هل تريد أن تتذكر بشكل أفضل؟.. لا تحفظ كثيرا
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
نشر موقع "بيغ ثينك" الأمريكي مقالا قدّم فيه الكاتب تشاران رانجاناث نصائح حول كيفية تحسين الذاكرة والاستفادة من المعلومات دون حفظها.
وقال الكاتب، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن جورج ميلر، أحد مؤسسي مجال علم النفس المعرفي الناشئ، كتب في سنة 1956 ورقة بحثية أسّست لنقطة أساسيّة حول الذاكرة تم التحقق من صحتها مرارًا وتكرارًا: وهي عدم قدرة الدماغ البشري على الاحتفاظ إلا بقدر محدود من المعلومات.
وتشير التقديرات الأحدث إلى أن ميلر كان متفائلاً للغاية وأنه لا يمكننا الاحتفاظ إلا بثلاث أو أربع معلومات في أذهاننا في وقت واحد. يساعد هذا الحدّ في الذاكرة في تفسير السبب، فعندما يقوم موقع ويب بنشر سلسلة عشوائية من الأحرف والأرقام لكلمة مرور مؤقتة - على سبيل المثال "JP672K4LZ" - فسوف تنساها على الفور تقريبًا إذا لم تدوّنها.
Adel Emam Easy GIFfrom Adel Emam GIFs
يواجه رياضيو الذاكرة المحترفون نفس الحدود التي يواجهها أي شخص آخر، لكنهم يتغلبون على المشكلة عن طريق استغلال ثغرة كبيرة: لا يوجد تعريف محدد لما يشكل قطعة واحدة من المعلومات. يسمح لنا التقطيع بضغط كميات هائلة من البيانات إلى كمية يمكن التحكم فيها ويمكن الوصول إليها بسهولة.
ذكر الكاتب أنه على الرغم من أنك قد لا تكون على دراية بذلك، إلا أنك تستخدم بالفعل التجزئة في التعلم والتذكر اليومي. فعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تحفظ رقما خاصا بك من ثمانية خانات.
ما يجعل هذا التسلسل من الأرقام سهل التذكر نسبيًا هو أنه مقسم إلى ثلاث أجزاء لا تُنسى - نمط ثلاثة اثنان ثلاثة ويمكن التنبؤ به. ونتذكر أيضًا أرقام الهواتف المكونة من عشرة أرقام (نمط ثلاثة ثلاثة أربعة) بطريقة مماثلة. ومن خلال تجميع هذه الأرقام، نقلل كمية المعلومات التي يتعين على أدمغتنا التعامل معها بمقدار الثلثين.
أجريت بعض الأبحاث الأكثر إلحاحًا حول التقطيع في السبعينيات من قبل هيرب سايمون، عالم النفس في جامعة كارنيجي ميلون والرائد في مجال الذكاء الاصطناعي الناشئ. قدم سايمون مساهمات في العديد من المجالات، بما في ذلك العمل في الاقتصاد الذي أدى إلى حصوله على جائزة نوبل في سنة 1978، ولكن بالنسبة لي، فإن بحثه الأكثر إثارة للاهتمام كان حول الشطرنج. أصبح سايمون مهتمًا بتطوير خوارزميات الكمبيوتر لمحاكاة كيفية حل البشر للمشكلات لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي، واستخدم الشطرنج باعتباره التحدي النهائي الذي يجب حله.
عند النظر إلى اللوحة، قد يجد المبتدئون صعوبة في تتبع مواقع جميع قطعهم. في المقابل، يستطيع الأستاذ الكبير - وهو لقب يُمنح فقط لأفضل لاعبي الشطرنج - أن يستوعب بسرعة تكوين القطع على اللوحة، ويتعرف على الأنماط والتسلسلات المألوفة ويستجيب لها. ونتيجة لذلك، يواجه المبتدئ صعوبة في كل حركة، لكن الأستاذ الكبير يمكنه تجاوز الفوضى وتوقع سلسلة كاملة من الحركات التي لم تُجرى بعد.
عندما درس سايمون خبراء الشطرنج، وجد أنهم يستطيعون النظر إلى مجموعة من القطع على اللوحة لبضع ثوان فقط ثم إعادة إنتاج مواقع كل قطعة من الذاكرة. مع ذلك، عندما طُلب منهم أن يتذكروا مواقع قطع الشطرنج الموضوعة في مواقع عشوائية تنتهك قواعد الشطرنج، انخفض أداء ذاكرتهم إلى مستوى الهواة. وتشير هذه النتائج إلى أن كبار أساتذة الشطرنج لا يتّمتعون بقدرات ذاكرة غير عادية بل يعتمدون بدلاً من ذلك على معرفة الأنماط والتسلسلات التي يمكن التنبؤ بها والتي تراكمت عبر العديد من المواقف التي قد يواجهها المرء في لعبة شطرنج نموذجية.
وأكد الكاتب أنه كان لديه حدس مختلف. وبما أنه يدرك أن القشرة الجبهية تساعدنا على التركيز على الجوانب المميزة لحدث ما، فقد شكك في أن الخبرة تغير الطريقة التي نحرك بها القشرة الجبهية. ظلّت هذه الفكرة خاملة حتى قدمه طالب الدراسات العليا مايك كوهين إلى طالب جامعي رائع في علم النفس يدعى كريس مور. من خلال العمل معًا في وقت متأخر من الليل، طور كريس ومايك برنامج كمبيوتر لإنشاء سلسلة من الأشكال ثلاثية الأبعاد. بدت هذه الأشكال تشبه إلى حد ما سفن الفضاء الفضائية، ولكنها اتبعت بنية ومنطقًا أساسيين، بنفس الطريقة التي تتمتع بها أنواع الطيور المختلفة أو أنواع السيارات بسمات معينة تختلف وسمات معينة تكون ثابتة إلى حد ما.
بعد ذلك، قام كريس ومايك بتجنيد مجموعة من الطلاب المتطوعين، الذين أصبحوا، على مدى عشرة أيام، "خبراء" في هذه الأشكال الغريبة، وتعلموا تحديد السمات المشتركة بين الأشياء وكذلك التمييز بين الاختلافات بينها. بعد التدريب، وضعوهم في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي لرؤية كيف أثّر هذا التدريب على أدمغتهم. وبينما كنا نسجل نشاط أدمغتهم، عُرض عليهم لفترة وجيزة أحد الأشكال الفضائية ثم طُلب منهم الاحتفاظ بصورة ذهنية له بعد اختفائه من الشاشة. وبعد حوالي عشر ثوانٍ، عُرض عليهم شكل آخر وسُئلوا عما إذا كان هو نفس الشكل الذي رأوه للتو.
بالنسبة لشخص ليس لديه أي تدريب، كان من الممكن أن يكون هذا الاختبار صعبًا للغاية، لكن أداء المتطوعين كان مثاليًا تقريبًا. مثل أساتذة الشطرنج هيرب سيمون، طور المتطوعون طرقًا معينة لاستخراج المعلومات الأكثر فائدة حول ما كانوا يحاولون تذكره، مما سمح لهم بتجاوز قيود الذاكرة من خلال الاستفادة من خبراتهم. وكما توقعت، أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أن النشاط في قشرة الفص الجبهي زاد بشكل كبير عندما اعتمد الطلاب على مهارات الخبراء لإبقاء تلك الأشكال الغريبة حية في ذاكرتهم.
وخلص الكاتب أن الخبرة لا تتعلق فقط برؤية الأنماط، بل تتعلق أيضا بالطريقة التي نجدها بها. عندما نكتسب الخبرة في أي مجال، يمكننا استغلال ما تعلمناه للتركيز على أهم أجزاء المعلومات الجديدة التي نحتاجها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الذاكرة صحة طب حول العالم ذاكرة من هنا وهناك المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. بانتظار القافلة
بانتظار القافلة
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 10 / 3 / 2018
الجدران رطبة، والضوء خافت، وأحبال الغسيل قمصان شائكة تفصل الحدود بين العائلات، قالت جارتنا وهي تدلّ أمي على #المخبأ.. إذا أردت ألا يصعد أبناؤك إلى السماء فاهربي بهم إلى تحت الأرض.. وكأنه لا خيار ثالث في وطن الصراعات.. إما الصعود شهيداً إلى #السماء، أو البقاء حياً منسياً تحت الأرض، لكنّك لن تكون مواطناً تمشي في مناكبها.. ما دام السيد الرئيس يتكئ على أرائكها.
مقالات ذات صلة علي سعادة .. نرجو من الله أن يحتفل “أبو عبد الله” بالعام الجديد بين أطفاله 2024/12/22لا بأس.. حتى الملاجئ الإسمنتية باتت مسلية نكتب على جدرانها دروسنا كي لا ننسى أبجدية العربية، ونكتب عبارات إسقاط النظام كي لا ننسى أبجدية الحرية.. أمي بدأت تزرع النعناع والجاردينيا والمارغريت في قوارير صغيرة تحت الأرض تتفتح الورود لمصابيح الكهرباء، تخالها الشمس.. تماماً كما أخال سقف الملجأ السماء، وبقع الرطوبة التي تتشكّل في سقف الملجأ أو قاع البناء هي غيومنا المؤقتة التي تمشي فوق أحلامنا لكنها لا تمطر أبداً.. أحياناً يتساقط ملح الاسمنت فوق أغطيتنا ونحن نيام، نراه ثلجاً لاجئاً مثلنا نلمه بأصابعنا نقبضه بأكفّنا لينام معنا لكن سرعان ما يذوب كقصص النوم..
نحن في #وطن_الظل هنا في الملجأ، وطن في بطن وطن، بعض أطفال حارتنا قالوا ما رأيكم أن نجري انتخابات رئاسية تحت الأرض هنا لنمارس ديمقراطيتنا المرتجفة، فرحنا للفكرة، لكن ما لبثنا إن اختلفنا فالزعامة لها سوءاتها فوق الأرض كانت أم تحتها.. لا نريد ان يكون لنا في الملجأ رئيساً، نريد أن نكون شعباً فقط، الرئاسة تفسد الانسجام بين السكّان، الآن نتقاسم المعلبات، ونقترض الخبز، والماء، ونتبادل أماكن النوم، لو صار لدينا رئيس منتخب للملجأ ستدب الطبقية من جديد، ونحن الهاربون أصلاً من ظلم الحكم إلى قبر الحياة الواسع..
أكثر ما يحزنني، أننا على عتبات الربيع، والغوطة لا ترانا بعينيها، لا أستطيع أن أمشي بين أشجار الخوخ كما كنت، أقطف الزهر الطري وأمص رحيق الورد، لا أستطيع أن أتسلّق سور جيراننا خلسة لأسرق اللوز من أصابع أشجارهم.. حتى لو توقّف القصف واستمرّت الهدنة لن أفعلها أقسم أنني لن أفعلها فقلبي لا يطيعني.. كنت أفعل ذلك نكاية بأولاد جارنا الصغار، لكنّهم ماتوا بالقصف قبل شهر من الآن مات أيهم وبتول وعمّار وبقي اللوز.. وفاءً لأرواحهم لن أمدّ يدي على “لوزتهم” الشرقية، ولن أتسلّق السياج.. صحيح لقد هدم السياج، وأكل البرميل الثاني وجه الدار لكنني لن أقترب من مكان غادروه أبداً.. أكثر ما يحزنني أن شجر الغوطة ليس له أرجل ليركض مثلنا، أخاف أن يموت واقفاً.. أمّي هل نستطيع أن ننقل الشجر هنا إلى الملجأ؟؟
قالت أسمعُ صوت أطفال فوق الأرض.. اذهب وتفرّج، ثم عادت وتراجعت عن طلبها: ابق هنا لا تذهب أخاف أن يداهمنا عطاس الموت دون أن ندري..
صوت شاحنة اقترب من الحي وأطفال يصفّرون ويركضون، تشجّعت أمي من جديد وقالت: “اذهب الآن.. ربما وصلت #قافلة_المساعدات، تأكّد، إذا كانوا يوزّعون غذاءً على العائلات، أخبرني لأخرج معك، لم يعد في الملجأ شيئاً نأكله.. حتى الدواء أو الأغطية تلزمنا.. اذهب واسأل الأولاد.. خرجتُ من الدرج المكسر، صعدتُ من باب البناية السفلي وصلت سطح الأرض.. رأيت في أول الحي شاحنة يكسوها شادر ثقيل وأطفال يتعلقون بحبالها.. كانت الشاحنة الأولى التي تصل الحي منذ بداية الهدنة، كنا ننتظر اللحظة التي يفتح السائق ومشرفو الإغاثة الباب الخلفي.. نهرنا السائق وطالبنا الابتعاد عن السيارة تكلّم مع بعض موظفي الإغاثة وسلمّهم أوراقاً زهرية اللون.. قلنا له: هيه يا عمي نريد معلبات خبز طعام أي شيء.. لم يجبنا، حاول الصعود إلى قمرة القيادة.. لحقناه سائلين.. ماذا بسيارتك؟؟.. قال بصوت منخفض: “أكفان” فقط.. قافلة الغذاء لم تصل بعد.. تراجعنا، لم يبق أي طفل حول الشاحنة هربوا جميعاً.. ودخلوا ملاجئهم من جديد وكان غارة جوية قد بدأت، ياااه كم ترعبهم كلمة #الموت، ها نحن ننظر من شبابيك ملاجئنا المكسّرة لليوم السابع على التوالي.. ننتظر قدوم #القافلة..!
احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com
#174يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي