مدفيديف: العقوبات تستهدف كل سكان روسيا وعلينا الانتقام منهم في كل مكان وحيثما أمكن ذلك
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
أكد نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف أن عقوبات الغرب الجديدة ليست فقط ضد السلطات والشركات الروسية، وإنما ضد جميع سكان روسيا "وعلينا الانتقام في كل مكان وحيثما أمكن ذلك".
وكتب مدفيديف ذلك في قناته على "تلغرام" تعليقا على القيود التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا.
إقرأ المزيدوقال: "لقد اعتدنا على قيودهم التي لا نهاية لها وتعلمنا التعايش معها.
وأضاف مدفيديف: "لقد تم فرضها ضد جميع سكان روسيا"، واستشهد كأمثلة على ذلك بالحظر المفروض على نظام الدفع الروسي "مير" والقيود المفروضة على أنشطة الشركات العاملة في بناء المساكن في البلاد.
ولفت نائب رئيس مجلس الأمن الروسي إلى أن "السبب واضح: كلما كان الوضع أسوأ بالنسبة للمواطنين الروس، كان ذلك أفضل بالنسبة للعالم الغربي".
وقال: "في حالة الحرب، الحال هو حرب. وفي هذه الحرب سيكون النصر إلى جانبنا!".
وتابع مدفيديف: "يجب خلق صعوبات لهم في الاقتصاد، وإثارة استياء الجمهور هناك من السياسات غير الكفؤة التي تنتهجها سلطات الغرب، وتطوير وتعزيز الحلول الدولية التي تؤثر على مصالح العالم الغربي. افعلوا ذلك باستمرار وبشكل منهجي وعلني قدر الإمكان".
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أوروبا ازمة الاقتصاد الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكرملين بروكسل تيليغرام شركات عقوبات اقتصادية عقوبات ضد روسيا غوغل Google كييف مؤشرات اقتصادية مجلس الأمن الروسي مواقع التواصل الإجتماعي موسكو واشنطن وزارة الدفاع الروسية وسائل الاعلام
إقرأ أيضاً:
بدء انهيار المعمار الأمني الغربي
مما كان يرويه الفيلسوف الفرنسي الراحل ميشال سارّ أنه كان كلما استيقظ صباحا وأخذ في حلق ذقنه، تذكر النبأ السعيد الذي صار نسيا منسيا لدى الجميع من طول التعود. فما هو النبأ الذي يظل منسيا، رغم أنه يتجدد باستمرار، والذي كان الفيلسوف الحر الخارج على جميع المذاهب والتصنيفات (والمتوفَّى قبل عامين من الغزو الروسي لأوكرانيا) يرى من واجبه أن يتذكره كل يوم، وأن يذكّر به الأوروبيين كلما سنحت الفرصة؟ إنه السلام! يا قوم أوروبا الغربية تعيش في سلااااام! أوروبا الغربية التي كان تاريخها كله طوال القرون حروبا في حروب تعيش منذ عام 1945 أطول فترة سلام في تاريخها.
والرأي عندي أنها أطول فترة سلام في تاريخ البشرية بأسرها. ذلك أن «الباكس رومانا» الذي دام 180 عاما، لا يُعتدّ به حقا لأنه كان سلاما إمبراطوريا مسلحا مفروضا على الشعوب بالقهر، ولأنه لم يكن يمنع دوام الغارات والغزوات المحلية بين القبائل والأهالي. وحتى مع أخذ هذا السلام الروماني في الحسبان، فإن المؤرخين يقدرون أن البشرية أمضت 92 في المئة من تاريخها في الحرب والاقتتال.
أما دول أوروبا الغربية فقد تعلمت درس التاريخ وقررت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية أن تتحرر من لعنة الحروب. صحيح أن الدول الاستعمارية منها ظلت تخوض حروبا عدوانية على شعوب القارات الأخرى. ولكن منذ أن تدخل الرئيس أيزنهاور لإحباط العدوان الثلاثي على مصر، قررت دول أوروبا الغربية أن تُسخر جهودها للإعمار والتنمية والازدهار.
وليس مصادفة أن معاهدة روما، المُنشِئة للمجموعة الأوروبية، قد وُقّعت عام 1957، أي بعد عام فقط من فشل العدوان الثلاثي وتكرّس ميزان القوى العالمي الجديد.
أما الغاية من المجموعة (التي بدأت بستة أعضاء لتصير بعد عقود اتحادا من 27 عضوا) فقد لخصتها، عند إنشائها، قولة صحافية بليغة: أن تكون حصنا ضد كل من الماضي الألماني والحاضر الروسي.
أي أن دول أوروبا الغربية قد تكتلت لمنع تكرار العدوانية الألمانية ولردع احتمال العدوانية الروسية. وقد كان تكتلها في الأساس اقتصاديا تنمويا. ومما يسّر هذا المسعى التكاملي المدروس، الذي لا نظير له في التاريخ، أن ألمانيا الغربية تحولت إلى ديمقراطية ليبرالية وتمكنت في ظرف عشرة أعوام فقط، أي بحلول 1955، من إعادة بناء اقتصادها الذي دمرته الحرب تدميرا شبه كلي.
مشهد سوريالي ما كان لِيخطر حتى في روايات الخيال العلمي: الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية من جهة، وبقية العالم في الجهة المقابلة! فرنسا وبريطانيا في خندق، والولايات المتحدة والمجر ونيكاراغوا (وإسرائيل طبعا) في الخندق المواجه
ومن أسباب نجاح المجموعة الأوروبية في صيغتها الأولى أنها استوفت أفضل شروط التجانس: فقد كانت كل دولها الأعضاء ديمقراطيات ليبرالية ذات اقتصاد حر مزدهر في كنف دولة الرعاية الاجتماعية الكافلة للعيش الكريم لجميع الفئات، بمن فيهم المرضى والمسنون والمتقاعدون والعاطلون. وقد تطور البناء الاتحادي الأوروبي ليتخذ شكل «ديمقراطية تعاونية» فريدة بين دول كانت متعادية تاريخيا وسياسيا وأمم كانت متباغضة ثقافيا ومذهبيا (بفعل سلسلة الحروب الدينية من القرن 16 إلى القرن 19) فضلا عن اعتداد كل منها بذاتيته القومية. وليس من المستغرب أن تتعثر خطوات البناء وتتعقد بما ينذر بالتهافت أو الانهيار. فهذا البناء الاتحادي مناقض لطبائع الأشياء (!) مثلما كان يقول ميتران. ذلك أنه يروم تحقيق دوام الائتلاف والانسجام بين أمم متباينة العقليات والحساسيات، أي أنه يريد أن يحقق بالإرادة السياسية الواعية أقصى وأعزّ ما تحول دونه، بل وتعمل ضده، الطبائع النفسية الثابتة.
ولكن الحقيقة أن الازدهار الأوروبي ما كان ليتحقق ،والسلام الأوروبي ما كان ليستمر والحصن الاتحادي «ضد الحاضر الروسي» ما كان ليصمد لولا الحماية العسكرية الأمريكية المضمونة بمقتضى معاهدة الناتو. إلا أن هذه الضمانة قد انْتَقضت بمجيء ذلك الرجل الأمريكي الذي لا يعرف الصديق من العدو والذي يظن أن السياسة الدولية برمّتها ما هي إلا حكاية بيع وشراء تتخللهما مساومات بازارية وابتزازات مافيوزية. وقد تجلت خطورة الشرخ الذي أصاب قلب العالم الغربي، بانحياز الولايات المتحدة للعدو الروسي وتألّبها ضد الحليف الأوروبي، في مشهد التصويت على قرار الجمعية العامة المطالب بانسحاب القوات الروسية من أوكرانيا.
مشهد سوريالي ما كان لِيخطر حتى في روايات الخيال العلمي: الولايات المتحدة وروسيا وكوريا الشمالية من جهة، وبقية العالم في الجهة المقابلة! فرنسا وبريطانيا في خندق، والولايات المتحدة والمجر ونيكاراغوا (وإسرائيل طبعا) في الخندق المواجه.
قلائل هم الذين يرون أن هذا الصدع قابل للرأب، بل الرأي الراجح أنه إيذان ببدء انهيار معمار الأمن التضامني الغربي، وربما انفجار النظام الدولي بأسره.