سودانايل:
2025-04-30@11:07:59 GMT

في الدعاء على الكيزان.. نظرة لائكية

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

كتب الأستاذ الجامعي د. محمد عبد الحميد
إنتظمت وسائط التواصل الاجتماعي خاصة على الفيسبوك دعوة " أقل ما يُمكن أن توصف به - إذا جاز للمرء إطلاق الوصف - بأنها سمجة سُميت من قبل مطليقها "الدعاء على الكيزان" قوامها ترديد (اللهم لا تحقق للكيزان غاية ولا ترفع لهم راية) وتنشط هذه الدعوة بشكل كثيف كل يوم جمعة.

... الواضح أن هذه الدعوة تستبطن حنقاً على جماعة الإخوان المسلمين وبصورة أكثر خصوصية حزب المؤتمر الوطني أو من يعرفون في السودان على نطاق واسع (بالكيزان) ، ومنبع الحِنق فيما يبدو أن مطلقي الدعوة والدعاء ينحون باللائمة في إشعال حرب ١٥ إبريل في السودان على هذه المجموعة السياسية.. وبنظرة فاحصة لفحوى الدعاء وغايته ومرجعيته من منظور لائكي - عَلَماني - يؤكد إعلان حالة هزيمة فكرية ومرجعية لمطلقيه، كما ينم هذا النزوع عن حالة ركون لإبطال الفعل السياسي واللجؤ لدعوة غيبية في مواجهة جماعة مرجعيتها الأصلية وخلفيتها الفكرية التماس شؤون السياسة من الغيب بدعوى أنها ممثلة ذلك الغيب في المضمار السياسي والناطق بإسمه، وبذلك وقّع وبَصَم أصحاب هذا الإتجاه (الدعاء) على ذات مرجعية خصمهم السياسي ونزلوا في سُوح موجهاته الفكرية نزولاً فضولياً وبالتالي قلصوا مساحة الخلاف بينهم وبينه لحد التلاشي.
على عموم الأمر، ينبأ هذا التوجه - الدعاء على الخصم- عن حالة توهان فكري عميق من ناحية، ويؤسس لخلق حالة من الفوضى الفكرية في مقارعة الخصوم، ومن ناحية ثانية يؤكد على حالة عدم فهم لمشروع الإخوان المسلمين.. وبالتالي يفتح ساحة الصراع لمثل هذا التسابق غير المجدي نحو رفع الأمر للسماء... فالخلاف مع الإخوان أو الكيزان هو في الأصل خلاف مرجعيات فكرية محورها الأساسي يدور حول قدرة الإنسان على إدارة شؤون السياسة دون إقحام الغيب والدين في إدارة العملية السياسية مع التركيز على تقديم العقل Reason على كل ما عداه من مرجعيات بحسبانه أي العقل هو المرجعية الأساسية التي يُحتَكمُ إليها في العملية السياسية، مع التزام صارم بالتمسك به وبمقتضياته مهما كانت طبيعة ودينامية ومفاعيل الصراع السياسي وما يقود إليه من نهايات سعيدة أو تراجيدية، هكذا يُفهم الصراع مع الجماعات ذات المرجعية الدينية وعلى ذلك يجب أن تُبنى الخلافات معهم... أما الدعاء عليهم فذلك أمر فوق أنه لا يخدم قضية الصراع المجتمعي - الدنيوي في شي، فإنه يجر صاحبه لحالة من التماهي والتطابق مع المدعو عليه من حيث المرجعية بحيث يصير النّدان قرينان لا فرق بينهما لا بالدرجة ولا بالنوع بالصورة التي تشوش على المتابع أو المراقب ولا تمكنه من فهم أوجه الخلاف بين الداعي والمدعو عليه.
إن الخلاف مع الجماعات الدينية كجماعة الاخوان المسلمين لا يتأسس اطلاقا على حالة نفسية تتلبس فيها الشخص " كراهية" الكيزان كما هو سائد الآن دون النظر والاعتبار والتحقق من أدوات الخلاف معهم بالقطع مع مرجعيتهم لا التماهي معها، فحاصل الأمر أن جماعة الإخوان ومهما كان مستوى الخلاف معهم الا انهم يظلون قوة محفزة على الصراع، وتستثير الهمم نحو خلاف فكري له منطلقاته الأيدولوجية، وآفاقه السياسية كما يستدعي طاقة موجبة نحو الاطلاع على أدبياتهم وموروثهم الفكري والفلسفي، لذلك فالصراع معهم بهذا الوصف ليس ميداناً للتنابذ والدعاء، وتحريك مواطن الكراهية غير المبررة، ولا حتى بإستئصال شأفتهم عن طريق شن الحرب عليهم، وإنما يتأسس في الأصل على إستثارة العقل ومعرفة مواطن الخلاف فكرياً، قبل إطلاق العنان لحالة الرفض الناتج عن حالة ذهان psychosis الذي لا يفضي إلا لمزيد من الدعاء والدعاء المضاد على الخصوم، والذي سينتهي حتماً بإنتصار الكيزان فكرياً طالما رضى من يصنفون أنفسهم بأنهم خصومهم منازلتهم في ميدانهم وبأدواتهم وبالتالي يضمنون لهم من حيث لا يدروا رصيداً من أنفسهم حيث لا فرق في الأصل بين صاحب الدعاء والمدعو عليه.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الخلاف مع

إقرأ أيضاً:

كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام

من أحاجي الحرب ( ١٧٦١١ ):
○ كتب: د. إدريس عبدالله الله ليمان
□□ والغفلة تصنع الفوضى.
□ لم تعرف الدولة السودانية على إمتداد تأريخها إنزلاقات مجتمعية خطيرة كما تَجَسَّدَتْ فى أعمال الإبادة التى تقوم بها مليشيا آل دقلو الإرهابية بالسلاح الإماراتى والتى خرجت من كهوف الجبال وكثبان الصحراء الأفريقية ووصلت إلى حواضرنا وهى تعتريها حالة من الإعاقة النفسية لعدم تقبل المجتمع السودانى لوجودهم بينهم فهم غرباء فى لسانهم المتفرنس وفى مشاعرهم المتبلدة وطقوسهم البهيمية وثقافتهم الوثنية وجميع تفاصيل حياتهم البائسة .. فأسروها فى أنفسهم لحين إندلاع الحرب التى فجَّرَتْ المشهد السياسى المختَّل أصلاً بصورة كبيرة وأظهرت حقيقة كل القوى السياسية الفاعلة ، فهنالك من وقف مع القوات المسلحة الموقف الوطنى والأخلاقى الذى يشبهه ، ومجموعة أخرى عميقة الوضاعة شديدة الوضوح والصراحة فى دعمها للإرهابيين والسعى للنيل من بركة آل دقلو ومن بيده المال والقوة والسلاح فتهافتوا لإرضاء المجتمع الدولى المنافق والتزلف إليهم بهذا الصنيع وعدم إغضابهم ولاندرى كيف نشأوا وعلى أى شئ قامت شهرتهم ولا إلى أين تمضى أهدافهم وقد لوَّثوا ضمائرهم وأخلاقهم وعزائمهم بتلك المواقف الإماء ..!!؟ ، وفئةً أخرى إلتزمت الصمت المعيب والحياد المصطنع والمفضوح مع دعمها للمليشيا سراً من الباطن .
فكيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان وآخرها التى حدثت بالأمس فى الصالحة أن يعيشوا معهم بسلام وقد تعاظم البناء والحاجز النفسى ..!!؟ وكيف يمكن لأهل السودان أن يتعايشوا معهم بسلام وقد حولوا مساجدهم وبيوت الله إلى منصَّاتٍ للإعدام وبيوتاً للدعارة *وإندايات* يمارسون فيها المُنكر ..!!؟ كيف يمكننا أن نسامحهم وقد أسرفوا فى سفك الدماء والبطش والإيذاء ..!!؟ *كيف ..!!؟* لقد حفرت هذه الحرب الظالمة أخاديد عميقة فى الذاكرة الجمعية لأهل السودان من الصعب محوها بسهولة لاسيما بعد جريمتهم التى يندى لها جبين الإنسانية بالأمس القريب ، وبعد الذى تفوه به مستشار الهالك فى حديثه لقناة الجزيرة مباشر ..!!؟ إنهم وبصراحة ودون مواربة لايشبهوننا أبداً ، وأصبح المرء يجد صعوبة فى مجرد التفكير أن يعيشوا معنا فى دولةٍ واحدة وأن تُقِلَّنا أرضٌ وتُظَّلنا سماء تحت دستور واحد وقوانين تنظم الحياة ..!! فكيف نعيش مع تلك الكائنات التى دمَّرت بنيتنا التحتية وبيوتنا ومساجدنا ومؤسساتنا الصحية والتعليمية والثقافية ونهبت ثرواتنا ومدخراتنا وتراثنا وتأريخنا وأسرفت فى الدماء ..!!؟ *كيف ..!!؟*
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من تورط فى دماء السودانيين وسجله حافل بالمخازى والدماء ولايزال يتوعدنا ..!! بل من الصعب التعايش حتى مع من يُنكر علينا منازلة المليشيا والسعى لإمتلاك عناصر القوة للدفاع عن إرادتنا وحقنا فى الحياة ممن كُنَّا نُحسن الظَّن بهم ونَعُدَّهم من بنى جلدتنا ..!!؟
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من يُبرًَرُ للمليشيا الإرهابية جرائمها وفظاعاتها الدموية ويروِّجُ للسردية البائسة التى تقول أن جيش الإسلاميين هو من أشعل الحرب ويشوه صورة المقاومة الشعبية التى إنتظمت البلاد من أجل أهدافهم القذرة ويهلل فرحاً مع كل تدميرٍ بالمسيرات للمنشآت المدنية ومحطات الكهرباء ويُعظِّم فعل المليشيا المجرمة ويمارس حقده على الشعب السودانى المكلوم الذى يصفه بالكيزان والفلول ودولة ٥٦ المفترى عليها بكل أشكال الشماتة وقلة الأخلاق وإنعدام المروءة .!!؟
من الصعب التعايش مرةً أخرى مع من يمارس الصمت تجاه جرائم آل دقلو الذين دمروا المدن والقرى ودفعوا بمئات الآلاف إلى النزوح واللجوء
لدول الجوار بل وينتظر إنتصارهم على الشعب السودانى وإنهيار الدولة إرضاءًا لنزولتهم الإنعزالية ..!!؟
إنهم لا يشبهوننا بل إن أهل السودان الذين حملوا أرواحهم فى أكفهم ويقاتلونهم بكل بسالةٍ وفدائية لايشبهونهم .. فمعركة الكرامة القائمة تمثل عنواناً لسودانٍ جديد يَتَخلَّق الآن مهما علت أصوات الراجمات الهاونات والمدافع الثنائية والرباعية ومهما علت أصوات العملاء فلاصوت يعلو فوق صوت الكرامة .
*هذا من ناحية* .. ومن ناحيةٍ أخرى هل يا تُرى أن دولتنا على ما يُرام فى تعاملها مع هذا الإنسان المكلوم ، وأنها قادرة على ملامسة جروحه ومكامن التضييق عليه ..!!؟
وهل ياتُرى أن دولتنا تُدرِك أن من حق هذا هذا الإنسان السودانى الكادح المعروق من القهر اليومى أن يعيش ولو بقليلِ حُلمٍ وبعض إهتمام ليعَوِّض زمَنَاً أغبَرَ بزمنٍ قابلٍ للحياة وأنَّ من حقِّه الخروج من الوحل الأمنى والوحل الصِحِّى والمعيشى وإنعدام الخدمات الضرورية أو ضعفها الذى إنغرست أقدامه فيه ..!!؟
وهل ياتُرى أن دولتنا تُدرِك أنها وحدها من يَحِقُّ لها إمتلاك القوة القاهرة والباطشة ، وأنها وحدها من يسمح لها القانون بإستخدام تلك القوة ولاينبغى لها أن تتنازل عنها إلاَّ وفق وضوابط صارمة كشرط من شروط الإباحة المسموح بها ..!!؟
وهل ياُترى أن دولتنا إستمعت لذلك الخطاب الفوضوى المتحدى لمؤسسات الدولة ولمشاعر الناس وكل شروط الإستقرار أم أنها غافلة ولاهية ..!!؟ وآمل أن يخيب ظنَّى وأنَّ الدولة ليست بضعيفة ولا غائبة بل هى واعية لكل المحاذير الأمنية وأنَّ عينها *لاتنام* ولن تُفَرِّط فى هيبة الدولة *والأنام*.. !! فمثل تلك الخطابات التى تطحن الدولة وتهرسها فى طاحونة القبلية وتُذيبها فى ماء المناطقية علناّ ودونما حَرَجْ فيه خطر كبير يجب أن لاتصبِر أو تصمت عليه الدولة مهما كان الثمن .. *فالتأريخ لايُعيد نفسه إلاَّ عندما لايفهمه الناس ولايستلهمون منه العِبَر .. !!* فلو أضحى كل من يملك البندقية ورصاصاتها هو صاحب الصوت الأعلى ولو كان فاقداً للتمييز وجاهلاً بأمور الدنيا والدين ، وهو الذى يُقرر فى شأن الدولة ويطرح شروط وطنيته وشروط إنضباطه وشروط إحترامه لقانون الدولة وإن لم تكن الدولة دولة قانون ستكون فوضى وخروج عن التنظيم والأعراف والإنضباط .. *فالفوضى ليست صُدفة والغَفلَة تصنعُ الفوضى ..!!* .
فعندما يتعلق الأمر بمصلحة الوطن وأمنه وإستقراره فعلى الجميع أن يلتزموا السمع والطاعة دون تذمر أو إحتجاج ومن غير نقاش لأن الوطن وبعيداً عن كل المطامع فى السلطة والثروة يجب أن يظل فى منأى عمَّا قد يمس هيبته وسمعته وكبريائه وكرامته *وإلاَّ فالعازة ستكون فى خطر*.. ومن أجل ذلك يجب أن تكون المرحلة القادمة هى مرحلة الرجال الصادقين الذين عهدناهم أبطالاً أيام المحنة وسنوات الحرب لتتجاوز بلادنا هذا التحدى وليحقق كل مواطن أمله فى مستقبل أفضل .. وكُلنا يقين وثقة برب العالمين أنه وعلى الرغم من كل تلك المنغصات والمُسيَّرات الغادرة التى إستهدفت الإستقرار والأمن المجتمعى فالأحوال تُبَشِّر بفجرٍ جديد ملؤه الثقة والإصرار على النهوض من جديد وستستعيد الدولة عافيتها وقوتها وقواها وسنوات مجدها بحول الله وقوته وبتكامل وتكاتف وتضحيات أبنائها فليس بعد المخاض إلاَّ ميلاد الفرح .. !! وكل الذى يرجوه أهل السودان من حكامهم أن يُعلوا من مشروع دولة المواطنة الحَقَّة والعدالة الإجتماعية والمساواة والقانون وأن يَعمَلوا على نقض بناء مشروع المحاصصة .. كما يأملوا منهم أن يقودوا سفينة الدولة السودانية إلى شاطئ الأمان ، والاَّ يجعلوا منهم جسراً للعبور نحو المستقبل .. وأن يتلطفوا بهم ويُنعِموا عليهم بإعفاءات جمركية لجميع مدخلات الإنتاج وتشجيع الإعمار مهما تسبب هذا الأمر فى عجز الميزانية .. فأهل السودان دفعوا ثمن غفلة الحكام مع الهالك وجنوده دماءًا ودموعاً وجوعاً ومسغبة ونزوحاً ولجوءًا وهم راضون بقدر الله ومحتسبون الأجر عند الله .. فهل المواطن المنكوب بعد كل الذى حدث له يستحق قسوة الدولة التى تنظر إلى جيبه الخالى فى سنوات القحط والسنبلات اليابسات ..!!؟
إنها أسئلة لاتنتظر إجابات بل لتغيير الحال .
نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر وأن يحفظ بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍???? *لواء شرطة (م) ????
*د . إدريس عبدالله ليمان*
*الإثنين ٢٨ أبريل ٢٠٢٥م*

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مقتل شاب في البيضاء إثر نزاع قبلي متجدد بين "الجوابرة" و"آل علي سعيد".. والحوثيون في دائرة الاتهام بتأجيج الصراع
  • عباس شومان: المساواة في الميراث ظلم للمرأة وليس إنصافا لها.. فيديو
  • تعرف على لجنة تحكيم قسم “نظرة ما” في مهرجان كان السينمائي الـ78
  • لم يكن الصراع السياسي أبدا سلميا في السودان
  • كيف يمكن للمليشيا ومن يدعمها بعد كل تلك الفظائع التى إرتكبتها بحق أهل السودان أن يعيشوا معهم بسلام
  • نظرة على معاهدة نهر السند التي قد تشعل حربا بين الهند وباكستان
  • لا تتعجل.. 3 بشائر أخبر عنها النبي في حالة عدم إجابة الدعاء
  • سائق يقتل آخر بسكين فى المنوفية بسبب الخلاف على أولوية تحميل الركاب
  • نزار الفارس يثير الجدل مجددًا مع حورية فرغلي.. حب جديد أم دعاية تلفزيونية؟
  • سحب آلاف الجنسيات من معاقين وذويهم والعاملين في رعايتهم بالكويت