البوابة نيوز:
2024-06-30@01:16:49 GMT

أهمية التفكير النقدي في مواجهة التطرف

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

يقول الفيلسوف الفرنسي ديكارت، في كتابه «مبادئ الفلسفة» متحدثًا عن قومه الفرنسيين وسائر الغربيين: «إن الفلسفة هي وحدها التي تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين، وإنما تقاس حضارة الأمة وثقافتها بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيها، ولذلك فإن أعظم نعمة يُنـعم الله بها على بلد من البلاد هي أن يمنحه فلاسفة حقيقيين».

 

وإذا كان ديكارت يقول - بوصفه فرنسيًا - «إن الفلسفة هى وحدها التى تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين»، فإن ديكارت لو عاد مرة أخرى للحياة لقال إننى أعني بالأقوام المتوحشين والهمجيين أقطار منطقة الشرق الأوسط، خاصةً مصر التى كانت تعلو أرجاءها أصوات تنادي بهدم الأهرامات والآثار الفرعونية المصرية القديمة، وفي مقدمتها تمثال أبو الهول، وكذلك تقييد حرية المرأة، وختان الإناث، وإباحة الزواج من القاصرات، وفرض الجزية على المواطنين المسيحيين... إلخ. 

لو عاد ديكارت مرة أخرى للحياة لقال إننى أعني أقطار منطقة الشرق الأوسط، خاصةً مصر التى وإن كانت تلك الأصوات قد خفتت قليلًا، فليس اقتناعًا وإنما توجسًا وترددًا إلى حين، وخاصة أن أصحاب هذه الأصوات ينخرطون اليوم في أحزاب سياسية تسمح الدولة بقيامها، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على مدى اضطراب السياسات العامة الموضوعة وتخبطها!! 

إذا كان ديكارت قد قال في كتابه «مبادئ الفلسفة»:  «إن أعظم نعمة ينعم الله بها على بلد من البلاد، هي أن يمنحه فلاسفة حقيقيين».. فإن علينا أن نقول من واقع المشهد الحالي في منطقتنا العربية: «إن أشد نقمة يبتلي الله بها بلدًا من البلدان، هي أن يسلط عليهم فئة من غلاة المتشددين المتعصبين المتاجرين باسم الدين، من أجل تحقيق مآرب سياسية».

التفكير النقدي هو الذى يمنحنا القدرة على النظر إلى الأشياء وكأننا نراها لأول مرة، فنصاب بالدهشة جراء ذلك، ونرى الأشياء وكأننا لم نرها من قبل، فالنقد يخلع عن وجه الأشياء قناعها العادي. وعن طريق النقد نحن لا نبتعد عن الأشياء المعتادة فى حياتنا اليومية، بل عن تفسيراتها وقيمتها المألوفة. ونحن لا نفعل هذا لكى نشذ عن الآخرين، أو لكى يقال إننا نفكر بخلاف بقية الناس، بل لأن وجهًا جديدًا للأشياء قد تكشف لنا فجأة، وجهًا مختلفًا عن ذلك الذى تعودنا عليه وسلمنا به فى لقائنا معه كل يوم. 

النقد عندي هو جوهر الفلسفة، والنقد كما أفهمه لا يعني أبدًا التطاول أو الشتم، أو التركيز على الجوانب السلبية وحدها، إنما يعني الفحص العقلي لكل ما يُعْرَض علينا من أقوال وأفعال لبيان مواطن القوة وجوانب الضعف. 

وإذا كان العلم هو سبيل التقدم، فإن النقد هو سبيل التحضر والرقي.. لأن المجتمعات المتخلفة  لا تعرف النقد، ولا تعرف معناه وبالتالي لا تمارسه، المجتمعات المتخلفة لا تعرف سوى أمرين:

 1- إما المدح السخيف المفضوح.

    2-  أو النفاق الممجوج الرذيل.

نحن لا نعرف كيف ننقد نقدًا عقليًا، وإنما نجيد المدح أو السب والشتم. إن النقد الذي أقصده أبعد ما يكون عن هذين الأمرين. النقد الذي أعنيه والذي هو جوهر الفلسفة هو التحليل العقلي للأقوال والأفعال للكشف عن محاسنها ومثالبها، ميزاتها ونقائصها، إذن الميزات والمحاسن تأتي أولًا قبل العيوب والنقائص.

إننا إذا اعتمدنا على التفكير النقدي جاءت أفكارنا سوية ومعتدلة، ذلك لأن الأفكار تختلف باختلاف المجتمعات، إنها وليدة ظروف تاريخية واجتماعية وثقافية معينة، ومن ثمَّ فهى ليست مقدسة؛ وإن كان يتم الترويج لها في معظم الأحيان على أنها كذلك!! كما يتكشف مدى هيمنة هذه الأفكار وتحكمها في سلوك أفراد المجتمع، وتوجيههم وجهة معينة دون غيرها. ومن الضروري البحث عن «الأفكار الحاكمة» في مجتمعاتنا، لإعادة فحصها ونقدها، للإبقاء على ما هو صحيح منها، واستبعاد ما هو فاسد. يجب ألا نتمسك بأفكار عقيمة ظنًّا منا أنها سوف تُسهم يومًا في تقدمنا ورقينا، لأننا في هذه الحالة سوف نقع في الخطأ نفسه الذي وقعت فيه تلك الدجاجة التي رقدت على بيض مسلوق ظنًّا منها أنه سوف يفقس يومًا!!

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

مدارس دبي الخاصة الثانية عالمياً بـ «المعرفة المالية» والسادسة في «التفكير الإبداعي»

كشفت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، عن انجاز جديد يُضاف لسجل انجازات جودة قطاع التعليم الخاص في دبي الذي يستشرف مستقبل التعليم لبناء جيــل واع ٍبمتطلبــات الحيـاة ومواكبـة مسـتجداتها، حيث أحرزت المدارس الخاصة في دبي المرتبة الثانية عالمياً في مجال المعرفة المالية لطلبتها، والمرتبة السادسة عالمياً في مجال التفكير الإبداعي، وذلك بحسب نتائج المشاركة الأولى لدبي في هذين المجالين ضمن البرنامج الدولي لتقييم الطلبةPISA 2022))، الذي تنفِّذه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، حيث يهدف مجال «المعرفة المالية» إلى قياس معارف الطلبة وفهمهم لمبادئ الإدارة المالية والمخاطر ذات الصلة، وتقييم قدرتهم على تطبيق هذه المهارات والمعارف في الحياة الواقعية والاستفادة منها في اتخاذ قرارات صحيحة في سياقات مالية متنوعة.
ويركز مجال «التفكير الإبداعي» على تقييم قدرات الطلبة ومشاركتهم البنَّاءة في تقييم أفكارهم وتطويرها للوصول إلى حلول مبتكرة وفعّالة، والارتقاء بمعارفهم إلى مستويات متقدمة، واستكشاف آفاق إبداعية جديدة.
وشارك في هذه الدراسة الدولية نحو 20 دولة ومنطقة حول العالم ضمن مجال «المعرفة المالية»، و64 دولة ومنطقة حول العالم ضمن مجال «التفكير الإبداعي»، فيما شهدت الدراسة مشاركة أكثر من 4478 طالباً وطالبة في المدارس الخاصة بدبي في مجال «المعرفة المالية»، ونحو 7474 طالباً وطالبة في مجال «التفكير الإبداعي»، ينتمون إلى 171 مدرسة خاصة بدبي تطبق 8 مناهج تعليمية متنوعة.
المعرفة المالية
وحقق طلبة المدارس الخاصة في دبي معدل إنجاز بلغ 522 نقطة في مجال «المعرفة المالية»، وهو أعلى بمقدار 24 نقطة من المعدل العالمي المعتمد من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) البالغ 498 نقطة.
وأفاد 82% من طلبة دبي بأنهم على دراية بالإدارة المالية، في وقت أشار 79٪ من الطلبة إلى أنهم يضعون أهدافاً ادخارية بشأن ما يعتزمون شراءه أو اقتناءه.
التفكير الإبداعي
وحقق طلبة المدارس الخاصة في دبي 36 نقطة في مجال «التفكير الإبداعي»، وهو أعلى من المعدل العالمي البالغ 33 نقطة.
وبيّنت النتائج أن مهارات التفكير الإبداعي لنحو 84% من طلبة دبي تندرج ضمن المستوى المتوقع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) أو أعلى، كما أفاد 74% من الطلبة بأنهم يتمتعون بالثقة اللازمة للمشاركة بفعالية في الأنشطة الإبداعية التي توفرها لهم المدارس.
مهارات المستقبل
وفي هذه المناسبة، قالت عائشة عبدالله ميران، مدير عام هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي: «أن هذه النتائج تؤكد مُجدداً على مكانة دبي كوجهة دولية رائدة للتعليم المتميز انطلاقاً من الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة، كما تعكس تنافسية منظومة التعليم في الإمارة إقليمياً ودولياً، وجاهزية الطلبة للمستقبل بما يواكب مستهدفات خطة دبي 2033 على مستوى أجندتي دبي الاقتصادية (D33) والاجتماعية (33)، وأن تكون دبي من بين الأفضل عالمياً في جودة التعليم».
وأضافت :«فخورون بأداء طلبتنا ومدارسنا في هذه التقييمات الدولية، والذي يعكس قدرة مدارسنا على إتاحة فرص التعليم والتعلم لجميع الطلبة بمعايير عالمية، والتزامها بضمان جودة التعليم، وتمكين الأجيال الناشئة عبر تزويدهم بمهارات المستقبل في ظل عالم متغير بوتيرة متسارعة، كما يُبيِّن الدور المهم للقيادات المدرسية في تحفيز المعلمين وأولياء الأمور على ترسيخ مفاهيم الإبداع والابتكار في البيئة المدرسية، وتشجيع الطلبة على تطبيقها في تفاصيل الحياة اليومية داخل وخارج البيئة المدرسية، بهدف تنمية قدراتهم وتعزيز مساهماتهم الإيجابية في مسيرة التنمية الشاملة في مختلف القطاعات».
تمكين الطلبة
من جانبها، قالت فاطمة إبراهيم بالرهيف، المدير التنفيذي لجهاز الرقابة المدرسية في الهيئة:«تقدم هذه الدراسة الدولية بيانات شاملة حول المهارات المالية ومهارات التفكير الإبداعي لدى طلبتنا، ما يوفر للقيادات المدرسية ولراسمي السياسات التعليمية معلومات تفصيلية يمكنهم الارتكاز عليها في بناء الخطط وتطوير السياسات الكفيلة بتمكين الطلبة من اكتساب مهارات المستقبل».
وأوضحت بالرهيف: «أظهرت النتائج أن المدارس الخاصة التي حققت نتائج مرتفعة في مجال التفكير الإبداعي، تمكَّن طلبتها أيضاً من تحقيق أداء مرتفع في مجالات الرياضيات والقراءة والعلوم، ما يؤكد أهمية العمل على تنمية قدرات طلبتنا في جميع المجالات ذات الصلة، لتمكينهم من اكتساب وتطوير مهارات المستقبل. نحن ممتنون للدور المهم للقيادات المدرسية ولمعلمينا ولأولياء الأمور في تمكين طلبتنا من مهارات المستقبل».
جدير بالذكر أن نتائج البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA 2022)، التي تم الكشف عنها في ديسمبر 2023، تشير إلى تحقيق المدارس الخاصة في دبي المرتبة التاسعة عالمياً في مهارات الرياضيات بمعدل بلغ 497 نقطة، لتتخطى بذلك المتوسط العالمي المُعتمَد من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بحوالي 25 نقطة، كما احتلت المرتبة 13 عالمياً في مهارات القراءة بمعدل بلغ 498 نقطة، والمرتبة 14 عالمياً في مهارات العلوم بمعدل بلغ 503 نقاط.
ويهدف البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA 2022) إلى فهم مدى قدرة الطلبة في عمر 15 عاماً على استخدام مهارات الحياة الواقعية في مجالات المعرفة بالرياضيات والعلوم والقراءة وتطبيقها في المواقف العملية اليومية.

الصورة

مقالات مشابهة

  • “مشروع أمديست”.. هذا هو الدور الحقيقي لمعهد أمديست وهكذا كان يتم استهداف الشباب واستقطابهم وما هي “الأشياء الإلزامية” التي كانت تفرض على الطلاب والطالبات لكسر الحواجز بينهم (صور+فيديو)
  • الصمت الانتخابي.. فترة التفكير الحر للناخبين
  • الإمارات الأولى عربياً في «التفكير الإبداعي» و«المعرفة المالية»
  • المدارس الخاصة بدبي الثانية عالمياً في «المالية» والسادسة في «التفكير الإبداعي»
  • دورنا فى مواجهة التطرف وأشكاله
  • مدارس دبي الخاصة الثانية عالمياً بـ «المعرفة المالية» والسادسة في «التفكير الإبداعي»
  • أسباب توقف العرض المسرحي "الحلم حلاوة"
  • بين العلم والدين.. تقف الفلسفة بين الاثنين
  • من تجريدِ الفلسفةِ إلى المجرَّدِ النَّحوي: كتابةٌ تُوجِّهُ ذاكرةَ الصِّبا الباكرِ صوبَ الملموس
  • العلماء ينجحون في تحريك الأشياء بالصوت!