منظمة التجارة العالمية وتحدي الاستثمار الأجنبي المباشر
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
تحرص كل دولة على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر ــ والسبب وجيه؛ إذ يعمل الاستثمار الأجنبي المباشر على تسهيل تدفقات رأس المال، وخلق فرص العمل، ودفع تنمية المهارات، وتسهيل نقل التكنولوجيا، وتسريع النمو الاقتصادي، وتمكين البلدان المتلقية من الوصول إلى الأسواق العالمية.
لكن المنافسة العالمية على الاستثمار الأجنبي المباشر شرسة.
تقدم اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية أدوات لتبسيط وتسريع إجراءات إدارية بعينها، مثل عمليات الترخيص التنظيمي، والمطالبات، والمراجعات الدورية. وهي تشجع التعاون بين السلطات المحلية المختصة وتنشئ منتدى عالمي لتعزيز أفضل الممارسات، وبالتالي تعزيز التعاون عبر الحدود. لتشجيع الاستثمار المستدام ومساعدة الاقتصادات النامية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، تشتمل اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية على فقرات تركز على السلوك التجاري المسؤول وتدابير مكافحة الفساد.
علاوة على ذلك، توفر اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية المرونة للبلدان النامية، مما يمكنها من تحديد السرعة التي تنفذ بها الإصلاحات، وتمديد المواعيد النهائية للتنفيذ، وطلب فترات السماح، والحصول على المساعدة الفنية، وبالتالي استيعاب ظروفها واحتياجاتها الفريدة. ومن خلال تبني اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية، تشير الحكومات المشاركة إلى التزامها بمواصلة الإصلاحات المحلية وزيادة جاذبيتها كمواقع للاستثمار. لكن الاقتصادات النامية، وخاصة أفقر بلدان العالم، تحتاج إلى الدعم الدولي لتحقيق هذه الأهداف، ولتحقيق هذه الغاية، تشمل اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية آلية لتقييم الاحتياجات مصممة لتحديد وتقديم المساعدة الفنية اللازمة. وقد بدأت بالفعل بلدان عديدة، بما في ذلك دومينيكا، والإكوادور، وغرينادا، هذه العملية بدعم من مركز التجارة الدولية التابع للأمم المتحدة وبنك التنمية للبلدان الأميركية. ولأن اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية من شأنها أن تزود الحكومات المشاركة بمزايا تنافسية كبيرة، فيتعين على أعضاء منظمة التجارة العالمية الذين لم ينضموا إليها بعد أن يسارعوا إلى الانضمام إليها. على الرغم من اختتام المفاوضات الخاصة باتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية، يظل من اللازم اتخاذ خطوة بالغة الأهمية: دمج الاتفاقية في كتاب قواعد منظمة التجارة العالمية. ويستلزم هذا الموافقة بالإجماع من جانب جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية (164 عضوا). ولكن بما أن اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية لا تفرض أي التزامات على غير المشاركين، في حين تمكّنهم من الاستفادة من تدابير تيسير الاستثمار التي تنفذها البلدان المشاركة، فلا توجد أسباب موضوعية لمعارضة تبني الاتفاقية. وعلى هذا فإن منظمة التجارة العالمية تستطيع، بل ينبغي لها، أن تؤيد اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية في الاجتماع الوزاري للمنظمة الذي تستضيفه أبو ظبي في الفترة من 26 إلى 29 فبراير. ويتعين على البلدان الأعضاء أن تغتنم هذه الفرصة لتبني أداة تقدم نطاقا واسعا من الأدوات العملية والفعالة لمساعدة البلدان على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز التنمية المستدامة. تمثل اتفاقية تيسير الاستثمار من أجل التنمية أيضا اختبارا حاسما لمنظمة التجارة العالمية. فهل تتمكن هذه الهيئة التجارية العالمية من تلبية توقعات أغلبية أعضائها، وخاصة البلدان النامية؟ وهل يمكنها أن تعمل بفعالية في وقت حيث يخضع النظام المتعدد الأطراف لضغوط متزايدة؟ سوف يزودنا لقاء أبو ظبي بإجابات على هذه الأسئلة، بصرف النظر عن النتائج.
كارل بي. سوفانت هو زميل أقدم في مركز كولومبيا للاستثمار المستدام بجامعة كولومبيا.
خدمة بروجيكت سنديكيت
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاستثمار الأجنبی المباشر منظمة التجارة العالمیة
إقرأ أيضاً:
إجمالي عدد القوى الوطنية العاملة في القطاع الصناعي يقترب من 40 ألفا
شهد القطاع الصناعيّ في سلطنة عُمان خلال الفترة من بداية يناير حتى نهاية نوفمبر من العام الجاري نموًّا ملحوظًا في معدلات التعمين، حيث تجاوز المستهدفات المحدّدة للقوى العاملة الوطنية في القطاع بنسبة زيادة بلغت 5.5 بالمائة وبتوظيف 1708 عُمانيين منهم 1145 من الذكور و563 من الإناث.
وأوضحت الإحصاءات والبيانات الصادرة عن وزارة العمل والمسجلة في مختلف التخصصات والمجالات بالقطاع الصناعي، أن إجماليّ عدد القوى العاملة الوطنية في القطاع الصناعي حتى نهاية نوفمبر من عام 2024 بلغ نحو 30 ألفًا و993 عُمانيًّا، متجاوزًا الهدف الذي كان يقدر بتوظيف 1000 عُماني خلال العام الحالي.
وأكد الدكتور أحمد بن خلفان البدوي، مدير دائرة تنفيذ وتقييم الاستراتيجية الصناعية ورئيس فريق ملف التشغيل بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار على أن المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أعلى على توطين الوظائف الفنية والتخصصية في القطاع الصناعي، حيث تعمل الوزارة على تعزيز التخصصات المهنية لتطوير المهارات الفنية للقوى العاملة الوطنية في هذا القطاع، وهو ما يعكس التوجهات الاستراتيجية للوزارة للاستثمار في الكوادر الوطنية من خلال تنفيذ 265 مبادرة بالتعاون مع شركاء التنمية.
وأضاف أن المباركة السّامية للاستراتيجية الصناعية 2040 التي دخلت حيز التنفيذ في منتصف عام 2024، قد أسفرت عن نتائج إيجابية تمثّلت في 265 مبادرة، منها 125 مبادرة ترتبط بشكل مباشر مع قطاعات الوزارة، مما يشكل نحو 47 بالمائة من إجمالي المبادرات، بينما تتوزع الـ140 مبادرة الأخرى على الجهات المعنية، مشيرا إلى أن فريق الاستراتيجية الصناعية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار بدأ بتنظيم حلقات عمل مع هذه الجهات لتعريفهم بتفاصيل المبادرات وأهدافها وخطط التنفيذ وفقًا للقطاعات المعنية لإنشاء صناعات جديدة ذات تقنيات عالية، وتعزيز ريادة الأعمال والابتكار، إضافة إلى تطوير الحوكمة وإدارة التنمية الصناعية.
وأوضّح أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تركز على القطاعات الواعدة، مثل الصناعات القائمة على الموارد الطبيعية التي تشمل ثلاثة مجمعات صناعيّة موزّعة على 15 صناعة فرعيّة، والصناعات كثيفة رأس المال التي تضمّ مجمعين صناعيين موزعيْن على 9 صناعات فرعية، والصناعات القائمة على المعرفة التي تشمل مجمعيْن صناعيين موزعيْن على 5 صناعات فرعية، مؤكدا على أن هذه القطاعات تمثل أهدافًا استراتيجية مهمّة في تعزيز نمو القطاع الصناعي.
يُذكر أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تواصل العمل من خلال لجان الحوكمة مع الجهات المعنية لضمان توافق جهود توطين الوظائف مع تطلعات البرنامج الوطني للتشغيل عبر منصة "توطين"، وتحقيق مستهدفات التشغيل في كافة القطاعات الاقتصادية من خلال توظيف المخرجات التعليميّة والمهنيّة واستقطاب الكفاءات الوطنيّة المتخصّصة.