متى بدأ المصريون القدماء تحنيط موتاهم لأول مرة؟
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
منذ فجر التاريخ، حيرت الحضارة المصرية القديمة العالم بألغازها وابتكاراتها المذهلة، بدءًا من بناء الأهرامات الضخمة، إلى إتقان علم الفلك، وصولًا إلى فن التحنيط الغامض، فقد ترك لنا أجدادنا إرثًا غنيًا ما زال يُثير فضولنا حتى اليوم.
في هذا التقرير، نغوص في رحلة عبر الزمن لاكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة، ونُسلط الضوء على بعض العجائب التي خلفتها، مثل سر التحنيط وبداية استخدام هذا العلم الغامض، وفقًا لموقع «live science».
كشف ستيفن باكلي، الباحث في جامعة يورك بالمملكة المتحدة، أن أصول التحنيط عند المصريين القدماء تعود إلى نحو 4300 عام قبل الميلاد، ودلل على هذا الاكتشاف بوجود مومياء عمرها 6300 عام، عثر عليها في إحدى المقابر المصرية القديمة، على بعد 320 كيلو مترًا من جنوب القاهرة.
الراتينج:اختبر الباحثون غلاف المومياء على راتنجات تستخدم في التحنيط، والراتينج هو مادة صمغية لزجة، مكونة من مجموعة من الصمغ النباتي والشمع والدهون الحيوانية والزيوت النباتية، استخدمها المصريون القدماء في تحنيط موتاهم.
وتاريخ 4300 قبل الميلاد يعني:
- قبل حوالي 1500 عام قبل أن يبدأ المصريون القدماء في بناء الأهرامات.
- وألف عام قبل يخترع المصريون الكتابة.
وحوالي ألف عام قبل أن يتحد المصريون تحت حكم حاكم واحد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المصريين القدماء التحنيط عام قبل
إقرأ أيضاً:
في الأردن.. الأشعة السينية تُنطق شظايا زجاجية بأسرار الحضارات القديمة
القطع الأثرية ليست مجرد بقايا من الماضي، بل هي شواهد حية تروي قصصا لم تُسرد بعد عن حياة الشعوب وصناعاتهم وشبكاتهم التجارية والاقتصادية، وهذا ما كشفت عنه الدراسة المنشورة بدورية "جورنال أوف أركيلوجيكال ساينس"، والتي تناولت شظايا زجاجية مُكتشفة في موقع خربة الذريح الأثري بالأردن.
وخربة الذريح موقع أثري يقع في محافظة الطفيلة جنوبي الأردن شمال مدينة البتراء بنحو 70 كم، وكان يقع على طريق التجارة "طريق الملوك" بين البتراء وبصرى، وعُثر في هذا الموقع على مجموعة كبيرة من الآثار التي تعود إلى الحضارات النبطية والرومانية والبيزنطية والإسلامية، وكان من بين ما عثر عليه بعض الشظايا الزجاجية.
وخلال الدراسة التي أجريت بالتعاون بين باحثين من جامعة اليرموك الأردنية وباحثين من مؤسسات عدة في بريطانيا وفرنسا، تم توظيف تقنية "التحليل المجهري بالمسبار الإلكتروني المشتت للطول الموجي"، لتحليل 64 عينة زجاجية مختلفة الألوان والأشكال، ليصار إلى الكشف عن مجموعة من النتائج.
وكان أبرز تلك النتائج أن معظم العينات (57) كانت من نوع الزجاج المصنوع باستخدام الصودا أو ما يعرف بكربونات الصوديوم، المستوردة من مصر. كذلك ظهرت أدلة على إعادة تدوير الزجاج خاصة من نوع "أبولونيا"، وهو زجاج بيزنطي يعود إلى الفترة من القرن الرابع حتى الثامن الميلادي، وتظهر إعادة التدوير من خلال وجود بعض المكونات مثل "الأنتيمون" و"المنغنيز" في بعض القطع التي استخدمت لإزالة الألوان أو لتلوين الزجاج.
وتعتمد تقنية "التحليل المجهري بالمسبار الإلكتروني" المستخدمة بالدراسة على قذف الإلكترونات على سطح العينة، مما يسبب انبعاث الأشعة السينية المميزة للعناصر الموجودة في العينة، وهذه الأشعة تُحلل بدقة بناء على الطول الموجي الخاص بها لتبوح بالعناصر الكيميائية المكونة للزجاج، مثل الصوديوم والسيليكا والكالسيوم، مما يساعد على تحديد مصدر الزجاج وتقنيات تصنيعه.
إعلانوتتميز التقنية بتحليل التركيب الكيميائي بدقة تصل إلى مستويات منخفضة جدا تصل إلى جزء من الألف، ولا تسبب أي إتلاف للعينة، ويمكن استخدامها لتحليل عينات صغيرة أو نادرة، وأخيرا تتيح تحليل أجزاء محددة أو مناطق صغيرة من العينة بدقة.
ويقول الدكتور إيان فريستون، من معهد الآثار بجامعة لندن والباحث المشارك بالدراسة، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، "كشفت لنا تقنية التحليل المجهري بالمسبار الإلكتروني أنه على الرغم من انتشار إعادة التدوير، فإنه لم يكن لها تأثير كبير على جودة الزجاج المستخدم في خربة الذريح، وكانت التغيرات في التركيب الكيميائي الناتجة عن عملية إعادة التدوير صغيرة جدا، لكنها كانت مميزة بعض الشيء، وتمكنا من تحديدها".
ويوضح أن "إعادة تدوير الزجاج كانت جانبا مهما من الاقتصاد خلال العصر الروماني وما بعده في العصر البيزنطي. فمع ضعف الإمبراطورية الرومانية، تأثرت التجارة والإنتاج الزراعي والصناعي، وانخفضت إيرادات الدولة، وتراجعت القدرة على دعم الفخامة التي كانت تتمتع بها الطبقات الثرية، وهذا التراجع الاقتصادي أدى إلى انخفاض في الصيانة والبناء، وجعل القصور الرومانية الكبرى عرضة للتدهور والهجر، وعندما كانت تُهجر كان يتم تجريدها من المواد المفيدة مثل الزجاج والمعادن والطوب والبلاط، وكان بائعون متجولون يجمعون الزجاج المكسور مقابل أعواد الكبريت، ثم يبيعون هذا الزجاج المكسور إلى الحرفيين الذين يعيدون إذابته ونفخه لتشكيل أوعية جديدة، وكانت هناك عائلات تعتاش من جمع المواد القابلة للتدوير وبيعها".
وبينما تم تأريخ الزجاج المعاد تدويره بأنه ينتمي إلى الحقبة البيزنطية التي كانت أكثر انغلاقا واعتمادا على الموارد المحلية، فإن هناك أنواعا أخرى من الزجاج عثر عليها، كالزجاج المصري والزجاج المنتج في بلاد الشام، بما يُشير إلى نشاط تجاري واسع النطاق بين هذه المناطق خلال العصور الرومانية والإسلامية المبكرة.
إعلانوعلى الرغم من توفر مصادر محلية لإنتاج الزجاج في بلاد الشام خلال الفترة الإسلامية المبكرة، فإن الزجاج المصري استمر في الهيمنة على السوق، وهو ما يرجعه فريستون إلى الميزات الفنية والتجارية التي كان يوفرها الزجاج المصري.
ويقول "كان صانعو الزجاج المصريون قريبين من مصدر الصودا (منطقة وادي النطرون)، وهي مادة تجعل الزجاج أسهل في الذوبان وأقل صلابة، ومن ثم أسهل في العمل، بينما كان زجاج بلاد الشام في تلك الفترة يحتوي على نسبة أقل من الصودا وكان أصعب في التشكيل، مما دفع الحرفيين إلى تفضيل الزجاج المصري متى كان متاحا".
ويضيف أن "الزجاج المكتشف في خربة الذريح يعتمد على التركيبة الأساسية نفسها التي نستخدمها اليوم في صناعة الزجاج، وهي زجاج (الصودا-الجير-السيليكا)".
ويوضح أنه "مع ذلك، كانت المواد الخام المستخدمة في ذلك الوقت أقل نقاء مما هي عليه اليوم، مما جعل كل قطعة زجاج تحمل بصمة كيميائية فريدة تشير إلى المكان الذي صُنعت فيه".
كذلك يبين أنه رغم تنوع المصادر، فإن تقنيات التصنيع كانت متشابهة بغض النظر عن مكان الإنتاج، مما يشير إلى "وجود انتشار واسع لطرق موحدة لصناعة الزجاج في العصور القديمة".
إعادة صياغة الفهموبذلك، فإن شظايا الزجاج المكتشفة أسهمت في إعادة صياغة الفهم للعلاقات التجارية والصناعية في العصور القديمة، فدراسة التركيب الكيميائي للزجاج وتقنيات التصنيع أوضحت مدى التعقيد والدقة في اقتصاد الزجاج في تلك العصور، سواء من خلال إعادة التدوير أو التجارة عبر المسافات الطويلة.
وكشفت بوضوح عن وجود نشاط تجاري مكثف بين مصر والشام خلال العصر الروماني والحقبة الإسلامية المبكرة، بدليل العثور على الزجاج المصري وزجاج بلاد الشام في الموقع نفسه، بينما كانت الحقبة البيزنطية تعتمد أكثر على الموارد المحلية، مما يعكس انغلاق الاقتصاد في ذلك العصر.
إعلان