عربي21:
2025-01-19@00:16:33 GMT

لقاء هنية-دحلان.. الضرورات الملحة

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

من نافلة العمل السياسي الطبيعي أن تحدث انزياحات سياسية (براغماتية) وأيديولوجية للحركات السياسية (المقاومة خصوصا) عندما تنتقل من هامش العمل السياسي إلى مركزه، ذلك أنه في فعل العمل المقاوم يرتفع منسوب الأيديولوجيا وينخفض منسوب السياسية باعتبارها فن الممكن أو باعتبارها فعلا فيه كثير من البراغماتية والواقعية.



ينطبق الأمر نفسه ـ وإن لأسباب مختلفة ـ على الدول والحركات السياسية عندما تتعرض لضغوط سياسية أو اقتصادية أو عسكرية قاهرة، فتضطر إلى تقديم تنازلات أو القيام بتحالفات تبدو مستحيلة في ظل ظروف طبيعية.

على سبيل المثال، لم تعد مصر مع السيسي كما كانت أثناء حكم مبارك، فالأول عمد على استرضاء إسرائيل، وكان ثمن ذلك موقف متخاذل مستمر مع إسرائيل ضد غزة.

تدرك الحركة ذلك، لكنها مع كل فرصة تقدم خطابا إعلاميا مادحا لمصر، وقد ظهر هذا الخطاب واضحا أثناء الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة على الرغم من تعاون مصر مع إسرائيل في عرقلة دخول المساعدات إلى القطاع، والتخاذل المضمر مع إسرائيل في القضاء على "حماس" عسكريا وسياسيا، والسبب في ذلك أن مصر هي المنفذ الوحيد للقطاع على العالم الخارجي، ومن هنا تبقى العلاقة مع القاهرة على الرغم من سلبياتها محورا رئيسا في المعادلة الاستراتيجية لحركة "حماس".

ضمن معادلة علاقات الضرورة، جاء لقاء محمد دحلان (القيادي السابق في حركة "فتح" ورئيس "التيار الإصلاحي" المدعوم مصريا وإماراتيا وإسرائيليا) مع إسماعيل هنية في الدوحة قبل نحو أسبوع.

صحيح أن حركة "حماس" تصالحت مع دحلان قبل سنوات قليلة لاعتبارات مصرية ولاعتبارات متعلقة بتوسيع دائرة التحالفات في بيئة فلسطينية منقسمة بقوة وطنيا، لكن هذا التصالح لم يترجم إلى عمل سياسي مشترك، إذ بين الجانبين هوة "وطنية" وسياسية وأيديولوجية كبرى لا تسمح لهما أن يكونا في سلة واحدة، فضلا عن محاولة دحلان (قائد جهاز الأمن الوقائي آنذاك) عام 2006 إجراء انقلاب على الحركة لمنعها من السيطرة على القطاع بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.

لدحلان مصلحة في الانفتاح على حماس لسببين رئيسيين:

الأول، أنه ابن غزة، حيث العلاقات الجهوية ما تزال تلعب دورا في العمل السياسي الفلسطيني، وفي هذا تتلاقى المصالح: دحلان يرغب بإعادة حضوره في القطاع خصوصا أن لديه مؤيدين كثرا لا يزال يقدم لهم إلى الآن الكثير من المساعدات، وحماس لديها مصلحة في كسب شخص بمستوى قوة دحلان بحيث يكون جزءا من معادلة غزة لا من معادلة السلطة (العامل الجهوي).

حركة "حماس" تصالحت مع دحلان قبل سنوات قليلة لاعتبارات مصرية ولاعتبارات متعلقة بتوسيع دائرة التحالفات في بيئة فلسطينية منقسمة بقوة وطنيا، لكن هذا التصالح لم يترجم إلى عمل سياسي مشترك، إذ بين الجانبين هوة "وطنية" وسياسية وأيديولوجية كبرى لا تسمح لهما أن يكونا في سلة واحدة، فضلا عن محاولة دحلان (قائد جهاز الأمن الوقائي آنذاك) عام 2006 إجراء انقلاب على الحركة لمنعها من السيطرة على القطاع بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.الثاني، الرغبة في انشاء مركز سياسي داخل الجغرافية الفلسطينية بعيد خروجه من الضفة، ومن شأن هذه القاعدة أن تكون منطلقا لإعادة توسيع حضوره في الضفة الغربية.

لهذه الأسباب، يبدو لقاء هنية-دحلان مجرد لقاءٍ عابر يدخل ضمن مقتضيات السياسة الطبيعية، إلا أن تصريحات دحلان عن ضرورة وجود قيادة تحكم غزة بعيدا عن "حماس" والسلطة الفلسطينية مؤشر على أن اليوم التالي للحرب سيكون مختلفا عما قبله من الناحية السياسية في غزة.

قد يبدو التصريح مبالغا فيه من الناحية السياسية، فلا يمكن تصور غزة دون حماس، ليس فقط بسبب قوتها وجذرها الاجتماعي فحسب، بل أيضا لأنها نجحت في البقاء أمام آلة الحرب الإسرائيلية الضخمة المستمرة منذ أشهر، بل أيضا نجحت في تكبيد العدو خسائر بشرية كبيرة.

وإذا كانت الحرب امتدادا للسياسة وإن بوسائل أخرى، فإن صلابة حماس في الحرب سيجعلها بالضرورة جزءا من المعادلة السياسية مهما كان شكلها المقبل.

المعطيات المتناثرة تشير إلى أن محمود عباس وافق على تشكيل حكومة خبراء، شرط قبول "حماس" بمنظمة التحرير كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وتبني القرارات الدولية في القضية الفلسطينية، بما في ذلك اتفاقات أوسلو، والتنازل عن الكفاح المسلح.

كما تشير هذه المعطيات إلى موافقة "حماس" على الانضمام للمنظمة والاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، والتنازل عن مكانها في حكومة الخبراء إذا تم تشكيلها، طالما سيكون لها حضور في المنظمة كمؤسسة حاكمة عليا تعلو فوق التنظيمات السياسية المتنوعة.

توسيع دائرة المنظمة وتشكيل قيادة وطنية تحكم غزة خطوة مهمة في إطار مسار الوحدة الوطنية الفلسطينية، غير أن المشكلة لا تكمن هنا، وإنما في الخلفية الموجبة لهذه التطورات.

بعبارة أخرى، إذا كان الهدف من توسيع المنظمة وتشكيل حكومة خبراء محايدة فصائليا في غزة يكمن في الرضوخ للمطلب الأميركي ـ الإسرائيلي ـ المصري، فإن هذه العملية ستنتهي بالضرورة ولو بعد حين إلى عودة الصراع بين "حماس" والسلطة في ظل غياب مشروع استراتيجي وطني موحد يتفق عليه الجميع.

ثمة مشكلتان رئيسيتان تعترضان أي خطوة باتجاه الوحدة الوطنية:

الأول، أن السلطة الفلسطينية أصبحت هي السلطة الحاكمة الفعلية في الضفة وليس منظمة التحرير، وبالتالي إن أي خطوة نحو إعادة تفعيل المنظمة وجعلها المؤسسة الحاكمة العليا سيلقى رفضا من رام الله، وهو ما لن تقبل به "حماس" ومعها "الجهاد الإسلامي".

الثاني، يتعلق بموضوع مقاومة الاحتلال، فالسلطة تصر على المقاومة الشعبية كسبيل وحيد لنيل حق تقرير المصير، في حين أن "حماس" تصر على العمل المسلح (على الأقل في هذه المرحلة قبل انتهاء الحرب)، وإذا ما قبلت الحركة بمطلب السلطة فسيكون لديها شروط مقابل ذلك، منها ما يتعلق بإعادة تنظيم الصفوف الشعبية في الضفة، ومنها ما يتعلق بالمفاوضات السياسية مع الاحتلال، وفي كلتا الحالتين ستصبح "حماس" شريكا في الحكم، وهذا خط أحمر بالنسبة لعباس.

في ضوء هذه المعطيات، ربما جاء لقاء هنية-دحلان ضمن فاصل تاريخي محوري، بحيث يستفيد كل طرف من الطرف الآخر لتعزيز حضوره.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه علاقات فلسطينية السياسة فلسطين علاقات سياسة رأي فصائل مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

توكل كرمان: آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وعلى العالم أن يقف إجلالاً لنضالهم

 

في أول تعليق لها على اتفاق وقف النار في غزة قالت الناشطة الدولية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان انه "قد آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وان يقف العالم كله إجلالاً لنضال للشعب الفلسطيني وإيمانه بقضيته العادلة وحقه في التحرر من الاحتلال.

 

واعتبرت توكل كرمان في منشور على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أن الاتفاق يضع حداً لمأساة إنسانية استمرت خمسة عشر شهراً، طالت أكثر من مليوني فلسطيني، وصنعت مآس إنسانية ستبقى لزمن طويل وصمة عار في جبين الإنسانية.

 

كما رحبت كرمان، بإعلان اتفاق وقف اطلق النار في غزة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس، مشددة على أنه آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وان يقف العالم كله إجلالاً لنضال للشعب الفلسطيني وإيمانه بقضيته العادلة وحقه في التحرر من الاحتلال.

 

وأضافت"أبارك لسكان غزة فرحتهم باتفاق وقف الحرب، الذي يمثل كسراً لحرب الإبادة الوحشية وخطوة مهمة نحو إنهاء معاناة إنسانية مؤلمة عاشها الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكل المدنيين الذين دفعوا ثمناً باهظاً لهذه الحرب الوحشية".

 

وتابعت كرمان: أشيد بكل الجهود التي بُذلت لتحقيق هذا الاتفاق، وأدعو إلى العمل الجاد لضمان تنفيذه بكل تفاصيله بما يفتح آفاقاً جديدة نحو سلام دائم وشامل.

 

واعتبرت كرمان أن "الملمح الإنساني لهذا الاتفاق، من تبادل الأسرى إلى إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، وعودة النازحين، خطوات مهمة ضمن اتفاق وقف الحرب ونتطلع ان تكون بداية تهيء لاتفاق سلام شامل يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة. 

 

وعبرت كرمان عن أمنياتها في أن يعود النازحون إلى منازلهم، وأن تبدأ جهود إعادة الإعمار لتضميد جراح غزة ، وبناء مستقبل يمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة والعيش بكرامة وسلام فوق أرضه التي ارتوت بتضحياته جيلاً وراء جيل ، تضحيات وإيمان بالحق والحرية والكرامة تجعل شعب الجبارين من اكثر شعوب الأرض عبر التاريخ ايماناً بارضه وكرامته واستعدادا للدفاع عنها. 

 

وقالت كرمان: وفي هذه اللحظة التي تفصل بين الحرب والعودة لممارسة الحياة اليومية في غزة بدون قصف وخوف ودماء وقتلى وجرحى، أدعو الجميع، دولاً ومنظمات ومجتمعات، إلى مضاعفة جهودهم لتعزيز الحوار وإرساء أسس السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، مشددة على أن العدالة وحق تقرير المصير وحقوق الإنسان هي السبيل إلى مستقبل أفضل في الشرق الأوسط والعالم كله .

 

وتابعت كرمان: فلنجعل من هذا الاتفاق بداية لعهد جديد تُحترم فيه حقوق الفلسطينيين، وأن تدرك الدول الكبرى والعالم كله بأن تحقيق السلام في الشرق الأوسط أساسه إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام على ارضه وإقامة دولته المستقلة على حدود 67.

 

وأردفت كرمان قائلة: لقد كُسرت حرب الإبادة ولم تنكسر إرادة غزة التي تحملت الأهوال.

 

مقالات مشابهة

  • انتصار المقاومة الفلسطينية.. غزة أول الغيث لتحرير فلسطين كاملة
  • مدفعية الاحتلال تقصف المناطق الشرقية بمدينة رفح الفلسطينية جنوبي غزة
  • توكل كرمان: آن الأوان لحل القضية الفلسطينية وعلى العالم أن يقف إجلالاً لنضالهم
  • لافروف: من الممكن تنظيم لقاء بين بوتين وترامب اذا توفرت الإرادة السياسية
  • الشيخ صبري يؤكد تمسكه بالأقصى.. أبعدوني بسبب نعي هنية
  • خبير: القضية الفلسطينية في وجدان الشعب المصري وعقل القيادة السياسية دائما
  • وكيل «الشيوخ»: مصر سخرت كل إمكاناتها السياسية والدبلوماسية لوقف الحرب في غزة
  • ‏الحرس الثوري الإيراني يصف وقف إطلاق النار في غزة بأنه "انتصار" للمقاومة الفلسطينية
  • لقاء بري وسلام يحسم اتجاه الازمة مع الثنائي.. ميقاتي:لايجاد حل عادل للقضية الفلسطينية
  • كيف سينعكس اتفاق غزة على العلاقات بين الفصائل الفلسطينية؟