“الوثيقة – اللغم”.. المطلوب حراك إقليمي دولى لتأكيد الموقف الأمريكى
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
بعد صراع سياسى أمنى، وفى ظل الحرب العدوانية على سكان قطاع غزة، والضفة الغربية والقدس، مازالت دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، تمارس ألاعيبها لتصفية القضية الفلسطينية، وتريد عدم إيقاف الحرب أو حل المسألة الإنسانية، فقد تمادت حكومة الحرب الإسرائيلية النازية الكابنيت فى حرب الإبادة الجماعية، وسياسة دفع سكان غزة نحو التهجير القسرى، وسط وضع مأساوى، مجاعة وانهيار للوضع الصحى وكل ما يتعلق بظروف الحياة.
ما يثير الجدل، أن السفاح بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال، قدم ما سمى، بـ«الوثيقة» التى عمم أنها مكونة من صفحتين إلى مجلس الوزراء الأمنى يوم الجمعة، بعد ما أعلن أنها جاءت بعد أشهر من الضغط «..» من حلفاء إسرائيل، بالتأكيد الحلفاء ممن فى صف حرب الإبادة على قطاع غزة.
*الوثيقة اللغم.
تقترح وثيقة دولة الاحتلال الإسرائيلى السيطرة إلى أجل غير مسمى على غزة فى أول خطة، تعلنها حكومة الحرب الإسرائيلية، وتعد وفق المرحلة، من تلك الألغام السياسية الأمنية، التى تتحدث عن رؤية السفاح نتنياهو الرسمية بعد الحرب، برغم أنها لم تتوقف، وليس من مؤشرات على تفاهمت قريبة لإيقاف الحرب، الأطراف كافة تعاند مرحلة الإيقاف، نتيجة تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لاستمرارها.
.. الوثيقة اللغم، بحسب تقرير كتبه المحلل جوتام كونفينو، من تل أبيب، ترتكز على:
*أولا:
تخطط إسرائيل لممارسة سيطرة غير محددة على كافة جوانب الحياة فى غزة، فى أول خطة رسمية لها بعد الحرب فى القطاع.
* ثانيا:
تقترح الوثيقة، ن يحتفظ الجيش الإسرائيلى بالسيطرة الأمنية على غزة «دون حد زمنى»، مع حرية الحركة فى جميع أنحاء المنطقة.
* ثالثا:
ستقوم إسرائيل بإدارة برنامج للقضاء على التطرف فى جميع المدارس والمساجد ومؤسسات الرعاية الاجتماعية فى غزة، بمساعدة من دول عربية مختارة ذات خبرة فى هذه القضية.* رابعا:
تضع الوثيقة، ما تم توصيفه بالمنطقة العازلة على جانب الحدود الفلسطينية، وهى منطقة؛ ستبقى قائمة «طالما أن هناك حاجة أمنية إليها».
* خامسا:
يجب أن يكون هناك تجريد كامل من السلاح لأى قدرة عسكرية تتجاوز ما هو مطلوب لاحتياجات الحفاظ على النظام العام.
* سادسا:
يحافظ الجيش الإسرائيلى على سيطرته الأمنية على غزة «دون حد زمنى».
* سابعا:
تقوم إسرائيل بتنفيذ «إغلاق» على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر لمنع التهريب «سواء تحت الأرض أو فوق الأرض، بما فى ذلك عبر معبر رفح».وتنص على أن الهدف من الإغلاق أيضًا هو منع تكرار ما وصف بـ«النشاط الإرهابى» – يقصد بذلك المقاومة الفلسطينية من حماس والفصائل الفلسطينية كافة- وسيتم تنسيقه «قدر الإمكان» مع مصر والولايات المتحدة، هنا يجب الإشارة إلى أن عملية التنسيق التى تشير إليها الوثيقة، لا أساس لها من الصحة، الجانب المصرى يرفض كل هذه الترهات، فيما أعلن أن الولايات المتحدة الأمريكية أيضا ترفضها.
* ثامنا:
دولة الاحتلال الإسرائيلى ستكون على اتصال مع شركاء آخرين لإنشاء قيادة أعمال فى غزة من شأنها أن تساعد فى مهمة القضاء على التطرف.
وأنهم، بحسب أهداف «الوثيقة-اللغم» يعملون جنبًا إلى جنب مع مسئولين فلسطينيين غير تابعين لحماس يتمتعون «بالخبرة الإدارية» والذين سيديرون الشئون المدنية. ووفقا للتقارير، التى كشف عنها يجرى بالفعل اختبار تجريبى، حيث تبحث إسرائيل عن «الأشخاص المناسبين» لإدارة ما يسمى الجيوب الإنسانية.* تاسعا:
ضمن الوثيقة، تشكل المناهج والكتب المدرسية فى غزة مصدرًا خاصًا للقلق بين المسئولين الإسرائيليين، الذين زعموا منذ فترة طويلة، وهى تتهم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، التى تدير ما يقرب من نصف المدارس فى القطاع، تسمح بمواد تعليمية معادية للسامية، وفيها محتوى تعليمى فكرى.
ومن بين مقترحات وثيقة السفاح نتنياهو، أن تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلى إلى إغلاق الأونروا بشكل كامل واستبدالها بمنظمات دولية أخرى، وهى قضية دولية أممية باتت تضغط على الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمات العالم الثقافية والإنسانية والإغاثية.
* عاشرًا:
إن إعادة إعمار غزة، بحسب الوثيقة، سيتم تمويلها، من قبل دول «مقبولة» لإسرائيل.
* الحادى عشر:
تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، فى معارضة الاعتراف الأحادى بالدولة الفلسطينية، وتصر على أن المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين، ومن دون شروط مسبقة، هى وحدها القادرة على التوصل إلى تسوية «دائمة».
* الموقف الإقليمى والدولى
فى حدود، ما كشف من الوثيقة، فقد بات الموقف الإقليمى ومن المجتمع الدولى، أن علامات استهجان كبيرة تندد أهداف السفاح نتنياهو من الخطة، اعتراضات أولية من واشنطن، غالبًا؛ تريد إدارة بايدن أن ترى سلطة فلسطينية بعد إصلاحها تحكم كلًا من غزة والضفة الغربية كخطوة نحو إقامة الدولة الفلسطينية، يتزامن ذلك مع ما دعا إليه الوزراء اليمينيون المتطرفون فى حكومة السفاح نتنياهو، وبدا ذلك علانية: إعادة التوطين فى غزة وتشجيع الفلسطينيين على الهجرة، وتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين فى الضفة الغربية وقطاع غزة تحت نيران استمرار الحرب الدموية والإبادة وسياسة التهجير ونشر الإشاعات.
* بلينكن فى اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين
بعد الإفصاح الإسرائيلى عن الوثيقة – اللغم برزت تصريحات وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن التى حملت معارضة واشنطن، والإدارة الأمريكية لأى نتيجة من بنود الخطة وأهدافها المتعلقة فى قطاع غزة.
بما فى ذلك، أى إعادة احتلال لقطاع غزة من قبل إسرائيل وكذلك أى تقليص حجمه، وقال:
«غزة… لا يمكن أن تكون منصة للإرهاب. ولا ينبغى أن يكون هناك إعادة احتلال إسرائيلى لغزة». وقال فى بوينس آيرس حيث كان يحضر اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين: «لا ينبغى تقليص حجم أراضى غزة».
.. عربيا وإسلاميا وإقليميا، العمل مع المجتمع الدولى والأممى، من الضرورى، إعادة تفعيل الحراك السياسى والأمنى من أجل احتواء هذا التحول فى الإدارة الأمريكية، والبناء على مواقف الدول الإقليمية لمصر والأردن والسعودية، والأمم المتحدة والمنظمات والقوى المختلفة، للاستمرار فى الدفع نحو إيقاف الحرب، وبالتالى نسف مشاريع حكومة الحرب الإسرائيلية المستعرة.
حسين دعسة – جريدة الدستور
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: دولة الاحتلال الإسرائیلى فى غزة
إقرأ أيضاً:
علاقة فى مهب الريح.. ألمانيا فى حالة صدمة بسبب فقدان «صديقها الأمريكى»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لقد أصبح تحالف البلاد مع الولايات المتحدة، الذي شكل أساس إعادة إعمار ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، عنصراً فى مهب الريح بالنسبة للعديد من الألمان، الذين يعتبرون الانتكاسات الجيوسياسية لإدارة ترامب بمثابة زلزال.
على أراضي مطار تمبلهوف السابق في برلين، تحيي طائرة مروحية قديمة ذكرى لحظة حاسمة في التاريخ الألماني. وتذكر بالجسر الجوي (١٩٤٨-١٩٤٩)، الذي استمر أحد عشر شهراً قامت خلالها الطائرات الأمريكية من هذا النوع بتزويد جيب برلين الغربية، التي قطع السوفييت طرق الاتصالات فيها، بالمواد اللازمة. وأطلق سكان برلين على هذه الآلات لقب (قاذفات الزبيب) لأنها أسقطت آلاف الحلويات للأطفال فوق المدينة حتى رفع الحصار. وبالنسبة للعديد من الألمان، تعتبر هذه الطائرات رمزاً للصداقة والحرية التي تضمنها الولايات المتحدة ضد الدكتاتورية.
ذكريات قديمة
هل تذكر كبار السن هذا الحدث العاطفي عندما سمعوا خطاب جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن في ١٤ فبراير، قبل تسعة أيام من الانتخابات العامة التي من المتوقع أن يحصل فيها حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف على ٢٠٪ من الأصوات؟.. ببضع جمل فقط، داس نائب الرئيس الأمريكي على إحدى الركائز المؤسسة لجمهورية ألمانيا الاتحادية، والتى تتمثل فى العلاقات عبر الأطلسي. لقد دعا جي دي فانس إلى التخلي عن أي حاجز ضد الجماعات اليمينية المتطرفة. وفي ميونيخ، لم يلتق نائب ترامب بالمستشار أولاف شولتز، بل التقى برئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل، التي كان مستشار دونالد ترامب الملياردير إيلون ماسك قد أيدها في يناير. وكان الهجوم العنيف الذي شنه الرئيس الأمريكي على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم الأربعاء الماضى، بمثابة قمة القطيعة.
بالنسبة لألمانيا، فإن هذه نقطة تحول أكثر عمقاً من الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير ٢٠٢٢، والذي مثل عودة الحرب إلى أوروبا ودمر مفهومها للتجارة الدولية كضامن للاستقرار. أما العلاقة مع الولايات المتحدة فهي ذات طبيعة مختلفة.
إنها علامة أساسية لألمانيا الحديثة، وهي التي فرضت الديمقراطية والقانون ضد رعب النازية. يتعين على أي سياسي بارز، وخاصة داخل الحزب الديمقراطي المسيحي، أن يكرر تأكيد تمسكه بالرابط عبر الأطلسي. وربما كان أيضًا قريبًا من إحدى الجمعيات التي تجسدها، مثل جمعية "جسر الأطلسي"، التي تأسست في عام ١٩٥٢ وترأسها بين عامي ٢٠٠٩ و٢٠١٩ فريدريش ميرز، المرشح المفضل لمنصب المستشار بعد الانتخابات.
لقد لعب الأمريكيون دوراً رئيسياً في إعادة بناء ألمانيا سياسياً واقتصادياً ومؤسسياً بعد الحرب العالمية الثانية. قاموا بتنظيم عملية نزع النازية من المؤسسات وفرضوا انضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقد ألهموا المبادئ المهمة للقانون الأساسي (١٩٤٩)، مثل احترام حقوق الإنسان التي تحميها المحكمة العليا، وفصل السلطات وتوازنها، والفيدرالية.
ساهموا بشكل كبير في الإصلاح النقدي عام ١٩٤٨، والذي أدى إلى إدخال المارك الألماني. إن "المعجزة الاقتصادية" الألمانية لا يمكن تصورها من دون الاستقرار النقدي الذي استندت إليه خطة مارشال. ومع فقدان القوة العسكرية لمصداقيتها، أصبحت الهوية الألمانية الغربية مبنية إلى حد كبير على القوة الاقتصادية والنقدية الناتجة عن هذه التحولات.
لا صديق ولا قدوة
وهذه الهوية مليئة بالذكريات والروابط الثنائية القوية للغاية. تحيي لوحة تذكارية على قاعة المدينة في منطقة شونيبيرج في برلين ذكرى اليوم الذي صرخ فيه الرئيس جون كينيدي "أنا برليني" في يونيو ١٩٦٣ دعماً للسكان.
كما تردد هذه الكلمات صدى خطاب رونالد ريجان عام ١٩٨٧ إلى الزعيم السوفييتي ميخائيل جورباتشوف: "اهدم هذا الجدار!" والذى كان يُنظر إليه باعتباره لحظة تنذر بنهاية الحرب الباردة وإعادة التوحيد.
إن التأثير الفكري الأمريكي على النظرية الاقتصادية، وخاصة في تسعينيات القرن العشرين، كان كبيراً. لقد تطورت جامعة بون المرموقة وجامعة برلين الحرة وجامعات ميونيخ على غرار الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة، حيث أصبح المرور عبرها إلزامياً للعديد من المهن الرفيعة المستوى في مجال البحث والتعليم العالي في جميع أنحاء نهر الراين.
ويقول الخبير الاقتصادي ينس سوديكوم، الأستاذ بجامعة دوسلدورف: "إن ما نعيشه الآن هو قطيعة مطلقة. لقد أصبح النظام الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية بأكمله في طي النسيان".. وجاء في عنوان صحيفة "دي تسايت" الأسبوعية على الصفحة الأولى يوم الخميس ٢٠ فبراير "ألمانيا بدون أمريكا؟"، وكتب أحد مديري صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج، أكبر صحيفة يومية في فرانكفورت، افتتاحية بعنوان "الانقسام في الغرب"، في نفس اليوم.
خطوات مطلوبة
إن ألمانيا، التي فوضت واشنطن بالدفاع عنها واستفادت كثيراً من "عائدات السلام" بعد عام ١٩٩٠، تعيش الآن وضعاً صعباً للغاية.
إن تحفظ المستشار شولتز بشأن القضية الأوكرانية، المبرر باحترام الأسبقية الأمريكية في القضايا الأمنية في حلف شمال الأطلسي، لم يعد مقبولاً. ويتعين على الحكومة في برلين أن تتصرف بسرعة كبيرة. ويبدو أن "كبح الديون"، وهو قاعدة دستورية تحد من العجز العام إلى ٠.٣٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، والتي سُحق بسببها الائتلاف المنتهية ولايته، قد أصبحت من عصر آخر، نظراً لضخامة الإنفاق المخصص للأمن.
ولكن التحول الأكبر ربما يكون ثقافياً: فلأول مرة منذ ثمانين عاماً، لم يعد من الممكن النظر إلى أمريكا باعتبارها صديقاً أو نموذجاً.
وسوف يتعين على برلين أن تعيد بشكل عاجل، مع شركائها الأوروبيين الذين يريدون ذلك، وفي مقدمتهم فرنسا، تحديد أسس استقلاليتها الاستراتيجية.