وكيل الأزهر: مؤتمر الذكاء الاصطناعي يؤكد حرص المشيخة على مواكبة العصر
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أهمية انعقاد مؤتمر الأزهر الهندسي الدولي السادس عشر تحت عنوان «التطبيقات الهندسية والذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة»، في هذا التوقيت، ليضع بذلك لبنةً جديدةً في تأكيدِ قدرةِ الأزهر ورجاله على إحداثِ معاصرةٍ راسخةٍ تقفُ على جذور الماضي، وتحسن قراءة الواقعِ، وتتطلعُ إلى مستقبلٍ مشرقٍ، معربا عن تحيات فضيلة الإمامِ الأكبرِ أ.
وأشار خلال كلمته بالمؤتمر الذي تنظمه كلية الهندسة بجامعة الأزهر، إلى أنَّ مشايخَ الأزهرِ وعلماءَه كما كانوا يكتبون في علومِ الشَّريعةِ من فقهٍ وتفسيرٍ وحديثٍ وغيرِها، وكما كانوا يكتبون في علومِ اللُّغةِ العربيَّةِ من نحوٍ وصرفٍ وبلاغةٍ وغيرِها، فإنَّهم كانوا يكتبون في الرِّياضيَّاتِ والهندسةِ والجغرافيا والفلكِ والتَّشريحِ والطِّبِّ وسائرِ العلومِ الَّتي يمكن أن نسمِّيَها علومَ الحياة. ومَن نظرَ أيسرَ نظرةٍ إلى كتبِ مبادئِ العلومِ، وهي رسائلُ صغيرةٌ كان يحرِّرها العلماءُ تجمعُ أشتاتَ العلومِ في اختصاراتٍ عميقةٍ، فضلًا عن المؤلَّفاتِ المستقلَّة الَّتي وضعوها في علوم الحياةِ وفنونِها وجدَ آثارهم في هذه العلوم ناطقةً ببراعتهم فيها.
وتابع أن مِن العلماءِ الأزهريِّين الَّذين وُصفوا بالموسوعيَّةِ، نجمُ الدِّينِ محمدُ بنُ محمدٍ المصريُّ (عاش في القرن السابع الهجري)، فقد وضع أكبر الجداول الفلكية، ونقل عنه الأوربيون علومًا كثيرةً في الفلكِ، والشيخ أحمد السِّجيني (ت: 885هـ)، وقد وصف بالبراعة في علم الجبر والهندسة، والشيخ عبد الله الشنشوري (ت: 999هـ) له كتب في الحساب، والشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري (ت:1192هـ) وله: القول الصريح في علم التشريح، والشيخ أحمد السُّجاعي (ت:1197هـ)، فقد درَّسَ الفلك والمنطق، وله من المؤلفات رسالة في منازل القمر، ولقطة الجواهر في الخطوط والدوائر، والشيخ علي الطحان الأزهري (ت: 1207هـ)، له رسائل في الفلك، والشيخ حسن العطار الَّذي اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن الرصد الفلكي إلى جانب براعته في الطب والتشريح، والأمثلة كثيرة.
واستعرض وكيل الأزهر خلال المؤتمر بعض القضايا المعاصرة التي تجمع بين تخصصات الهندسة وتحتاج المزيد من الجهود مثل مفهومِ التَّنميةِ المستدامةِ، الَّذي يجب أن يتجاوزَ المحافظةَ على الثَّرواتِ الطَّبيعيَّةِ والمواردِ المادِّيَّةِ إلى المحافظةِ على كلِّ ما يتعلَّقُ بالإنسانِ مِن جوانبَ ثقافيَّةٍ واقتصاديَّةٍ ودينيَّةٍ واجتماعيَّةٍ، وصيانةِ حياتِه حاضرًا ومستقبلا، فالتَّنميةُ المستدامةُ في الإسلامِ لا تقفُ عند الجانبِ المادِّيِّ وحدَه، بل تجعلُه جنبًا إلى جنبٍ مع البناءِ القِيَميِّ والأخلاقيِّ والرُّوحيِّ، الَّذي يصونُ هذه التَّنميةَ ويحفظُها من العبثِ بمكوِّناتِها وبرامجِها، ولعلَّ مِن فضلِ الله علينا أنَّ هويَّتَنا العربيَّةَ والإسلاميَّةَ تتميَّزُ بهذا الجانبِ الرُّوحيِّ المشرقِ.
وأضاف أن التَّنميةَ في الإسلامِ لا تقفُ عند إصلاحِ الدُّنيا بل تتجاوزُها إلى الآخرةِ، وذلك كلُّه تحت اسمِ «الإعمارِ» الَّذي كُلِّفنا به، والَّذي يشملُ القلبَ والعقلَ، والعلمَ والعملَ، والدُّنيا والآخرةَ، ويكفي أن نتأمَّلَ هذا الإيمانَ الَّذي رُتِّبَ عليه دخولُ جنَّةِ الخلدِ، وسعادةُ الأبدِ، كيفَ قرنَه اللهُ بالعملِ الصَّالحِ في كتابِه الَّذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ في عشراتِ المواضعِ منه، وتأمَّلوا قولَه تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، ثمَّ تأمَّلوا كيف تَرجمتْ هذا العملَ الصَّالحَ سنَّةُ النَّبيِّ ﷺ في أحاديثَ كثيرةٍ تُعنى بصغارِ أمورِ الحياةِ قبلَ كبارِها؛ حتَّى جَعَلَتْ إصلاحَ الطَّريقِ، وإماطةَ الأذى عن المارَّةِ فيه شعبةً من شُعبِ الإيمانِ
واستطرد أن من التنميةِ المستدامةِ أن نحسنَ استخدامَ عطاءِ العصرِ، ومنه الذَّكاءُ الاصطناعيُّ الَّذي لم يعد لدينا رفاهيةُ الاختيارِ في رفضِه أو قبولِه؛ فهذا الذَّكاءُ الاصطناعيُّ إمَّا أن نُديرَ له ظهورَنا، ونرفضَ ما يحملُه من فُرصٍ فنكونَ قابعين هنالك في زاويةٍ من زوايا الحياةِ بلا أثرٍ ولا نتيجةٍ كلا وجودٍ، وإمَّا أن نتلقَّاه بالإيجابيَّةٍ وحسنِ الاستثمارِ والتَّفاعلِ المثري للحياةِ؛ فنكونَ أهلًا للخيريَّة الَّتي وصفَ اللهُ بها الأمَّة، مع الأخذ في الحسبانِ أنَّ الذَّكاءَ الاصطناعيَّ قد تصحبُه تحدِّياتٌ كبيرةٌ ومخاطرُ متعدِّدةٌ، يصفُها بعضُ من استحدثوه بأنَّها أخطرُ من القنابلِ النَّوويَّةِ؛ وقد تدمِّرُ البشريَّةَ؛ بسببِ وجودِ بعضِ البرامجِ والتَّطبيقاتِ الَّتي قد تستخدمُ بطرقٍ غيرِ أخلاقيَّةٍ، لذلك كان من الواجبِ ونحن نتأمَّلُ الذَّكاءَ الاصطناعيَّ وما يتيحُه من فرصٍ جديدةٍ، أن نلقاه بتخطيطٍ استراتيجيٍّ مرشدٍ.
وألقى الضوء على قضية التَّخطيطَ بوصفه ضرورة مِن ضروراتِ الحياةِ، بدأَ مع الإنسانِ منذُ خطواتِه الأولى على ظهرِ الأرضِ، وإن تفاوتتْ درجاتُه باعتباراتِ الزَّمانِ والمكانِ والإنسانِ، إلَّا أنَّ التَّاريخَ يُثبتُ أنَّ الأممَ الَّتي تتبنَّى التَّخطيطَ أسلوبًا للحياةِ يمكنُها أن تتداركَ أخطاءَ ماضيها، وأن تديرَ واقعَها، وأن تتنبَّأَ بمستقبلِها. والتَّاريخُ شاهدٌ كذلك أنَّ التَّخطيطَ من مميِّزاتِ الحضارةِ الإسلاميَّةِ، فهو مبدأٌ دينيٌّ بامتيازٍ، تجلَّى في كثيرٍ من آياتِ القرآنِ الَّتي أشارتْ إشاراتٍ واضحةً إلى أهميَّتِه وضرورتِه في حياة الرسل والأنبياء، وفي حياةِ سيِّدنا رسولِ اللهِ ﷺ جاء التخطيط واقعًا ناطقًا، وممارسةً شاهدةً بأهميَّتِه وضرورتِه.
وأكد أن ما نعيشُه اليومَ من فَيْضٍ معرفيٍّ وتكنولوجيٍّ في كلِّ مناحي الحياةِ يوجبُ على مؤسَّساتِنا أن تحرصَ على أن تكونَ الأمَّةُ كلُّها أفرادًا ومجتمعاتٍ صاحبةَ خطَّةٍ طموحٍ واقعيَّةٍ، وإلَّا كانت الأمَّةُ بأفرادِها ومجتمعاتِها ومقدَّراتِها وثرواتِها في خطَّةِ غيرها. وإذا كنَّا نسمعُ كثيرًا في الفترةِ الماضيةِ عن مفرداتِ التَّقدُّمِ والرُّقيِّ والبناءِ والتَّنميةِ، ومثلِ هذه المفرداتِ الَّتي تهيِّجُ العواطفَ وتثيرُ المشاعرَ، وتحلِّق بالسَّامعين إلى غدٍ أفضلَ؛ فإنَّ هذه الألفاظَ الرَّنَّانةَ سرعانَ ما يتلاشى بريقُها مع خروجِ آخرِ حرفٍ مِن لفظِها، ولا ترى لمفردةٍ منها وجودًا ولا أثرًا.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأن هذه المفردات والأطروحات لا بد أن يصحبها تخطيطٌ علميٌّ سليمٌ، يُحوِّلُها من اللَّفظِ إلى العملِ، ويُحوِّلُ الأمَّةَ مِن السُّكونِ إلى الحركةِ، ومِن الرُّؤيةِ إلى الإنجازِ، ومن التَّنظيرِ إلى التَّنفيذِ؛ فلا تطوُّرَ للمجتمعاتِ، ولا مستقبلَ لها دونَ تخطيطٍ، بل إنَّ الأممَ الحيَّةَ هي الَّتي تتأمَّل الماضي، وتدركُ الواقعَ، وتخطِّطُ للمستقبلِ، وإنَّا لنثقُ أنَّ بلادَنا تخطو خطواتٍ وثَّابةٍ بما تملكُه مِن أدواتِ تخطيطٍ علميَّةٍ، وخططٍ مدروسةٍ.
3aa93e51-c83a-4398-a038-1a3b6f954eae 99b74fa6-bb33-457c-8ebd-61787b61cc0dالمصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: محمد الضويني وكيل الأزهر الأزهر وکیل الأزهر
إقرأ أيضاً:
فيديو | تنشيط السياحة الرياضية.. أبرز نتائج مؤتمر علمي في الوادي الجديد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن الدكتور محمد عبدالعظيم، عميد كلية علوم الرياضة بجامعة الوادي الجديد، اليوم الأربعاء، نتائج وتوصيات المؤتمر العلمي الدولي الذي نظمته الكلية على مدى اليومين الماضيين بمشاركة المملكة العربية السعودية.
أكد عبدالعظيم، في تصريح خاص لـ" البوابة نيوز" ، أن التوصيات الرئيسية للمؤتمر:
1. الاهتمام بالرياضة المدرسية: توفير الإمكانيات اللازمة لتعليم الرياضة للطلاب.
2.تنشيط السياحة الرياضية: استثمار الرياضات الصحراوية في جذب السياح.
3.دعم الرياضة لذوي الهمم: زيادة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وتعزيز دورهم الرياضي.
4.استفادة من الذكاء الاصطناعي: تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين الأداء الرياضي.
وقال عبدالعظيم، إن هذه المبادرات والتوصيات تمثل خطوة هامة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز الأمن القومي من خلال الرياضة.
العلاقة بين الرياضة والأمن القوميوأشار عميد كلية علوم الرياضة بجامعة الوادي الجديد، أنه خلال المؤتمر، جرت مناقشة العلاقة بين الرياضة والأمن القومي، خاصة في ضوء التحديات المعاصرة، حيث أكدت المداخلات أن الرياضة المدرسية تعد من العوامل الأساسية في تعزيز صحة المواطن وتحقيق تحصيل معرفي أفضل للطلاب، ما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني والأمن القومي.
كما تناول المؤتمر دور الرياضة في التأثير على الاقتصاد، مشيرًا إلى أهمية الرياضة كمصدر دخل رئيسي من خلال البطولات العالمية والسياحة الرياضية، وجرى تسليط الضوء على الرياضات التي تسهم في تنشيط السياحة، مثل رياضات الصحراء والتزحلق على الرمال في الوادي الجديد.
وأضاف أنه قد تطرقت الجلسات إلى موضوعات أخرى مثل الرياضة لذوي الهمم، حيث أكد المشاركون دعم الرئيس لهذه الفئة من خلال تحقيق إنجازات رياضية دولية، وتطرق المؤتمر أيضًا إلى أهمية المراكز الطبية الرياضية ودورها في تأهيل وعلاج الإصابات، مع تفعيل بروتوكولات التعاون بين الجامعات ووزارة الشباب والرياضة.
ولفت إلى أنه جرى التأكيد على أهمية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في الرياضة، مع التأكيد على دور الذكاء الاصطناعي في تطوير الأداء الرياضي وتحقيق نتائج أفضل على المستوى الشخصي والجماعي، كما جرى استعراض مجموعة من التوصيات التي ستخدم المجتمع المحلي بشكل عملي، أبرزها ضرورة الاهتمام المبكر بالرياضة في المدارس وتوفير الإمكانيات الرياضية اللازمة لتنمية المواهب.
وأوضح أنه في نهاية المؤتمر، جرى التأكيد على أهمية الإعلام الرياضي في نشر ثقافة الرياضة والابتعاد عن التراشق الإعلامي الذي قد يؤثر على الأمن القومي، ما يضمن بيئة رياضية صحية تسهم في رفعة الوطن.
وقال الدكتور عبد العظيم، إن المؤتمر جاء في إطار دعم مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تهدف إلى تعزيز ممارسة النشاط الرياضي باعتباره جزءًا من الأمن القومي، حيث جرى إطلاق المؤتمر العلمي الثالث تحت شعار "علوم الرياضة ودورها في تحقيق الأمن القومي"، يهدف إلى تحديد التوصيات العلمية اللازمة لتحقيق أهداف المبادرة الرئاسية.
وقد وجرى وضع محاور رئيسية للمؤتمر تركز على الرياضة المدرسية ودورها، الرياضة في الجامعات، أثر الرياضة على الصحة، البحث العلمي الرياضي، بالإضافة إلى الاقتصاد الرياضي وكيفية تأثيره على تحسين الاقتصاد المصري. كما ركز المؤتمر على تفعيل هذه المحاور من خلال مشاركة كبار العلماء والمتخصصين في المجال الرياضي.
وكانت كلية علوم الرياضة بجامعة الوادي الجديد، نظمت على مدى اليومين الماضيين المؤتمر العلمي الدولي بقاعة الكلية برعاية الدكتور عبدالعزيز طنطاوي، رئيس جماعة الوادي الجديد بمشاركة وفد من كلية علوم الرياضة بجامعة الملك سعود بالسعودية، ومن أبرز الحضور في المؤتمر كان الدكتور كمال درويش، عميد عمداء كليات علوم الرياضة، ورئيس نادي الزمالك الأسبق الدكتور محمد صبحي حسانين، بالإضافة إلى الدكتور فتحي ندا، نقيب الرياضيين، والأستاذ الدكتور حسين السمري، رئيس القطاع والمدير التنفيذي للجنة الأولمبية المصرية، كما حضر العديد من عمداء كليات الرياضة من مختلف أنحاء الجمهورية.
رابط الفيديو:
https://drive.google.com/file/d/1Yk0LMtxNIfbwLbdj1j5aff4jaTV7BlLs/view?usp=drive_link