محمد بن سالم التوبي
يتظاهر الأحرار في أرجاء المعمورة من أجل غزة التي تُستباح من قبل القتلة الصهاينة الذين لا يعرفون الرحمة ولا الشفقة؛ حيث قتلهم هؤلاء المتوحشين الذين جُرّدوا من (الإنسانية) التي غالبًا ما تدفع الإنسان السّوي إلى رحمة المستضعفين في هذه الحياة، تدفعهم إلى رحمة العجزة والنساء والأطفال المُقبلين على الحياة بروحها وآمالها وجمالها.
ويتظاهر النّاس في مُدن كثيرة في أوروبا وأمريكا إحقاقًا للحق وكُرها في الظّلم الذي نراه منذ أكتوبر الماضي إلى يومنا هذا، وما يحدث في غزّة من إبادة جماعية تقف وراءها الآلة العسكرية الأمريكية الطاغية التي تدفع بالإسرائيليين إلى مُواصلة القتل وسفك الدماء الزكية التي تحارب من أجل حرية هذا العالم السجين في زنزانة الصهيونية المقيتة، وها قد أزفت الآزفة التي حرّكت العالم لكشف عوارها وإظهار سوءتها للأحرار.
مظاهرات حاشدة وبأعداد مليونية خرجت مُندّدة بما يقوم به أعداء البشرية من مجازر تدمي القلوب وتكشف حقيقة ما عليه هؤلاء الرّعاع من همجية لاستباحتهم الدماء البشرية في غزّة، وكأنَّ هؤلاء الذين يمارس عليهم شتى أصناف القتل ليسوا بشرًا؛ بل في كل يوم يستشري القتل فيهم وبدعم من واشنطن، الذي كشفت فيه غزّة صورتهم الجلية المتمثلة في دعم قادتهم للحرب وسفك الدماء البريئة.
هذه الحرب الظالمة التي يشنّها الكيان المريض ما هي إلاّ تعبير عن سفالة هذا الكيان الغاصب، ونزداد يقينًا بأنه هالك لا محالة، وأن الله- عاجلًا أم آجلًا- سينتصر لعباده المؤمنين الذين ينتصرون لدينه وتعاليمه، وهكذا هي سُنّة الله في خلقه. في كل يوم يزداد هذا الكيان قتلًا في الأبرياء يزداد المناصرون لفلسطين وأهل فلسطين بحقهم في وطنهم وأرضهم السليبة، كما يزداد العالم كراهية للمجرمين ويعرّي فعلهم الشنيع يومًا بعد آخر.
ما يقوم به نتنياهو الملطخة يداه بالدم سوف يعود عليه وعلى أعوانه بالخزي والعار، وسيكون فعله علامة فارقة في قيام أحرار العالم بكشف أفعاله المُشينة وأعماله المخزية التي سوف يخلّدها التاريخ بأن إسرائيل ما هي إلاّ دويلة زائلة مهما بلغت من القوة والجبروت، زائلة بسبب الدماء المسفوكة والظلم المريع والإبادة التي قادها هو وزمرته قتلة الأطفال والنساء والشيوخ، ولن يمرّ ما قام به هذا الأعوج مرور الكرام وسينتقم منه التاريخ كما انتقم من غيره الذين استباحوا الأعراض والدماء ونكّلوا بالأبرياء.
لقد بلغ السيل الزبى وفاضت الأرض بما رحبت، وأصبح هذا النظام مُجرمًا بشهادة الإنسانية جمعاء، وما ذلك إلّا إيذانًا بزوال هذا النظام الإجرامي الذي اعتمد على الظلم ليكون طريقًا له، والقتل والتشريد منهجًا ينطلق به للتعريف عن نفسه.
إنَّ المتتبع للأحداث يرى جليًا قيام بعض الأنظمة وبعض الدول والجامعات والمراكز الدولية بإجراءات ضد هذا النظام؛ سواءً بطرد السفراء أو وقف التعاون أو الخروج في مظاهرات ضد أفعاله وما يقوم به، وكل ذلك شواهد على حقيقة منهجيته الماجنة وطريقته البشعة، التي تدفع بالفلسطينيين يومًا بعد يوم إلى الوقوف ضد هذا الكيان واسترجاع حقوقه "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تهنئة رئيس تشاد للبرهان: بداية نهاية الجنجويد الذين أتي بهم الكيزان لقلب نظام تشاد.
كلام أحد منسوبي حركة العدل والمساواة بخصوص تهنئة رئيس تشاد للبرهان يفتقد الحكمة حين وصفها ،أي وصف التهنئة، بالنفاق.
أظن من الحكمة عدم شد شعرة معاوية بين الحكومتين اللدودتين منذ قدوم حكومة الكيزان الي السلطة عام 1989بانقلاب البشير و قدوم حكومة الانقاذ التشادية بثورة كفاح مسلح عام 1990 برئاسة المرحوم إدريس دبي . وبعد وصول هاتين الحكومتين إلي السلطة في الجارتين الشقيقتين انقلبت العلاقات الأخوية والودية التي كانت سائدة بينهما منذ استقلال كليهما إلي عداوة شرسة بسبب محاولات حكومة الكيزان في السودان اقتلاع حكم إدريس دبي لأنه في رأيهم يمثل الزغاوة الذين صنفتهم حكومة الكيزان بأنهم المهدد الرئيس لحكمهم في السودان ، فكانت الهجمات الشرسة المتكررة علي تشاد بغية إسقاطها وإحلال عرب الشتات الجنجويد محلها لان الكيزان يعتقدون أنه لابد من إنشاء حزام عربي في دارفور يكون سدا منيعا ضد تكرار محاولة الشهيد بولاد للولوج الي السودان وانتزاع الحكم من الذين استأثروا به سنين عجافا منذ الاستغلال (وليس الاستقلال!), علي أن يؤمن هذا الحزام الأمني حكومة عربية في انجمينا تضمن استمرارية الحزام العربي والذي مهد له حكومة الصادق المهدي بتبني مشروع التجمع العربي .
وقد ساهم الزغاوة بقدر كبير في إيصال دبي لحكم تشاد وتمكينه وتأمين حكومته إلي الآن.
وما تفعله حكومة تشاد مما يبدو أنه دعم للجنحويد هو في جوهر الحقيقة إضعاف الجيش السوداني الذي حاول إسقاط حكم أبيه مرات عديدة وتأليب المعارضة التشادية بدعم لا متناهي من كل النواحي وفشلهم في ذلك ، ففي إضعاف الجيش السوداني سد الطريق لمحاولات لاحقة عملا بأن التاريخ سيعيد نفسه وستعيد أي حكومة قادمة في السودان الكرة لإسقاط حكومة تشاد طالما بقيت قيادة الجيش السوداني علي النمط المعروف عليه منذ الاستقلال وطالما بقيت فكرة تصنيف الزغاوة بأنهم المهدد الرئيس لحكم الكيزان ومن هم علي شاكلتهم بمن فيهم قحت خاصة إذا نجح الكيزان للعودة إلي السلطة والعياذ بالله.
وليعلم الجميع بأنه إذا ظلت الحكومة السودانية حكرا لنفس النخبة المعروفة عسكرا كانوا أو مدنيين فإن نظرتهم إلي الزغاوة هي هي لن تتغير ولن تتبدل، وإذا سقطت حكومة تشاد فإن الوضع سيكون كما كان من ذي قبل ويتم طحن الزغاوة بين حجري رحي حكومة سودانية نمطية كارهة لهم وبين حكومة تشادية موالية للحكومة السودانية.
إذا ، فمن الحكمة ترك الخوض في الجانب التشادي والتركيز علي تنظيف الجنجويد من البلاد والعمل علي أخذ النصيب المستحق والعادل من كعكة السلطة في السودان بعد كل هذه التضحيات من الزغاوة في الحيلولة دون وقوع البلاد في أيدي الجنجويد بصمود الفاشر والشرق والشمال بفعل قوات المشتركة والمستنفرين جنبا الي جنب مع الجيش.
أخيرا ، ليست تشاد هي من بحثت عن حميدتي في الفيافي والصحاري والخلا وأتت به وسلحته وصنعت له الدعم السريع وجعلت منه جيشا موازيا للجيش الوطني ،بل واكبر منه و جعلت حميدتي أغني من الدولة السودانية. معروف من أتي بالجنجويد وليتحملوا المسؤولية كاملة دنيا وآخرة عن كل ما حدث للعباد والبلاد في السودان.
د محمد علي سيد الكوستاوي
القاهرة. ٦إكتوبر
kostawi100@gmail.com