زارت قطاع غزة لمدة أسبوع، وشهدت على العديد من الظروف المأساوية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع، ومع الأزمة الغذائية وانخفاض درجات الحرارة وتفشي الأمراض، يتأثر الأطفال أكثر من غيرهم، فهم معرضون للتهديد بسبب الأزمة الطاحنة، التي أصبحت بمرور الوقت واضحة للجميع.

تيس إنجرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف»، قالت في حوارها مع «الوطن»، إن الأطفال يشكلون حوالي نصف سكان قطاع غزة، لذلك هم يتأثرون بشكل كبير بالحرب المستمرة، ولا يقتصر الأمر على استشهادهم أو إصابتهم بسبب القصف أو الرصاص، ولكنهم أيضًا معرضون للتهديد جراء الأزمة الإنسانية في غزة.

الأمراض متفشية في غزة والمجاعة تلوح في الأفق

وإلى نص الحوار:

- كنتِ في زيارة إلى غزة لمدة أسبوع.. كيف تبدو الأوضاع هناك؟

الأوضاع في غزة مأساوية للغاية، فالأمراض متفشية، والمجاعة تلوح في الأفق، والمياه قليلة، وغير صالحة للشرب، والبنية التحتية الأساسية تحوّلت إلى أنقاض، والمستشفيات تعمل بعدد قليل جدًا من الموظفين، والموارد قليلة.

شاهدت بنفسي كيف يعيش الأطفال، وهم يقيمون في ملاجئ مؤقتة صغيرة، ومبنية بقطع من القماش أو المشمع أو البطانيات، ومثبتة معًا بحبال أو قطع من الخشب، الملاجئ الصغيرة تحتوي على عدد كبير من الأشخاص، كما تعيش عائلات كبيرة في منطقة صغيرة لا تكاد تتسع لهم، كما أن الظروف ليست مناسبة للبقاء على قيد الحياة، فليس هناك مياه، وفي كثير من الأحيان لا توجد حمامات، ومن الصعب جدًا الحصول على الطعام والجو شديد البرودة، ويصاب الكثير من الأطفال بالأمراض بسبب فصل الشتاء.

- كيف كانت رحلتك في قطاع غزة؟

كانت رحلة صعبة، تحدثت هناك مع العديد من الآباء، وقالوا لي إن أطفالهم إما مصابون بعدوى في الجهاز التنفسي أو نزلة برد أو آلام في المعدة أو إسهال، الأمراض منتشرة ويعاني الأطفال من الأزمة الإنسانية ومن القصف المتواصل والرصاص، وعلى الرغم من كل هذا، أعتقد أن الناس في غزة يمتلكون القوة بشكل لا يصدق.

الناس هناك يأملون أن تنتهي الحرب في أقرب وقت، كما سألوني عما سيفعله المجتمع الدولي لدعم إنهاء الحرب، هؤلاء هم أشخاص يريدون العودة إلى منازلهم وإلى حياتهم وأطفالهم، والأطفال هناك يريدون العودة إلى مدرستهم وألعابهم وأصدقائهم.

لا يوجد مكان آمن في غزة

- تغير وضع الأطفال في قطاع غزة قبل الحرب وبعده، كيف ترين ذلك؟

إنه أمر مختلف بشكل لا يصدق، اعتاد الأطفال أن يتمتعوا بحياتهم والشعور بالأمان، كانوا يعيشون في منازلهم مع عائلاتهم ويذهبون إلى المدرسة، الآن، يجب عليهم أن يمروا بصدمة عاطفية كل يوم، قلقين على سلامتهم وسلامة أسرهم، ويضطرون إلى العيش خارج منازلهم وبعيدًا عن أصدقائهم، فلم يذهب أي طفل في غزة إلى المدرسة منذ بداية شهر أكتوبر والحرب على غزة، لذلك لا يوجد مكان آمن في غزة، وبالنسبة للأطفال، فهو مكان خطير للعيش فيه مقارنة بما كانت عليه الأمور بالنسبة للأطفال في غزة قبل الحرب.

- هل تواجهون تحديات في إيصال المساعدات إلى مناطق متفرقة من قطاع غزة؟

كمية المساعدات التي تدخل قطاع غزة ليست كافية، ونواجه تحديات في إيصال تلك المساعدات إلى جميع أنحاء قطاع غزة أيضًا، لأنه ليس لدينا ما يكفي من الوقود أو الشاحنات، فبمجرد وصول المساعدات إلى غزة، يظهر التحدي المتمثل في توزيع تلك المساعدات على الأطفال والأسر التي تحتاج إليها، وهذا أمر صعب للغاية، خاصة مع الأضرار التي لحقت بالطرق، ومع استمرار انقطاع التيار الكهربائي ومع نقص الشاحنات والوقود اللازم لتشغيلها، وبالطبع التهديدات المستمرة لسلامة موظفينا وطاقمنا.

ندعو المجتمع الدولي إلى محاولة تشجيع وقف إطلاق النار الإنساني الفوري لتوفير بعض الراحة لأطفال غزة والسماح لنا، كمنظمة اليونيسيف ووكالات المعونة الإنسانية الأخرى، بتقديم مساعدات إنسانية أفضل.

«اليونيسيف» تواصل عملها في غزة رغم المخاطر

- البيئة في غزة خطيرة ولا يمكن العمل بشكل آمن.. كيف تواجهون ذلك؟

الوضع الأمني في غزة ​​يمثل تحديًا كبيرًا عند محاولة العمل في هذه البيئة الخطيرة، ولكن على الرغم من ذلك، فإن «اليونيسيف» موجودة ونقوم بتقديم الخدمات، ونقدم المياه والتغذية والإمدادات والملابس الشتوية والخيام والقماش المشمع والأدوية وغيرها من المعدات الطبية، ومجموعة واسعة أخرى من الأشياء لمحاولة دعم وحماية أطفال غزة وأسرهم.

ألف طفل فلسطيني تعرضوا لبتر أطرافهم

- هل هناك إحصائية عن عدد من بُترت أقدامهم من الأطفال في غزة بسبب الحرب؟

علمت اليونيسيف من المهنيين الطبيين وموظفي الأمم المتحدة في قطاع غزة، أن حوالي ألف طفل فلسطيني تعرضوا لبتر أحد أطرافهم منذ بداية الحرب، وحتى يوم 29 نوفمبر الماضي، وليس هناك إحصائية جديدة، فمن الصعب جدًا الحصول على البيانات في الظروف الحالية.

- كيف يعيش الأطفال من ذوي الإعاقة في ظل الأزمة الإنسانية ونقص الخدمات اللازمة؟

بالنسبة للأطفال الذين بترت أطرافهم، مثل الأطفال الآخرين الذين أصيبوا، أو النساء الحوامل اللاتي أنجبن، وجودهم في الملاجئ حيث الصرف الصحي وارتفاع معدل الإصابة بالأمراض، هناك خطر إصابتهم بالعدوى، لقد تحدثت إلى العاملين في القطاع الطبي بغزة وقالوا لي إنه بدون الرعاية الطبية المستمرة والأدوية، فأن خطر الإصابة بالعدوى سيكون مرتفعًا وأن العدوى قد تكون خطيرة.

وهذا هو الأمر الذي يقلق الناس في قطاع غزة خلال الوقت الحالي، ويواجهه الكثير من الناس، التقيت بامرأة حامل كانت تعاني من عدوى منذ 46 يومًا من الولادة، ولم تتمكن من الحصول على الدواء المناسب لعلاج تلك العدوى.

من هي تيس إنجرام؟

تيس إنجرام هي صحفية تعمل متحدثة باسم اليونيسيف أو مسؤولة الاتصالات باليونيسيف، كما تعمل بصحيفة «WAtoday» الأسترالية، وكانت مراسلة سابقة في مجلة «The Australia Financial Review»، في تغطية الأعمال والاقتصاد والسياسة.

ما هي اليونيسيف؟

اليونيسيف وكالة دولية تابعة للأمم المتحدة، تتواجد في 190 بلدًا وإقليمًا لحماية حقوق كل الأطفال، وهي رائدة في العالم في مجال الدعوة لقضايا الأطفال، ويكافح العاملون فيها من أجل الحقوق العالمية للأطفال الباحثين عن المأوى الآمن والغذاء والحماية من الكوارث والنزاعات، وعن المساواة، بحسب الموقع الرسمي للوكالة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اليونيسيف الأطفال في غزة غزة أطفال غزة الأزمة الإنسانية فی قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

حماس تدعو الوسطاء للتدخل فورا لكبح جرائم الاحتلال بغزة

دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الوسطاء الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار للتدخل فورا، لكبح جرائم الاحتلال وانتهاكاته للاتفاق.

واتهمت الحركة، في بيان، الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة انتهاكاته الخطيرة لاتفاق وقف إطلاق النار، من خلال استهداف المدنيين العزل.

واعتبرت الحركة أن هذه الجرائم تعكس إصرار حكومة بنيامين نتنياهو على التهرب من الاتفاق، وأكدت أن إغلاق المعابر واستمرار العدوان دليل على عدم اكتراث حكومة الاحتلال بحياة أسراها في غزة، ولا بالقوانين الدولية والإنسانية.

ودعت حماس الوسطاء الضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار للتدخل فورا، لكبح جرائم الاحتلال واعتداءاته المتواصلة، كما دعت المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات مسؤولة لكسر الحصار عن قطاع غزة، ووقف جريمة التجويع والتعطيش الإسرائيلية.

واستُشهد 3 فلسطينيين من عائلة واحدة، وجرح 4، إثر قصف من مسيرة إسرائيلية على فلسطينيين أثناء جمعهم الحطب من حقول دمرها الجيش الإسرائيلي في منطقة وادي غزة، وسط القطاع، ونُقل الشهداء والجرحى إلى مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح.

كما استُشهد فلسطينيان آخران في قصف إسرائيلي على مجموعة من المواطنين داخل مدرسة تابعة للأونروا شرقي مخيم البريج، وسط قطاع غزة.

إعلان

وفي مدينة رفح، جنوبي القطاع، أفاد مراسل الجزيرة بإصابة 3 فلسطينيين بجروح متفاوتة، جراء قصف من مسيرة إسرائيلية لمجموعة من المواطنين.

وقال مراسل الجزيرة إن غارة إسرائيلية استهدفت مجموعة من المواطنين داخل "مدرسة أبو اخريس" التابعة للأونروا، شرقي مخيم البريج، وسط قطاع غزة، وأسفرت عن سقوط شهيدين، وأضاف أنه تم نقل جثماني الشهيدين إلى مستشفى شهداء الأقصى، في دير البلح، وبذلك ترتفع حصيلة الضحايا في وسط قطاع غزة اليوم إلى 5 شهداء.

وارتفع عدد شهداء القطاع منذ إعلان وقف إطلاق النار في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي إلى 155 شهيدا، وفق إحصائية للإعلام الحكومي في غزة.

يشار إلى أنه في نهاية الأول من مارس/آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بدأ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.

وتنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ يرغب في إطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين من غزة، دون تنفيذ التزامات هذه المرحلة، لا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من القطاع بشكل كامل، وهو ما ترفضه حماس.

مقالات مشابهة

  • كارثة إنسانية في غزة.. مليون طفل يواجهون الموت جوعا
  • حماس تدعو الوسطاء للتدخل فورا لكبح جرائم الاحتلال بغزة
  • لماذا يتهم رواد مواقع التواصل الجنود الأوكرانيين بفبركة مشاهد الحرب؟
  • مخلفات الاحتلال غير المنفجرة موت كامن يهدد بحصد مزيد من الأرواح بغزة
  • "اليونيسيف": الأطفال الفلسطينيون محرومون من الإمدادات والخدمات الأساسية
  • اليونيسيف”: مليون طفل في قطاع غزة يكافحون من أجل البقاء
  • اليونيسيف: مليون طفل في قطاع غزة يكافحون من أجل البقاء
  • “اليونيسيف”: أطفال فلسطين يواجهون أوضاعا مقلقة للغاية
  • ترامب يعلن الحرب على الحوثيين ويطالب إيران بالتوقف عن دعمهم (شاهد)
  • مدير عام الطب الشرعي بغزة: الاحتلال يطمس أدلة تثبت ارتكابه جرائم حرب