صدى البلد:
2025-02-08@07:36:57 GMT

هادي التونسي يكتب: لحظة الأدرينالين

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

تلمع في الذهن فكرة دافعة، تتوخي نشوة مرتقبة،  تغري بالمغامرة، يسيطر الحدس، و يتراجع المنطق ، فيجيئ القرار متعجلا و حاسماٌ، العضلات تشتد، ضربات القلب تتسارع، قوة ما تسري مع الدم في العروق، استقل مركباّ صغيرا ، تتقاذفه مياه نهر مضطربة، و تعلوه رذاذ شلال شافهاوزن السويسري علي الضفة المقابلة، و الهدف اعتلاء صخرة وسط الشلال عبر درجات صاعدة، توقعا لشعور مختلف بإنجاز، يستجيب للتحدي، تسجله صور تذكارية، لأستعيد نشوة الحدث و حالته الهرمونية؛ حالة الادرينالين و اللحظة السحرية.


الرحلة  الجماعية مع مرشدة من ڤيينا الي إقليم الألزاس شمال غرب فرنسا و العودة عبر الغابة السوداء الالمانية و شلالات و مرتفعات سويسرا و جبال الألب في منطقة التيرول السويسرية من أجمل الرحلات طبيعة و قري و مدنا، لذا فلحظة الادرينالين بها هي الأجمل للسرد، لكنها بالقطع ليست الوحيدة و لا الاخطر و لا الاكبر و لا الاكثر ألما و لا الاشد تأثيرا و لا الاطول زمنا و لا الأعمق مغزي، و مع ذلك تبقي واحدة من تلك اللحظات السحرية التي تبعث علي الأمان و البهجة و الفخر، تلك اللحظات التي ننجح في اختباراتها فتزيد المرء ثقة  و ارتياحا و قوة.  و قد تمثل عنوانا للرحلة في ملف الذكريات التي نعيش  شعورها تكرارا كلما تذكرناها.


اللحظات السحرية اشبه بالبلورة في صفاء مدلولها، لحظات تتحدي النسيان، و تصبح زادا في رحلة الحياة و معينا علي تقبل و خوض تحدياتها، فالحياة سلسلة من المنح و المحن، و القلب الشجاع و الفكر الايجابي يتقبل المشاكل كفرص للتطور  بالالم البناء نحو المزيد من النضج و القوة و الصفاء و الرقي، فيسمو علي الشعور باليأس و الشفقة علي الذات و استسهال الشعور بالظلم و الضحية، ليدرك حكمة  الحياة في دنيا الله بخيرها المجزي و شرها المتحدي، و لا يفرض شروطه علي الخالق، بل يتماشي مع الدنيا، فيفرح بخيرها ، و ينضج باجتياز صعابها، و يعرف ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها، طالما تسلح بالإيجابية و الجدية، ووثق ان وراء كل تحدي هدفاّ خيراّ ينتظره بعد  نجاح اجتيازه.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

د. نزار قبيلات يكتب: صناعة المجاز

الكتابة جِهاز، كما يقول النّاقد العالمي الكبير «رولان بارت»، أحد أهم علماء النّقد والأدب اللّامعين في أواخر العِقد الماضي، والكتابة الأدبية وبهذا التوصيف بذلٌ وتكلّف، أنتج لاحقاً ذلك الجَمال الأدبي، الذي يتلقفه القرّاء، دون أن يَفطنوا لتلك المكابدة، ولذلك الاستعصاء الذي عانَى منه كثيراً الكاتب، شاعراً كان أم ناثراً، هذا إذا ما علمنا أن من الأدباء أنفسهم من يرفض هذا الرأي المُجحف للكتابة الأدبية، ويحتفظ بسرّها لنفسه، فبعض هؤلاء وببساطة يربطون المقدرة الاستثنائية في الكتابة الإبداعية بقدرة الكاتب الفردية، وبمهارته الفطرية الخاصة، وبتلك الموهبة التي حُرِمَ منها الآخرون، بيد أن الإمعان في كيفية إنتاج الإبداع الأدبي، يدحض ذلك الرأي، ويُظهر لنا أنّ ثمة مراحل مرّ بها هذا الإبداع بصرف النّظر عن النّوع الأدبي المنشور، فلغة الأدب ولكيلا تكون طبيعية، يلزمها الكثير من التّحسين والقولبة وإعادة الرّصف، فهي -أي لغة الأدب- لغة صناعية بطبيعة الحال، وهي لغة مبتكرة وليست طبيعية يومية، إذ أساسها مفردات من اللّغة الطبيعية كم هي ألفاظها أيضاً، غير أن الأديب قام بابتداع دلالاتٍ غير عادية أو قُل مجازية، حينَ قارب بين تلك الألفاظ والكلمات ذات الدلالة الأحادية، فربطها بذلك الرابط المجازي السحري، فأوجد علاقات معنوية على سبيل المثال بين النّافذة بوصفها دال والحنين بوصفه مدلول، وبين الباب والغياب، ليتجلّى في النّص وبعد هذه المرحلة الأولية من الربط غير المنطقي مستويان من المعنى: أحدهما ظاهر والآخر خفي.
إلا أن الأدهى والأمرّ في الموضوع هو أن المَعنى الخَفي هذا محكومٌ بفهم المتلقي أو القارئ وبطريقته في التأويل، فقد تتوالد معانٍ عديدة عند القارئ، معانٍ لم يقلها الأديب، ولم يُشر إليها أيضاً نصّه الأدبي، إذ عملية التأويل والقراءة هذه تحكمها اعتباراتٌ مرجعية خاصة بثقافة المتلقي نفسه وبسياق التلقي، الذي يأخذ القرّاء إلى معانٍ ليست في النّص، لكنها حاضرة وقت القراءة وقد يكون (ترند) الأسبوع ذا أثرٍ على عملية القراءة والتلقي برمّتها، فقد يحيل كل معاني النصوص القديمة المستخرجة ويؤولها لصالحه عند قراءة النص من الجديد، وهو ما يعني أن الكتابة الأدبية صناعة للمجاز، وأن المعاني قد تظهر في أي وقت، لكن العسير في الأمر هو كيف يطوّع هذا المجاز.
أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أخبار ذات صلة "محمد بن زايد للعلوم الإنسانية" تنظم ملتقى التراث للحرف الإماراتية نهيان بن مبارك: حريصون على تعزيز هويتنا الوطنية

مقالات مشابهة

  • د. نزار قبيلات يكتب: صناعة المجاز
  • صفقة بوبو.. كيف تحولت وجهة اللاعب من المصري إلى سيراميكا كليوباترا في اللحظات الأخيرة
  • الحصاد الختامي لبطولة الجمهورية للمصارعة نجاح تنظيمي وإثارة حتى اللحظات الأخيرة
  • عالم أزهري يوضح أنواع القلوب التي ذُكرت في القرآن الكريم «فيديو»
  • ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
  • خلل في جناح الطائرة يؤدي لإلغاء الرحلة في اللحظات الأخيرة.. فيديو
  • "التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض في مصر القديمة" ندوة بمعرض الكتاب
  • "التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض في مصر القديمة" فى ندوة بمعرض الكتاب
  • عاجل.. سبب وفاة الفنان صالح العويل وتفاصيل اللحظات الأخيرة في حياته
  • حورية فرغلي تركب قطار دراما رمضان في اللحظات الأخيرة