باريس ـ “رأي اليوم”: في مقال جديد له بعنوان “بزوغ الحركة النسوية في الشرق الأوسط” في العدد الأخير من الشهرية الفرنسية لوموند دبلوماتيك، تناول الباحث والمفكر المغربي الأمير مولاي هشام بن عبد الله إشكالية نضالات الحركة النسوية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين التطلع للعب دور ريادي والانفلات من الهيمنة السلطوية والغربية.

وينطلق من موجة الاحتجاجات في إيران التي اندلعت بسبب وفاة الطالبة مهسا أميني في سبتمبر 2022 للتأكيد على “إلى أي مدى أصبحت قضية تحرير المرأة محورية في الشرق الأوسط في يومنا هذا”. ولمعالجة الإشكالية بموضوعية ينصح أنه “من الأفضل عدم الاعتماد على مواقف الغرب ، التي غالبًا ما تميل إلى استغلال أو تقديم كاريكاتوري لموضوع عدم المساواة بين الجنسين في المنطقة ، والتي تدعي لنفسها القدرة على تحرير أو رفض هذا “الآخر” الآخر ، أي المرأة الشرقية”. كما ينصح بعدم الاقتصار على الاختيار بين “خيارين متحيزين بشكل مشابه: إما مهاجمة الجذور العميقة المفترضة لاضطهاد المرأة في الشرق الأوسط ، أو تقديمها كضحايا للاستعمار أولاً والتطلع الرجعي إلى الأصالة الثقافية ثانيًا”. وينتقد ازدواجية المعايير في الحقبة الكولونيالية، ويرى كيف كان الاستعمار يدعي تحرير المرأة المسلمة في وقت كانت المرأة الغربية محرومة من الكثير من الحقوق الاقتصادية والعلمية والسياسية، بينما المرأة المسلمة كانت تحظى بحد أدنى من الحقوق في الأعمال التجارية أو عبر وقف الملكية الإسلامية. ويقدم رؤية الغرب الذي يؤمن أن المساواة في المجتمعات المسلمة لا يمكن أن تحصل إلا بتبني الرؤية الغربية. وينسب المفكر هذه الرؤية الى الهيمنة الغربية ثقافيا على العالم في الماضي رغم أنها غير موفقة دائما، فهي تشجع حركية المرأة وتعليمها وانغماسها في الحياة العامة، لكن هذه الرؤية لا تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المحلية مما ينتج خللا. وقامت حكومات مثل الاتحاد السوفياتي في الثلاثينات وفرنسا في الجزائر سنة 1958 بفرض نزع الحجاب بحجة المساواة، وغذت الغموض بشأن التقدم والكولونيالية. ويستطرد أن هذا التكتيك تكرر مع بعض الأنظمة بعد الاستقلال، إذ حاولت بعض الأنظمة تحرير المرأة قبل تحرير الإنسان ومنحه الديمقراطية وحرية التعبير، سواء في الماضي مع الشاه إيران وملك أفغانستان في السبعينات أو لاحقا مع الرئيس التونسي زين العابدين بنعلي وحاليا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقبل ذلك مع حزبي البعث في سوريا والعراق. وينتقل الى عنصر ثالث وهو الحملات المتعددة الأطراف من أجل تحرير المرأة والمساواة بين الجنسين التي تخوضها الأمم المتحدة ومؤسسات دولية وجمعيات غير حكومية كبرى. ويرى في الغالب أنها سياسة تمس شريحة جد محدودة من النخبة دون باقي النساء. ويستشهد بمثال بنازير بوتو عندما وصلت الى الرئاسة في باكستان، لم يحمل ذلك وقعا إيجابيا شاملا على المرأة الباكستانية التي بقيت تحت الوصاية. المقال يبرز التيارين اللذين سادا في معالجة الحركة النسوية، تيار ينطلق من العلمانية بفصل الدين عن الأمور السياسية وسن قوانين تخدم المرأة مثل تركيا أتاتورك وتونس بورقيبة، وتيار انبثق من حركة نسائية مرتبطة بما هو إسلامي في إطار حركة إصلاحية خاضها الإخوان المسلمين وحزب الرفاه التركي. ويجعل من الربيع العربي نقطة تحول في مسيرة الحركة النسوية بظهور حركة ديمقراطية مرتبطة بالشارع ومنخرطة في نضالات الشعب، تقودها شابات تعبرن عن أفكارهن في شبكات التواصل الاجتماعي في العالم الرقمي وينأين بأنفسهن عن الإيديولوجيات العتيقة، ويعتبرن نضالهن هو جزء شامل من أجل الديمقراطية، وأنه لا يمكن للإنسان أن يدعي المواطنة دون الإيمان بالمساواة بين الجنسين. ومع هذه الموجة الجديدة، لم تعد الحركة النسوية فئوية ونخبوية وبرجوازية بل تنخرط فيها نساء من مختلف الشرائح بما في ذلك النساء القرويات. ويختم كيف أصبحت الثورة الإيرانية رهينة حادث مهسا أميني، إذ أن الحجاب هو رمز المواجهة بين الطبقة الدينية وجزء كبير من الشعب، وكل تساهل مع الحجاب سيكون بداية سلسلة من التنازلات ستنعكس على منطقة الشرق الأوسط. ويدعو الى إعادة التفكير بين الدين والعلمنة في إطار المطالبة العالمية بالحقوق والمساواة.

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

هيئة كهرباء ومياه دبي تحصد “جائزة التميز العالمية” في التحول الرقمي من مؤسسة “كامبريدج آي إف إيه” في المملكة المتحدة عن إدارة التدقيق الداخلي في الهيئة

 

في إنجاز جديد يُضاف إلى سجلِّها الحافل بالتميز والريادة العالمية، حصدت هيئة كهرباء ومياه “جائزة التميز العالمية في التحول الرقمي” ضمن جوائز الحوكمة الرشيدة العالمية لعام 2024 التي تقدمها مؤسسة “كامبريدج آي إف إيه” في المملكة المتحدة، وذلك عن إدارة التدقيق الداخلي في الهيئة. وتعكس الجائزة، التي فازت بها الهيئة بعد عملية مراجعة شاملة أجرتها “مؤسسة كامبريدج آي إف إيه”، تميّز الهيئة في استخدام أحدث التقنيات الرقمية في عمليات التدقيق الداخلي.
تسلَّم معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، الجائزة في المقر الرئيسي للهيئة، بحضور أحمد عبيد الطاير، نائب الرئيس للتدقيق الداخلي، وفريق عمل إدارة التدقيق الداخلي في الهيئة.
وأكد معالي سعيد محمد الطاير أن تكريم هيئة كهرباء ومياه دبي بهذه الجائزة يعكس التزام الهيئة الراسخ بمبادئ الشفافية والمساءلة والاستدامة واستخدامها أحدث التقنيات الرقمية المتطورة وأفضل الممارسات العالمية في عمليات التدقيق الداخلي الذي تعتبره الهيئة أحد الخطوط الدفاعية الثلاث التي تتبناها في سياستها الخاصة بالحماية، فيما تمثل الإدارة والإشراف خط الدفاع الأول؛ والمخاطر والمطابقة والجوانب القانونية والحوكمة خط الدفاع الثاني.
وقال معالي الطاير: “انطلاقاً من التزامنا برؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة، نحرص على تطبيق أفضل معايير الشفافية في جميع مجالات عملنا، وذلك في إطار منظومة شاملة من العمل المؤسسي المتكامل تشمل جميع الأنشطة والعمليات. وتمثّل هذه الجائزة من “مؤسسة كامبريدج آي إف إيه” تقديراً لجهود الهيئة والتزام جميع العاملين فيها بأعلى معايير التميز وحرصنا الدائم على توظيف الممارسات المبتكرة التي من شأنها دفع عجلة النمو المستدام وتعزيز القيمة المقدمة لجميع المعنيين على المدى الطويل.”
وقال أحمد عبيد الطاير: “نعمل في إدارة التدقيق الداخلي في إطار توجيهات معالي سعيد محمد الطاير في أن تصبح هيئة كهرباء ومياه دبي نموذجاً عالمياً يحتذى للتميز في مختلف المجالات. وتؤكد هذه الجائزة التزامنا الراسخ تجاه الهيئة من خلال تبني التحول الرقمي ودفع عجلة الابتكار والاستفادة من أحدث التقنيات المتطورة لتواصل إدارة التدقيق الداخلي دورها في دعم مسيرة تميز الهيئة في مختلف المجالات، لا سيما التحول الرقمي.”
تعد إدارة التدقيق الداخلي في الهيئة وحدة مستقلة تتبنى أفضل معايير وممارسات التدقيق بما في ذلك الإطار المهني الدولي لممارسة التدقيق الداخلي (IPPF) الصادر عن معهد المدققين الداخليين (IIA). وتعمل الإدارة بموجب ميثاق معتمد، وتجري مراجعات لضمان القيمة المضافة وفعالية وكفاءة الضوابط الداخلية وعمليات وأنظمة إدارة المخاطر والحوكمة في الهيئة والشركات التابعة لها من خلال عملية تدقيق قائمة على خطة مخاطر يجري تطويرها بشكل دوري.


مقالات مشابهة

  • هيئة كهرباء ومياه دبي تحصد “جائزة التميز العالمية” في التحول الرقمي من مؤسسة “كامبريدج آي إف إيه” في المملكة المتحدة عن إدارة التدقيق الداخلي في الهيئة
  • الأمير مولاي هشام يعزي الملك محمد السادس في وفاة الأميرة للا لطيفة
  • “الهيئة الملكية بينبع” تحقق جائزة المركز الأول كأفضل “مركز خدمات طوارئ وخدمات عامة” بمنطقة الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا
  • كيف أنقذت ثورة 30 يونيو العالم العربي من مخطط الإخوان؟ (فيديو)
  • كيف أنقذت ثورة 30 يونيو العالم العربي من مخطط الإخوان لتقسيم الشرق الأوسط؟
  • مسؤول إسرائيلي يهدد باستخدام أسلحة “يوم القيامة” ضد كل دول الشرق الأوسط / فيديو
  • “هيئة الطيران المدني” تحصد جائزتين ذهبيتين كأفضل خدمة عملاء وأفضل مركز اتصال حكومي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا
  • “هيئة الطيران المدني” تحصد جائزتين ذهبيتين كأفضل خدمة عملاء وأفضل مركز اتصال حكومي في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا
  • شركة بلاك وينج: الريادة في تقديم الأزياء النسائية للسفر والحجابات في الشرق الأوسط
  • البرلمان العربي: قرار الاحتلال “شرعنة” بؤر استيطانية بالضفة الغربية انتهاك جسيم للقانون الدولي