عربي21:
2024-06-27@13:54:42 GMT

ما موقع الدعاء في نصرة غزة.. ومتى يكون منتجا؟

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

ما موقع الدعاء في نصرة غزة.. ومتى يكون منتجا؟

يَكثر الجدل في أوساط المسلمين حول ما يجب عليهم فعله لمناصرة أهل غزة ودعمهم ومساندتهم في محنتهم التي يتعرضون لها على يد آلة القتل الصهيونية الوحشية، ليستقر القول ـ في غالب الأحوال ـ على أن المسلمين في ظل الظروف القائمة لا يملكون لهم إلا الدعاء، إذ المطلوب أكبر من قدراتهم وما يمكنهم فعله.

ومع أن الإسلام يعد الدعاء عبادة من أجلِّ العبادات وأعظمها، فهي تجعل المؤمنين يستشعرون افتقارهم الدائم إلى الله، وحاجتهم إلى مدده وعونه وتوفيقه في كل حال، إلا أن الدعاء لا يكون فعلا منتجا إلا إذا وقع موقعه الصحيح، فالمقرر عند جماهير علماء المسلمين أن للنصر أسبابا يجب الأخذ بها، فالواجب على المسلمين الأخذ بتلك الأسباب والحرص على فعلها، ثم يكون الدعاء بعد ذلك طلبا للمدد والعون من الله تعالى.



لكن الركون إلى الدعاء فقط، والتعويل عليه لحدوث ما يتمناه المسلمون ويرجونه، مع عدم أخذهم بالأسباب الواجبة، وتقصيرهم بما يمكنهم القيام به، وعدم قيامهم بنصرة إخوانهم ومساعدتهم بكل السبل والوسائل الممكنة، فهو ضرب من التمني الحالم، الذي يعول على تحقق النصرة الإلهية من غير القيام بما يجب على المسلمين القيام به، من إعداد العدة، والأخذ بأسباب النصر، وبذل الوسع والطاقة، وعمل المقدور عليه، والتحلي بالصبر والنفس الطويل في مقارعة الأعداء ومواجهتهم.

ووفقا لمراقبين فإن العدوان الوحشي الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وإجبار أهلها على النزوح من بيوتهم، وفرض حصار خانق عليهم، ومنع وصول المعونات والمساعدات إليهم، كشف بصورة سافرة عن تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية في نصرة أهل غزة، وتقاعس الشعوب العربية والإسلامية عن ممارسة ضغوط جدية على أنظمتها لتتحرك تحركا فاعلا لوقف العدوان، وفك الحصار بما تمتلكه من أدوات وآليات يمكن أن تؤتى ثمارها لو تم استثمارها بصورة جادة وحقيقية.

مقولة "لا نملك إلا الدعاء" التي تتردد في أوساط المسلمين، تعبيرا عن عجزهم عن نصرة أهل غزة "تنتمي إلى الثقافة السلبية التي خلفها الإرجاء بشقيه العقدي والسياسي حيث كان الناس يذهبون إلى المغارات يتلون صحيح البخاري ويسألون الله أن يهزم عدوهم، فالفكر السلبي من إفرازات الإرجاء والانسحاب من موقع أداء الواجبات" وفق الكاتب الجزائري والباحث الإسلامي، لخضر رابحي.


                                      لخضر رابحي.. كاتب وباحث جزائري

وأضاف: "نعم الدعاء مطلوب، وفي كل المراحل بل هو مطلوب من المجاهد وهو يتقدم الصفوف ويستعد للمعارك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قبل معركة بدر، والدعاء من المجاهد المقتحم أصدق لهجة وأكثر بركة بنيل الاستجابة كما ورد في النصوص والدعاء يرفع كذلك ممن يتقدم بالأموال والمساعدات راجيا أن يتقبل الله منه".

وتابع: "والدعاء حالة حضور ويقظة ممن يدعم صفوف المقاتلين بالأخبار والرسائل ويشارك في بث صور بطولاتهم رفعا للمعنويات، وصور إجرام العدو فضحت سلوكه الهمجي الأرعن، أما الدعاء من المتقاعس فكلما كان تبريرا لعدم الفعل، وتبريرا للقعود والفرجة كان مساهمة سلبية في نشر منهج الإرجاء السياسي، وتعميم سلبياته".

وردا على سؤال "عربي21" حول ما تستطيع الأمة فعله والقيام به في ظل الظروف القائمة، أكدّ الباحث الجزائري رابحي أن "الأمة تملك أن تفعل، ويجب عليها أن تبذل قصارى جهدها وعصارة تفكيرها بحثا عن صور النصرة العملية والفاعلة وهي متاحة رغم الحصار والتضييق، كجمع المال ودعم المقاومين، والمساهمة في إعدادهم، وإغاثة أهل غزة المدنيين، وتنظيم المجتمع المدني وزيادة الضغط على منظمات حقوق الإنسان، وكتابة ملايين رسائل الاحتجاج إلى السفارات ومكاتب الأمم المتحدة فكل ذلك ممكن ومتاح".

وأردف: "كذلك فإن معركة الإعلام بكل صورها، ومعركة كسر صورة العدو المتهاوية، والضغط على الدول العربية بتحريك الأحزاب والهيئات والعلماء فكله من المقدور عليه والمتاح، والاستمرار في تنظيم المظاهرات صورة أخرى من صور النصرة، ومقاطعة بضائع الدول الداعمة للكيان، وصناعة المحتوى في الأغاني والأهازيج كل ذلك من صور النصرة، كما أن تفعيل نخب المجتمع لتتحرك أمر مهم، فئة المحامين المهندسين الأطباء بالانخراط في المظاهرات ومظاهر الاحتجاجات المختلفة".

وأبدى تخوفه من أن تكون "مقولة "لا نملك إلا الدعاء" فكرة قاتلة تشل الأمة وتمنعها من التفكير والتدبير والحركة، وما كان هذا منهج النبي صلى الله عليه وسلم، فمسؤولية المسلم في نصرة أخية تتعاظم بقدر الخطر المحدق به (والمسلم أخو المسلم لا يسلمه) فالمعركة ضد الباطل والظلم في منهج النبي تقوم على استفراغ الوسع والجهد، والبذل وقوة العمل والاستعداد للتضحية، وفهم السنن، فإن الله لا يقاتل نيابة عن المسلمين (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)".

ولفت إلى أن "الدعاء في منهج النبي صلى الله عليه وسلم عبودية فبعد إتمام الجهد البشري المطلوب والاستعداد والإعداد يطلب المسلم التأييد والمدد، وليس الدعاء تبريرا للتقاعس، ولا تفويض القدر ليتولى إدارة المعركة، فكل ذلك من مخلفات الفكر السلبي الذي سيطر على الأمة قرونا خلت".

من جهته علق الكاتب والمؤرخ الفلسطيني، الدكتور أسامة الأشقر على مقولة "لا نملك إلا الدعاء" بالقول "يعمد بعضهم إلى تصوير عجزه واستسلامه لواقعه بالقول إنه لا يملك إلا الدعاء، وما يدري أن الدعاء ليس من أدوات العاجزين، ولا أسباب الخاضعين.. فالدعاء ليس أذكارا يكررها الداعي رافعا يديه، وليس أورادا مدّبجة يصوغها بعضهم بحرفة ودقة، وإلا فإن عدونا الذي ندعو عليه صباح مساء على امتداد الأرض لن تجد لهم ذكرا ولا أثرا".


                                        أسامة الأشقر كاتب ومؤرخ فلسطيني.

وتابع في منشور عبر صفحته على الفيسبوك، اطلعت "عربي21" عليه "وهو ليس كلمات ملفوظة ولا جمل محفوظة، إنه تعبير قولي وفعلي وحاليّ، واحتياج عارم يجول في النفس ويلحّ في البروز، يطلبه المؤمن من ربه، وهو منغمس في تحصيله واستدعائه، كما أنه يطلب النصر من ربه وهو في أتون المعركة (ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين".

وأردف: "والدعاء هو الحلقة التي تصل الأسباب بالغايات، وتشحنه بالرشاد والتوفيق، وهو سبب من أقوى الأسباب الموصلة إلى الغايات إذا تعلق بصحة الإيمان وقوة العمل، والاكتفاء بالدعاء دون عمل وسعي ومتابعة هو اكتفاء بالسبب، وهذا يقدح في إيمان المرء وادّعائه، والدعاء لا يعني أن نستغني عن العمل والإنتاج، ولا يعني أن نتوقف عن البحث عن البدائل والخيارات، ونفتش في المنافذ والمداخل والاحتياطات، لأن الدعاء هو في سياق العمل والسلوك".

وأكدّ أن "الدعاء هو عبادة العاملين يربطون فيه أعمالهم بمقاصدها، ويصلونه بالداعي إليها، ويطلبون القرب إليه أكثر بترديدها وتكرارها، وكأنهم يسترشدون بها ليصلوا إلى أقرب الطرق وأخصرها (لعلهم يرشدون)".

وفي ذات السياق أورد الباحث والداعية المصري، محمد هنداوي الأزهري ما هو مقرر عند العلماء من أن "الميسور لا يسقط بالمعسور" فالمسلم إذا ما استطاع أن يفعل شيئا فعله، وإذا لم يستطع أن يفعل ما فوقه، وواجبنا تجاه غزة واضح وبين، فليس كل المسلمين يستطيعون أن يقاتلوا، وأن يعبروا الحدود لمشاركتهم في جهادهم وقتالهم ضد جيش الاحتلال".


                                        محمد هنداوي الأزهري باحث وداعية مصري

وتابع: "لكن ثمة ما ينبغي أن يكون جميع المسلمين على وعي به، ألا وهو قضية التطبيع مع هذا العدو الدائم المستقر الذي لا يمكن بحال أن تمد إليه يد، وأن تكون بيننا وبينه صداقات، ولا أن نسعى إلى تواصل معه، فصناعة الوعي هو أجلى وأتم وأوضح ما ينبغي أن يكون في هذه المعركة، وهذا دور العلماء والدعاة، فواجبهم أن يحترزوا احترازا بينا من كل صور التضليل والتشويه كالسلام مع عدو دائم لا مهادنة بيننا وبينه، صاحب مشروع استيطاني في المنطقة".

ونبّه الأزهري في حديثه لـ"عربي21" إلى "ضرورة الفصل بين القضية الكلية التي عليها الإجماع، ألا وهي عداء هؤلاء القوم للإسلام وأهله، وللمنطقة وأهلها، ولتراث الأمة وتاريخها، وبين تقدير الموقف من الحركة الإسلامية في اجتهاداتها إن كانت خاطئة أو مصيبة، فلا ينبغي أن يكون الآن تقدير الموقف مما فعلته حماس.. أصابت أم أخطأت.. فما ينبغي أن يكون محل نظرنا الآن: هل أغاثت الأمة أهل غزة وهم في حاجة إليها، الجواب: لا".

وأردف: "فتقدير الموقف مما فعلته حماس ليس هذا وقته، فالعبرة والنظر في مسألة التكافؤ هذا واقع في جهاد الطلب، أما في جهاد الدفع فما دام أننا نعلم أن العدو قادم إلينا لا محالة، وأنه سينكل بنا، فالواجب أن ندافع عن أنفسنا بما أُتيح لنا، وأما من يكتفون بالدعاء فهم واهمون ولا يريدون أن يحركوا الأمة، ولا أن يتحركوا، فإما أن يقولوا الحق أو يصمتوا، ولا يكذبوا على أنفسهم".

وشدد في ختام حديثه على أن "من يتكلم بالحق ويقوم بما يجب عليه ينجي رقبته في الدنيا وفي الآخرة، وأن الذين ناصروا الطواغيت على مر العصور يكونون تحت الأقدام بعد ذلك، والنعال على رؤوسهم، وأن الذين ناصروا الحق وأهله يرفع الله ذكرهم وإن لم يُمتعوا بهذا الرفع في حياتهم، كما قال تعالى {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد}.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير غزة الدعاء الفلسطيني دور فلسطين غزة حرب دور دعاء تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ینبغی أن یکون إلا الدعاء أهل غزة على أن

إقرأ أيضاً:

الإمام علي صمام أمان وسط الفتن التي هي كقطع الليل المظلم

 

 

من يتأمل حياة وسيرة النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو دائمًا يلفت نظر الأمة إلى عدة مخاطر داهمة عليها، وكان دائماً يحدثهم عن الانحراف الذي يهدد الأمة في مستقبلها ما بعد وفاة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فضمن ما ورد عن رسول الله أنه قال: (أيها الناس، سُعِّرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم)، وكذلك تحدث عن الانحراف، فقال في الحديث المعروف عنه، روته الأمة بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها: (لتحذُنَّ حذو من قبلكم)، قالوا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: (فمن؟)، وكذلك في روايةٍ أخرى، قال: (لتحذُنّ حذو بني إسرائيل)، حالة خطيرة جدَّا من الانحراف.
تتراكم الفتن على الأمة فتكون كقطع الليل المظلم، كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (فتن كقطع الليل المظلـم يمسي المـرء مؤمنـاً ويصبح كافـراً يصبح مؤمنـاً ويمسي كافراً)، ضلال رهيب والتباس في الأمور، يأتيك الضلال من بين يديك، ومن خلفك وعن يمينك، وعن شمالك.
فتن خطيرة حتى أنَّ الجيل الذي عاصر الرسول «صلوات الله عليه وعلى آله»، وسمعه، وعايشه من المسلمين، معرَّضٌ لهذه الخطورة، فقد ورد في مصادر الأمة المعتبرة (مصادر السنة والشيعة) أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قال: (ليردنَّ عَلَيَّ الحوضَ رجالٌ ممن صَاحَبَني، حتى إذا رأيتهم، ورفعوا إليَّ، اُختُلِجُوا دوني، فأقول: أَيْ رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بُعْداً بُعْداً))، وفي الروايات الأخرى: ((سحقاً سحقاً)).
فهذه الحالة الخطيرة التي تهدد مستقبل الأمة كانت تهم رسول الله محمد الذي قال الله عنه: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} كان يقلق على الأمة، ويخاف عليها من الضلال، ومن الزيغ، ومن الانحراف؛ لعواقبه السيئة في الدنيا وفي الآخرة.
فرسول الله كان يفكر بهذه الأمة، ويهمه أمرها في كل العصور، حرصه الشديد على الجيل الذي عايشه وعاصره وعلى الأجيال اللاحقة لأنه رسول الله للعالمين، إلى آخر أيام الدنيا، ولمعرفته بمستقبل الأمة كما عرفه الله كان حريصاً على استقامة الأمة وسلامتها من الزيغ والانحراف.
وفي حجة الوداع أعلمه الله أن أجله قد اقترب، وأثناء أدائه لمناسك الحج كان رسول الله يشعر المسلمين باقتراب أجله، وأن هذا الحج سيودع فيه أمته وله أهمية خاصة، فكان يقول لهم في عدة مقامات: (لَعَلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وفي مقامٍ آخر: ((إني أوشك أن أُدعى فأجيب))، فكان يشعرهم بقرب رحيله، وأنه مودع هذه الحياة، وهذه مسألة هامة جدَّا، مؤلمة، ومقلقة، وحسَّاسة، وتبرز عندها وعند التحذيرات السابقة من خطورة الزيغ والانحراف علامات الاستفهام: ولا شك أن الكثير سيتساءل عندما يسمع مثل الذي سبق، ماذا بعد رحيل رسول الله «صلوات الله عليه وعلى آله»؟ كيف تفعل الأمة؟ من سينقذ الأمة من هذه الفتن المظلمة؟ من للأمة بعد خاتم الرسل والأنبياء؟ هل سيتركهم رسول الله بدون توضيح القيادة؟ هل رسول الله سيترك الأمة تغرق في ظلمات المستقبل المعتم؟.
لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يترك الأمة بدون توضيح وتبيين الشخصية بإسمها لهذه الأمة، ولا يرضى الله لعباده أن يعيشوا في ظلمات من فوقها ظلمات تنتهي بهم إلى سخط الله وعذابه.
ففي مفترق الطرق وفي منطقة تُسمى وادي غدير خم بالقرب من منطقة الجحفة، أنزل الله قوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغ مَآ أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهدِي ٱلقَومَ ٱلكَٰفِرِينَ} وهذه الآية المباركة- هي من آخر الآيات القرآنية التي نزلت في تلك الفترة الأخيرة من حياة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) – آيةٌ عجيبة؛ ومهمة جداً لدرجة أنه لو لم يبلغ فكأنه لم يقدم شيئاً.
وعند نزول هذه الآية عقد رسول الله اجتماعاً استثنائياً طارئاً، وأوقف الناس قبل الظهيرة، وأمر بمن قد تقدَّموا أن يعودوا، وانتظر باللاحقين ليصلوا، حتى أجتمع الجمع بكله، كل أولئك الحجاج الذين كانوا برفقته في الحج وكانوا أكثر من مائة ألف حاج، اجتمعوا بأجمعهم، أمر المنادي أن ينادي: (الصلاة جامعة)، فصلَّى بالناس صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر التفت إليهم، وقام يخاطبهم، فقال: (أيها الناس إن الله أمرني بأمرٍ، فقال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ})، ونادى علياً، وأخذ بيده معه، وأصعده معه على أقتاب الإبل، ثم قال في خطبته: (يا أيها الناس: إنَّ ﷲ مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه، فهذا عليٌّ)، وأخذ بيد علي، ورفع يدهُ مع يده، (فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله)، ثم في نفس الخطبة أكد رسول الله على التمسك بكتاب الله وعترته أهل بيته، لأن فيهما السلامة من الضلال، والأمان من الفتن المظلمة، لا يزيغ معهما الفؤاد ولا ينحرف العمل، هما الضمانة على الاستقامة، والنجاة من التباس الأمور، والحصانة من الولاء لليهود والنصارى.
في هذا اليوم قدم رسول الله الضمانة بأن علياً هو الذي سيواصل الدور في هداية الأمة، في الحركة بالأمة على أساس هدى الله، بأن شخصية علي شخصيةً تمثِّل الضمانة لاستمرارية حركة الإسلام بشكلٍ صحيح وبشكلٍ كامل، وهو صمام أمان من الضلال في كل مجالات الدين، وفي كل مجالات الحياة.

مقالات مشابهة

  • الولاية بمفهومها القرآني ودلالات معانيها السامية
  • الإمام علي صمام أمان وسط الفتن التي هي كقطع الليل المظلم
  • زخم جماهيري كبير في احتفالات أبناء أمانة العاصمة بذكرى الولاية
  • فعاليات خطابية واحتفاليه بذكرى الولاية في العاصمة صنعاء والمحافظات
  • الغدير بين منهج توحيد الكلمة وبين المنهج الصهيوني لتفريق الكلمة
  • فعاليتان احتفاليتان في إب بذكرى يوم الولايةِ للعام 1445هـ
  • محافظة صنعاء.. فعاليات جماهيرية في 21 ساحة احتفاء بذكرى يوم الولاية
  • مسيرة حاشدة لحرائر أمانة العاصمة بذكرى يوم الولاية
  • قائد الثورة يتوّجه بالتهاني للشعب اليمني وكافة المسلمين بذكرى يوم الولاية
  • أبناء المربع الشمالي لأمانة العاصمة يحتفون بذكرى الولاية