(1)

أظن أن كل من يتابع مظاهر وتجليات النشاط الإبداعي والأدبي (بخاصة الرواية) في عالمنا العربي في العقود الثلاثة الأخيرة، سيلحظ بالتأكيد هذا التنامي والازدهار الكتابي والثقافي النشط في سلطنة عمان.

ليس هذا مجرد قول بلا دليل، فالإنتاج العماني في السنوات الأخيرة أبرزُ (كمًّا ونوعًا) من أن يتم تجاهله، وعدد كتاب الرواية والقصة الذين تجاوزوا بإبداعهم حدود الدولة العمانية بل حدود محيط دول الخليج العربي إلى باقي الدول العربية، ومن خلال الترجمة إلى اللغات الأجنبية، صار كبيرًا فعلًا وبارزًا فعلًا، وحاضرًا بقوة في المشهد العربي والعالمي على السواء.

وأظن أن معرض عمان الدولي للكتاب المقام حاليا بالعاصمة مسقط أصبح واحدًا من أهم المعارض العربية وأكثرها «رصانة» وحضورًا وثقلًا معرفيًا وثقافيًا، ليس على مستوى حركة تداول الكتاب بيعًا وشراء فقط، بل على مستويات الفعاليات الثقافية أيضًا التي صارت تستقطب أهم الأسماء وأبرزها في الكتابة الأدبية والنقدية والإنتاج الفكري والثقافي عمومًا.

لا أحد ينكر هذا الحضور العماني بكل ما يشعه من إبداع وثقافة ونشاط محموم قراءة وكتابة، وحتى على مستوى التجليات الإعلامية الموازية لهذا النشاط (تلفزيونا وإذاعة وصحافة) فلا أحد يماري في حضور وإشعاع هذا النشاط العماني وامتداداته على مدى العقد الأخير بالذات، صار هناك كتّاب يحظون بالجوائز والترجمة والمتابعة والمقروئية و«الشهرة» و«النجومية».

وأبرز ما في هذا الحضور اللافت والمشع أنه جاء نتاجًا للعمل والدأب والإخلاص للقراءة والكتابة فقط، وليس أبدًا لأي سبب آخر! الحضور العماني في المخيال العربي عمومًا (والمصري بصفة خاصة) حضور مهذب وراقٍ، يتسم بالهدوء والخصوصية والسلم، ويتسق تمامًا مع الصورة الذهنية التي تكرست عبر سنوات وسنوات عن هذا البلد الطيب وناسه الطيبين الأكارم أصحاب المبادرات الطيبة والروح المسالمة النائية بذاتها عن العصبية والانغلاق والجمود، ولديها انفتاح هادئ وواثق ومطمئن على غيرها من الثقافات، دون وجل ولا توجس ودون أي إحساس قلِق أو متعصب من حضور الآخر.

(2)

كانت هذه مقدمة ضرورية قبل الشروع في الحديث عن هذا «الكتاب/ النافذة» الذي مثّل مساحة رائعة للتعرف على جوانب وألوان من النشاط العماني الممتاز في الكتابة الإبداعية (رواية وقصة.. إلخ) للقارئ المصري والعربي على السواء.

الكتاب بعنوان «الآداب العمانية بين الماضي والألفية»، صدر عن منشورات إبييدي لندن قبل أشهر قليلة،

تقدم مؤلفة الكتاب نورة أشرف عبدالظاهر (وهي مؤلفة مصرية من صعيد مصر) إطلالة بانورامية على النتاج العماني المميز في السنوات الأخيرة، والظهور والحضور المشرف في المحافل العربية والدولية بتتبع أبطال هذا الحضور وهذا النشاط من الكاتبات والكتاب العمانيين المعاصرين، فمن الآن في مصر وفي غيرها من العالم العربي من المتصلين بالحركة الثقافية والأدبية والنقدية لا يعرف جوخة الحارثي أو هدى حمد أو منى بنت حبراس السليمية أو ليلى العبد الله، ومن لم يقرأ نصًا أو رواية للقاسمي (تغريبة القافر) أو سليمان المعمري أو الحكاء أحمد الناصر وغيرهم..

هذه مجرد أمثلة ونماذج معبرة عما يدور في أرجاء عمان من حركة تعود بجذورها إلى عقود لكنها بدأت تؤتي ثمارها وتقطف خيراتها مع انفجار الوسائط المعلوماتية والسوشيال ميديا التي لعبت دورًا لا ينكر في تقريب العالم وتذويب المسافات والتغلب على صعوبات النشر، وصار القارئ في مصر أو موريتانيا أو المغرب أو العراق يقرأ نصا منشورا على السوشيال ميديا لتلك الكاتبة المجيدة أو ذاك الكاتب المتميز فضلًا عن متابعة ما ينشر عنهم من كتابات ومقالات نقدية «تعريفية» أو «تحليلية» أو «نقدية».. إلخ.

(3)

في مقدمتها تشير المؤلفة إلى أن سلطنة عمان «من الدول العربية العريقة التي تنعم بالسلام والمحبة، كما أنها بمثابة عملاق يعمل في صمت، وبها الكثير من الأدباء الحائزين على أكبر الجوائز العربية والعالمية، ورغم ذلك لم يسلط عليها الضوء، لذا كان من المنصف أن يكون هذا الكتاب بين يديك».

أعجبني جدًا إشارتها أو توصيفها لعمان بأنها بمثابة «عملاق يعمل في صمت»؛ هذه حقيقة، فالبلد الهادئ القابع في أقصى نقطة من عالمنا العربي في جنوبه الشرقي، ويحتل مساحة جغرافية شاسعة، وتحده كيلومترات هائلة تطل على ساحل المحيط الهندي، والخليج العربي، وفيها أبرز نقطة في مضيق هرمز، بلدٌ عريق يعود بجذوره التاريخية والتراثية لآلاف السنين، بلد تميز بخصوصيته الجغرافية والتاريخية والثقافية، وكان قاسما مشتركا في إرث إنساني خالد خاصة فيما عرف بطرق التجارة وممرات القوافل ومرور الجوابة والرحالة وأصحاب الأسفار والتجوال، إنها بلد السندباد والإرث البحري الزاخر في التراث العربي والإنساني.

وبرغم هذا الهدوء والنأي الجغرافي العماني عن بقية العالم العربي، فإن هذا البلد المحبوب يعج بنشاط ثقافي وأدبي كبير جدا، وقد صار من المعلوم أو المقبول أن يقال الآن إن أكثر جمهور قارئ على مستوى دول الخليج العربي هو الجمهور العماني، الذي يعطي زخما غير مسبوق وحضورًا وتوهجًا لكل المعارض العربية المتاخمة لعمان (معرض الشارقة الدولي للكتاب على سبيل المثال).

عمومًا يأتي هذا الكتاب «التعريفي» المهم ليلقي بأضواء كاشفة على بعض جوانب هذه الحركة النشطة في عمان، ويقارب جهود وأعمال بعض الأسماء في مجال الكتابة الأدبية (الروائية والقصصية) العمانية التي صارت الآن ضمن الأبرز ليس خليجيا فقط بل عربيا أيضًا، وأصبح النتاج الأدبي العماني مقروءا على نتاج واسعا وبعض نصوصه تحظى بانتشار ورواج كبيرين (أضرب مثلا فقط بروايتين؛ الأولى رواية جوخة الحارثي «سيدات القمر»، والثانية رواية زهران القاسمي «تغريبة القافر»، والروايتان حظيا بطبعات متعددة في العالم العربي، وخاصة في مصر).

(4)

يعالج الكتاب الآداب العمانية في الماضي قبل تأسيس السلطنة، ويتحدث كذلك عن الآداب في عام النهضة، وعن الآداب في الألفية، أي ما بعد عام 1970م، ينقسم الكتاب إلى ثلاث مراحل، هي:

1- الآداب العمانية قبل عام 1970م.

2- الآداب العمانية أثناء عام 1970م (عام النهضة العمانية).

3- الآداب العمانية بعد عام 1970، وحتى الألفية لعام 2023م (عصر النهضة العمانية).

كما يتناول الكتاب الآداب العمانية في الفروع التالية:

1- الرواية العمانية.

2- الشعر العماني.

3- القصة القصيرة العمانية.

4- النقد الأدبي العماني.

5- كتابة المسرح العماني.

6- المقال الأدبي العماني.

7- حصاد الأدب العماني في الألفية للجوائز العربية والعالمية.

تقول مؤلفة الكتاب: «سوف نتناول الحديث عن الكتّاب العمانيين، كلٌّ في مجاله، والروائيين، والشعراء، وكتاب القصة القصيرة، والنقاد، وكاتبي المسرح، وكاتبي المقالة، وعن مراحل تطور التعليم في سلطنة عمان، ولن ننسى الخطة الخمسية».

(5)

هذه مجرد إطلالة على بنية الكتاب وهيكله، وتبويبه وفصوله، وهو في العموم محاولة مشكورة من مؤلفة شابة طموح اجتهدت، بمبادرة فردية، في إلقاء الضوء على هذه النخبة المختارة من كتاب وكاتبات عمان والتعريف بأعمالهم، وهي كاتبة ومؤلفة مصرية من صعيد مصر (سوهاج) اقتربت من النتاج العماني قراءة ومعايشة (حضرت فعاليات في الشارقة ربما تكون التقت خلالها ببعض كتّاب وكاتبات عمان، ما وفر لها مادة سيرية وبيوجرافية مهمة استعانت بها في كتابها).

إن هذا الكتاب بمثابة «مدخل تعريفي» مهم بكتاب وكاتبات من عمان يقدمون الآن نتاجًا روائيًا وقصصيًا وإبداعيًا معتبرًا ويحتل موقعه ضمن مدونة إبداعات العربية المعاصرة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

الكاتبة العمانية بدرية النبهاني: وجود «السلطنة» ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب إنجاز ثقافي كبير لنا

مصر وعُمان حضارتان ضاربتان في عمق التاريخ، تلاقتا عبر القرون في مسارات الفكر والتجارة والسياسة، فكان بينهما وئام لا ينقطع، وعلى هامش مشاركة سلطنة عمان كضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، تحاور جريدة «الوطن» الكاتبة والباحثة الدكتورة بدرية النبهاني، التي كرست جهودها في استكشاف التاريخ العماني وفهم جذوره الفكرية والسياسية، مسلطة الضوء على محطات التفاعل الحضاري بين البلدين.

في هذا اللقاء، تكشف رؤيتها حول دور التاريخ في تشكيل الهوية الوطنية، وأهمية البحث الأكاديمي في توثيق الموروث العماني، كما تتحدث عن الروابط التاريخية بين مصر وعمان، ودور الثقافة في تعميق هذا الامتداد الحضاري، مؤكدة أن استحضار التاريخ ليس مجرد استدعاء للماضي، بل هو وعيٌ بصير بالحاضر واستشراف للمستقبل.

- ماذا عن العلاقات التاريخية بين مصر وعمان؟

العلاقات بين عمان ومصر تمتد إلى عمق التاريخ، فهي علاقات قديمة جدا، وأقول دائمًا إن الكيانات الحضارية العريقة ذات الجذور الضاربة في القدم تظل محافظة على التواصل والوئام مهما تعرضت للأزمات السياسية، هذه العلاقات متأصلة ومتجذرة سياسيا واقتصاديا، ما يجعلها دائمة ومستمرة.

وعمان كان لها أدوار كبيرة في التاريخ القديم، في عهد السلطان قابوس - رحمه الله - برزت هذه الرؤية التاريخية بشكل واضح، إذ كان قارئا متمرسا للتاريخ، يدرك قيمة عمان ومصر في المنطقة، كان يوقن أن مصر تشكل ركيزة أساسية في منطقة الشرق الأوسط، باعتبار تاريخها العريق، ولهذا حرص على توطيد العلاقات بين البلدين.

ورغم انقطاع العلاقات بين مصر ومعظم الدول العربية في بعض الفترات، السلطان قابوس كان ثابتا في موقفه، محافظًا على الوئام والتركيز على البعد الحضاري بين الدول، عمان كانت مساندة لمصر، ومصر كانت سندا لعمان منذ بداية النهضة المباركة عام 1970.

- كيف استقبل المثقفون العمانيون اختيار السلطنة ضيف شرف دورة هذا العام من معرض القاهرة الدولي للكتاب؟

وجود سلطنة عمان ضيف شرف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي يُعد - على ما أعتقد - ثاني أكبر معرض للكتاب في العالم، يمثل إنجازا ثقافيا كبيرا، هذا الحضور يعزز العلاقات الثقافية والحضارية بين عمان ومصر، في جناح عمان، يُبرز العمانيون إصدارات فكرية وثقافية متنوعة، إلى جانب جدول ثقافي مشترك يحضره ممثلو الجانبين العماني والمصري.

ومثل هذه الفعاليات تتيح فرصة للتعرف على الآخر، فمن يحضر الفعاليات العمانية في معرض القاهرة الدولي يكتشف كيف يفكر العمانيون وكيف ينظرون لعلاقاتهم بمصر، هناك تفاصيل تاريخية ربما كانت مجهولة للكثير، لكن البحث التاريخي والعلمي كشف عنها اليوم، على سبيل المثال، في الندوة التي تناولت العلاقات بين عمان ومصر، تحدثنا عن هذا الوئام الأزلي المستمر بين البلدين، واستعرضنا شخصيات وأسماء ظهرت عبر فترات مختلفة من التاريخ.واستمرار هذا الوئام حتى يومنا هذا في عام 2025 يعد امتدادا لتلك العلاقات المتجذرة التي ستظل - بإذن الله تعالى - شاهدا على عمق الروابط التاريخية والحضارية بين عمان ومصر.

- ما الذي دفعك للاهتمام بالتاريخ العماني والفكر السياسي والثقافي؟

دافعي الأساسي لدراسة التاريخ بشكل عام، والتاريخ العماني بشكل خاص، كان ندرة الدراسات التاريخية التي تناولت هذا المجال في مختلف العصور، تخصصت بداية في التاريخ الإسلامي، ثم توسعت لاحقا إلى دراسة التاريخ الحديث والمعاصر.

الفكر السياسي العماني يُعد من أقدم النظريات السياسية التي ظهرت في العصر الإسلامي، حيث بدأ العمانيون في تطوير هذا الفكر بعد فترة الخلفاء الراشدين، وحوّلوه إلى إطار سياسي منظم بإقامة الدولة العمانية عام 132 هجريا، في بداية الدولة العباسية، هذا الانتقال من الإطار الفكري إلى الإطار السياسي أدى إلى كثرة التأليف عند العمانيين في مراحل تاريخية مختلفة، وإن كان معظم هذا التأليف ركز على الجوانب الفقهية والعقائدية تبعا للظروف السائدة في تلك الفترات.

- كيف أثرت نشأتك في تشكيل رؤيتك التاريخية عن عمان؟نشأتي كان لها تأثير كبير، خاصة مع ندرة الدراسات وضعفها فيما يتعلق بفترات تاريخية معينة، مثل الفترة التي حكمت فيها أسرة النباهنة عمان (من القرن السادس الهجري إلى العاشر الهجري)، هذا الغموض التاريخي كان دافعًا قويًا للبحث في المصادر العمانية لمحاولة فهم أسباب قلة الإشارة إلى هذه الأسرة وأهميتها، ومن هنا بدأت اهتمامي بالتاريخ السياسي لعُمان.

- من أبرز الشخصيات أو الأحداث التي أثرت في مسيرتك الأكاديمية والفكرية؟

أبرز الشخصيات التي أثرت في مسيرتي هما أستاذاي: الدكتور فاروق عمر فوزي، الذي كان مشرفي في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، كان نموذجا للمؤرخ المتمكن والمتواضع، ولم يدخر جهدًا في توجيهي إلى أهم المصادر والمراجع، رغم أنه كان متخصصا بشكل أكبر في الدولة العباسية، بينما رسالتي تناولت مسلمة بن عبد الملك بن مروان من الدولة الأموية، والشخصية الثانية كانت مشرفي الرئيسي في الدكتوراه، إرشاداته وتوجيهاته ساهمت في بناء دراسة معمقة حول التاريخ العماني السياسي.

- كتابك «آل الرحيل: قرنان من صياغة التاريخ السياسي والفكري في عمان» لاقى اهتمامًا كبيرا.. ما الذي دفعك لتناول هذا الموضوع تحديدا؟

خلال تلك الفترة كنت متخصصة في دراسة التاريخ الإسلامي، ولفت انتباهي غياب دراسات متخصصة حول ظاهرة «الأسر العلمية»، وهي ظاهرة منتشرة في التاريخ الحضاري الإسلامي، لكنها لم تكن محل دراسة كافية في عمان، هذه الأسر العلمية، التي تضم الأبناء والأحفاد أو أبناء العمومة، كان لها دور كبير في نشأة الكيان السياسي العماني خلال تلك الحقبة.

أسرة «آل الرحيل» كانت نموذجا بارزا لهذه الظاهرة، حيث ساهم علماؤها في تأسيس الدولة العمانية خلال العصر العباسي، وساعدوا في بلورة الفكر العقائدي للإباضية، فضلا عن دورهم في استقرار الأوضاع السياسية خلال ما يُعرف تاريخيا بالإمامة الإباضية الثانية.

- كيف كان العمل على «أعلام من حاضرة سناو»؟.. وما أبرز الإسهامات التي تضمنها؟

«أعلام من حاضرة سناو» ركّز على ولاية سناو ودورها التاريخي والعلمي، حاولنا في هذه الدراسة أن نوضح كيف أن الأدب والشعر يمكن أن يشكلا مدخلا لصناعة التاريخ السياسي، تناولنا في الورقة دور العلماء في تمهيد الطريق لوعي المجتمعات، ليس من خلال الثورات الداخلية فقط، بل عبر قصائدهم وتوجيهاتهم الفكرية، إحدى الشخصيات البارزة التي تناولناها كانت الشيخ سعيد الراشدي، الذي كان له دور كبير في نشر الوعي في عُمان خلال فترة الاضطرابات السياسية من خلال شعره ونظمه.

- مقالتك عن التاريخ الاقتصادي العماني تناولت السلع العمانية كنموذج.. ما الذي اكتشفته من خلال هذا البحث؟

ركزتُ في المقالة على تاريخ الاقتصاد من خلال دراسة السلع التجارية، كجزء أساسي من تشكيل اقتصاديات الدول، على سبيل المثال، تناولتُ فترة زمنية مُنع فيها تصدير التمور العمانية، ما أثّر على الداخل العماني، وخلق رفضا شعبيا لبعض القرارات السياسية، ويتضح من هذا البحث أن التاريخ الاقتصادي يُبرز تفاعل الاقتصاد مع السياسة، ما يجعل دراسة الاقتصاد أداة استشارية مهمة لفهم المراحل التاريخية المختلفة.

- ما أبرز التحديات التي تواجه الباحثين في التاريخ العماني؟

أبرز التحديات تتمثل في قلة الكتابات التاريخية المبكرة، فالتأليف التاريخي العماني لم يظهر بصورته الواضحة إلا في القرن العاشر الهجري، وما قبله لا توجد كتابات أصيلة، لذا، يعتمد الباحث على المدونات الفقهية لفهم الفكر السياسي العماني، إذا لم يتمكن الباحث من استيعاب هذا الجانب، سيكون من الصعب فهم تطور السياسة العمانية حتى اليوم.

والتحدي الآخر هو غياب المصادر الأولية لفترات تاريخية معينة، مثل فترة النباهنة، التي لم يُدوّن عنها سوى دواوين شعرية، هذا يجعل الباحث بحاجة إلى إتقان اللغة العربية لفهم النصوص الشعرية، والربط بينها وبين الأحداث التاريخية، حيث يُعتبر الشعر «ديوان العرب»، ومصدرا مهما لتوثيق التاريخ.

- كيف يمكن للتاريخ العماني أن يسهم في تعزيز الهوية الوطنية؟

التاريخ يُعتبر ركيزة أساسية للهوية الوطنية، ويجب أن نقدمه للأجيال الحالية بطرق تتناسب مع عصرهم، باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، لجعل التاريخ مفهوما وجذابا، التاريخ هو «الهوية»، وإذا فشلنا في إيصال هذا البعد للأجيال الشابة، سنفقد جزءًا من ارتباطهم بماضيهم، من خلال فهم التاريخ والوعي به، يمكن بناء الحاضر وحماية الأجيال من تأثير التيارات الثقافية المختلفة التي تحيط بنا في هذا العالم المفتوح.

- ورقتك عن تأثير الشيخ حامد السالمي على الفكر الديني والثقافي في عُمان.. كيف كان العمل عليها؟

تناولت الورقة دور الشيخ حامد السالمي، الذي كان جَدّ الشيخ نور الدين السالمي، وتأثيره الروحي والفكري في المجتمعات التي عاش فيها، الشيخ حامد كان شخصية هادئة ومرنة، ما جعله خيارا موثوقا لحل القضايا الشائكة التي استعانت به الدولة فيها، دوره امتد ليشمل ترسيخ المبادئ الدينية والثقافية في المناطق التي عمل فيها كقاضٍ.

- كيف ترين دور المرأة العمانية في الحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي؟

المرأة العمانية أثبتت دورها المحوري في الحفاظ على الإرث الثقافي والتاريخي، والمشاركة في مسيرة الدولة بجميع جوانبها، ومكنتها الدولة من إبراز قدراتها، وتفعيل دورها في هذا المجال، إلى جانب أدوارها الأخرى في المجتمع.

- ماذا عن تطور حركة البحث التاريخي في عُمان اليوم.. وما الدور الذي يمكن أن تلعبه المؤسسات الثقافية؟

شهد البحث التاريخي في عمان تطورا ملحوظا، خاصة مع تزايد عدد الرسائل الجامعية المحلية والدولية، التي تتناول التاريخ العماني، الشباب العمانيون أظهروا اهتماما متزايدا بفهم تاريخ بلادهم من زوايا مختلفة، وبرزت نظريات تاريخية جديدة في هذا السياق، والمؤسسات الثقافية، إلى جانب الأكاديميين العمانيين داخل وخارج البلاد، تلعب دورا مهما في نشر الوعي بالتاريخ العماني.

والحكومة العمانية، بدورها، تشجع على قراءة وكتابة التاريخ العماني من قبل الباحثين العمانيين، باعتبارهم الأكثر قدرة على فهم السياق التاريخي المحلي، ومن الجدير بالذكر وجود برامج ثقافية تعرض على شبكات إعلامية دولية.

مقالات مشابهة

  • خبراء يناقشون بمعرض الكتاب الدور العماني والمصري في دعم الثقافة والإنتاج الفكري
  • الكاتبة العمانية بدرية النبهاني: وجود «السلطنة» ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب إنجاز ثقافي كبير لنا
  • خبراء يناقشون الدور العماني والمصري في دعم الثقافة والإنتاج الفكري بمعرض الكتاب
  • الثقافة العمانية سؤال معرض القاهرة الأبرز.. و«تاريخ الحضارتين» يكشف سر التقارب الأزلي
  • وزير الخارجية يستقبل السفير العماني لدى الجزائر
  • تخريج أول دفعة من الشركات الناشئة العمانية للنهوض بمستقبل الابتكار
  • معرض الكتاب يناقش تاريخ الأدب البولندي وحركة الترجمة إلى العربية
  • مروان الحجري: العلاقات المصرية العمانية لا يمكن وصفها بالكلمات..فهي تاريخية
  • اللغة الإنجليزية بآداب كفر الشيخ يناقش رسالة ماجستير حول أدب سوزان لوري باركس
  • الأمسيات الشعرية تُثري فعاليات "ليالي مسقط" بتسليط الضوء على الإرث الأدبي العماني