أكد الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، أهمية انعقاد مؤتمر الأزهر الهندسي الدولي السادس عشر تحت عنوان «التطبيقات الهندسية والذكاء الاصطناعي لتحقيق الاستدامة»، في هذا التوقيت، ليضع بذلك لبنةً جديدةً في تأكيدِ قدرةِ الأزهر ورجاله على إحداثِ معاصرةٍ راسخةٍ تقفُ على جذور الماضي، وتحسن قراءة الواقعِ، وتتطلعُ إلى مستقبلٍ مشرقٍ.

وأشار «الضويني»، خلال كلمته بالمؤتمر الذي تنظمه كلية الهندسة بجامعة الأزهر، إلى أنَّ مشايخَ الأزهرِ وعلماءَه كما كانوا يكتبون في علومِ الشَّريعةِ من فقهٍ وتفسيرٍ وحديثٍ وغيرِها، وكما كانوا يكتبون في علومِ اللُّغةِ العربيَّةِ من نحوٍ وصرفٍ وبلاغةٍ وغيرِها، فإنَّهم كانوا يكتبون في الرِّياضيَّاتِ والهندسةِ والجغرافيا والفلكِ والتَّشريحِ والطِّبِّ وسائرِ العلومِ الَّتي يمكن أن نسمِّيَها علومَ الحياة. ومَن نظرَ أيسرَ نظرةٍ إلى كتبِ مبادئِ العلومِ، وهي رسائلُ صغيرةٌ كان يحرِّرها العلماءُ تجمعُ أشتاتَ العلومِ في اختصاراتٍ عميقةٍ، فضلًا عن المؤلَّفاتِ المستقلَّة الَّتي وضعوها في علوم الحياةِ وفنونِها وجدَ آثارهم في هذه العلوم ناطقةً ببراعتهم فيها.

وتابع «الضويني»، بأن مِن العلماءِ الأزهريِّين الَّذين وُصفوا بالموسوعيَّةِ، نجمُ الدِّينِ محمدُ بنُ محمدٍ المصريُّ (عاش في القرن السابع الهجري)، فقد وضع أكبر الجداول الفلكية، ونقل عنه الأوربيون علومًا كثيرةً في الفلكِ، والشيخ أحمد السِّجيني (ت: 885هـ)، وقد وصف بالبراعة في علم الجبر والهندسة، والشيخ عبد الله الشنشوري (ت: 999هـ) له كتب في الحساب، والشيخ أحمد عبد المنعم الدمنهوري (ت:1192هـ) وله: القول الصريح في علم التشريح، والشيخ أحمد السُّجاعي (ت:1197هـ)، فقد درَّسَ الفلك والمنطق، وله من المؤلفات رسالة في منازل القمر، ولقطة الجواهر في الخطوط والدوائر، والشيخ علي الطحان الأزهري (ت: 1207هـ)، له رسائل في الفلك، والشيخ حسن العطار الَّذي اشتغل بصناعة المزاول الليلية والنهارية، وأتقن الرصد الفلكي إلى جانب براعته في الطب والتشريح، والأمثلة كثيرة.

وكيل الأزهر: هويتنا العربية والإسلامية تتميز بالجانب الروحي

واستعرض وكيل الأزهر، خلال المؤتمر بعض القضايا المعاصرة التي تجمع بين تخصصات الهندسة وتحتاج المزيد من الجهود مثل مفهومِ التَّنميةِ المستدامةِ، الَّذي يجب أن يتجاوزَ المحافظةَ على الثَّرواتِ الطَّبيعيَّةِ والمواردِ المادِّيَّةِ إلى المحافظةِ على كلِّ ما يتعلَّقُ بالإنسانِ مِن جوانبَ ثقافيَّةٍ واقتصاديَّةٍ ودينيَّةٍ واجتماعيَّةٍ، وصيانةِ حياتِه حاضرًا ومستقبلا، فالتَّنميةُ المستدامةُ في الإسلامِ لا تقفُ عند الجانبِ المادِّيِّ وحدَه، بل تجعلُه جنبًا إلى جنبٍ مع البناءِ القِيَميِّ والأخلاقيِّ والرُّوحيِّ، الَّذي يصونُ هذه التَّنميةَ ويحفظُها من العبثِ بمكوِّناتِها وبرامجِها، ولعلَّ مِن فضلِ الله علينا أنَّ هويَّتَنا العربيَّةَ والإسلاميَّةَ تتميَّزُ بهذا الجانبِ الرُّوحيِّ المشرقِ.

وأضاف، أن التَّنميةَ في الإسلامِ لا تقفُ عند إصلاحِ الدُّنيا بل تتجاوزُها إلى الآخرةِ، وذلك كلُّه تحت اسمِ «الإعمارِ» الَّذي كُلِّفنا به، والَّذي يشملُ القلبَ والعقلَ، والعلمَ والعملَ، والدُّنيا والآخرةَ، ويكفي أن نتأمَّلَ هذا الإيمانَ الَّذي رُتِّبَ عليه دخولُ جنَّةِ الخلدِ، وسعادةُ الأبدِ، كيفَ قرنَه اللهُ بالعملِ الصَّالحِ في كتابِه الَّذي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ في عشراتِ المواضعِ منه، وتأمَّلوا قولَه تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾، ثمَّ تأمَّلوا كيف تَرجمتْ هذا العملَ الصَّالحَ سنَّةُ النَّبيِّ ﷺ في أحاديثَ كثيرةٍ تُعنى بصغارِ أمورِ الحياةِ قبلَ كبارِها؛ حتَّى جَعَلَتْ إصلاحَ الطَّريقِ، وإماطةَ الأذى عن المارَّةِ فيه شعبةً من شُعبِ الإيمانِ.

محاور التنمية المستدامة

واستطرد وكيل الأزهر، أن من التنميةِ المستدامةِ أن نحسنَ استخدامَ عطاءِ العصرِ، ومنه الذَّكاءُ الاصطناعيُّ الَّذي لم يعد لدينا رفاهيةُ الاختيارِ في رفضِه أو قبولِه؛ فهذا الذَّكاءُ الاصطناعيُّ إمَّا أن نُديرَ له ظهورَنا، ونرفضَ ما يحملُه من فُرصٍ فنكونَ قابعين هنالك في زاويةٍ من زوايا الحياةِ بلا أثرٍ ولا نتيجةٍ كلا وجودٍ، وإمَّا أن نتلقَّاه بالإيجابيَّةٍ وحسنِ الاستثمارِ والتَّفاعلِ المثري للحياةِ؛ فنكونَ أهلًا للخيريَّة الَّتي وصفَ اللهُ بها الأمَّة، مع الأخذ في الحسبانِ أنَّ الذَّكاءَ الاصطناعيَّ قد تصحبُه تحدِّياتٌ كبيرةٌ ومخاطرُ متعدِّدةٌ، يصفُها بعضُ من استحدثوه بأنَّها أخطرُ من القنابلِ النَّوويَّةِ؛ وقد تدمِّرُ البشريَّةَ؛ بسببِ وجودِ بعضِ البرامجِ والتَّطبيقاتِ الَّتي قد تستخدمُ بطرقٍ غيرِ أخلاقيَّةٍ، لذلك كان من الواجبِ ونحن نتأمَّلُ الذَّكاءَ الاصطناعيَّ وما يتيحُه من فرصٍ جديدةٍ، أن نلقاه بتخطيطٍ استراتيجيٍّ مرشدٍ.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الأزهر الشريف مؤتمر الأزهر وکیل الأزهر

إقرأ أيضاً:

جوجل تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث

تخطط شركة جوجل لإضافة ميزة جديدة تعرف بـ “وضع الذكاء الاصطناعي” (AI Mode) إلى محرك بحثها، وفقا لتقرير من موقع The Information، سيوفر هذا الوضع خيارا للتبديل من أعلى صفحة النتائج، مما يتيح للمستخدمين الوصول إلى واجهة تشبه تلك الخاصة بـ Gemini AI chatbot.

وبحسب ما ذكره موقع “ذا فيرج” التقني، سيتم إضافة علامة التبويب الجديدة “وضع الذكاء الاصطناعي” إلى الجانب الأيسر من علامات التبويب الموجودة مثل “الكل” و"الصور" و"مقاطع الفيديو" و"التسوق". 

جوجل تطلق تحديثا جديدا لتطبيق Gmail.. إليك مميزاتهوداعا جوجل سيرش.. 4 خطوات لاستخدام بحث ChatGPT مجانا

وعند استقبال المستخدم لرد في هذا الوضع، ستظهر روابط لصفحات ويب ذات صلة، بالإضافة إلى “شريط بحث” أسفل إجابة المحادثة، يدعو المستخدمين لمتابعة الاستفسارات.

تأتي هذه الخطوة بعد تقرير سابق من “Android Authority”، أكد على وجود وضع الذكاء الاصطناعي في إصدار تجريبي من تطبيق جوجل، كما اكتشف موقع 9to5Google، رمزا بشير إلى إمكانية استخدام هذا الوضع لطرح الأسئلة عبر الصوت. 

جوجل لم تعلق على الأمر بعد، حيث تتجه نحو دمج البحث مع تقنيات الذكاء الاصطناعي في ظل الضغوط المتزايدة، خاصة بعد إطلاق OpenAI ميزة البحث في ChatGPT لجميع المستخدمين. 

يذكر أن شركة جوجل قد بدأت بالفعل في تقديم ملخصات بحث مدعومة بالذكاء الاصطناعي لبعض الاستفسارات وعملت على توسيع هذه الميزة لتشمل المزيد من الدول في أكتوبر الماضي.

جوجل تتيح أداة البحث العميق بالذكاء الاصطناعي

ويشار إلى أن جوجل قد أعلنت عن توسيع إتاحة أداة البحث العميق “Deep Research” عبر نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها Gemini، لتضم 40 لغة إضافية، ومنها اللغة العربية، وذلك بعد أن أتاحت الأداة للمشتركين في خطة Gemini Advanced.

وتعمل الأداة من خلال طلب المستخدم من Gemini البحث في موضوع معين، إذ ينشئ الروبوت “خطة بحث متعددة الخطوات” يمكن للمستخدم تعديلها أو الموافقة عليها. 

وأوضحت جوجل أن عملية البحث تبدأ بجمع “المعلومات المهمة” من الإنترنت، تليها عمليات بحث متعلقة بالموضوع نفسه، وهي عملية تكرر عدة مرات للحصول على نتائج دقيقة وشاملة.

وعند اكتمال البحث، تقدم الأداة تقريرا يضم أبرز النتائج مدعومة بروابط للمصادر الأصلية، ويمكن للمستخدمين طلب توضيحات إضافية حول بعض النقاط أو تعديل التقرير، مع إمكانية تصديره إلى مستندات جوجل في ملف نصي.

مقالات مشابهة

  • وزير السياحة يؤكد أهمية وضع إطار قانوني لاستخدامات الذكاء الاصطناعي
  • افتتاح مؤتمر «العلوم التطبيقية لتحديات المستقبل والتنمية المستدامة» بـ علوم بنها
  • انطلاق مؤتمر العلوم التطبيقية لتحديات المستقبل والتنمية بجامعة بنها
  • افتتاح مؤتمر "العلوم التطبيقية لتحديات المستقبل والتنمية المستدامة" بعلوم بنها
  • أدوات الذكاء الاصطناعي الأكثر شعبية في العام 2024 (إنفوغراف)
  • رئيس جامعة الأزهر: لأول مرة تعريب علوم الطب والهندسة والصيدلة
  • شاهد بالفيديو.. زوجة الشيخ المثير للجدل محمد مصطفى عبد القادر تباغته بسؤال على الهواء والشيخ يقر ويعترف: (دي شريكة الحياة ورفيقة الدرب)
  • أستاذ علوم سياسية: لا نية لتأجيل جلسة انتخاب الرئيس في لبنان
  • جوجل تدخل وضع الذكاء الاصطناعي الجديد إلى محرك البحث
  • العلوم الصحية تعرض دور "الذكاء الاصطناعي" في دعم التقنيات الجديدة للأشعة