الفاشر- بعد 20 عاما قضاها في معسكر "السلام" للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان، يحدق آدم جمعة في الأفق بحزن وأسى، ويتمنى أن تنتهي معاناته مع الاقتتال الدائر في البلاد، وأن يستعيد عافيته، ويعيش حياة طبيعية في مخيم زمزم للنازحين الذي وصل إليه مؤخرا.

لكن الرجل يشعر باليأس مع استمرار القتال والدمار في مختلف أنحاء السودان، ومع الظروف المعقدة التي تحيط به من كل جانب في المعسكر.

عاش جمعة تجارب قاسية خلال العقدين الماضيين، حيث واجه الجوع والعطش ونقص الخدمات الأساسية في مخيم السلام. وكان يأمل بالعودة إلى قريته الأصلية بفضل اتفاق السلام الذي وقع بين الحكومة الانتقالية وحركات الكفاح المسلح في جوبا بجنوب السودان.

سرعان ما اندلعت معارك جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل/نيسان الماضي، مما أدى إلى تلاشي آماله في العودة وتحقيق حياة آمنة ومستقرة.

نزوح متكرر

نزح جمعة مع عائلته الأسبوع الماضي من مخيم السلام إلى مخيم زمزم، هربا من شدة القتال. ويصف شعوره باليأس وخيبة الأمل، حيث تلاشت أحلامه في العيش بسلام والتمتع بالحقوق الأساسية مثل الغذاء والماء والصحة.

وتعكس مأساته ما يلاقيه مئات الآلاف من النازحين في مخيم السلام الذين فروا من منازلهم خلال الأسابيع الماضية إلى مخيم زمزم الذي يعتبر أكثر أمانا لكنهم واجهوا ظروفا صعبة ومعقدة.

ويقع مخيم زمزم على بعد 15 كيلومترا جنوب مدينة الفاشر، ويوفر المأوى لأكثر من نصف مليون نازح فر معظمهم من مناطقهم الأصلية في إقليم دارفور بعد اندلاع النزاع المسلح عام 2003.

وارتفع عدد النازحين مؤخرا بسبب التوترات والمواجهات التي تشهدها مدينة الفاشر، مما اضطر العديد من سكان المدينة ومعسكر السلام إلى النزوح والاستقرار في مخيم زمزم.

ويعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، حيث توقف توزيع المساعدات الغذائية منذ شهر مايو/أيار الماضي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. فيما تطالب المنظمات الإنسانية الدولية بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ حياة النازحين في مخيم زمزم.

النازحون يواجهون أوضاعا مأساوية بسبب توقف المنظمات الإنسانية الدولية عن تقديم المساعدة بشمال دارفور (الجزيرة) الوضع كارثي

يكابد مئات الآلاف من النازحين في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور غربي السودان ظروفا إنسانية مأساوية تنذر بحدوث مجاعة حقيقية، في ظل نقص حاد في الغذاء والماء والدواء.

وأعربت رئيسة منظمة أطباء بلا حدود لشؤون الطوارئ في السودان، كلير نيكوليه، عن استيائها من ظروف النازحين. وقالت في بيان "نقدّر أن طفلا واحدا على الأقل يموت كل ساعتين في المخيم، مما يعني أن نحو 13 طفلا يفقدون حياتهم كل يوم".

وأوضحت أن الأطفال الذين يعانون سوء التغذية الحاد، يمكن أن يموتوا خلال 3 إلى 6 أسابيع إذا لم يتلقوا العلاج. مشيرة إلى أن ما يقرب من ربع الأطفال الذين فُحِصُوا يعانون سوء التغذية الحاد، وأن حوالي 40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وسنتين يعانون من سوء التغذية.

ومما يثير القلق أيضا أن معدل الوفيات في هذا المخيم، الذي يعد أكبر وأقدم مخيم في البلاد، والذي يؤوي ما بين 450 الفا و500 ألف شخص بحسب التقديرات، يصل إلى 2.5 حالة وفاة لكل 10 آلاف شخص يوميا.

وأضافت نيكوليه "قبل اندلاع الحرب، كان سكان المخيم يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية للحصول على الغذاء والرعاية الصحية ومياه الشرب، أما اليوم فقد هُجِرُوا بشكل شبه كامل".

وأشارت إلى أن برنامج الغذاء العالمي لم يوزع الغذاء منذ شهر مايو/أيار الماضي، ولجأت الأسر إلى شرب مياه المستنقعات أو الأنهار.

أطباء بلا حدود: 40% من الأطفال بين 6 أشهر وسنتين يعانون سوء التغذية في مخيم زمزم (الجزيرة) شهادات

يواجه مئات الآلاف من النازحين في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور غربي السودان، ظروفا إنسانية صعبة للغاية، ونقصا حادا في الغذاء والماء والدواء.

وصل موسى هارون، أحد قيادات الإدارة الأهلية إلى زمزم مؤخرا، ولا يستبعد وجود وفيات للأطفال بسبب سوء التغذية. وقال للجزيرة نت إن "الأوضاع الإنسانية في المخيم تشهد تدهورا خطيرا وغير مسبوق، وهناك أطفال ماتوا بسبب سوء التغذية، حيث وصل 130 ألف نازح من معسكر السلام إلى زمزم منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي".

وأضاف أن الحياة في المعسكر "تكاد تصل إلى حد المجاعة، حيث تعاني الأسر من نقص المواد الغذائية الأساسية".

تقول زينب آدم، نازحة في مخيم زمزم "هربت من قريتي بسبب العنف والقتال، نعيش في خيام ضيقة، ولا نملك مصادر كافية للطعام والماء، ويعاني الأطفال من سوء التغذية والأمراض، ولا نملك وسائل العلاج المناسب".

في حين قال إبراهيم يحيى، أحد الفارين من المواجهات في الفاشر "في البداية ظننا أن القتال سينتهي ولن يقترب من الحي الذي نعيش فيه، ولكن بعد مرور الوقت، أصبحنا في خضم الاشتباكات، وحاصرنا جنود في سيارات رباعية الدفع، وأجبرونا على الهروب من منازلنا إلى المخيم".

وذكر أن الصراع أدى إلى نزوح عدد كبير من السكان من منازلهم، خاصة في الأحياء الشرقية والشمالية للمدينة. وأن "أغلبهم يواجهون صعوبة في ضمان سلامتهم من الغذاء والدواء والسكن، حيث لا يوجد لديهم مدخرات، ويتوزعون في المدارس والمرافق الصحية في الفاشر، فيما لجأ بعضهم إلى مخيم زمزم حيث ينامون على الأرض".

قال أحد النازحين السابقين في المخيم، ويدعى أبكر آدم لمراسل الجزيرة نت، إن "المنظمات والهيئات الدولية توقفت عن تقديم المساعدات الإنسانية للنازحين منذ أكثر من 4 أشهر". وأوضح أنهم في السابق كانوا يتلقون مساعدات على شكل غذاء وأدوية ومياه.

تتدهور الحالة الإنسانية في مخيم زمزم بشكل خطير وغير مسبوق (الجزيرة) أسباب الأزمة

وترجع أسباب هذه الأوضاع المأساوية إلى النزاع المسلح العنيف الذي اندلع في 15 أبريل/نيسان من العام الماضي بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في العاصمة الخرطوم، وامتد إلى عدة ولايات في البلاد، خاصة في إقليم دارفور الذي يتكون من 5 ولايات، قُتل خلاله الآلاف، ونزح الملايين من السكان داخليا، ولجأ عشرات الآلاف إلى دول مجاورة.

وكانت العديد من المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية تعمل على تقديم المساعدات في معسكر زمزم ومخيمات ومناطق أخرى بدارفور، إلا إن عملها توقف بسبب احتدام الصراع في هذه المناطق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النازحین فی مخیم الغذاء والماء فی مخیم زمزم سوء التغذیة

إقرأ أيضاً:

مسيرة بدارفور تطالب برفع الحصار ومواجهات في الفاشر

الفاشر- شهد مخيم زمزم، الذي يبعد 15 كيلومترا عن مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غرب السودان، اليوم الاثنين، مظاهرات من قِبل النازحين احتجاجا على الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على المخيم منذ عدة أشهر.

وردد المتظاهرون هتافات تدعو إلى إنهاء الحصار وفتح المعابر المؤدية إلى المخيم، معربين عن استنكارهم الصمت الدولي تجاه هذه الأزمة.

كما ناشد المتظاهرون الدول الصديقة والمجتمع الدولي اتخاذ مواقف واضحة لحماية المدنيين، والسعي نحو تحقيق السلام في السودان.

ويؤوي مخيم زمزم نحو 100 ألف نازح ونازحة، يعيش أغلبهم واقعا اقتصاديا وإنسانيا قاسيا للغاية، وتتفاقم معاناتهم بسبب الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الدعم السريع، مما يزيد من صعوبة حياتهم اليومية.

كما يواجه المخيم خطر المجاعة، ونقصا حادا في المياه الصالحة للشرب، بالإضافة إلى الحاجة الماسة إلى بعض المستلزمات الأساسية الأخرى.

متظاهرون في دارفور ينددون بالحصار ويعتبرونه عقابا جماعيا (الجزيرة) حصار وتجويع

وفي حديثه للجزيرة نت، طالب محمد داؤد شيلية، أحد قيادات المخيم ومنظمي المسيرة، بضرورة إنهاء قوات الدعم السريع حصارها المفروض على المخيم. وأوضح أن سكان المعسكر يعانون منذ فترة طويلة من نقص المساعدات الإنسانية، وكان وضعهم صعبا حتى قبل اندلاع الحرب.

ومع تصاعد النزاع، تفاقمت معاناة النازحين بسبب نقص الغذاء والدواء، وأشار المتحدث نفسه إلى أن قوات الدعم السريع تمنع دخول الإمدادات التموينية إلى المخيم، كما أن الطرق المؤدية إلى مخيم زمزم مغلقة. وأكد توقف منظمة أطباء بلا حدود عن إرسال الأدوية اللازمة، مما أدى إلى تفاقم معاناة الأطفال في المعسكر، الذين يعانون من سوء التغذية.

ولفت شيلية إلى عدم إيفاء قوات الدعم السريع بالالتزامات التي تم الاتفاق عليها في اتفاقية جنيف بشأن وصول المساعدات الإنسانية. وقال رغم وجود مراكز علاجية في المعسكر، فإن عدم توفر الأدوية ومنع دخول الشاحنات زاد من معاناة المدنيين.

نازحوا مخيم زمزم بدارفور يناشدون المجتمع الدولي ويطالبون برفع الحصار  (الجزيرة)

ومن جهتها، قالت النازحة حواء سليمان، للجزيرة نت، إن الحصار أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانعدام الأدوية. وأضافت "نضطر لشراء الأدوية بأسعار مرتفعة جدا، والكثير من العائلات لا تملك المال لشراء الطعام".

وتابعت حواء أن الأطفال يعانون بشكل خاص، والكثير منهم لا يحصلون على التغذية المناسبة، ما يؤثر سلبا على صحتهم ونموهم.

وأشارت إلى أن الكثير من العائلات تعتمد على المساعدات، لكن مع الحصار أصبح الحصول على هذه المساعدات حلما بعيدا.

ودعت حواء المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لمساعدة النازحين، وقالت "نحن بحاجة إلى الدعم والمساعدة. نحن عائلات فقدت كل شيء، ولا يمكننا الاستمرار في العيش بهذه الظروف القاسية".

انتصارات القوات المسلحة والقوة المشتركة في محورين بعد ان هاجمت مليشا عليها. في محور الفاشر تكبد العدو خسائر فادحة وترك ورائه أعداد من القتلي والغنائم وفي محور كلبس غرب دارفور الشباب لقنوه درسا آخر بالتأكيد لا ينسونه .
الرحمة والبركة للشهداء وعاجل الشفاء للجرحي في كل محاور البلد.

— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) September 30, 2024

اشتباك جديد 

وأفاد شهود عيان للجزيرة نت بتجدد الاشتباكات اليوم الاثنين بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة والمقاومة الشعبية ضد قوات الدعم السريع في الأحياء الجنوبية الشرقية من مدينة الفاشر.

وأشار الشهود إلى تبادل كثيف لإطلاق النار وسماع دوي الأسلحة الثقيلة والخفيفة، ولم ترد أي معلومات حول وقوع ضحايا بين المدنيين خلال هذه الاشتباكات، خاصة مع الانقطاع التام لشبكة الاتصالات.

وقال المتحدث العسكري لحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي المقدم عبد المجيد بابكر إدريس خميس، للجزيرة نت، إن القوات المسلحة والقوات المشتركة حققت تقدما ملحوظا في مختلف محاور القتال بالبلاد.

وأوضح أن وجود المليشيات المسلحة في المناطق التي كانت تحت سيطرتها يقترب من نهايته، وتابع أن التقدم المحقق يعكس جهود القوات المسلحة وتضحيات الأفراد في مواجهة التحديات.

وأكد أن العملية العسكرية مستمرة، وهدفها هو إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، مشيرا إلى أن القوات في الميدان تتلقى الدعم اللازم من القيادة، مما يعزز قدرتها على تحقيق الأهداف، كما أكد أن تحسين إستراتيجيات القتال ساهم في تحقيق نتائج إيجابية على الأرض.

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر السابق: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» دليل على أهميتها
  • المحرصاوي: الاعتراف بوثيقة «الأخوة الإنسانية» لها دليل على أهميتها لبناء الإنسان
  • تقدم للقوات المشتركة في محور الصحراء بدارفور
  • طوارئ الكلاكلات: وفاة أربعة أطفال بسبب سوء التغذية الحاد
  • وزير النقل اللبناني: إغلاق المجال الجوي لمدة ساعتين
  • محافظ الحديدة يشدد على أهمية توسيع التدخلات الإنسانية لبرنامج الغذاء العالمي
  • جيش الاحتلال يعترف بإصابة 4 جنود من وحدة “دفدوفان”.. ما الذي يجري في مخيم بلاطة؟
  • الكشف عن المرض الذي تُوفيت بسببه الملكة إليزابيث
  • مسيرة بدارفور تطالب برفع الحصار ومواجهات في الفاشر
  • إطلاق مشروع جولات التمريض كل ساعتين في مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة