يمانيون – متابعات
بدأت الولاياتُ المتحدةُ وبريطانيا حملةَ الاعتداءِ على اليمنِ، في يناير الماضي، على وَقْعِ هالةٍ دعائيةٍ كبيرةٍ حولَ قُدرتِهما على تدمير القدرات اليمنية، وإيقاف عمليات القوات المسلحة في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن بالقوة، لكن سرعان ما تبددت؛بفعل المفاجآت التي اصطدم بها الأمريكيون والبريطانيون فيما يتعلق بتطور القدرات العسكرية لليمن وصعوبة التأثير عليها، وعدم القدرة على تحديد حجم ونوعية الترسانة اليمنية البحرية، إلى جانب التفوق الاستخباراتي الواضح لصنعاء في الحصول على المعلومات اللازمة والدقيقة لتنفيذ العمليات على مسرح بحري واسع تعجز أمريكا وبريطانيا عن تغطيته بشكل كامل، وقد ظهرت هذه الصدمة بوضوح وبشكل فوري في الاعترافات الرسمية المتواصلة بالفشل في اليمن، على أن الأمر لم ينتهِ بعدُ؛ إذ لا زالت صنعاء تمتلك الكثير من الخيارات للتصعيد في ميدان مواجهة يقر الأمريكيون والبريطانيون أنه جديد كليًّا عليهم.

“إنهم يواصلون مفاجأتنا وليست لدينا أيةُ فكرة جيدة عما لا يزال لديهم”.. هكذا كان أحدثُ تعليق لأحد كبار مسؤولي الدفاع الأمريكيين بخصوص المواجهة مع اليمن، بحسب تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” يوم الجمعة، وهو تعليقٌ يوضحُ أنه وبعد حوالَي شهرٍ ونصفِ شهرٍ من بدء العدوان على اليمن، لا زالت القوات الأمريكية عاجزة تماماً عن التعامل مع الجبهة اليمنية.

بل يؤكّـد هذا التعليق أن واشنطن أكثر ارتباكاً مما كانت عليه عند بدء العدوان؛ لأَنَّها كانت تعتمد على حسابات عملياتية أثبتت خطأها بالكامل، والآن لا تعرف على ماذا تعتمد، فقد قال قائد الأسطول الأمريكي الخامس، براد كوبر، في تصريح لشبكة “سي بي إس” نهاية يناير الماضي: “إن القوات الأمريكية تمتلك 9 إلى 15 ثانية للتعامل مع أي صاروخ أَو طائرة مسيرة يمنية”، لكن اليوم التالي قامت القوات المسلحة باستهداف المدمّـرة “يو إس إس غريفلي” وقال مسؤولون أمريكيون إن الهجوم تجاوز طبقاتِ الدفاع الصاروخية للمدمّـرة (والتي تتراوح قيمة الواحد من صواريخها بين 2.2 مليون دولار إلى 4.3 مليون دولار بحسب نوعيتها) وإن المدمّـرة اضطرت لاستخدام آخر وسيلة دفاع لها وهي سلاح رشاش آلي، وقال محللون لشبكة “سي إن إن” إن صاروخًا يمنيًّا كان على بُعد حوالي ثانيتَينِ فقط من إصابة المدمّـرة، مشيرين إلى أن حتى عملية اعتراضه على هذه المسافة ستصيبُ المدمّـرة بشظايا.

وهكذا فقد فوجئت فعلًا القوات الأمريكية بأن حساباتها العملياتية خاطئة، وأن القوات المسلحة اليمنية قد استفادت بشكل سريع وفوري من معطيات المواجهة طيلة الفترة الماضية لتطوير الصواريخ بالشكل الذي يتجاوز أنظمة الدفاع الصاروخية الأمريكية المتطورة، وهو ما أكّـده قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في الخطاب الأخير.

والحقيقة أن ثبوت خطأ الحسابات العملياتية للقوات الأمريكية في المواجهة مع اليمن، كان أمرًا وارادًا منذ البداية، فباعتراف الولايات المتحدة نفسها، هذه هي أولُ مرة في التأريخ يتم فيها إطلاق صواريخ بالستية مضادة للسفن، وخُصُوصاً على القطع البحرية الأمريكية، وبالتالي فلا يمكن أن تمتلك القواتُ الأمريكية أية معلومات دقيقة عن مواجهة لم يسبق لها خوض مثلها؛ الأمر الذي يجعل زمام التحكم بيد القوات البحرية اليمنية.

هذه المعطيات، إلى جانبِ حقيقة استمرار وتصاعد كثافة وشدة عمليات استهداف السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، تؤكّـدُ بشكل جلي التفوقَ اليمني العملياتي في المواجهة، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد؛ إذ صدمت القوات البحرية اليمنية أمريكا وبريطانيا مؤخّراً بإدخَال أسلحة أُخرى جديدة جعلت موقفهم القتالي أكثر سوءًا بكثير، حَيثُ يشير التقرير الأخير لشبكة “سي إن إن” إلى أن استخدام مركبات غير مأهولة تحت الماء (غواصات) مؤخّراً “أثار قلق المسؤولين الأمريكيين”، وكانت قد نقلت الأسبوع الماضي عن الأدميرال مارك ميجويز، قائد المجموعة الهجومية على حاملة الطائرات آيزنهاور، قوله: إن “المركبات السطحية (الزوارق) وتحت السطحية (الغواصات) غير المأهولة، تشكّل تهديدًا غيرَ معروف وقد تكون فَتَّاكةً للغاية” مُشيراً إلى أن الولايات المتحدة ليس لديها ما يكفي من المعلومات الدقيقة فيما يتعلق بالترسانة التي يملكها اليمن من هذه الأسلحة، فيما أكّـد مسؤول سابق في البنتاغون أن “اكتشافَ ورصد القوارب والغوَّاصات المسيَّرة أصعبُ بكثير من الطائرات المسيَّرة والصواريخ” لافتاً إلى أن “استخدامَ مجموعة من هذه الأسلحة في هجوم واحد سيتغلب على دفاعات أية سفينة”.

وتؤكّـدُ هذه الاعترافات بوضوح وبشكل صريح أن القوات المسلحة اليمنية لم تضع الأمريكيين والبريطانيين أمام معركة غير مألوفة لهم فحسب، بل أثبتت أنها متفوقة عليهم، وتسبق كُـلّ حساباتهم بخطوات؛ وهو ما يعني أن استفادتها أَيْـضاً من معطيات المواجهة ستكون أكثرَ بكثير من استفادتهم؛ فهناك بالفعل سباقُ خبرات يجري على الميدان، حَيثُ يقول الضباط الأمريكيون إنهم يحاولون التعلمَ أثناء العمل، فيما يؤكّـد قائد الثورة أن المواجهةَ تسهمُ في تطوير القدرات اليمنية، وعلى عكس الأمريكيين فَــإنَّ تأكيداتِ قائد الثورة تتجسَّدُ عمليًّا على أرض الميدان وبشكل مدهِشٍ، من خلال القدرة على تجاوز الدفاعات الأمريكية وإدخَال أسلحة جديدة.

وقد نقلت شبكة “سي إن إن” عن العديد من المسؤولين الأمريكيين قولهم إن الولايات المتحدة لا تملك حتى معيارًا حسابيًّا يسمح لها بتقييم مدى تأثير ضرباتها على القدرات اليمنية؛ ما يعني أنها غير قادرة على الاستفادة من معطيات المعركة “للتعلم”، على عكس القوات المسلحة اليمنية.

ونتيجة لذلك، يوضح تقرير “سي إن إن” أن المسؤولين الأمريكيين “يواجهون صعوبةً في كيفية زيادة الضغط” على اليمن، ويشير إلى أن “بعضَ المسؤولين داخل إدارة بايدن يرَون أن استخدامَ القوة وحدَه غير فعال، ويشير آخرون إلى أنه “من المكلف للغاية ومن غير العملي الاستمرار في إطلاق صواريخ بملايين الدولارات على الطائرات بدون طيار والصواريخ الأرخص ثمنًا” وهو ما يعني أن الولايات المتحدة حَـاليًّا تعتمد فقط على كثافة نيرانها غير الفعالة لتعويضِ الفشلِ العملياتي في تحقيق نتائج مؤثرة؛ الأمرُ الذي لا يؤدِّي إلى خسائرَ ماليةٍ تُضافُ إلى الفشل الذي لا يمكنُ تعويضُه.

وقد حرص قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في خطابه الأخير، على تثبيت معادلة التفوق العملياتي اليمني، بتَحَــدٍّ صريح وجّهه للولايات المتحدة لإثبات خطأ القوات المسلحة في تحديد هُــوِيَّة ووجهة أية سفينة مستهدَفة، وهو تَحَدٍّ له وَقْعٌ قاسٍ على واشنطن التي كانت قد زعمت في وقت سابق أنها وجَّهت ضربةً معلوماتيةً لليمنِ، من خلال هجوم سيبراني على سفينة إيرانية، لكن العمليات اليمنية تصاعدت بعد ذلك بشكل أكبر؛ لتبرهنَ أن الأمريكيين لا يعلمون كيف تتحصل البحرية اليمنية على المعلومات وأن تقديراتِهم كلها خاطئة.

وبالمحصلة، فَــإنَّ معطياتِ قرابة شهر ونصف شهرٍ من المواجهة المباشرة بين اليمن والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرَينِ الأحمر والعربي وخليج عدن، تشير كلها إلى استحكام يمني كامل على مجريات المعركة، سواء من حَيثُ تثبيت معادلة استهداف السفن المعادية وما يتضمَّنَه ذلك من تحييد للدفاعات وتفوق استخباراتي، أَو من حَيثُ القدرة على الاستفادة من النتائج لتطوير الأداء والوسائل؛ الأمرُ الذي يعني أن كُـلَّ الاحتمالاتِ المفتوحة لمستقبل المواجهة، هي احتمالاتٌ كارثيةٌ على الولايات المتحدة وبريطانيا، خُصُوصاً مع تأكيدِ القيادة اليمنية على التوجُّـهِ نحو التصعيد.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الولایات المتحدة القوات المسلحة سی إن إن یعنی أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

تقرير أمريكي: الحوثيون عدو إسرائيل في اليمن من الصعب على واشنطن ردعهم (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن الحوثيين عدو إسرائيل في اليمن يثبت صعوبة ردعهم حتى اللحظة بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها.

 

وأضافت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن المسلحين الحوثيين لم يتراجعوا عن هجماتهم على الشحن العالمي وإسرائيل على الرغم من الحملة الأمريكية لوقفهم".

 

وتابعت "على الرغم من مئات الضربات الأمريكية وحلفائها ونشر أسطول بحري أمريكي في البحر الأحمر، فقد واصل المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن إيقاع طبول ثابتة من الهجمات على الشحن التجاري الذي يمر عبر الممر المائي الحيوي وإطلاق الصواريخ على إسرائيل".

 

وأردفت "لقد توقفت الجماعات الأخرى المدعومة من إيران، من حماس في غزة، وحزب الله في لبنان إلى نظام الدكتاتور السوري المخلوع بشار الأسد، عن القتال، على الأقل في الوقت الحالي".

 

واستدركت "مع ذلك، يواصل الحوثيون، وهم منظمة إرهابية صنفتها الولايات المتحدة، تعطيل التجارة العالمية، مما يتسبب في خسائر بمليارات الدولارات وإجبار شركات الشحن على إعادة توجيه البضائع أو تشغيل مجموعة من الصواريخ والطائرات بدون طيار. ويقولون إنهم لن يتوقفوا حتى تتوقف إسرائيل عن القتال في غزة".

 

وقال مسؤول دفاعي أمريكي إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة دمر حوالي 450 طائرة بدون طيار للحوثيين. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي شون سافيت إن التحالف قمع بعض الهجمات الصاروخية المضادة للسفن، ويستخدم أيضًا الضغوط الدبلوماسية والعقوبات لوقف المشتريات غير المشروعة للمجموعة.

 

وحسب التقرير "لكن طرق التجارة في البحر الأحمر لا تزال مشلولة. فقد تمكنت صواريخ الحوثيين من الإفلات من الدفاعات الجوية الإسرائيلية الأسبوع الماضي. وضرب الجيش الأميركي مراكز قيادة الحوثيين ومخابئ الأسلحة مساء السبت ردا على ذلك".

 

وقال سافيت إن الحوثيين "يغرقون السفن ويقتلون البحارة المدنيين الذين لا علاقة لهم بإسرائيل أو غزة بأي حال من الأحوال، بل ويهاجمون السفن التي تنقل الغذاء والمساعدات الإنسانية الحيوية للشعب اليمني". وباعتبارهم أحد آخر حلفاء إيران، فقد تعززت مكانتهم في محور المقاومة في طهران ــ شبكة الميليشيات الإقليمية المعادية لإسرائيل والغرب.

 

ويقول بعض المحللين إنهم قلقون من أن إيران قد تركز الآن المزيد من الموارد على تمويل وتدريب الجماعة. وقال أسامة الروحاني، مدير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مركز أبحاث مستقل، "الحوثيون لا يهتمون بما يخسرونه كيمنيين. إنهم يريدون الفوز كميليشيا ومواجهة القوى العالمية".

 

وحسب التقرير فقد صمد الحوثيون في وجه حملة استمرت قرابة عقد من الزمان شنتها المملكة العربية السعودية بهدف الإطاحة بهم. وفي الوقت نفسه، ساعدت إيران وحزب الله في تحويل المجموعة إلى قوة متطورة تقنيًا قادرة على استهداف البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

 

يضيف أن محاربة إسرائيل تعزز شعبية الحوثيين في الداخل وتشتت الانتباه عن الوضع الاقتصادي البائس في اليمن، والذي لم تفعل الميليشيا المتمردة الكثير لتحسينه منذ ترسيخ حكمها الاستبدادي الإسلامي بعد الاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء في عام 2014.

 

قال يوئيل جوزانسكي، الخبير السابق في شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والآن في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، "إنهم ليس لديهم الكثير ليخسروه. لا يمكن ردعهم".

 

وترى الصحيفة الأمريكية أن الحوثيين أقل خبرة وأقل تسليحًا بشكل كبير من حلفاء إيران الآخرين مثل حزب الله. لكن في الأشهر الأخيرة، أعرب المسؤولون الأمريكيون والدوليون عن قلقهم من حصول الحوثيين على إمكانية الوصول إلى تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار الأكثر تطوراً من إيران.

 

وقال مسؤولون أمريكيون إن روسيا قدمت بيانات الاستهداف للمتمردين أثناء مهاجمتهم للسفن الغربية في البحر الأحمر وتفكر في تسليم صواريخ مضادة للسفن للحوثيين.

 

وقال تقرير للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: "إن حجم وطبيعة ومدى نقل المعدات العسكرية والتكنولوجيا المتنوعة المقدمة للحوثيين من مصادر خارجية، بما في ذلك الدعم المالي وتدريب مقاتليها، أمر غير مسبوق".


مقالات مشابهة

  • “واشنطن بوست”: القوات الأمريكية قد تبقى في العراق لفترة أطول من المتفق عليها بسبب أحداث سوريا
  • القيم الإستراتيجية للعمليات اليمنية الأخيرة ضد أمريكا و”إسرائيل”
  • هروب حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان” نحو شمال البحر الأحمر بعد الضربات اليمنية
  • خبير عسكري صيني: “القوات اليمنية” ضغطت بقوة على البحرية الامريكية 
  • أمريكا تعترف بإسقاط اليمن مقاتلة F-18
  • تقرير أمريكي: الحوثيون عدو إسرائيل في اليمن من الصعب على واشنطن ردعهم (ترجمة خاصة)
  • البنتاغون تعلن زيادة عدد القوات الأمريكية في سوريا.. لماذا قد يثير ذلك قلق العراق؟
  • سيناريو مغاير.. واشنطن بوست: بغداد ستطلب بقاء القوات الأمريكية في العراق
  • واشنطن بوست: مسؤول عراقي يتوقع تمديد بقاء القوات الأميركية
  • اليمن وإيران تبحثان التطورات الإقليمية وسط تصعيد الهجمات الأمريكية والإسرائيلية