صحف عالمية: خطة نتنياهو لغزة تجمع بين الاحتلال والعقاب الجماعي
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
سلطت صحف ومواقع إخبارية عالمية الضوء على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لليوم التالي للحرب على قطاع غزة، وعلى الاستياء الأميركي من خطط الاستيطان التي تعتزم الحكومة الإسرائيلية البدء في تنفيذها بـالضفة الغربية.
وقدم نتنياهو في وقت سابق للمجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) وثيقة مبادئ تتعلق بسياسة اليوم التالي لحرب غزة، تتضمن -حسب هيئة البث الإسرائيلية- عدة بنود من بينها احتفاظ إسرائيل بحرية العمل في كامل قطاع غزة دون حد زمني، كما تتضمن أيضا إقامة منطقة أمنية في القطاع متاخمة للبلدات الإسرائيلية.
وكتبت "نيويورك تايمز" أن خطة نتنياهو "تتناقض تماما مع كل ما ظلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تسعى إلى تحقيقه منذ شهور".
ورأى مقال نشرته الصحيفة أن اختيار نتنياهو الكشف عن خطته في الساعات التي سبقت بدء مفاوضات باريس حول صفقة تبادل الأسرى "ليس مصادفة بل هو أمر مقصود، الهدف منه تركيز النقاش العام في المسار الذي أراده رئيس الوزراء الإسرائيلي".
وفي نفس السياق، وجدت "الفايننشال تايمز" أن خطة نتنياهو لغزة بعد الحرب "تُعبّر عن رغبة واضحة في إعادة السيطرة على القطاع، من خلال الجمع بين أساليب الاحتلال والعقاب الجماعي".
وبحسب الصحيفة، فإن الخطة التي وردت في صفحة واحدة صيغت بغموض، وإن أحد أهدافها دغدغة مشاعر اليمينيين الداعمين لنتنياهو، مشيرة إلى الفتور الذي قوبلت به الخطة في أوروبا وأميركا.
وركز موقع "آلمونيتور" عن العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة، ونقل عن مصدر مقرب من عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس قوله إن العملية يمكن أن تُنفّذ في غضون شهر أو اثنين، "لكن الرهائن ليس لديهم هذا الوقت، مع مقتل وإصابة العديد منهم"، ويعلّق الموقع بأن الجدل بشأن رفح صورة مصغرة للجدل الأكبر بشأن الحرب، التي دخلت شهرها الخامس.
من جهة أخرى، كشفت "الواشنطن بوست" عن استياء كبير في الإدارة الأميركية من خطط الاستيطان التي تعتزم الحكومة الإسرائيلية البدء في تنفيذها بالضفة الغربية. وأوضحت الصحيفة أن هذا الاستياء يفسر قرار إدارة بايدن اعتبار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة متناقضا مع القانون الدولي، في تراجع عن قرار اتخذته الإدارة السابقة، بقيادة دونالد ترامب.
ونقلت "الواشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين وصفهم تصميم الإسرائيليين على المضي في خطط الاستيطان بعد كل الدعم الأميركي لهم، بأنه استهتار بالإدارة الأميركية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أخيرًا.. نتنياهو يجثو على ركبتيه!
بعد 15 شهرا كاملا من المكابرة والعناد والغطرسة، جثا نتنياهو أخيرًا على ركبتيه، كما توعّده أبو عبيدة في أكتوبر 2023، وقبِل صاغرًا وقف الحرب، وعقد صفقة تبادل أسرى وفق أغلب شروط المقاومة.
طيلة 15 شهرا، ظلّ مجرم الحرب نتنياهو يهرب إلى الأمام، ويصرّ على مواصلة الحرب وارتكاب المجازر، وتجويع الفلسطينيين، والتدمير المنهجي لغزة، أملا في تحقيق “النصر المطلق”، وتحرير أسراه بالقوة، والقضاء على المقاومة، وإسقاط حكم حماس، وتهجير سكان القطاع إلى سيناء في خطوة كبيرة لتصفية القضية الفلسطينية وحسم الصراع لصالح الاحتلال نهائيّا.
وحينما فشل في مخطط التطهير العرقي والتهجير الشامل، حاول تنفيذ تهجير جزئي لشمال غزة وطرد سكانها إلى الجنوب، وإعادة استيطانه، وشرع في تنفيذ “خطة الجنرالات” منذ أزيد من 100 يوم، ارتكب خلالها مجازر مروِّعة ونسف جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا من الوجود، لكنّ الخطة فشلت؛ فعشراتُ الآلاف من السكان أصروا على البقاء في منازلهم المهدَّمة رغم الجوع والقصف، والمقاومة صمدت وزاد لهيبُها في الأسابيع الأخيرة، وخسائر الاحتلال تراكمت، فتوصّل نتنياهو في الأخير إلى قناعة بضرورة وقف الحرب عند هذا الحدّ والقبول بخطة بايدن التي رفضها في أواخر ماي الماضي.
خلال هذه المدة الطويلة من الحرب، قصف الاحتلال غزة بنحو 100 ألف طن من القنابل والمتفجِّرات (100 مليون كلغ)، أي ما يعادل خمس قنابل نووية، وغزا القطاع بـ360 ألف جندي ومرتزق، ومع ذلك صمدت المقاومة وبقيت تقاتل وتوجّه ضربات موجعة للعدوّ حتى آخر لحظة، ولو استمرّت الحرب لبقيت المقاومة صامدة رغم اختلال التوازن العسكري كلّيا لصالح العدوّ، وهذا في حدّ ذاته إعجازٌ حربيٌّ سيخلّده التاريخ بالكثير من الإعجاب والذّهول.
إنّ قراءة سريعة في نصّ اتفاق وقف إطلاق النار تُظهر بوضوح لأيِّ متتبّع منصف أنّ المقاومة قد فرضت أغلب شروطها المتعلقة بوقف الحرب وانسحاب جيش الاحتلال، ولو مرحليًّا، وعودة السكان إلى أحيائهم في الشمال بلا قيود، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وعقد صفقة تبادل تحرِّر بموجبها 1737 أسير فلسطيني في المرحلة الأولى وقد تحرِّر أكثر من هذا العدد في المرحلة الثانية مقابل جنود العدوّ وهم أكثر أهمية من المدنيين..
صحيحٌ أنّ المقاومة لم تحقِّق شرطها بتبييض سجون العدوّ، لكن ليس بالإمكان أفضل ممّا كان؛ إذ طال أمدُ هذه الحرب وحان الوقت ليتوقف نزَفُ دم سكان غزة، ويستريحوا من أهوالها، ويلتقطوا أنفاسهم، ويعودوا إلى ديارهم ولو كانت مهدَّمة، ويشرعوا في تضميد جراحهم، واستئناف حياتهم، بعد 15 شهرا كاملا من الموت والتشرّد والجوع والمعاناة…
وهنا لا بدّ أن يهبَّ مليارَا مسلم، وفي مقدّمتهم 46 مليون جزائري، لنجدة إخوانهم في غزة بما يستطيعون تقديمه من أغذية وأدوية وأفرشة وأغطية وبيوت جاهزة وخيم ومواد إغاثية أخرى… فالحدود مفتوحة ولا يُقبل منهم أيُّ تقاعس أو عدم اكتراث منذ الآن، لأنّ معركة أخرى بدأت وهي الضّغط على حماس وابتزازها بالمساعدات الإنسانية وملفّ إعادة الإعمار لترك حكم غزّة لعملاء الاحتلال.
نبارك للمقاومة الفلسطينية نصرها التاريخي على الاحتلال وكسر شوكته وإجباره على وقف الحرب بشروطها، ونبارك لـ2.2 مليون فلسطيني بغزة صمودهم الأسطوري في أراضيهم وإفشال مخطط العدوّ لتهجيرهم.. لقد انتصرت المقاومة بشهادات بلينكن وثلاثة وزراء من حكومة الاحتلال وهم جدعون ساعر، وبن غفير، وسموتريتش، وكذا رئيس الموساد السابق تامير باردو، وصاحب “خطة الجنرالات” المشؤومة غيورا آيلاند، وعدد كبير من المحللين الصهاينة، في حين يصرّ المرجفون العرب على أنّ حماس هي التي خسرت بقياس فاسد وهو الخسائر البشريّة الكبيرة والدّمار الكبير الحاصل في غزة، وكأنّ الثورات التي انتصرت في التاريخ على المستعمِرين لم تدفع تضحياتٍ جسيمة.
نتنياهو جثا على ركبتيه أخيرا، ومشروعه القائم على تغيير الشرق الأوسط، تبخّر، وقريبًا ستنتهي حياته السياسية ويحاكَم ويُسجَن بتهم فساد سابقة، أو يبقى مطارَدًا من المحكمة الجنائية الدولية، وجيشُه هُزم، وعددٌ من وزرائه بكوا في جلسة الحكومة للتّصديق على اتفاق وقف إطلاق النار، ما يدلّ على مدى وقع الهزيمة في نفوسهم، أما سكّانُ غزة فقد احتفلوا طويلا بالنصر على حرب الإبادة والتهجير، وردّدوا نشيد “سوف نبقى هنا” وتكبيراتِ العيد وكأنّه يوم عيد، كما انتشرت شرطة حماس في عموم أنحاء القطاع، في رسالةٍ واضحة تؤكّد أنّ “اليوم التالي” للحرب، هو بقاء حكم حماس ورسوخه أكثر، ولا عزاء للصّهاينة وحلفائهم المتصهينين الذين كانوا يتداعون إلى دخول قوّات عربية ودولية لحكم غزّة بعد نهاية الحرب.
الشروق الجزائرية