موقع النيلين:
2025-04-29@03:49:19 GMT

التقدم في السياق الإسلامي

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT


لا يُخطئ المتدبر للقرآن الكريم أنّ الزّمن يعرف ضروباً من التّقدم، وأنّ التّقدّم في آياته الكريمة مفهوم إيجابي، على خلاف مفهوم التأخر. قال تعالى (لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر/ المدثر:37)، وهي دعوى ظاهرة إلى التّرغيب في سلوك سبيل التقدم وتنكب سُبُل الانحطاط والتّأخر. وتاريخ الأنبياء، في القرآن الكريم، يسجل مسار التقدّم نحو الرشد العقلي، من اللامعقول إلى المعقول، وهو المسار الذي اكتمل مع بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

لكن قد يقول قائل: إن مع اكتمال الرشد البشري يبدأ الانحطاط والتقهقر؟

فَنُسائل: أليس كمال الدّين إيذانا بتحرير العقل البشري من أساطيره لينطلق في رحلة علمية يتْبع الأسْبابَ التي دانت بها الأرض لذي القرنين، وإلّا لِمَ حثّ القرآن على طلب العلم في قوله تعالى «وقل ربّ زدني علما»، ولِمَ لَمْ يُحرّم العلمَ المطلق، كما صنع عوامّ الفقهاء من أبناء ملّتنا.

لكن، لِمَ لَمْ نجد للمسلمين كبير اهتمام بالتّقدّم الذي تفصح عنه روح القرآن ويجليه المسار البشري والحضاري، هل يرجع الأمرُ إلى أن المسلمين عاشوا التقدّم ولم يفكروا فيه نظرياً؟ أم سبب ذلك تأثر قوي بالأحاديث التي يُفهم من ظاهرها تقهقر الزّمان وانحطاطه من مثل الحديث الصّحيح (خير القرون قرني ثم الذي يلونهم…)؟ أم بسبب غلبة مفهومي التّقديم والتّأخير على اهتمام المسلمين في النّظر إلى البيان القرآني؟ أم بسبب اهتمام فلاسفة الإسلام بالتقدّم والتأخر بمعنى التّناسب والتّشكيك كما أبرزتُ في مقالة تصدر حديثاً بإذن الله؟عندما نعود إلى ثقافتنا الدّينية نتساءل: ما معنى الحديث الصحيح الذي يؤكد أنه ما أنزل الله من داء إلا أنزل له الدّواء، أليس هو دليلاً على تقدم العلوم الطبية؟ وما معنى قوله تعالى: (يا معشر الأنس والجن إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض… لا تنفذون إلا بسلطان/ الرحمن:33) أليس هو دليلاً على إمكانية تقدم العلوم الفلكية وعدم استحالة الإبحار في السماوات؟ قد يقول قائل: النّاس تتقدم في العلوم لكنّها تتأخر في الإيمان والأخلاق.. لكن هل التأخر ضربة؟ لو كان الأمر كذلك، فما الفائدة إذن من بعث المجدّدين على رأس كل مائة سنة، كما في حديث صحيح أبي داود؟ أليس التجديد، الذي بشّر به الحديث النبوي، ضرباً من التقدم النّظري والعملي لقضايا الدّين انطلاقاً من الواقع المتجدد؟ بل أليست تلك دعوة إلى التسلّح بالعلوم الإنسانية لمعرفة الواقع بموضوعية كاملة حتى يمكن أن يَتنزّل عليه الدّين بيسر، خاصة أن من خصائص ديننا السّماحة والرُّخص الصادرة عن الثّقات؟

أسئلة ثارت في ذهني وأنا أستحضر الأوراق البحثية التي عرضها باحثون من مختلف دول المعمورة في المؤتمر الدّولي الثّاني للفلسفة والأخلاق الذي نظّمه مركز الدراسات الفلسفية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في 7 و8 من شهر فبراير الحالي، والتي أشرفتْ على الإحاطة بمفهوم التقدّم كمفهوم التبست معانيه على النّاس، كعادة المفاهيم التي تحمل أثقال الفلسفات المختلفة والمتضاربة، ولعلّ الإشكالات التي بُلْورَتْ، في هذا المؤتمر الناجح، أن تكون حافزاً لأسئلة ذاتية تنبع من صميم ثقافتنا العربية الإسلامية تتعلق بمفهوم التقدّم وتقديم رؤية فلسفية له، فمفهوم التقدّم هو مفهوم «الأمل»، وهو جدير أن يحفر عنه الباحثون الشّباب في ثقافتنا، وأن يُبْرزوه ويُتابعوه، ويُشَرِّحُوه بأقلامهم، ويُقَوّموه بأسئلتهم، تلك من مهام الباحثين في جامعاتنا، وهي المهام الجليلة التي تسمح في تقديري، من داخل ثقافتنا العربية الإسلامية، للتّقدّم أن يتقدّم باستمرار.

د. ابراهيم بورشاشن – مدير مركز الدراسات الفلسفية بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية
جريدة الاتحاد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: التقد م

إقرأ أيضاً:

قطر تنتقد إسرائيل وتتحدث عن "بعض التقدم" في محادثات هدنة غزة

أعلنت قطر، الأحد، إحراز بعض التقدم في محادثات جرت هذا الأسبوع في الدوحة، في إطار الجهود للتوصل إلى اتفاق لوقف حرب غزة. 

وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مؤتمر صحفي، إنه تم إحراز "بعض التقدم" ردا على أسئلة عن تقارير حول اجتماع عقد الخميس بينه وبين ورئيس الموساد الإسرائيلي دافيد بارنيا.

ولم يؤكد رئيس الوزراء القطري عقد الاجتماع.

ومن جهة أخرى، وجه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني انتقادات لإسرائيل، قائلا إنها "تريد إطلاق كل الأسرى بدون أي أفق لإنهاء الحرب على غزة".

وقال في المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: "لا يمكن أن نقبل بتجويع الشعب الفلسطيني الشقيق أو استخدام التجويع سلاحا".

وأضاف: "نواصل التنسيق مع مصر والشركاء للتقدم نحو المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار بغزة"، مؤكدا أن قطر ستواصل جهودها مع شركائها لإنهاء هذه الحرب.

وأشار إلى بذل الجهود من أجل إعادة الأطراف إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لافتا إلى أن حركة حماس أكدت مرارا وعلنا استعدادها لإعادة كل الرهائن.

وختم قائلا: "لاحظنا الخميس الماضي بعض التقدم في مواقف الأطراف بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار".

وأشار فيدان إلى أن حماس ستقبل أي اتفاق يكون واردا فيه حل الدولتين، قائلا: "سنواصل مساعينا للتوصل إلى حل بشأن غزة وإلا فإن البديل عن السلام مزيد من المعاناة".

وأضاف أن "مساعينا هنا في قطر تكمل المساعي القطرية المصرية لإنهاء الحرب على غزة".

 

مقالات مشابهة

  • رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة طعن مسلم داخل مسجد بفرنسا
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة طعن مسلم داخل مسجد في فرنسا
  • رابطة العالم الإسلامي تُدين جريمة طعن مسلم داخل مسجد في جنوب فرنسا
  • "حساب الأطفال" من "ظفار الإسلامي" يعزز مساعي الادخار والمسؤولية المالية
  • قطر تنتقد إسرائيل وتتحدث عن "بعض التقدم" في محادثات هدنة غزة
  • اليمن يشارك في اجتماع كبار المسؤولين للدورة الحادية والخمسين لمنظمة التعاون الإسلامي
  • قطر: جهودنا مستمرة في مفاوضات غزة "رغم الابتزاز" ولاحظنا بعض التقدّم
  • "التعاون الإسلامي" تأسف للقرار الأمريكي برفع الحصانة عن "الأونروا"
  • الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس البرلمان الباكستاني
  • 5 طرق للحفاظ على مرونة جسمك مع تقدمك في العمر.. ما هي؟