يوسف عبد المنان: الطريق إلى المهندسين (١)
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
حرمتنا الشبكة وانقطاع الاتصالات حتى من الفرحة بنصر القوات المسلحة والاحتفال مع الجنود الابطال وظلت مشاهد الانتصارات محفوظة في ذواكر الهواتف وفي مخيلة كل وطني عاش لحظة تاريخية بالتقاء الفرسان المرابطين في قلعة سلاح المهندسين منذ عام الا قليلا شباب غض ورجال اشداء اعتصروا آلام الجوع وزخات الرصاص وهجير الشمس وزمهرير الشتاء لم يفزعهم سلاح الإمارات ولم ينكسرون لهجمات عربان الشتات وافارقة تم شرءاهم من أسواق العبيد الجدد ليقاتلون بالمال أهل وطن من أجله رطنا بالفوراوية والمحسية والقمزية والزغاوية والنوبيه والنباوية والمسلاتية وبلسان عربي مكسر وعربي فصيح
كانت ملحمة الجمعة وصباح السبت واحدة من بطولات القوات المسلحة ولكن حرم الإعلام من صورة ستظل خالدة في مخيلة شهود العيان حينما تدفقت مشاعر الأمهات وذرفن الدموع وانتحب الرجال في ذلك الصباح نحيبا يشق القلب ويلامس الكبد ولو شاهد قادة المليشيا ذلكم المشهد العجيب لأيقنوا أن هذا الشعب لا يمكن هزيمته وكسر شكيمته بمقاتلين تدفع لهم الأموال وتستحل لهم أموال الشعب كغنائم ومكافآت نظير القتل والساحل.
بقيت مشاهد دخولي مع مقاتلين من قواتنا ذلك الصباح لسلاح المهندسين حبيسة في داخلي والصورة محفوظة في الهاتف ولا سبيل لبلوغها لبعض من نحب ليمضي اسبوع والشوق لمطالعة القراء يأخذ مني الكثير واخيرا فكرت وقدرت أن أمضى إلى اقاصي ام درمان الشمالية الغربية بعد أن حدثني متحدثا بأن هناك شابا يملك جهاز( ستار لينك) في سوق شمال غرب سجن الهدى ركبت مواصلات صابرين حيث تجمعت خلوق هي نصف ماتبقى ام درمان الحزينة وانا اتوكا على عصاتي لاهش بها ماخيل لي وسط أصوات الرصاص التي تنطلق من غير مناسبة ويموت في ام درمان الناس بالفرح والسلاح المرسل من ال دقلو لروؤس المواطنين في يوم التقاء الجيش والجيش سقط أربعة قتلى وعشرين جريحا بذخيرة الفرحين في سوقي خليفة وصابرين
من صابرين ظل الكمسنجي ينادي ياجماعة يلا (سوق الحر) يلا (سوق العزبات) يلا (بئر حماد) تلك مناطق ربما لم تسمع بها من قبل ولكنها ارتفعت أسهمها في زمن الحرب جلست وسط ركاب الحافلة وعلمتني التجربة في مثل هذه الظروف أن ترتدي اثمل الثياب ولا تظهر ما يثير شغف النهابين والحرامية ومن الأفضل دس الهاتف في الجيوب العميقة..
وصلنا سوق الحر الذي نصف المعروض من البضائع منهوبا من ايام كانت الخرطوم تملك ماينهب وخصص في سوق الحر مكانا فسيحا للحرام الذي يسمى (سوق دقلو) ركبت ركشة من سوق الحر إلى بئر حماد ثم إلى سوق طبلية موسى تجمع الناس رجالا ونساء وشباب حول كشك صغير يهب الناس الابتسامة ونغمات الجلكسي حيث الاتصال بالعالم وتحويلات المال عبر بنكك ويفرح الناس بدفع أربعة الف جنيه مقابل ساعة انترنت مثل الذي كنا ننعم به ونحن (راقدين في عناقريبنا) في البقاع القصية من السودان آمنين في أنفسنا واموالنا ونساءنا حتى غشيتنا غاشية دقلو فمزقت احشاء الأمهات وفرقتنا الايام مديت إليه هاتفي وسرعان ماطلب مني أربعة الف جنيه دفعتها لتنهال الرسائل القديمة والجديدة وأخذت اهزو مثل مختل العقل فرحت برؤية قروبات الواتساب وبعض الرسائل من الأحباب والأصدقاء وعقدت النية للعودة ( باكر) لكتابة هذه الخربشات عن رحلتي إلى سلاح المهندسين
بات سلاح المهندسين بعيدا والسيارة تنهب الأرض من كرري حتى الحارة الرابعة تذكرت عصام الشايقي الذي مات شهيدا مع زوجته في مايو الماضي وكان الدعم السريع يجوس الثورات فسادا وارهابا للناس قتل الشايقي في سيارته قاصدا أرض تنقاسي واستولى الاشاوس على سيارته لإرضاء ام قرون في ضواحي فوربرنقا وأم قرون لا ترضي الا بالحرام المنهوب والمسلوب تجاوزت السيارة مقابر أحمد شرفي واطلت محلات برعي أشهر مطعم للفول وطعمية النقاده وبيت الفريق الهادي بشرى واقتربنا من حي الكتيابي أشعر شعراء امدرمان في العشرية الماضية ولمحت بيت صالح عبدالسيد الشاعر ابوصلاح وقد تهدمت بيوت النقاده وسرقت حتى ابواب البيوت وصمت الجميع وهم يمدون اعناقهم لرؤية سوق ام درمان ودكان الطيب خوجلي العجلاتي محروقا ربما بقذيفة حطمته وقبيل الجامع الكبير التفت إلى الغرب موقف التاكسي التعاوني ومقهى الرياضيين للراحل ابوشنب والبوسته ولكن لماذا عند البوسته تذكرت مصطفى سند
بيني وبينك تستطيل حوائط
ويفتح الف باب
بيني وبينك قصة السفر الطويل
من الربيع إلى الخريف
أطلت أطلال السينما الوطنية واستديو أفراح الذي كان يضع صورة ابيض اسود لخالي المعلم الراحل على حسن الأمين لماذا طاف طيف حسين خوجلي ودكاكين القماش التي نهبت والخزن ملقاة في الشارع وبعد وصول صينية البلدية انحرفت السيارة غربا باتجاه التجاني الماحي وابطات السير وهي تتجه نحو العباسية وخور ابوعنجة حاولت رؤية بيت عبدالحميد الضو حجوج ولكني فشلت
بانت ثم كانت المهندسين قلعة الابطال دخلنا بعد ساعات من الالتحاق وحدقت في وجوه الناس الابطال ولم أجد غير الشجاعة والبسالة رمقت حوائط السلاح العتيق وتذكرت مكتب ابن عمي الراحل الفريق مهندس تاور السنوسي الغائب عندما كان قائدا لسلاح المهندسين قبل ترفيعه إلى رئاسة أركان القوات المسلحة في حقبة الصادق المهدي كنا نتردد عليه ونحن طلابا بالثانويات وهو رجل وسيم المحيا
انظر إلى حوائط سلاح المهندسين في كل حائط نقشا بالسلاح حتى بدأت الحوائط مشوهة وليتهم تركوها لتحكي للأجيال القادمة كيف تصدى الجيش لهجمات جيش عرمرم من المرتزقة وعربان الشتات ومستاجرين من النيجر وتشاد وإثيوبيا وليبيا واليمن ولكن بالطبع لا تملك الإمارات العربية المتحدة التي أشعلت الحرب رجالا يخوضون لها معارك شيوخها ولكنها تشتري الرجال من سوق النخاسة الرخيص
داخل سلاح المهندسين وضع الابطال الشارات الحمراء لتميزهم عن جنود كرري القادمين باللهفة للقتال والموت في سبيل الله ثلاثة مكونات رئيسية تقود المعارك الان بجانب القوات المسلحة وابطالها الذين يمثلون الشوكة والي يمينهم أبطال جهاز الأمن الوطني وفرسانه من النخبة الخاصة حيث عاد الآلاف من منسوبي هيئة العمليات وهم يلبون دعوة الفريق البرهان ومئات الضباط الوطنيين من جهاز الأمن يمثلون اليوم الذراع القوى للجيش وهم أصحاب قضية وغبينة على الدعم السريع وقائده الذي كان جل همه القضاء على أهل الشوكة في الدولة ومئات من الشهداء قدمهم الجهاز في معركة الكرامة الحالية وهو بلا قانون حيث يحبس في اضابير مكتب الفريق البرهان تعديل أو قانون لجهاز الأمن فمتى يفرج عنه وفاءا لهؤلاء الرجال وقيادتهم ممثلة في الفريق أحمد إبراهيم مفضل ساعد البرهان الذي يتوكا عليه ساعة العسر والمحنه وجدت في المهندسين ضابطا في جهاز الأمن ممن تم ابعادهم ظلما وحيفا ايام الثورة المصنوعة تقطع في أوصال البلد عائدا من اغتراب في دولة نفطية كبيرة ترك المال ولبى نداء الوطن فما اروعك ياسودان
والي جانب جهاز الأمن قوات الاحتياطي المركزي ابوطيره فكاك الحيره لم يدخر جهدا ولم يكل أو يمل القتال إلى جانب القوات المسلحة في معارك كرامة البلاد
والمجاهدين الفرسان وهم يهرعون إلى كل معركة صدورهم مفتوحة وقلوبهم لاتعرف الخوف يتقدمون في ثبات لدحر التمرد الذي أخذ يلفظ أنفاسه الأخيرة في ام درمان على الأقل ولنا عودة
يوسف عبد المنان
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: القوات المسلحة سلاح المهندسین جهاز الأمن ام درمان سوق الحر
إقرأ أيضاً:
لجنة "إعمار غزة" بنقابة المهندسين تعقد اجتماعها الأول لوضع استراتيجية عملها
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
انطلاقًا من مسؤولية قومية ووطنية، وفي إطار التزام نقابة المهندسين المصرية بدعم جهود الدولة المصرية والقيادة السياسية في إعادة إعمار غزة والتصدي لأي محاولات تستهدف تهجير الشعب الفلسطيني، وبهدف توحيد الطاقات والخبرات الهندسية والفنية لوضع تصورات إعادة الإعمار.
عقدت النقابة الاجتماع الأول للجنة "إعادة إعمار غزة" لوضع آليات فاعلة تسهم في إعادة الإعمار وفق رؤية علمية متكاملة، بحضور المهندس طارق النبراوي- نقيب مهندسي مصر، واللواء المهندس أحمد زكي عابدين- رئيس اللجنة ووزير التنمية المحلية "الأسبق" والمهندس محمود عرفات- الأمين العام للنقابة. وبمشاركة أعضاء اللجنة وبينهم كل من الأستاذ الدكتور طارق وفيق- وزير الإسكان الأسبق، والأستاذ الدكتور شريف أبوالمجد، والأستاذ الدكتور ناصر درويش، والأستاذ الدكتور خالد الذهبي، والأستاذ الدكتور مصطفى أبو زيد.
كما شارك في اللقاء الأستاذ الدكتور المهندس سعد مكرم- أمين الصندوق المساعد، والمهندس محمد ناصر- عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، والدكتور محمد عباس- رئيس النقابة الفرعية بأسوان.
في كلمته شدد المهندس طارق النبراوي أن مصر قيادة وحكومة وشعبًا، أكدت مرارًا وتكرارًا على رفضها لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، معتبرة ذلك تهديدًا للأمن القومي المصري والإقليمي، مشددًا على أن الدولة المصرية قد أعلنت عن رؤية واضحة لإعادة إعمار غزة تضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، بما يتوافق مع حقوقه الشرعية والقانونية.
وأضاف نقيب المهندسين .. أن نقابة المهندسين المصرية بما تمتلكه من عقول وخبرات هندسية تساند وتدعم القيادة السياسية من خلال تقديم كافة أوجه الدعم باعتبارها الاستشاري الأول للدولة في مجال تخصصها، وباعتبارها تضم العقول القادرة على تنفيذ مقترحات وبنود خطة الدولة المصرية من خلال إعداد كافة التصميمات الهندسية.
من جانبه أكد اللواء المهندس "أحمد زكي عابدين"- أن اللجنة ستنسق مع الدولة لتلبية احتياجاتها في ملف إعادة إعمار غزة، لافتًا أن اللجنة ستضع عددًا من المقترحات تضم التخطيط العمراني والتصميمات الهندسية والدراسات الفنية، مؤكدًا على أن النقابة تمتلك مهندسين خبراء في التخطيط والتنفيذ الهندسي قادرون على وضع استراتيجية شاملة لإعادة إعمار غزة وفقًا للمعايير الدولية من خلال شُعبها ولجانها، لتقديم الدعم والمساندة للأشقاء الفلسطينيين، مشددًا على أن عمل اللجنة سيكون من خلال التنسيق مع المؤسسات المعنية للدولة المصرية.
من جانبه قال المهندس محمود عرفات: "لعبت مصر دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني، ومازالت تواصل جهودها لتحقيق سلام عادل وشامل وحماية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني مؤكدًا دعم مهندسي مصر للقيادة السياسية والحكومة المصرية في رؤيتهما لإعادة إعمار غزة دون تهجير السكان، مع التركيز على بناء مجتمع مستقر عبر توفير المقومات الأساسية للحياة، بما يشمل إنشاء البنية التحتية والوحدات السكنية، والمستشفيات، والمدارس.
وخلال الاجتماع، أكد الحضور وأعضاء اللجنة دعم رؤية الدولة المصرية في إعادة الإعمار دون تهجير لأصحاب الأرض، وقررت اللجنة ما يلي:
- التواصل المباشر مع السيد رئيس مجلس الوزراء والتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية، لضمان تكامل الجهود، مع تسخير كافة خبرات وإمكانيات نقابة المهندسين لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المنشودة في ملف إعادة الإعمار.
- تنظم نقابة المهندسين سلسلة ندوات متخصصة تحت عنوان "إعادة إعمار غزة.. دور الهندسة والمهندسين"، بمشاركة قامات هندسية وخبراء بارزين حول إمكانية الإعمار دون تهجير؛ استنادًا إلى رؤية علمية وهندسية، وتنعقد الندوة الأولى منها في غضون الفترة المقبلة.
- تشكل نقابة المهندسين لجان متخصصة تضم نخبة من الخبراء الهندسيين والاستشاريين، لإعداد دراسات فنية لوضع تصورات واضحة لمشروعات إعادة الإعمار، تستند إلى معايير هندسية لضمان تنفيذها بكفاءة.
- تشكل نقابة المهندسين مجموعات عمل متخصصة لضمان التنسيق الفعّال بين جميع الجهات المشاركة.
- حشد الطاقات الهندسية المصرية والعربية والدولية، والاستفادة من كافة الخبرات المتاحة لتقديم حلول مبتكرة ومستدامة لإعادة الإعمار.