القتل والجوع يفتك بالفلسطينيين في غزة
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
غزة. «وكالات»: استشهد العشرات في قصف وغارات ليلية إسرائيلية في قطاع غزة. وقالت حماس اليوم: إن القوات الإسرائيلية شنت أكثر من 70 غارة على منازل المدنيين في دير البلح وخان يونس ورفح من بين مواقع أخرى خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أسفرت عن مقتل 92 شخصا على الأقل.
ويأتي هذا فيما تستمر الحرب بعد مرور عشرين أسبوعًا على اندلاعها، وبعد أن تعرضت خطة «ما بعد الحرب» في غزة التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لانتقادات كبيرة، بما في ذلك من قبل الحليف الأمريكي، وقد رفضتها كذلك حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
كما يأتي في وقت تتزايد المخاوف على مصير المدنيين في القطاع، مع تحذير الأمم المتحدة من تزايد خطر المجاعة، وفيما لفتت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اليوم إلى إن سكان غزة «في خطر شديد بينما العالم يتفرج».
وأظهرت لقطات فيديو نشرتها وكالة فرانس برس فلسطينيين منهكين يصطفون الجمعة للحصول على الطعام في شمال القطاع المدمر وهم ينددون بظروفهم المعيشية. وقال أحمد عاطف صافي، أحد سكان جباليا، «انظروا، نحن نتقاتل على بعض الأرز. أين يُفترض أن نذهب؟».
وقالت أم وجدي صالحة «ليس لدينا ماء ولا دقيق ونحن منهكون بسبب الجوع. ظهورنا وأعيننا تؤلمنا بسبب النار والدخان. نحن حتى لا نستطيع الوقوف على أقدامنا بسبب الجوع ونقص الغذاء».
وقالت وزارة الصحة في غزة: إن رضيعا عمره شهران يدعى محمود فتوح توفي بسبب «سوء التغذية».
وفي بيان نشره ليلة الجمعة على منصة «إكس» قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) «بدون إمدادات كافية من الغذاء والمياه، فضلا عن خدمات الصحة والتغذية، من المتوقع أن يزداد خطر المجاعة في غزة».
وأعلنت وزارة الصحة أن غارة جوية إسرائيلية دمرت الجمعة منزل الفنان الكوميدي الفلسطيني الشهير محمود زعيتر، ما أدى إلى مقتل 23 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.
مساء الخميس، طرح بنيامين نتانياهو على مجلس الوزراء الأمني المصغر لحكومته خطة تنص بشكل خاص على الحفاظ على «السيطرة الأمنية» الإسرائيلية على القطاع بعد انتهاء الحرب على أن يتولى إدارة شؤونه مسؤولون فلسطينيون لا علاقة لهم بحماس.
ونصت الخطة على أنه حتى بعد الحرب، سيكون للجيش الإسرائيلي «مطلق الحرية» للدخول إلى أي جزء من غزة لمنع أي نشاط معادٍ لإسرائيل، وعلى أن تمضي إسرائيل قدماً في خطة، جارية بالفعل، لإنشاء منطقة أمنية عازلة داخل غزة على طول حدود القطاع.
وأثارت الخطة انتقادات من الولايات المتحدة حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: إن واشنطن «كانت واضحة باستمرار مع نظرائها الإسرائيليين» بشأن ما هو مطلوب في غزة بعد الحرب.
وقال «ينبغي أن يكون للشعب الفلسطيني صوته وأن يعبر عن موقفه... عبر سلطة فلسطينية مستصلحة». وشدّد على أنّ واشنطن ترفض «تقليص حجم غزة» والتهجير القسري. ورفض أسامة حمدان المسؤول الكبير في حماس خطة نتانياهو ووصفها بأنها غير قابلة للتنفيذ. وقال من بيروت «هذه الورقة لن يكون لها أي واقع أو أي انعكاس عملي لأن واقع غزة وواقع الفلسطينيين يقرره الفلسطينيون أنفسهم».
وفد باريس
وكان وفد برئاسة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع وصل الجمعة إلى باريس على أمل «كسر الجمود» في المحادثات من أجل هدنة جديدة، بحسب مسؤول إسرائيلي.
وتتزايد الضغوط على حكومة نتانياهو للتفاوض على وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب. ودعت مجموعة تمثل عائلات الأسرى إلى «مسيرة ضخمة» مساء السبت تتزامن مع محادثات باريس للمطالبة بتسريع التحرك.
وتشارك الولايات المتحدة ومصر وقطر في جهود الوساطة بهدف التوصل إلى هدنة وتبادل أسرى ورهائن. وأجرى مبعوث البيت الأبيض بريت ماكغورك محادثات هذا الأسبوع مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب بعد أن التقى وسطاء آخرين في القاهرة التقوا برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية المقيم في قطر. سبق أن التقى برنيع نظيريه الأمريكي والمصري ورئيس الوزراء القطري في باريس في نهاية شهر يناير.
وقال مصدر في حماس إن الخطة تنص على وقف القتال ستة أسابيع وإطلاق سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني مقابل 35 إلى 40 رهينة تحتجزهم حماس.
وساعد برنيع مع نظيره الأمريكي في التوسط في هدنة استمرت أسبوعا في نوفمبر وشهدت إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيليا مقابل 240 سجينًا فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية. وقال كيربي للصحفيين في وقت سابق إن المناقشات «تسير بشكل جيد» حتى الآن، فيما تحدث عضو مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي بيني غانتس عن «مؤشرات أولى إلى إمكانية إحراز تقدم».
وفي جنيف، أدانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في تقرير الجمعة «الانتهاكات الجسيمة» لحقوق الإنسان في غزة «من قبل كافة الأطراف» منذ بداية الحرب. ومن جانبه، أصر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي أثار مؤخراً أزمة دبلوماسية عندما قارن الهجوم الإسرائيلي بالمحرقة، على اتهام إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية» في قطاع غزة.
- لا يمكن أن «نغض الطرف»
في غضون أربعة أشهر ونصف الشهر، أدت الحرب إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيين ودفعت حوالي 2,2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة، إلى حافة المجاعة، وفقا للأمم المتحدة.
وكتبت وكالة الأونروا على منصة «إكس»، «لم يعد بإمكاننا أن نغض الطرف عن هذه المأساة الإنسانية».
ويتزايد القلق يوماً بعد يوم في رفح حيث يتكدس ما لا يقل عن 1,4 مليون شخص، فر معظمهم من القتال، في حين يلوح شبح عملية برية واسعة النطاق يعد لها الجيش الإسرائيلي.
وما زالت المساعدات الشحيحة التي تحتاج لموافقة إسرائيل للدخول إلى القطاع غير كافية وإيصالها إلى الشمال صعب بسبب الدمار واستمرار القتال.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه تعنت مجرم الحرب نتنياهو
يمانيون ـ تقرير| عبدالعزيز الحزي
رغم الجهود المبذولة عربياً وأمريكياً لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزّة والظروف التي تمر بها المنطقة، لكن يبدو أن المحاولة تشبه سابقاتها وستفشل وسيستمر العدوان على غزّة، لأن مجرم الحرب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو تمكّن من “تفخيخ” هذه المفاوضات بمطلب أساسي وهو الوقف المؤقت وليس الدائم لإطلاق النار، الأمر الذي سيُمكّنه من العودة إلى العدوان بعد تبادل الأسرى.
ويؤكد الكثير من الخبراء أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، وكان واضحاً منذ البداية أن شرط استكمال الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة أساسي ولا عودة عنه، وللتأكيد عليه، تحدّثت معلومات عن طلبه ضمانة خطّية من الولايات المتحدة تؤكّد “حقه” بالعودة إلى القتال بعد انتهاء تبادل الأسرى، وبالتالي بات جلياً أن الكيان الصهيوني الغاصب يُريد الاستمرار حتى تحقيق أهداف بعيدة الأمد في غزّة.
وفي هذا السياق، كشف رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الصهيوني السابق تامير هيمان، السبت، عن الخطوط العريضة لمبادرة أمريكية محتملة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالاتفاق المحتمل بشأن هدنة في غزة وتبادل أسرى، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك ساليفان: “نتطلع إلى إبرام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة”، وذكر أن “التوصل إلى اتفاق في غزة بات أمرا ملحا من أجل إطلاق سراح الرهائن”.
واعتبر أن “موقف حماس عدّل نفسه بعد وقف إطلاق النار في لبنان، وذلك لأنها انتظرت منذ أشهر الجهات الفاعلة لنجدتها”، في تبنٍ مباشر للرواية الصهيونية.
ذكر أنه “منذ اللحظة التي توصلنا فيها إلى وقف إطلاق النار (بلبنان)، كان للمفاوضات طابع مختلف، ونعتقد أن هذا قد وضعنا على الطريق نحو إتمام الاتفاق”.
وأضاف ساليفان: إن “اتفاق وقف إطلاق النار، سيسمح بإطلاق سراح الرهائن، وإدخال المساعدات الإنسانية لغزة”.. معتبراً أن “اغتيال “إسرائيل” قادة في حماس، قد ساعد أيضا في وضع محادثات وقف إطلاق النار على المسار الصحيح لتحقيق نتائج”، علما بأنه لا جديد بشأن اغتيال أي من قادة الحركة، خلال الآونة الأخيرة.
وتابع: “أعتقد أننا اقتربنا مرة أخرى من صفقة لإطلاق الرهائن، وسنواصل العمل للتوصل إليها سريعا” مؤكدا أنه سيتوجه للدوحة والقاهرة، لسد الثغرات النهائية بشأن صفقة غزة، وقال: “عندما أزور الدوحة والقاهرة، سيكون هدفي هو التوصل لاتفاق، خلال هذا الشهر”.
وأشار ساليفان إلى أنه “بعد اجتماعي مع رئيس الحكومة الصهيونية، لدي شعور أنه مستعد للتوصل لاتفاق”.. مُشدداً على أن “كل يوم يأتي بمخاطر متزايدة، وهناك حاجة ملحة لإبرام الاتفاق”.
ويعتقد المراقبون أن الكيان الصهيوني سيكرر تعنته مع كل مفاوضات، ويتزامن تعنته مع مرونة من “حماس” لإنجاح المفاوضات، وضغط ومحاولات تذليل عوائق من الوسيطين قطر ومصر، لكن أفخاخ نتنياهو كانت كالأرانب، يُخرجها من قبعته كلما تقدّمت المحادثات وتذيّلت عوائق، فتارة يُثير مسألة محور فيلادلفيا، وطوراً محور نتساريم، ليؤكّد أن الكيان الصهيوني هو الطرف الذي يُعرقل نجاح المفاوضات، لا “حماس”.
ولا يُمكن نعي الاتفاق من اليوم، ومن المرتقب أن تستمر المحادثات، لكن بعض المراقبين يقولون إن “الضرب بالميت حرام”، في إشارة إلى أن مُحاولات التوصّل إلى اتفاق “شبه ميت”، حتى أن نتنياهو نعاها حينما نقلت عنه هيئة البث الصهيونية “تشاؤمه” بشأن إمكانية إتمام صفقة التهدئة في غزة وقوله: إنه “لا يوجد احتمال كبير لنجاحها”.
ويري المراقبون، أن نتنياهو المُهدّد بالفشل السياسي والملاحقة القضائية فور انتهاء الحرب ليس مستعجلاً لوقف إطلاق النار، لا بل يُريد الاستمرار في مُحاولة لتحصيل أي مكاسب سياسية وعسكرية تحمي مستقبله، وهذه المكاسب قريبة وبعيدة الأمد، منها ما هو مرتبط بمُحاولة تدمير الحد الأقصى من قدرات “حماس”، ومنها ما هو مرتبط بـ”اليوم التالي” لغزّة ومعادلات الرد ضد إيران.
كما يرى المراقبون أن إفشال نتنياهو مفاوضات الهدنة سيعني العودة إلى التصعيد، ومن الواضح أن نتنياهو يُريد التصعيد الإقليمي ولا يخشاه، لأن فرص تفاديه متاحة أمامه لكنه رافض تماماً لكل الاقتراحات التهدئة، لا بل يسعى للتصعيد، وقد صدرت تعليمات صهيونية لزيادة حدّة القتال في غزّة.
إذاً، المنطقة ستصبح على صفيح ساخن جداً، لن يُبرّده التفاؤل الأمريكي، ومن المرتقب أن يعود الحديث عن تصعيد واحتمال وقوع اشتباك إقليمي أوسع ولن يكون بمنأى عن الحريق الذي سيحمل نتائج مدمّرة على غزّة والكيان الغاصب وعواصم عربية أخرى.
المصدر: وكالة سبأ