عربي21:
2025-02-08@15:20:36 GMT

رأي في مشروع القرار الجزائري لمجلس الأمن لوقف حرب غزة

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

بداية وقبل الدخول في صلب الموضوع، أود الإشارة الى أن هذا المنشور يحمل في طياته دعوة للتأمل والنقاش، فهو موجه بالدرجة الأولى للإثراء، للتفكير العميق والتبادل البناء.

الحمقى وفاقدو البصيرة، من عبيد السلطة وذبابها وزبائنها، حيث ننتظر منهم كما من التعاليق السيئة، سيكون التجاهل أحسن رد عليهم.

إن القضية الفلسطينية بالنسبة لي، هي أولا قضية سياسية، إنسانية وقضية أخلاقية، قضية يختبر فيها كل واحد منا ضميره وانسانيته، ويختار موقفه، إما أن يكون انسانا حقيقيا ملتزما بالقيم والأخلاق، وإما يفقد ضميره وانسانيته.



القضية الفلسطينية هي قضية شعب يناضل منذ أكثر من نصف قرن، من أجل التحرر والانعتاق من أحد أبشع وأقسى أنواع الاستعمار عبر التاريخ.

القضية الفلسطينية هي قضية حق تقرير مصير شعب أعزل، لا يمكن تصور حلها إلا من خلال ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، مع عودة كل اللاجئين، في إطار الاحترام التام للقانون الدولي.

القضية الفلسطنية هي اختبار لكل المنظومة القانونية والمؤسساتية الدولية فيما يخص متابعة ومحاسبة كل مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة و التطهير العرقي التى يتعرض لها يوميا الشعب الفلسطيني.

القضية الفلسطينية هي مسألة سيادة شعب على ارضه ولا يمكن لأي طرف من الأطراف سواء الدولية أو الإقليمية، فرض على الشعب الفلسطيني ممثلين له، فالشعب الفلسطيني هو الوحيد الذي يقرر من يمثله، وذلك عندما تتوفر شروط قيام الدولة الفلسطينية، ويتوفر جو الحرية الذي سيسمح للشعب الفلسطيني اختيار ممثليه بكل حرية .

لذا ومن هذا المنطلق لا يجب أن تكون هذه القضية، ولا يجب أن نسمح أن تكون محل حسابات سياسوية ضيقة، ولا علامة أو سجلا تجاريا، تحقق به أنظمة فاسدة ومستبدة مكاسب سياسية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

وانطلاقا من هذا الواجب الأخلاقي، أردت أن أطرح للنقاش، ما تروج له هذه الأيام أجهزة بروباغندا النظام في الجزائر، وما يسوق ذبابه وزبائنه عبر وسائط التواصل الاجتماعي بين عموم الشعب، عن تحد جزائري هائل لأكبر قوة في العالم (الولايات المتحدة)، وعن انجاز دبلوماسي كبير، من خلال تقديم مشروع قرار فى مجلس الأمن يدعو الى وقف إطلاق نار فوري في غزة لدواعي إنسانية.

فماذا نعرف عن حقيقة هذا الإنجاز الدبلوماسي الوهمي؟

والذي يروج له نظام بائس ومنتهي في الداخل، أملا في رفع رصيده من شعبية يفتقدها تماما بين الجماهير، وتعويضا عن فقدان كامل للشرعية الدستورية، وقطيعة نهائية مع الشعب.

 يجب أن نعلم أولا، أن مشروع القرار الذي قدمته الجزائر للتصويت يوم الثلاثاء 20/02/2024 هو مشروع قرار معدل، وقد عدل ثلاث مرات، وهو يختلف عن المشروع الأصلي الذي قدم للتشاور بتاريخ 01/02/2024،

طبعا الكثير منا وعموم الشعب في غالبه لا يعلم هذه التفاصيل، لكن كما يقول المثل (الشيطان يكمن في التفاصيل).

بالنظر إلى مشروع القرار الذي صاغته الجزائر في بداية فيفري و عرضته *للتشاور* على دول الأعضاء في مجلس الأمن ، و مشروع القرار المعدل و الذي عرض *للتصويت* و عارضته أمريكا بحق الفيتو ، فإننا نلاحظ *اختلافا* *جذريا* بين المشروعين من حيث المضمون و سقف المطالب .

المشروع الأصلي كان سقف مطالبه ـ عاليا ـ ولا يحتوي على أي تنازل للكيان الاجرامي الصهيوني، فقد تضمن طلب وقف فوري للنار ورفض التهجير القسري، ومطالبة كل الأطراف بالالتزام بالقانون الدولي، والسماح بالدخول السريع لكل *المساعدات* الإنسانية عبر كل المنافذ دون عوائق ، كما تضمن طلب إعطاء صيغة الزامية لقرار محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، هكذا صيغ القرار في بدايته، إدانة لإسرائيل و التزاما بحقوق الشعب الفلسطيني.

 فما الذي تغير في مشروع القرار المعدل، الذي قدم *للتصويت* باسم الجزائر هذا الثلاثاء؟

 بقراءة متأنية لمشروع القرار المعدل فسنلاحظ أنه تضمن الإضافات التالية:

1 ـ  شجب جميع الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية وجميع أعمال العنف.

2 ـ إطلاق سراح فوري وغير مشروط لجميع الرهائن، وضمان وصول مساعدات طبية لهم.

3 ـ  توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت حكم السلطة الفلسطينية

4 ـ الالتزام بحل الدولتين.

إن القارئ الحصيف سينتبه بدون *شك* للفرق الشاسع بين القرارين، ولحجم التنازل الكبير الذي قدمه النظام الجزائري، على حساب المبادئ والحقوق الفلسطينية.

في النص المعدل نلاحظ إدانة لجميع أعمال العنف والهجمات ضد المدنيين دون تفريق بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وكأنها إدانة خفيه لهجوم 7 أكتوبر واعتباره إرهابا، كما أن المطالبة بإطلاق سراح ما سمي برهائن دون شروط هو إدانة أخرى لما قامت به  المقاومة وتخلي عن الآلاف من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية، أما توحيد غزة مع *الضفة* في إطار حكم السلطة الفلسطينية، فهو يعني الرضوخ لما تطالب به إسرائيل وعرابتها الولايات المتحدة الأمريكية.

إذ أن القراءة المتأنية لمشروع القرار الذي قدمه النظام الجزائري للتصويت، تبين أنه تضمن إدانة خفية للمقاومة الفلسطينية واعتبارها إرهابا وتخلي عن ألاف الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

أعتقد جازما أن مسار حل القضية الفلسطينية، لن يختلف عن مسار الثورة الجزائرية ومحطاتها الخالدة، فهي التي يمكن أن تقدم دروسا وعبرا لاستشراف المستقبل، وهي التي يمكن أن تكون نموذجا ملهما للكفاح وطريق تحرير فلسطين، من خلال تبني المبادئ والقيم التي قامت عليها، والتي تجسدها مقولة الشهيد عبان رمضان (الجزائر لن تكون تابعة لا لباريس ولا لموسكو ولا لواشنطن ولا للقاهرة، نحن أمة متميزة لا شرقية ولا غربية، الجزائر جزائرية).والسؤال الذي يجب أن يطرح هنا، لماذا النظام الجزائري قدم هذا المشروع القرار المعدل وفيه هذا التنازل الذليل عن الحد الأدنى من مبادئ العدالة وعن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال؟

ولماذا لم يثبت على نص مشروع القرار الأصلي وهو يعلم، كما تعلم كل البعثات الدبلوماسية أن أي قرار يتضمن وقف إطلاق *النار* في غزة سيتعرض للفيتو الأمريكي؟

إن أهداف السلطة في هذه المعركة الدون كيشوتية داخل مجلس الأمن، هي أولا من أجل تسويق أوهام سياسية للرأي العام الوطني الداخلي، و الترويج لأكذوبة الجزائر الجديدة والقوة الضاربة، بين المخدوعين من أنصارها و الجشعين من زبائنها، خاصة و نحن مقبلون على انتخابات رئاسية، لعلها تجني بعضا من الشعبية تعوضها عن فقدان الشرعية، و ثانيا يبعث النظام من خلال مشروع هذا القرار و هو يعلم جيدا أنه لن يمر ، رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تنفي عنه شبهة مساندة المقاومة الفلسطينية و تبين  استعداده للخضوع للإملاءات الغربية. 

وسؤال آخر يطرح في هذا السياق، كيف نفسر أنه من بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تملك حق الفيتو، ثلاث دول هي حليفة لإسرائيل ومساندة عسكريا وسياسيا لحربها الإجرامية في غزة، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، فإذا كانت ـ الولايات المتحدة عارضت مشروع القرار بحق الفيتو ـ وامتنعت بريطانيا عن التصويت فلماذا يا ترى ساندت فرنسا النظام الجزائري وصوتت لصالحه؟

حلل وناقش

 في الختام، أعتقد جازما أن مسار حل القضية الفلسطينية، لن يختلف عن مسار الثورة الجزائرية ومحطاتها الخالدة، فهي التي يمكن أن تقدم دروسا وعبرا لاستشراف المستقبل، وهي التي يمكن أن تكون نموذجا ملهما للكفاح وطريق تحرير فلسطين، من خلال تبني المبادئ والقيم التي قامت عليها، والتي تجسدها مقولة الشهيد عبان رمضان (الجزائر لن تكون تابعة لا لباريس ولا لموسكو ولا لواشنطن ولا للقاهرة، نحن أمة متميزة لا شرقية ولا غربية، الجزائر جزائرية).

كما لا أنسى في هذا المقام، التذكير بالمواقف الشجاعة والصريحة للدول الحرة اتجاه العدوان الإسرائيلي، لا سيما بوليفيا وكولومبيا والبرازيل وجنوب إفريقيا.

يقول الشاعر الفلسطينى سميح القاسم :

"تقدموا  تقدموا 
كل سماء فوقكم جهنم
و كل أرض تحتكم جهنم
تقدموا يموت منا الطفل و الشيخ و لا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى ولا تستسلم "

اما الشاعر توفيق زياد يقول: "هنا باقون
كأننا عشرون مستحيل
في اللد والرملة والجليل
هنا.. على صدوركم باقون كالجدار
وفي حلوقكم
كقطعة الزجاج، كالصبار
وفي عيونكم
زوبعة من نار
هنا.. على صدوركم ، باقون كالجدار ."

رحمة الله على كل شهداء فلسطين

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية موقفه الجزائر فلسطين الجزائر علاقات رأي موقف مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة الشعب الفلسطینی النظام الجزائری التی یمکن أن مجلس الأمن من خلال أن تکون یجب أن

إقرأ أيضاً:

فتح : العدوان الإسرائيلي يهدف لتصفية القضية وتدمير السيادة الفلسطينية

قال عبدالفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح، إن السنة والنصف الماضية كانت فترة دموية وصعبة على الشعب الفلسطيني.

مشيرًا إلى أن المسألة لا تقتصر على قطاع غزة، بل مرتبطة بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، موضحًا أن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، الذي بدأ منذ السابع من أكتوبر، كان يهدف إلى استهداف الوجود الفلسطيني، حيث وصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بـ "المعركة الوجودية".

البيت الأبيض: ترامب مستعد لإعادة بناء غزة للفلسطينيين مع جميع شعوب المنطقةمستشار «ترامب» يكشف تفاصيل صفقة القرن وفكرة ضم غزة للولايات المتحدة |فيديو

وأشار دولة، خلال مداخلة مع الإعلامية هاجر جلال، ببرنامج "منتصف النهار"، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، إلى أن العدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية قبل أكتوبر، الذي كان تحت ما يسمى بـ "الخطة الحاسمة" ثم "خطة فرض السيادة"، استهدف جميع الشعب الفلسطيني وليس فصيلًا معينًا، مؤكدًا أن الحكومة اليمينية في إسرائيل تواصل تصعيد العدوان على الشعب الفلسطيني، خاصة في الضفة الغربية، في محاولة لتحقيق مشروعها لتصفية القضية الفلسطينية.

وأضاف دولة أن العدوان الإسرائيلي يشمل تدمير المخيمات الفلسطينية باستخدام الطائرات والمركبات المدرعة، مع محاولة لضم أراضي إضافية، بما في ذلك وادي الأردن، واستهداف السيادة الفلسطينية بشكل شامل، مؤكدًا أن المستوطنين اليوم مسلحون بأسلحة ثقيلة، مما يزيد من تعقيد الوضع ويجعل السيادة الفلسطينية في دائرة الاستهداف، حيث يسعى الاحتلال لتدمير معالم السيادة الفلسطينية وفرض حقائق جديدة على الأرض لصالح مشروعه التوسعي.

مقالات مشابهة

  • قيادي بحماة الوطن: دور مصر في القضية الفلسطينية ثابت ولم يتغير منذ 1948
  • كاتب صحفي: إيطاليا تحافظ على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية
  • «خبير»: مصر شاركت في أكثر من حرب للدفاع عن القضية الفلسطينية «فيديو»
  • حزب الإصلاح والنهضة: نرفض بشكل قاطع أي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية
  • مصر: نرفض أي طرح من شأنه تصفية القضية الفلسطينية
  • مصر تؤكد رفضها لأي طرح من شأنه تصفية القضية الفلسطينية
  • مصر ترفض أي طرح يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير.. حذرت من التداعيات
  • مصر ترفض أي طرح أو تصور يستهدف تصفية القضية الفلسطينية من خلال التهجير
  • أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي ماضٍ في جرائمه بحق الشعب الفلسطيني
  • فتح : العدوان الإسرائيلي يهدف لتصفية القضية وتدمير السيادة الفلسطينية