التجارب لكي تستفيد منه القوى السياسية الأخرى.. أم أهملت نقد التجارب؟.. الأهمال نفسه يبين أن العقل السياسي في أعمق مراحل الأزمة التي عجز أن يتجاوزها..
إذا عرجنا إلي الشعارات التي ترفعها القوى السياسية بكل مدارسها الفكرية "لعملية التحول الديمقراطي" في البلاد، من هي القوى السياسية التي استطاعت أن تكون مقنعة للشعب بأنها تعد مثالا للديمقراطية داخل مؤسستها أو خارجها من خلال إنتاجها الفكري و الثقافي الذي يقنع الجماهير بأنها بالفعل جادة قولا و فعلا في تنزيل الشعار لأرض الواقع الإجتماعي.. الديمقراطية فكر و ثقافة و قوانين و سلوك و ممارسة يومية و ليست شعارات تزين بها الخطابات السياسية.. و الذي يحصل في الساحة السياسية هو صراع ليس من أجل توعية و تثقيف الجماهير بالديمقراطية، أنما صراع بهدف الإستحواز على السلطة بأي ثمن كان..
الآن هناك البعض يرفع شعار البحث عن " طريق ثالث" رغم أن الذين يرفعون هذا الشعار هم من الذين ظلوا يدعمون " الميليشيا" و هم الذين اقنعوها بأن تقوم بالانقلاب، كما قال قائد الميليشيا أن أصحاب " الاتفاق الإطاري" كانوا وراء اشعال الحرب.. بعض من هؤلاء يرفعون شعار " الطريق الثالث" و لم يعرفوا الآخرين ما هو المقصود بهذا الشعار؟ ما هو التصور " للطريق الثالث" الذي يجب أن يتجاوز الحرب، و أيضا الأزمة السياسية التي تعيشها القوى السياسية، العقل المأزوم هو الذي يعلق انتاجه السياسي بالشعار، و لا يستطيع أن يقدم أطروحات فكرية تخدم الشعار الذي يرفعه، هؤلاء هم الذين عطلوا عقولهم طواعية، و اعتمدوا على شخص واحد يفكر نيابة عنهم، و عندما رحل مفكرهم، و جدوا انفسهم أمام تحديات عجز عقلهم التعامل معها..
أن الذين اعتقدوا أن الأزمة التي تعيشها البلاد أنها بسبب " الكيزان و الفلول" هؤلاء أنواع البعض منهم يحاول أن يغطي علاقته بالنظام السابق في اعتقاد أن تركيزه على ذلك سوف سغطي أفعاله، و البعض الأخر بسبب العجز الثقافي و الفكري الذي يعاني منه، أعتقادا أن التركيز على هذا الخطاب سوف يجعله من الذين يطلق عليهم " قوى تقدمية" رغم أن هذه الثقافة قد قبرت كما قبرت الحرب الباردة، و هؤلاء سدنة الأفكار التي تجاوزتها البشرية في مسيرتها التاريخية.. و أخرين يتعلقون بأهداب الخارج ليشكل لهم رافعة للسلطة، و يعتقدون كلما كانوا اشدا بأسا على الكيزان و الفلول " كانوا مقنعين لهذا الخارج بأنهم رجال مرحلة لهم، و هناك الذين يعتقدون أن " الكيزان و الفلول" جزء من الأزمة التي تعيشها كل القوى السياسية، و بالتالي معالجتها تأتي من المعالجة العامة للأزمة السياسية في البلاد...
أن الحرب التي يشهدها السودان هي أعلى مراحل الأزمة السياسية، و هي أزمة العقل السياسي، الذي بدأ يتراجع منذ أن بدأت القوى السياسية تبحث عن حلول للأزمة داخل المؤسسة العسكرية.. أن تحدث فيها أختراقا لكي تقوم بانقلاب عسكري يسلمها السلطة، و الغريب كل القوى السياسية التي أحدثت انقلاب بواسطة عسكريين عجزوا أن يستلموا منهم السلطة.. و حتى الآن لم يبينوا لماذا فشلوا في ذلك.. ما عدا إفادات الدكتور الترابي لأحمد منصور في " قناة الجزيرة" البقية تعلقت " بالنكران و الهروب" الحرب و فشل نقد السياسسين للتجارب السابقة تمثل أعلى درجات أزمة العقل السياسي، و هناك الأمارات التي تدخلت بشكل سافر في الأزمة لكي تحولها لمصلحتها، و استطاعت أن تتاجر في الاستحوا ز على عقول الأزمة في السودان، لعل تنجح مؤامرتها على البلاد، و من وراءها مثل بريطانيا و أمريكا و الايغاد و الاتحاد الأفريقي و بقية المنظمات الإقليمية.. هل تستطيع القوى الجديدة التي سوف تفرزها الحرب أن تدرك دورها و مسؤوليتها السياسية، و تقدم أطروحات سياسية و أفكار تخلق بها واقعا جديدا، و أيضا تتجاوز بها الأسباب الحقيقية التي أدت للأزمة و تنشل العقل السياسي منها.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com