سودانايل:
2025-04-25@08:37:27 GMT

المعادلة في صراع العسكر والأحزاب

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
معلوم كما قال غرامشي ( أن الأحزاب تنشأ و تتشكل كتنظيمات لكي تؤثر في الوضع القائم في لحظات تاريخية حاسمة بالنسبة لطبقتها، و لكنها ليست قادرة دائما على التكيف مع المهام الجديدة) أن غرامشي بنى ملاحظته وفقا للبيئة الاجتماعية التي كان يعيش فيها، و الصراع الطبقي الذي كانت تشهده إيطاليا في تلك الفترة الزمنية، حيث كانت إيطاليا تعد واحدة من أكبر الدول الصناعية، و لكن المقولة ربما تضعف أمام الحالة السودانية التي أصبح المجتمع فيها يتشكل من طبقتين الفارق كبير بينهما بحكم تراكم رأس المال " إذا كان طفيليا أو غيره" الطبقة العليا التي كونت رأس مالها من خلال مؤسسات الحكم ثم المضاربات التجارية بعيدا عن الصناعة و الزراعة، و الطبقة الوسطى التي فقدت موقعها الطبقي بحكم الأزمة الاقتصادية و تدهور العملة الوطنية أمام الدولار، و أصبحت جزءا من الطبقة الدنيا.

. أن تراجع الطبقة الوسطى أو غيابها كان له أثرا سالبا في تراجع دور الاستنارة في المجتمع و أيضا الجانب التحريضي للتغيير من جانب أخر. الأمر الذي أضعف المؤسسات الحزبية و أفقدها القدرة في فترة التغيير السياسي أن تحدث ربطا بين الديمقراطية و التغيير الاجتماعي.
الملاحظ بعد ثورة ديسمبر 2018م، غياب الفاعلية للأحزاب التقليدية في إدارة الأزمة السياسية " الاتحادي – الأمة – الشيوعي " استثناء "الإسلاميين بكل تفرعاتهم" و غياب فاعلية الأحزاب الثلاثة لأنها استنفدت كل طاقتها في المعارضة " ثلاث عقود" و حدثت لها انقسامات و تشظيات عديدة خرجت من قياداتها عناصر ذات كفاءة معرفية و فكرية أثرت فيها سلبا. و في الجانب الأخر نجد هناك حركات مسلحة استقطبت عناصر جديدة لها رؤى مخالفة للأحزاب التقليدية، كما أن المناطقية و الجهوية التي ظهرت بقوة في حكم الإنقاذ كانت ذات أثر منشط قوى للشباب لكي ينخرطوا و يلتحقوا بالحركات المسلحة.. في جانب أخر نجد أن انتشار التعليم و تطور وسائل الاتصال خاصة الاجتماعي خلق وعيا جديدا خارج المؤسسات الحزبية، فكانت القوى الواعية من الشباب خارج الأحزاب أكثر أتساعا من التي تم استقطابها في الأحزاب التقليدية. فإندلاع الثورة في مناطق خارج المركز و من ثم زحفها للمركز كان بسبب الوعي خارج اسوار الأحزاب.
أن صعود تنظيمات جديدة بعد سقوط النظام ليس بسبب طرحها السياسي أو قدرتها على الاستقطاب أنما بسبب نفور الشباب من القوى التقليدية العاجزة في مجاراة الأحداث، و يرجع ذلك لعجز كبير في قياداتها المطروحة لكي تتفاعل مع الشارع، فكانت قيادات تحاول أن تجر الكل لإرث الفشل السياسي السابق. و اعتقدت الأحزاب الجديدة إنها قادرة أن تقود السفينة إلي بر الأمان، و نسيت أنها سوف تواجه تحديات كبيرة من قبل القوى التقليدية حتى التي كانت معها في تحالف " قوى الحرية و التغيير" أن خروج الحزب الشيوعي من التحالف و إعلانه إسقاط الحكومة كان تحديا للقوى الجديدة، تجميد حزب الأمة لنشاطه داخل التحالف أيضا كان تحديا. و أيضا عدم قبول الاتحادي بماركته القديمة كان تحديا، لآن كل ذلك مخصوم من الرصيد الاجتماعي الداعم للثورة. الأحزاب الجديدة كانت تعتقد أن انسحاب هذه القوى من المسرح السياسي يعني أنها كسبت المعركة السياسية و بالتالي سوف تستطيع أن تعمل على هندسة الوضع السياسي لوحدها، و هذا تفكير ساذج تغيب عنه التجربة السياسية من جانب، و من الجانب الأخر لم يكن لها الاستعداد لخوض صراع مع قوى ذات تجربة نضالية واسعة، أول ما فعلته خربت العلاقة بين الأحزاب الجديدة القابضة على السلطة مع الشارع فأصبحت القوى الجديدة في " قحت" ليس لها أي كروت ضغط تستطيع استخدامها إذا كان مع العسكر أو مع القوى السياسية التقليدية، و هذا الذي جعلها تهرب للبحث عن نصير قوي لم تجد غير العامل الخارجي.
القوى الجديدة اعتقدت أن سقوط الإنقاذ يعني خروج الإسلاميين من الساحة السياسية، و خدعتها بعض القوى التي كانت قد أطلقت شعار " أي كوز ندوسو دوس" أولا اعتقدت إذا استطاعت أن تخلق حالة صدام قوي مع الإسلاميين سوف تعيد الشارع لحضنها.. المسألة الثانية لم تقدر قوة الإسلاميين و حركتهم في الشارع مقارنة بما تملك هي.. ثالثا أرادت أن تخلق صراعا مع قوى سياسية نسيت أنها كانت تحكم ثلاثة عقود و لها خبرة كبيرة في الصراع السياسي، و ماتزال تسيطر على كثير من خيوط اللعبة السياسية.. رابعا عندها تجربة كبيرة تجعلها قادرة على المناورة و التكتيك، و أيضا هي تملك أدوات الصراع التي تحركها كما تشاء.. أن عدم تقدير " قحت المركزي" يرجع لقلة الخبرة معرفة امكانيات الاخر، و حالة الاندفاع التي كانت تمارسه دون وعي فقط تتحكم فيها ردات الفعل. استفاقت أخيرا و هرولت لحزب الأمة لكي ينهي تجميده و يأتي ليقود التحالف بعد ما وافقت على منحه 60% من المحاصصات.
إذا الصراع داخل الأحزاب هو الذي أضعف القوى المدنية، التي نسيت الشارع و أصبح رهانها يعتمد على القوى الدولية أن تكون لها رافعة للسلطة. و كان ذلك في مصلحة المكون العسكري الذي يجيد المناورة و التكتيك، و القدرة على صناعة الحدث، و بدأت " قحت" تتراجع من الهجوم إلي الدفاع، و كل مرة كان المكون العسكري يسجل عليها نقاط، حيث انفرد بمفاوضات السلام مع الحركات، و خرجت الأحزاب من هذه الدائرة. عجزت الأحزاب أن تشكل المجلس التشريعي، أعطاها التصرف في لجنة التمكين لتكون في صراع مباشرة مع الإسلاميين.. أعطى حمدوك الحق بشراء 350 مليون دولار من السوق الموازي الأمر الذي رفع الدولار من 50 جنيها إلي 125 جنيها أثر على معيشة الناس جعلها في مواجهة مع الشارع.. و في النهاية قام بانقلاب 25 أكتوبر حل بموجبه حكومة حمدوك الثانية، جعل "قحت المركزي" في مواجهة مع الشارع عندما رفض الشارع قيادات "قحت" المشاركة في التظاهرات ضد الانقلاب، حاولت قحت كسب الميليشيا و كانت الحرب.
أن الحرب الدائرة و افعال الميليشيا و حربها على المواطن في الخرطوم و الجنينة و زالنجي و الجزيرة جعلت الجماهير تلتف حول الجيش.. هذا التحول في الحرب لابد أن يخلق واقعا جديدا في المجتع و في الساحة السياسية، و منذ الحرب استطاعت قيادة الجيش أن تستخدم التكتيك و المناورات بصورة تجعلها تتحكم في إدارة الشأن السياسي و العسكري.. و الآن بدأ النشاط الفعلي للمقاومة الشعبية لكي تصبح هي أداة الفعل السياسي في المستقبل.. و هي التي سوف تجعل الأحزاب التي كانت ترفض الانتخابات تنادي بالانتخابات كمخرج من الأزمة مع انعقاد المؤتمر الدستوري قبل العملية الانتخابية. نسأل الله حسن البصيرة.


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: مع الشارع التی کانت التی کان

إقرأ أيضاً:

24 ساعة في سوهاج.. خمس وقائع دموية تهز الشارع السوهاجي

شهدت محافظة سوهاج خلال الـ24 ساعة الماضية سلسلة من الأحداث الدامية والوقائع المؤسفة التي تنوعت ما بين جرائم قتل، ومحاولات انتحار، وحوادث غرق، ومشاجرات مسلحة؛ الأمر الذي أثار حالة من القلق والحزن بين الأهالي.

كهربائي يقتل زوجته ويصيب شقيقه بطعنات

البداية كانت من قرية جزيرة محروس التابعة لمركز أخميم، حيث لقيت "جيهان ن.ا.ب" 35 عامًا، ربة منزل، مصرعها متأثرة بطعنات قاتلة وجهها لها زوجها "محمد أ.ع.ح"، 38 عامًا، كهربائي، إثر خلافات زوجية حادة.

كما أُصيب شقيق الزوج أثناء محاولته فض المشاجرة، وتم نقله إلى المستشفى، بينما تم القبض على المتهم وبحوزته السلاح المستخدم، وأُخطرت النيابة التي باشرت التحقيقات.

مصرع تاجر ملابس خلال حضوره حفل زفاف

وفي حادث آخر مأساوي، لقي تاجر ملابس مصرعه وأُصيب آخر بطلق ناري خلال مشاجرة مسلحة نشبت في حفل زفاف أمام كوافير سيدات في مدينة طهطا؛ بسبب خلافات مالية سابقة بين أطراف الواقعة.

وأسفرت التحريات عن ضبط ثلاثة متهمين أقروا بتفاصيل الجريمة، وتمت مصادرة السلاح الناري المستخدم، بينما تولت النيابة التحقيق.

غرق طفل بترعة في جهينة

كما شهد مركز جهينة مصرع طفل يُدعى "محمد م. م. ض"، يبلغ من العمر 7 سنوات، غرقًا في إحدى الترع أثناء توجهه للأرض الزراعية، بعد أن اختل توازنه وسقط في المياه، وبحسب تصريح والدته، لم تُوجه أي اتهامات، ونفت وجود شبهة جنائية.

ضبط شاب أطلق أعيرة نارية في الهواء بسبب خلاف مالي في سوهاجنشوب حريق هائل داخل محل إصلاح إطارات سيارات بجرجا في سوهاجمحافظ سوهاج يعقد اللقاء الجماهيري الأسبوعي للاستماع لشكاوى وطلبات المواطنينحبس شاب أطلق النار على جاره في مشاجرة بدار السلام في سوهاجسائق توكتوك يحاول إنهاء حياته بـ"قرص الموت"

وفي مركز طما، أُصيب سائق توك توك يدعى "خالد ع. م. أ"، 33 عامًا، بحالة تسمم شديدة إثر تناوله قرص حفظ غلال فيما يُعرف بـ"قرص الموت"، بسبب مروره بأزمة نفسية حادة نتيجة خلافات أسرية، وتم نقله إلى المستشفى في حالة حرجة.

مشاجرة دامية بين الجيران تصيب شاب بطلق ناري

وفي دار السلام، أصيب شاب يُدعى "عمرو ش. ع. م"، 25 عامًا، بطلق ناري في الكتف إثر مشاجرة مسلحة مع شاب آخر يدعى "هشام م. ر. أ"، 22 عامًا، بسبب خلافات تتعلق بالجيرة.

وتم ضبط الطرفين، وعثر بحوزة المتهم الثاني على السلاح المستخدم، فيما تولت النيابة التحقيق.

وتعكس هذه الوقائع واقعًا اجتماعيًا مأزومًا، يتطلب تدخلًا فوريًا من كافة الجهات المعنية لنشر التوعية، وتعزيز الأمن، واحتواء الأزمات الأسرية قبل أن تتحول إلى مآسي دامية تهز استقرار المجتمع.

مقالات مشابهة

  • شباب يواجهون الأحزاب السياسية والعرف: نحن هنا أيضا
  • أخبار التوك شو| مصطفى بكري: الرئيس السيسي مستهدف من القوى المعادية لوقوفه ضد مخطط التهجير.. مساعد وزير الدفاع الأسبق: حرب الاستنزاف كانت الممهد الحقيقي لنصر أكتوبر
  • مساعد وزير الدفاع الأسبق: حرب الاستنزاف كانت الممهد الحقيقي لنصر أكتوبر
  • تحالف الانبار: تركيا ستدعم الأحزاب السنّية الفائزة في الانتخابات المقبلة
  • الحكومة تنهي محنة الطلبة المغاربة في الجامعات الفرنسية وتقر المعادلة التلقائية للشواهد
  • محافظ إدلب يبحث مع مدير الشؤون السياسية سبل التعاون للنهوض بالواقع السياسي للمحافظة
  • التحول الجيوسياسي السعودي وإعادة تشكيل المعادلة الإقليمية
  • 24 ساعة في سوهاج.. خمس وقائع دموية تهز الشارع السوهاجي
  • ضبط المتهم باشهار سلاح فى الشارع بالإسماعيلية
  • وزير الاقتصاد والصناعة يصدر قراراً بتشكيل ثلاث إدارات عامة ضمن الوزارة بدل الوزارات التي كانت قائمة قبل الدمج