مسئول عراقي: نتطلع للاستفادة من خبرات مصر في مجال الإدارة الرشيدة للمياه ومواجهة التحديات المناخية
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
أكد وكيل وزارة البيئة العراقية الدكتور جاسم الفلاحي، أن بلاده تتطلع دائما للاستفادة من خبرات مصر المتراكمة في مجالات الإدارة الرشيدة للمياه واستخدام التقنيات الحديثة في هذا الشأن، كاشفا عن زيارته للقاهرة قريبا من أجل استمرار التنسيق والتواصل مع هذه الخبرات.
وقال الفلاحي - في تصريح خاص لمدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان على هامش أعمال منتدى "البيئة الآمنة والتنمية المستدامة" والذي ينظمه المركز الريادي الأردني - إن مصر تمتلك خبرات كبيرة وواسعة في قطاع التعامل مع التغيرات المناخية وهناك ظروف متشابه بين القاهرة وبغداد في هذا الأمر.
وأشار إلى أن التعاون والتواصل بين القاهرة وبغداد يأتي في إطار التعاون العربي من أجل مواجهة التحديات المناخية وكذلك في مجالات المياه والزراعة.. مؤكدا أن مصر لديها إمكانيات واسعة وكبيرة وقدرة على التعامل مع مثل هذه الملفات الشائكة والخطيرة ونسعى دائما للعمل معها.
وأعرب المسئول العراقي عن ترحيبه بالشركات المصرية الكبرى التي تعمل حاليا في العراق في قطاع الطرق من أجل تخفيف الاختناقات المرورية مما يساهم بشكل مباشر من التأثيرات الملوثة للبيئة وبالتالي يأتي ذلك في إطار مواجهة التحديات المناخية.. مشيدا بعمل هذه الشركات داخل العراق كجزء من التعاون والتنسيق بين البلدين الشقيقتين.
وبشأن الاستراتيجية العراقية لمواجهة التحديات المناخية.. كشف وكيل وزارة البيئة العراقية، أن العراق لديه استراتيجية للتعامل مع التغيرات المناخية (2020 / 2030)، وكذلك ومنذ انضمامها إلى اتفاق باريس للمناخ في 2021.. موضحا أن الحكومة العراقية حريصة على التعامل مع هذه الظاهرة بكل قوة وقدرة ممكنة.
ولفت إلى أن العراق واحد من أكثر الدول تأثرا بالتغيير المناخي، وأن الحكومة العراقية لديها سياسة عليا تقوم على مراعاة الظروف والاحتياجات.. مشددا على ضرورة وجود دعم دولي للعراق نتيجة للظروف التي مر بها والتأثيرات المناخية التي تمر بها المنطقة حاليا.
ونوه بأن العراق حاليا يتعرض للعديد من المتغيرات المناخية كقلة الأمطار والتصحر والغبار وهى كلها تحديات مناخية تعمل الحكومة العراقية حاليا على مواجهتها بفريق علمي على أعلى مستوى عبر خبرات كبيرة في هذا القطاع.
وأضاف أن العراق يعاني من قلة المياه نتيجة للمشروعات العملاقة التي تقوم بها بعض دول الجوار مما أثر على نهري دجلة والفرات.. كاشفا عن جولات عدة، سيكون أحد أفراد فريق التفاوض، ستتم قريبا وستكون مواجهة التحديات المناخية معا ضمن آليات التفاوض من أجل عدم التأثير على الجميع في المستقبل.
واختتمت أمس الأول /الخميس/ أعمال منتدى "البيئة الآمنة والتنمية المستدامة" والذي ينظمه المركز الريادي الأردني، تحت رعاية وبحضور رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز بالعاصمة عمان، بمشاركة النائبة سولاف درويش وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ووزير البيئة الأردني الدكتور معاوية الردايدة، وعدد من النواب والمسؤولين بالأردن والعالم العربي.
وعقد المنتدى عدة جلسات نقاشية حول الخبرات والتجارب العربية والدولية بشأن التعاون والتنسيق والتعامل مع مواجهة التحديات المناخية وسبل تعزيز التعاون العربي في التصدي لظاهرة التغيرات المناخية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العراق مواجهة التحدیات المناخیة أن العراق من أجل
إقرأ أيضاً:
حين يصبح التخابر السياسي مشروعا .. كيف تُدار المؤسسات العراقية بمصالح إقليمية؟
بغداد اليوم - بغداد
منذ عام 2003، والعراق يتحوّل إلى ساحة مفتوحة للنفوذ الإقليمي والدولي، حيث تشابكت مصالح القوى الخارجية مع المصالح الحزبية، فتداخل الأمني مع السياسي، وامتزجت الولاءات المحلية بالحسابات الدولية.
لم تكن هذه التحولات مجرد انعكاس لصراعات القوى الكبرى فحسب، بل أصبحت جزءًا من بنية النظام السياسي العراقي نفسه، حيث تحولت المناصب الحكومية والمواقع الأمنية الحساسة إلى أدوات بيد جهات لها ارتباطات خارجية، بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفي خضم هذا المشهد، يبرز السؤال الكبير: لماذا لا يفتح جهاز المخابرات العراقي ملف الشخصيات والأحزاب ذات الولاءات الخارجية؟ هل يعود ذلك إلى غياب المعلومات، أم أن الجهاز نفسه مقيد بسلاسل المحاصصة السياسية والطائفية؟ وإن كان القانون العراقي يجرّم التخابر مع جهات أجنبية، فلماذا لا تُطبَّق هذه النصوص على شخصيات نافذة واضحة الارتباط بقوى إقليمية ودولية؟
قانون التجسس في العراق: نصوص معلقة
في كل الدول ذات السيادة، يُعدّ التخابر مع جهات أجنبية جريمة يعاقب عليها القانون، سواءً كان ذلك عبر تقديم معلومات استخبارية لدولة أخرى أو تنفيذ أجندات سياسية لمصلحة قوى خارجية. العراق ليس استثناءً، حيث يجرّم قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 أي تواصل غير مشروع مع جهات أجنبية يُعرّض الأمن القومي للخطر.
لكن المشكلة لا تكمن في غياب القوانين، بل في غياب الإرادة السياسية لتفعيلها. فمنذ عام 2003، أصبح المشهد العراقي غارقًا في التوازنات الحزبية والمحاصصة الطائفية، ما جعل تطبيق هذه القوانين شبه مستحيل، خاصة عندما يتعلق الأمر بشخصيات نافذة تمتلك حلفاء داخل الدولة وخارجها. هذا التعقيد دفع جهاز المخابرات العراقي إلى التغاضي عن هذه الملفات، إما بحكم الأمر الواقع أو بسبب تدخلات سياسية تمنعه من ملاحقة شخصيات محسوبة على جهات نافذة.
المخابرات العراقية والمحاصصة السياسية: جهاز مكبَّل بالإرادات الخارجية
حينما يُطرح الحديث عن قدرة جهاز المخابرات العراقي على ملاحقة الأحزاب والشخصيات السياسية المرتبطة بالخارج، يتبادر إلى الذهن السؤال الأهم: هل يمتلك الجهاز صلاحية فعلية لملاحقة هؤلاء؟ المحلل السياسي سيف الهاشمي يرى أن المشكلة ليست في نقص المعلومات أو العجز الاستخباري، بل في طبيعة المهام الموكلة للجهاز، والتي لم تشمل – وفق تعبيره – "ملاحقة الشخصيات ذات الولاءات الخارجية، رغم معرفة الجميع بوجودها".
يؤكد الهاشمي بحديثه لـ"بغداد اليوم"، أن "جهاز المخابرات العراقي نفسه خضع لنظام المحاصصة الطائفية، ما يعني أن أي محاولة لملاحقة شخصيات معينة قد تُفسَّر على أنها استهداف طائفي أو سياسي، خاصة أن الكثير من هذه الشخصيات تأتي إلى مناصبها بدعم من قوى سياسية تمثل طوائف أو مكونات معينة. وبالتالي، فإن أي تحرك في هذا الاتجاه قد يُفجّر أزمة سياسية داخلية قبل أن يكون خطوة لحماية السيادة العراقية".
ويضيف أن "العراق بعد 2003 شهد عملية ديمقراطية بتدخل مباشر من الدول الكبرى، وهو ما سمح بتقاسم النفوذ والمصالح، ما جعل بعض الوزارات والهيئات الأمنية تُدار بشكل غير مباشر من قبل جهات تمتلك ارتباطات خارجية. لذلك، من غير المستغرب أن يكون هناك مسؤولون عراقيون يعملون وفق أجندات دولية وليس فقط لمصلحة العراق".
حينما يتعلّق الأمر بالنفوذ الأجنبي داخل العراق، فإن الأمر لا يقتصر فقط على شخصيات سياسية تدين بالولاء لقوى خارجية، بل يمتد إلى بنية الدولة نفسها. فالعديد من الوزارات الحساسة أصبحت تُدار من قبل شخصيات محسوبة على جهات خارجية، سواء من خلال الدعم السياسي أو العسكري أو حتى المالي. هذه الديناميكية جعلت القرار السياسي العراقي رهينة توازنات إقليمية ودولية، ما يفسّر عدم قدرة الحكومة على اتخاذ قرارات جريئة في قضايا تمس الأمن القومي بشكل مباشر.
ويشير الهاشمي إلى أن "وجود سفارات وقنصليات أجنبية داخل العراق، بالإضافة إلى التحالفات العسكرية والدبلوماسية، يُعطي انطباعًا بأن القرار الأمني في العراق ليس مستقلاً تمامًا، بل يُدار بتنسيق مع قوى دولية وإقليمية لها مصلحة مباشرة في الحفاظ على نفوذها داخل البلاد".
على مدار العقدين الماضيين، ظل العراق مشغولًا بتحديات أمنية ضخمة، بدءًا من الإرهاب العابر للحدود، ومرورًا بالحروب الطائفية، وصولًا إلى صراعات النفوذ بين القوى السياسية المتنافسة. هذه الأوضاع جعلت الأجهزة الأمنية، بما فيها المخابرات، تركز على قضايا تتعلق بحفظ الأمن والاستقرار، متجاهلة ملفات حساسة مثل "التخابر السياسي" والارتباط بالخارج.
ويؤكد الهاشمي أن "الحكومة العراقية، خلال السنوات الماضية، كانت منشغلة بمعالجة الأزمات الأمنية المتلاحقة، وهذا جعل قضايا مثل ملاحقة الشخصيات المرتبطة بالخارج مسألة غير ذات أولوية، رغم خطورتها على المدى البعيد".
في ظل كل هذه التعقيدات، لا يبدو أن هناك إمكانية حقيقية لفتح ملف الشخصيات السياسية المتصلة بالخارج. فالمصالح المتداخلة، والعلاقات العميقة بين الأحزاب العراقية والقوى الإقليمية، جعلت من المستحيل تقريبًا محاسبة شخصيات نافذة على خلفية ارتباطاتها الدولية.
وبحسب الهاشمي، فإن "العراق لن يشهد قريبًا أي تحرك جاد في هذا الملف، لأن المحاصصة السياسية تمنع ذلك، إضافة إلى أن التحالفات الحزبية تخلق حماية غير مباشرة لأي شخصية يُتهم بولائها للخارج، ما يجعل أي محاولة لفتح هذا الملف محفوفة بالمخاطر السياسية".
حالة "اللاحسم"
لا يزال العراق يواجه تحديات كبيرة في تحقيق سيادته السياسية والأمنية، في ظل تغلغل النفوذ الأجنبي في مؤسسات الدولة. وبينما تستمر التساؤلات حول دور جهاز المخابرات في كشف الشخصيات والأحزاب التي ترتبط بالخارج، يبقى الواقع يؤكد أن أي تحرك في هذا الاتجاه قد يُعرّض المشهد السياسي العراقي لاهتزازات خطيرة.
وفي ظل غياب الإرادة السياسية لتفعيل القوانين التي تجرّم الولاءات الخارجية، ستبقى هذه القضية مجرد "حديث إعلامي" دون أي خطوات عملية، مما يعزز حالة "اللاحسم" التي طبعت السياسة العراقية منذ 2003 وحتى اليوم. لكن السؤال الأهم الذي يفرض نفسه: هل يمكن للعراق يومًا ما أن يستعيد سيادته الكاملة بعيدًا عن التأثيرات الخارجية، أم أن هذه التدخلات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من واقعه السياسي؟
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات