ارتفاع حاد لأسعار تأمين الشحن بسبب هجمات البحر الأحمر.. و"موديز" تستبعد تأثيراً كبيراً على التضخم
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
ارتفعت أسعار التأمين على الشحن بشدة بسبب الهجمات الصاروخية على بعض السفن في البحر الأحمر. لكن وكالة التصنيف الائتماني الأميركية العالمية "موديز" استبعدت تأثيراً كبيراً لهذه الهجمات على التضخم.
فقد أدت الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر إلى ارتفاع أقساط التأمين، الأمر الذي فاقم التكاليف المثقلة بالفعل بسبب ارتفاع أسعار الشحن وطرق التجارة البديلة الأطول.
فالحوثيون نفذوا هجمات بلا هوادة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 على السفن التي تعبر البحر الأحمر متجهة إلى إسرائيل، علماً أنه مركز بحري يمر عبره عادة 12% من التجارة العالمية.
وانخفض النقل البحري بالحاويات بنحو الثلث حتى الآن في عام 2024، مقارنة بالعام السابق، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي.
3 أنواع من التأمين البحري على السفن التجارية
وتحتاج السفن التجارية إلى الحصول على 3 أنواع من التأمين: الأول التأمين على بدن السفينة ويغطي الأضرار التي تلحق بالسفينة، فيما يغطي الثاني، وهو تأمين البضائع، حمولة السفينة، بينما يشمل الثالث، وهو تأمين الحماية والتعويض، تغطيةَ الأضرار التي تلحق بأطراف ثالثة.
وقد "زادت أقساط التأمين على السفن وحمولاتها بشكل كبير" في أعقاب هجمات الحوثيين، وفقاً لما نقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم الجمعة، عن رئيس شركة "غاريكس" فريدريك دينيفل، وهي شركة فرنسية متخصصة في التأمين ضد المخاطر البحرية، مضيفاً أن أعدادها زادت بما يتناسب مع مستوى التهديد.
كم أن تهديد البحر الأحمر غير عادي ولكنه ليس استثنائياً، وفقاً لرئيس قسم الملاحة البحرية والطيران في رابطة سوق لويدز (LMA) لنيل روبرتس، والتي تمثل جميع شركات الاكتتاب في سوق التأمين لويدز لندن.
وقال روبرتس لوكالة "فرانس برس" إن "الوضع في البحر الأحمر ديناميكي وغير عادي على حد سواء، حيث تستهدف دولة غير مقاتلة السفن التجارية لتحقيق هدف سياسي في دولة ثالثة".
وأضاف أن "الأمر ليس استثنائياً لأنه لسوء الحظ يتعرض الشحن التجاري بانتظام للتهديدات سواء في غرب أفريقيا أو قبالة الصومال أو في أي مكان آخر"، مشيراً إلى أن البحر الأحمر منطقة مدرجة، وهو ما يعني أنه يتعين على السفن التي تخطط للدخول أن تخطر شركات التأمين الخاصة بها.
ويمكن لمقدمي التأمين بعد ذلك مراجعة كل من السفينة ورحلتها، ويمكنهم المطالبة بعلاوة حرب إضافية بالإضافة إلى التغطية العادية. لكن قسط الحرب هذا يقتصر على فترة زمنية قصيرة.
هذا، وتجتمع لجنة الحرب المشتركة التابعة لـLMA بانتظام لتقييم المخاطر الأمنية التي تهدد الشحن في جميع أنحاء العالم.
و"إذا كنت تتداول في منطقة تقول فيها هذه اللجنة إن هذا أمر خطير بعض الشيء، فإن التغطية تتوقف فعلياً بمجرد دخولك، ثم يتعين عليك الدفع مقابل تلك الفترة أثناء وجودك فيها، ثم تتم إعادة ربطها عندما تخرج، حسبما قال الرئيس العالمي للخدمات البحرية والشحن والخدمات اللوجستية في شركة مارش ماركوس بيكر.
وقدرت المديرة العامة لشركة أسكوما إنترناشيونال كلير هامونيك أن أقساط التأمين على الحرب تضاعفت بما يراوح ما بين 5 و10 أضعاف للسفن والبضائع التي تعبر البحر الأحمر.
ووفقاً للعديد من مصادر الصناعة، فإن المعدل الحالي لعلاوة مخاطر الحرب يراوح بين 0.6% و1% من قيمة السفينة. ويمكن أن يعادل ذلك مبلغاً كبيراً عندما تتجاوز قيمة بعض السفن الضخمة 100 مليون يورو.
وبالإضافة إلى العلم، يتم إيلاء اهتمام خاص لجنسية السفينة، وفقاً لرئيس العمليات في شركة Vessel Protect المتخصصة في التأمين الحربي مونرو أندرسون، الذي قال لوكالة "فرانس برس" إن "الحوثيين قالوا على وجه التحديد إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهناك عدد من السفن التي ترفع علمها أو ترتبط ببلدان لا تحمل مستوى المخاطر نفسه".
ومن ذلك، على سبيل المثال، السفن الصينية المتصلة بهونغ كونغ والتي يوجد منها الكثير، وهي تتاجر في تلك المنطقة. وستكون، برأي أندرسون، قادرة على إضافة أقساط أقل من تلك المرتبطة بإسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
كما دفعت ضربات الحوثيين بعض شركات الشحن إلى الالتفاف حول جنوب أفريقيا لتجنب البحر الأحمر. ويستغرق هذا ما بين 10 و15 يوماً أكثر من طريق البحر الأحمر، ويمكن أن يستغرق 20 يوماً إضافياً للسفينة البطيئة.
ويمكن لمالكي السفن الذين يقومون بذلك تجنب دفع رسوم مرور كبيرة في البحر الأحمر، لكنهم يواجهون أيضاً تكاليف وقود وعمالة أعلى للرحلة الأطول.
ولا يزال الساحل غير خال من المخاطر الأخرى مثل القرصنة. فقد حذرت هامونيك من أن تحويل مسار السفن حول رأس الرجاء الصالح "قد يؤدي على الأرجح إلى عودة القرصنة في المحيط الهندي"، مضيفة أن "هذا الخطر يمتد من أسفل البحر الأحمر مباشرة باتجاه ساحل الصومال".
في سياق متصل، قال محللون من "موديز" لخدمات المستثمرين، يوم الخميس، إن الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تؤدي إلى تأخر البضائع ورفع تكاليف الشحن، إلا أن ضعف الطلب ووفرة السفن يخففان من تأثيرها على التضخم.
ويجري تحويل سفن تحمل بضائع متنوعة من الأثاث والملابس وحتى الغذاء والوقود بعيدا عن الطريق التجاري المختصر المار عبر قناة السويس إلى الطريق الأطول والأعلى كلفة حول أفريقيا، وذلك بسبب الهجمات التي يشنها الحوثيون بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن دعماً من جانبهم للفلسطينيين في التصدي المستمر للعدوان الإسرائيلي.
وسفن الحاويات هي المستخدم رقم 1 للمسار الذي يربط بين أوروبا وآسيا عبر قناة السويس. وأصبح معظمها يتجنب هذا المسار، في ما يمثل أكبر اضطراب لحركة التجارة العالمية منذ الفترة الأولى لجائحة كورونا.
ونقلت "رويترز" عن محلل قطاع النقل في شركة التصنيف الائتماني وتحليل المخاطر دانيال هارليد استبعاده أن يكون لعمليات التحويل تأثير كبير على التضخم لأنها ليست مدفوعة بالطلب.
ويتطلب تغيير مسار السفن للإبحار حول أفريقيا زيادة في عدد السفن بنسبة تراوح ما بين 6 و10% بسبب فترات الإبحار الأطول التي تؤدي إلى إبطاء عودة السفن إلى نقاط انطلاقها، وهو ما يرفع الأسعار الفورية عند الطلب على بعض المسارات بأكثر من 100%.
وجاءت هذه الزيادات بعد مستويات متدنية للغاية، ويتوقع خبراء الشحن أن تعود الأمور لطبيعتها وذلك لأن ملاك السفن، الذين تصل إليهم سفن جديدة، كانوا يجدون صعوبة في ملء السفن الحالية بالبضائع قبل بدء هجمات الحوثيين في نوفمبر/ تشرين الثاني.
ويبدو أن قطاع السيارات يتحمل العبء الأكبر من تأثير الاضطرابات. فقد علقت شركة "تسلا" الأميركية للمركبات الكهربائية وشركات تصنيع أخرى الإنتاج الأوروبي بشكل مؤقت نتيجة لنقص المكونات.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فی البحر الأحمر السفن التجاریة التأمین على على التضخم على السفن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع قياسي لأسعار الذهب في اليمن.. فرصة للادخار أم ملاذ للهروب من الأزمات؟
شمسان بوست / متابعات:
قفزت أسعار الذهب في اليمن بصورة قياسية مفاجئة، فقد وصل سعر الغرام عيار 21 في صنعاء إلى 54 ألفاً من 34 ألف ريال (حوالي 100 دولار بسعر الصرف بصنعاء)، بزيادة قدرها 10 آلاف ريال يمني. كما سجل الذهب ارتفاعاً ملحوظاً في عدن ومدن يمنية أخرى في نطاق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً، إذ اقترب سعر الغرام عيار 21 من كسر حاجز 250 ألف ريال من 200 ألف ريال (حوالي 100 دولار بسعر الصرف في عدن).
يعتبر الذهب عيار21 هو السائد محلياً في اليمن، والذي يجري تحديد الأسعار من خلاله بالنظر إلى استيراد معظم المتداول منه من الخارج، بينما جزء كبير من عيار 18 يجري إنتاجه وإعادة صياغته محلياً، إذ تنتشر معامل خاصة بصياغة مشغولات الذهب في صنعاء بدرجة رئيسية وبعض المدن بمستوى أقل، بالرغم من تراجع وانخفاض أعدادها بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية في اليمن.
تشترك جمعية الصاغة وتجار الذهب في اليمن بمنصة خاصة في وكالة رويترز ترصد عملية التداول وما يطرأ من متغيرات سعرية في البورصات الدولية. وبحسب أعضاء في جمعية الصاغة وتجار الذهب في اليمن؛ يجري رصد أي طارئ سعري في الأونصة وعكس الرقم الخاص بالارتفاع أو الانخفاض على السعر المتداول محلياً، مع تقييم الدولار وفق سعر الصرف المتداول في الأسواق اليمنية، وإضافة فارق سعري محدود، يسمى مصنعي متعلق بتكاليف الخدمة، ينعكس على الأسعار المتداولة التي تختلف من عملية البيع بسعر أعلى عن عملية الشراء، خصوصاً لما يسمى بذهب “الكسر” القديم الذي يجري شراؤه من المواطنين مقارنة بمشغولات الذهب الجديدة.
تزامن ذلك مع تدهور متسارع للريال اليمني في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، حيث كسر سعر صرف الريال رقماً قياسياً جديداً بتجاوزه حاجز 2500، بعد أن وصل إلى 2510 ريالات مقابل الدولار. وتوقع متعاملون في سوق الذهب بالعاصمة اليمنية صنعاء أن يتخطى سعر الغرام حاجز 60 ألف ريال، بعدما اقترب من هذا الرقم في التداولات مع نهاية الأسبوع الماضي.
وأرجعوا ذلك إلى التغيرات والاضطراب الحاصل في الأسواق الدولية بسبب الحرب التجارية الأميركية الصينية، التي أدت إلى ارتفاع قياسي في أسعار الذهب، في حين من المتوقع أن يكسر الغرام حاجز 300 ألف ريال في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية بالتزامن مع الانهيار القياسي في سعر صرف الريال.
فيما شكل هذا الارتفاع القياسي صدمة للمقبلين على الزواج في موسم الأعراس الصيفي، حيث رصد “العربي الجديد” مراجعة الكثير قرارهم في إتمام أفراحهم بسبب ارتفاع أسعار الذهب في اليمن، منهم الشاب نجم المطري الذي أكد لـ”العربي الجديد”، أنه بالفعل يراجع قراره بموعد الزفاف، لأنه لم يكن قد اتفق مع أسرة العروس على التكاليف المطلوبة التي يستحوذ الذهب على أكبر نسبة منها، إذا يجري الاتفاق على كمية المجوهرات المطلوبة بين الطرفين ودفع المبلغ المحدد بحسب سعر الغرام المتداول في السوق.
ويتوقع أن يؤدي هذا الارتفاع إلى مضاعفة تكاليف الزواج نحو 40% على الأقل بالنظر إلى ما تمثله المجوهرات من أهمية بالغة في متطلبات الإقدام على مثل هذه الخطوة في الزواج. في السياق، قال إبراهيم غانم، تاجر ذهب في صنعاء، لـ”العربي الجديد”، إن السبب في هذا الارتفاع الكبير لأسعار الذهب في اليمن يعود لارتفاع أسعاره عالمياً، حيث تتأثر أسواق الذهب المحلية بما يجري في الأسواق الإقليمية والدولية، لذا كل ما يطرأ فيها ينعكس بشكل تلقائي على الأسواق المحلية.
ويمثل هذا الارتفاع القياسي في أسعار الذهب فرصة للمواطنين ممن أفقدتهم الحرب رواتبهم وأعمالهم وسط تدهور معيشي كبير، والذين لا يزالون يحتفظون ببعض المدخرات من الذهب، بالرغم من الأزمة المعيشية في استهلاك نسبة كبيرة من مدخرات الذهب. في المقابل، تشهد الأسواق المحلية، كما لاحظ “العربي الجديد”، حركة نسبية متصاعدة منذ الأسبوع الماضي، تأرجحت فيها عملية الشراء بالبيع الذي كان سائداً قبل التحرك السعري الأخير لمختلف سبائك الذهب.
وفي عدن، زادت بشكل كبير أهمية الذهب كونه ملاذاً آمناً للمستثمرين والتجار والمدخرات، متأثراً بعوامل محلية عديدة تعود للوضع الاقتصادي المتدهور، والانهيار المتواصل في سعر صرف الريال اليمني، إضافة إلى المضاربة بالعملة، والاضطرابات السياسية في مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً. من جانبه، قال سمير حمدي، صائغ ذهب في عدن، لـ”العربي الجديد”، إن سوق الذهب في عدن لا يختلف عن صنعاء في جانب التأثر بالمتغيرات الدولية، مع الاختلاف في المستوى التجاري والتداول، والمدخرات، ومستوى الإقبال عليه كونه ملاذاً استثمارياً.
ويرى خبراء اقتصاد يمنيون أن ما يحصل في سوق الذهب اليمني أمر متوقع نتيجة الارتفاع المتصاعد غير المسبوق للذهب الذي تشهده الأسواق الدولية منذ أسابيع، والذي جاء بسبب تصاعد التوترات الاقتصادية بين الصين وأميركا بعد تهديد إدارة ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية بنسبة 145%. ناهيك عن اضطراب سعر الدولار، وتراجع ثقة المستثمرين فيه وإقبالهم الكبير على الذهب، باعتباره ملاذاً آمناً في الظرف الحالي.
من جهته، قال الباحث الاقتصادي وحيد الفودعي لـ”العربي الجديد”، إنه “في ظل تدهور سعر صرف العملة اليمنية والاضطرابات الاقتصادية المتواصلة، أصبح سوق الذهب في اليمن أحد أهم الملاذات الاستثمارية الآمنة بالنسبة للمواطنين”. وأضاف أن “الذهب يعد من الأصول التي تزداد قيمتها في فترات التضخم أو انخفاض قيمة العملة، مما يجعل الطلب عليه يتزايد باعتباره أداة للحفاظ على القيمة، في ظل الانخفاض الحاد للعملة المحلية”.
أما في ما يتعلق بالتأثيرات العالمية، فيرى الفودعي أن “الاضطرابات الناجمة عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تؤثر بأسواق الذهب في اليمن بشكل غير مباشر، حيث إن أي تقلبات في السوق الدولية قد تدفع أسعار الذهب للصعود باعتباره ملاذاً آمناً، ما ينعكس على أسعار الذهب في اليمن”. وأشار إلى أن “تقلبات الأسواق المالية العالمية قد تؤثر على تدفق الذهب من وإلى اليمن، حيث يُعتبر الذهب في بعض الأحيان وسيلة للتحوط ضد المخاطر السياسية والاقتصادية”، مضيفاً أنه “بمعنى آخر، يتأثر سوق الذهب في اليمن بالتغيرات الدولية من خلال تدفق السيولة وأسعار الذهب العالمية، مما يفرض على المستثمرين المحليين الانتباه لتقلبات السوق العالمي لضبط استثماراتهم”.
وقال المحلل الاقتصادي، صادق علي، لـ”العربي الجديد”، إن الهيجان الحاصل في أسواق الذهب قضى على موسم الأعراس في اليمن الذي شهد تراجعاً كبيراً خلال السنوات الماضية، بسبب تردي الأوضاع المعيشية التي تطاول غالبية اليمنيين. ويعاني سوق الذهب في اليمن من إشكاليات عديدة تتعلق بعملية الغش بالأوزان، والفوارق الكبيرة في الأسعار بين البيع والشراء.