الحرب تدخل عامها الثالث .. روسيا تتقدم رغم العقوبات وأوكرانيا تعاني وتخشى نفاد مساعدات الحلفاء
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
كييف (أوكرانيا) «أ ف ب»: تدخل الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث وأوكرانيا في وضع ضعيف بسبب تلاشي المساعدات الغربية بينما تكتسب الآلة العسكرية الروسية قوة مع تحقيقها مكاسب جديدة.
وعندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «عملية عسكرية خاصة» فجر 24 فبراير 2022، توقع كثيرون نصرا لموسكو في غضون أيام لكن أوكرانيا تصدت للهجوم وأرغمت القوات الروسية أكثر من مرة على التراجع .
غير أن أوكرانيا منيت بانتكاسات مع فشل هجومها المضاد في 2023. وفي المقابل تمكن الجيش الروسي من بناء موقع قوة بفضل ازدهار الإنتاج الحربي، في حين تعاني القوات الأوكرانية من نقص في القوة البشرية ونقص في الذخيرة التي يزودها بها الغرب للمدفعية والدفاعات الجوية.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي الجمعة إن القرارات المتعلقة بإمدادات الأسلحة ينبغي أن تكون «الأولوية».
ولمناسبة الذكرى يتوافد زعماء غربيون من بينهم رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين التي أشادت بـ «المقاومة الاستثنائية» لأوكرانيا لدى وصولها إلى كييف اليوم السبت. كما وصلت وزيرة الخارجية الإيطالية جورجيا ميلوني ونظيرها الكندي جاستن ترودو.
وتترأس ميلوني اجتماعا افتراضيا لمجموعة السبع حول أوكرانيا بحضور الرئيس فولوديمير زيلينكسي. ومن المتوقع أن يناقش الاجتماع فرض عقوبات جديدة على موسكو.
لكن المشهد العام يظل قاتما بالنسبة لكييف بسبب عرقلة الكونغرس حزمة مساعدات حيوية بقيمة 60 مليار دولار. ويضاف هذا إلى التأخير في وصول إمدادات أوروبية موعودة.
وجدد الرئيس الأمريكي جو بايدن دعواته للمشرعين الجمهوريين للإفراج عن التمويل الإضافي، محذرا من أن «التاريخ يرصد» و«الإخفاق في دعم أوكرانيا في هذه اللحظة الحرجة لن يُنسى».
وقال القائد الأعلى للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي اليوم السبت إن أوكرانيا ستنتصر على ما اسماه «الظلام» الروسي. وكتب على تلغرام «أنا مقتنع أن انتصارنا يكمن في الوحدة. وهذا سيحدث بالتأكيد. لأن النور دائما ينتصر على الظلام!».
واليوم تفقد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قواته في مناطق تحتلها في أوكرانيا، وقال للجنود في أحد مراكز القيادة «اليوم، من حيث نسبة القوات، فإن الأفضلية لنا». وجاء في بيان الجيش أن شويغو أُبلغ أن القوات الروسية في وضع هجومي بعد السيطرة على مدينة أفدييفكا الصناعية الاستراتيجية.
وتكثف روسيا هجومها في الشرق وكانت بلدة ماريينكا المدمرة بالقرب من دونيتسك آخر النقاط الساخنة التي استولت عليها بعد أفدييفكا شديدة التحصين في 17 فبراير.
وتضرر الاقتصاد الأوكراني أيضا بسبب إغلاق المزارعين البولنديين الحدود، ما يهدد الصادرات ويعطل تسليم الأسلحة بحسب كييف.
وفي كييف تخيم أجواء قاتمة لكن لا تخلو من التحدي ويقول الأهالي إنهم باتوا معتادين على ظروف الحرب.
وقالت خبيرة التغذية أولغا بيركو في كييف «بالنسبة لنساء أوكرانيا، نتألم لأزواجنا وأبنائنا وآبائنا».
اضافت «أود حقا أن ينتهي هذا في أسرع وقت».
وقال يوري باسيتشنيك، رجل أعمال يبلغ 38 عاما «نعم، بالطبع تعلمنا كيف نتعايش معها... الحرب الآن هي حياتنا».
وقال كوستيانتين غوفمان (51 عاما) «أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد من الأسلحة والبدء في إعادة بناء أوكرانيا».
وتحتاج أوكرانيا إلى نحو نصف تريليون دولار لإعادة بناء البلدات والمدن التي دمرت ، وفقا لأحدث تقديرات البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والحكومة الأوكرانية.
وتقدر أوكرانيا أن نحو 50 ألف مدني قتلوا.
- نفاد الذخيرة -
لم يعلن أي من الطرفين عن أعداد القتلى والجرحى العسكريين، فيما تؤكد كل جهة إلحاقها بالجهة الأخرى خسائر فادحة.وفي أغسطس 2023 نقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن حصيلة الخسائر العسكرية لأوكرانيا بلغت 70 ألف قتيل و120 ألف جريح.
وأشارت تسريبات استخباراتية أمريكية في ديسمبر إلى مقتل أو جرح 315 ألف عسكري روسي.
وعلى الجبهة الشرقية تنخفض المعنويات في وقت تتكبد القوات الأوكرانية خسائر على الأرض أمام القوات الروسية التي تتفوق عليها عددا وعتادا.
وقال جندي قرب باخموت طالبا عدم الكشف عن هويته «نفدت الذخائر لدينا والروس يواصلون التقدم. عدد كبير من رفاقنا أصيبوا أو أسوأ من ذلك. كل شيء يزداد سوءا».
وأعلنت بريطانيا اليوم السبت عن حزمة عسكرية جديدة بقيمة 245 مليون جنيه استرليني (311 مليون دولار) للمساعدة في تعزيز إنتاج «ذخائر مدفعية تشتد الحاجة إليها» لأوكرانيا، فيما شدد رئيس الوزراء ريشي سوناك في بيان سابق تزامن مع ذكرى الحرب على أن «الطغيان لن ينتصر أبدا».
وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم نظيره الروسي فلاديمير بوتين من أنّ دعم فرنسا لأوكرانيا لن «يضعف» وأنّه لا ينبغي له «التعويل» على «تعب الأوروبيين».
و كتب ماكرون في رسالة نشرها الإليزيه على منصّة إكس، «عامان من الحرب. أوكرانيا تتعرّض للقصف وهي مجروحة لكنّها لا تزال صامدة. أوكرانيا تُقاتل من أجل نفسها، من أجل مُثُلها، من أجل أوروبا. إنّ التزامنا إلى جانبها لن يضعف».
كما حذّرت الرئاسة الفرنسيّة في بيان عبر منصّة إكس من أنّ «روسيا بزعامة الرئيس بوتين ينبغي ألّا تُعوّل على أيّ تعب لدى الأوروبيين»، مضيفةً أنّ «نتيجة هذه الحرب ستكون حاسمة بالنسبة إلى المصالح والقيم والأمن الأوروبي».
وشدّدت الرئاسة على أنّ «فرنسا تقف إلى جانب أوكرانيا والشعب الأوكراني وستبقى كذلك».
وعززت موسكو إنتاجها من الأسلحة بشكل كبير وحصلت على مسيرات من إيران، فيما تقول كييف إنها تأكدت من استخدام روسيا لصواريخ كورية شمالية.
وقال زيلينسكي في ديسمبر إن الجيش يسعى لتعبئة ما يصل إلى 500 ألف جندي إضافي. وأثار مشروع قانون بهذا الخصوص مخاوف واسعة النطاق.
وتسببت الحرب في عزلة أكبر لروسيا عن الغرب، مع فرض الولايات المتحدة وحلفائها سلسلة من العقوبات.
لكن بوتين تجاهل التداعيات وأشاد بالجنود معتبرا أنهم «أبطال وطنيون حقيقيون».
ومع وفاة أبرز معارضي الكرملين أليكسي نافالني في السجن خلت الساحة أمام بوتين المتوقع أن يحظى بولاية جديدة في الانتخابات الشهر المقبل.
وفي شوارع موسكو أكد معظم الأشخاص دعمهم للجنود الذين يحاربون في أوكرانيا. وقالت نادجدا المهندسة في مجال البيئة والبالغة 27 عاما «أنا فخورة برجالنا».أضافت «بالطبع أن قلقة عليهم لكن من المطمئن أنهم بخير. يحاربون من أجل وطننا».
لكن كونستانين استاذ الدراما والذي يعمل حاليا نادلا كان له رأي مغاير وقال «أنا ضد كل الحروب. مر عامان ويزعجني أن الناس لا يستطيعون التحدث لبعضهم البعض ولا يزالون في حرب».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: من أجل
إقرأ أيضاً:
اهتزاز صورة "حامية الحلفاء".. هذا ما كلفته سوريا لروسيا
حزمت روسيا عتادها العسكري من سوريا نحو وجهات أخرى، وسط تساؤلات ملحة، بشأن نفوذ عكفت موسكو على ترسيخه منذ بداية عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد قبل نحو 54 عاما، حتى تعاظَمَ بشكل كبير في عهد ابنه بشار منذ طلبَ منها مساعدتها العسكرية المباشرة قبل نحو عقد من الزمن.
هذا التدخل المباشر في الأزمة السورية مكّن روسيا من امتلاك عمق استراتيجي مطل لأول مرة على المياه الدافئة للبحر المتوسط، فحصلت على قاعدتين واحدة جوية في حميميم؛ وأخرى بحرية في طرطوس.
لكن مصير القاعدتين غدا مرهونا بالاتجاه الذي ستحدده بوصلة العلاقات مع الحكم الجديد في دمشق.
تحليلات المراقبين تفاوتت بين من يرون أن روسيا خسرت رقعة مهمة على خارطة توازن القوى في الشرق الأوسط، وآخرون يشككون في وجود صفقة رضيت بها موسكو لتقطف ثمارا من سلة أخرى.
لكن الرؤى على اختلافها تتفق على أن موسكو تعاني من ارتدادات قوية، أولها اهتزاز صورتها كحامية لحلفائها، وتحديدا في إفريقيا، مثل مالي والنيجر وجمهورية إفريقيا الوسطى.
وهذا قد يدفع ببعض الدول لإعادة التفكير في جدوى منح روسيا أي امتياز عسكري أو دفاعي على أراضيها سواء حاليا أو مستقبلا.
ولا يستبعد البعض أن يسعى الغرب في هذا الوقت بالذات لاستعادة النفوذ الذي فقده في منطقة الساحل الإفريقي.
ما في أوكرانيا حيث حرب الاستنزاف على أشدها بين روسيا والغرب وتقترب من إنهاء عامها الثالث، فمن المؤكد أن الولايات المتحدة وحلفائها يقرأون مؤشرات بأن الحرب في أوكرانيا منعت بوتين من إنقاذ نظام الأسد في سوريا من الانهيار، وهو ما جاء على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن.
ولعل الكواليس الأوروبية تقول إن الفرصة مواتية للضغط على موسكو لإنهاء الحرب بشروط تصب في صالح الغرب.
لكنْ ليس من الواضح كيف يمكن جمع موسكو وكييف إلى طاولة التفاوض؛ خاصة وأن التحليلات العسكرية تتوافق على توجّه بوتين لضرب أوكرانيا بقوة أكبر لتبديد التوقعات الغربية على أكثر من صعيد ، خاصة على ساحة المواجهة.