حصلت الجزيرة على صور استخلصت من طائرة مسيّرة تابعة للجيش الإسرائيلي تظهر عمليات تدمير كبيرة وقنص وانتشار الجثث في شوارع تل الزعتر شمالي قطاع غزة.

وتكشف الصور اعتقال كوادر طبية ومرضى ونازحين من مستشفى العودة بتل الزعتر وتجريدهم من ملابسهم.

كما أظهرت الصور -التي يتوقع أنها أخذت في ديسمبر/كانون الأول الماضي- عمليات تفجير مربعات سكنية كاملة.

وكان جيش الاحتلال كثف من قصفه منطقة تل الزعتر وتحديدا مستشفيي الإندونيسي والعودة المتقاربين في المنطقة.

وخلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر -أي بعد الهدنة الإنسانية التي تم خلالها عملية تبادل للأسرى- توغلت الآليات العسكرية إلى تل الزعتر وبدأت بحصار مستشفى العودة واستهدفت محيطه لأيام.

وبعد أيام اقتحمت قوات الاحتلال مستشفى العودة وبدأت باعتقال العشرات في أجواء باردة وأظهرت الصور المعتقلين وهم عراة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!

 

يرى المفكر الفرنسي فرانز فانون في كتابه «بشرة سوداء، أقنعة بيضاء» أن الاستعمار يعمل على تشويه الهوية الذاتية للشعوب المستعمرة من خلال فرض لغة وثقافة المستعمر عليهم، مما يؤدي إلى اغتراب داخلي وفقدان الذات، ويعتبر فانون أن هذه العملية ليست مجرد جانب من جوانب الهيمنة الاقتصادية أو العسكرية، بل هي جزء من استراتيجية أوسع للسيطرة النفسية والثقافية.
إلَّا أنَّ الاستعمار الإسرائيلي في أرض فلسطين يتجاوز بوحشيته كل أشكال الاستعمار الحديث، فهو لا يسعى فقط إلى تغيير الفلسطينيين واستبدال ثقافتهم بل يسعى إلى محوهم وإقصائهم تمامًا. يتجلى هذا السعي في أبشع صوره في قطاع غزة، حيث تتعرض كل زاوية وكل أثر لوجود فلسطيني لمحاولات الإبادة، فالاستعمار الإسرائيلي لا يكتفي بطمس الهوية بل يسعى لإبادة كل شيء يحمل بصمة فلسطينية، في محاولة لاقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره ومحو كل صلة له بوجوده وأرضه.
من خلال هذه السياسات القمعية والتدميرية، يظهر بوضوح أن الهدف ليس فقط السيطرة على الأرض، بل القضاء على الوجود الفلسطيني.
ففي قلب غزة، المدينة المحاصرة، تتعاظم المأساة يومًا بعد يوم، حيث تصبح الحياة رهينة للدمار المستمر والفواجع التي لا تنقطع، فصواريخ الاحتلال لا تفرق بين شيخ كبير وطفل صغير، ولا بين منزل يأوي عائلة ومدرسة كانت يومًا ملتقى للعلم والمعرفة. هذا العنف الأعمى لا يستثني أحدًا، وكأن الأبرياء في غزة محكومون بأن يكونوا شهداء أو شهودًا على تدمير مستقبلهم أمام أعينهم.
فحتى الأطفال في غزة، الذين ربما لا يدركون ما يجري حولهم، يواجهون الآن واقعًا لا يمكن تخيله، فأصبحوا يدونون أسماءهم على جلودهم الناعمة علامات، ربما كرسالة أخيرة لمن يجد أجسادهم، رسالة تحكي عنهم وتقول إنه كان وراء هذا الجسد الصغير حكاية لم تكتمل.
ومع استمرار حرب الإبادة على غزة، يزداد تعود العالم على المأساة الإنسانية التي تجري في غزة. المجتمع الدولي، رغم التنديدات المتكررة، يبدو عاجزًا عن التحرك الفعَّال لوقف هذا العدوان. الأمم المتحدة والجامعة العربية، بكل مؤسساتها وإمكانياتها، تقف مشدوهة أمام مشهد الدمار الذي لا يتوقف، مما يضع علامات استفهام كبرى حول فعالية هذه الهيئات في حماية الحقوق والحياة.
بينما تتجلى نية الإبادة للاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ليس فقط من خلال الفظائع التي تُرتكب بحق الأبرياء، بل من خلال السعي الممنهج لمحاولة محو الهوية الفلسطينية من الوجود بشكل كامل، حتى عبر إزالة كل ما يمكن أن يشير إلى وجودها التاريخي والثقافي، إذ لا تقتصر الهجمات على القصف العشوائي الذي يستهدف البشر والبنى التحتية فحسب، بل تمتد لتشمل المعالم التاريخية والثقافية والعلمية، حيث يتم تدمير الجامعات والمدارس، مما يؤدي إلى تجريف الذاكرة الجماعية للشعب الفلسطيني وقطع صلاته بماضيه وهويته العميقة.
فمنذ أكثر من 8 أشهر، دمَّر جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 200 موقع أثري في غزة، في مسعى واضح لكيِّ الوعي الثقافي ومحو الأدلة الأثرية التي تشهد على الحضور الفلسطيني القديم في الأرض. تعددت الأساليب البربرية في هذا الإطار، حيث يُستخدم البحث المزعوم عن أنفاق حماس كذريعة لاستمرار تدمير المساجد والمستشفيات بطريقة شنيعة.
كما أشار المؤرخ البلجيكي لوكاس كاترين في مقاله الأخير، فإن ما يجري لا يمكن اعتباره إلا إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، كما ترى محكمة العدل الدولية، ومع ذلك، فإن الأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه إلى تدمير تاريخ وتراث الشعب الفلسطيني على يد الجيش الإسرائيلي بشكل متعمد وممنهج.
الاعتداءات على المواقع الأثرية والتاريخية ليست مجرد هجمات على الحجر، بل هي محاولات لطمس الرواية والوجود الفلسطينيين، ومن الأمثلة المأساوية على ذلك، المسجد العمري الكبير ومسجد السيد هاشم، واحد من أقدم المساجد في غزة، اللذان شهدا تدميرًا ممنهجًا، أيضًا، تم نهب المواقع الأثرية بطريقة منظمة، حيث تم نقل محتويات موقع أنثيدون الهلنستي إلى تل أبيب، وهو ما أعلن عنه إيلي إسكودو، رئيس سلطة الآثار الإسرائيلية، في إحدى تصريحاته عبر إنستغرام.
هذه السياسات لا تعكس فقط رغبة في السيطرة العسكرية، بل تدل على محاولة محو الوجود الفلسطيني ذاته من الذاكرة الإنسانية، في عملية إبادة ليست للأجساد فقط، بل للهوية والتاريخ أيضًا.

*كاتب من أوزبكستان

مقالات مشابهة

  • المقاومة تثخن بالاحتلال في حي الشجاعية.. ومشاهد توثق تدمير جرافة إسرائيلية برفح (شاهد)
  • الصور الأولى لـ فانيسا هادجنز مع طفلها الأول في المشفى
  • الاحتلال ومنهجية الترهيب والقمع.. تدمير الصحة النفسية وعواقبه
  • مستشفى العودة بمخيم النصيرات: استقبلنا 3 شهداء و20 إصابة جراء استهدافين إسرائيليين للمخيم وسط قطاع غزة
  • سلطان بن أحمد القاسمي يدشن حملة عمليات العيون في مستشفى أسوان الجامعي في مصر
  • ‏حزب الله يعلن إطلاق نحو 200 صاروخ باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية شمالي إسرائيل
  • تدمير 37 هدفا.. بيان تركي بشأن القصف الجوي والمدفعي في دهوك
  • «التأمينات» تكشف حالة وحيدة يسقط فيها معاش الزوج عن الأرملة
  • كيف يحاول الاحتلال إبادة الوجود الفلسطيني من التاريخ؟!
  • تصريحات وتحركات إسرائيلية تكشف عن «طول» العدوان على غزة.. «ربما لسنوات»