فايننشال تايمز: كيف وقع الاقتصاد الباكستاني في الأزمة؟
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن المشاكل الاقتصادية التي تواجهها باكستان.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن وسطاء السلطة السياسية التقليديون في باكستان كشفوا عن تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وبذلك كسروا جموداً دام أسبوعين في أعقاب الانتخابات، لكن الإدارة القادمة سوف تتعرض لاختبار سريع في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
أعلنت الرابطة الإسلامية الباكستانية - شمال، التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق نواز شريف، وحزب الشعب الباكستاني بزعامة بيلاوال بوتو زرداري، في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، أنهما اتفقا على تشكيل الحكومة.
وجاءت الأحزاب، التي هيمنت تاريخيا على السياسة الباكستانية، في المركزين الثاني والثالث في انتخابات الثامن من شباط/ فبراير، عندما صدم المرشحون المستقلون الموالون لرئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان المراقبين بفوزهم بأكبر عدد من المقاعد على الرغم من تعرضهم لحملة قمع عسكرية.
وسوف يترأس شهباز شريف، شقيق نواز، الحكومة الجديدة في حين تم ترشيح والد زرداري، آصف علي زرداري، زوج رئيسة الوزراء السابقة التي تم اغتيالها بينظير بوتو، لمنصب الرئيس الذي يعتبر في أغلبه شرفيا.
وسوف تضطر الإدارة على الفور إلى التعامل مع المحنة الاقتصادية الحادة التي تعيشها باكستان، بعد أن تمكنت إسلام أباد من تجنب التخلف عن السداد في السنة الماضية بمساعدة اتفاقية الإقراض الطارئة من صندوق النقد الدولي. ومن المقرر أن ينتهي هذا البرنامج في نيسان/ أبريل، مما يعني أنه من المتوقع أن يحتاج الحكام الجدد للبلاد إلى اللجوء إلى الصندوق للحصول على مزيد من الدعم.
وفي الوقت نفسه، ادعى حزب "تحريك الإنصاف" الباكستاني الشعبوي، أن مرشحيه سُلبوا الأغلبية من خلال تزوير الأصوات، وتعهد بإسقاط أي ائتلاف منافس، مما يزيد من احتمال حدوث المزيد من انعدام الاستقرار السياسي الذي قد يعرقل أي انتعاش اقتصادي.
من جانبها، حذّرت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع من أن وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي "من المرجح أن يكون تحديا"، ولكن ليس أمام باكستان خيار سوى أن "الفشل في تأمينها سيزيد من ضغوط السيولة الخارجية ويزيد من احتمال التخلف عن السداد"، وذلك حسب ما ذكرته وكالة التصنيف الائتماني.
وحسب الصحيفة، ارتفعت ديون باكستان بشكل كبير منذ سنة 2007 في ظل فشل السلطات في استثمار الاقتراض من حاملي السندات الدوليين والدول، بما في ذلك الصين، في القطاعات الإنتاجية. ووفقا لمركز أبحاث "تابادلاب" في إسلام أباد، فإن "تراكم الديون استُخدم بشكل كبير لمواصلة تعزيز الاقتصاد الذي يركز على الاستهلاك والإدمان على الاستيراد".
وهذا يعني أن الحكومة اضطرت إلى اقتراض المزيد من أجل الوفاء بديونها الحالية. ونتيجة لذلك فإن أغلب الإيرادات الحكومية تذهب حاليا إلى سداد الفوائد، في حين أن احتياطيات باكستان من النقد الأجنبي، التي تبلغ 8 مليارات دولار، لا تكفي إلا لحوالي ستة أسابيع من الواردات. وقد حذّر مركز أبحاث "تابادلاب" يوم الأحد من أن هذه الحلقة المفرغة أصبحت "غير مستدامة". وأضاف أنه "ما لم تكن هناك إصلاحات شاملة وتغييرات جذرية في الوضع الراهن، فإن باكستان ستستمر في الغرق بشكل أعمق، وتتجه نحو التخلف الحتمي عن السداد".
وذكرت الصحيفة أن أحد أسباب ذلك النمو الضعيف. وعلى عكس الهند أو بنغلاديش المجاورتين، لم تتمكن باكستان من الحفاظ على مستويات النمو وعانت من دورات ازدهار وكساد منتظمة، مع انكماش الاقتصاد في سنة 2023. وحسب أسد سعيد، الخبير الاقتصادي في مجموعة أبحاث العلوم الاجتماعية في كراتشي، فإنه من غير المرجح أن يتغير هذا الوضع حتى تزيد باكستان صادراتها وتعزز تحصيل الضرائب بما يكفي لتمويل الاستثمارات الحكومية التي تشتد الحاجة إليها.
وكان التضخم هو المظهر الأكثر إيلاما للأزمة الاقتصادية في باكستان، والذي بلغ ذروته عند 38 بالمئة في السنة الماضية وما زال قريبا من 30 بالمئة. وقد تضرر الاقتصاد الباكستاني المعتمد على الاستيراد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية في أعقاب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في سنة 2022. وأدت التخفيضات اللاحقة في دعم الوقود - وهو شرط لإقراض صندوق النقد الدولي - إلى تفاقم الأزمة.
ويعتقد سعيد أن الأسوأ قد انتهى، ما لم تستسلم الحكومة الجديدة للضغوط لزيادة الإنفاق، مثل تقديم إعانات إضافية ذلك أنه "إذا بدأت الحكومة الجديدة في التصرف بشكل سيئ مرة أخرى سيرتفع التضخم أكثر".
ومن بين العواقب المترتبة على النمو الفاتر في باكستان عدم القدرة على خلق العدد الكافي من فرص العمل. فأكثر من نصف سكان البلاد تحت سن الثلاثين، وأغلبية النساء في سن العمل لا يشاركن في القوى العاملة في البلاد بسبب نقص الفرص والنظام الأبوي الراسخ. كما توقفت التحسينات في مستويات المعيشة، مع تزايد الفقر. وقد أججت الضائقة الاقتصادية الغضب الشعبي تجاه الحكومة التي ترأسها شهباز شريف في سنتي 2022 و2023 بعد أن أطاح البرلمان بعمران خان.
وقال محللون إن باكستان بحاجة إلى برنامج جديد لصندوق النقد الدولي وإصلاحات اقتصادية مؤلمة لتجنب إعادة هيكلة الديون. ومع أن الحكومة الجديدة ستوفر بعض اليقين، إلا أنها قد تواجه صعوبات في تحسين الأوضاع المالية المحفوفة بالمخاطر في باكستان. وحسب أستاذ العلوم السياسية بلال جيلاني، فإن "الأمر الجيد هو أن هناك حكومة. والأمر السيئ أن الحكومة قد تكون أضعف بكثير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية باكستان الانتخابات نواز شريف عمران خان شهباز شريف باكستان انتخابات نواز شريف عمران خان شهباز شريف صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکومة الجدیدة النقد الدولی فی باکستان
إقرأ أيضاً:
مؤسسات دولية تتوقع ارتفاع نمو الاقتصاد المصري رغم التوترات التجارية
صدر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، عدة تقارير بشأن مستوى الاقتصاد المصري، وأهم 5 قطاعات ستشهد أكبر عملية نمو وجذب للوظائف على المستوى المحلي خلال الفترة القادمة.
وقالت رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، خلال مؤتمر الحكومة الأسبوعي، إن أكبر المؤسسات المالية العالمية أشادت بمستقبل مصر الاقتصادي في ظل التوترات التجارية، نتيجة بعض الإجراءات الاقتصادية التي أثرت على أغلب الأسواق العالمية، لاسيما مصر، ودول الاقتصادات الناشئة على وجه التحديد.
وأشارت الوزيرة، إلى أنه على الرغم من تراجع التوقعات لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمستوى الاقتصاد ببعض دول العالم، لكنها لم تتضمن مصر، بحسب التقارير الأخيرة.
توقعات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بنمو الاقتصاد المصريولفتت الوزيرة إلى تحسن الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ومشاركة القطاع الخاص وانخراطه بشكل كبير مقارنة بالأوضاع المادية، وتراجع مستوى التضخم بشكل غير مسبوق، رغم التحديات التي تواجهها مصر إقليميا وعالميا، والتي تنعكس على عجلة الاقتصاد المحلي.
ارتفاع توقعات البنك الدولي لـ 5 قطاعات في مصر في مستقبل النمو والتوظيفوأظهر تقرير صادر عن البنك الدولي حديثا عن أهم 5 قطاعات في مصر ستشهد ارتفاعا في حجم النمو والتوظيف والتشغيل خلال الفترة القادمة.
وتضمنت القطاعات «قطاع البنية التحتية المادية والرقمية، قطاع الزراعة ورفع كفاءة المزارعين، قطاع الرعاية الصحية الأولية، قطاع السياحة المصرية، قطاع التصنيع المحلي ذو القيمة المضافة».
سيناريوهات النمو العالمي في حالة التصعيد الاقتصادي الراهنأوضح تقرير البنك الدولي الأخير، أن النمو الاقتصادي للعالم سيشهد تراجعا في الحالة العادية بدون مزيد من التصعيد الاقتصادي بنسبة 0.5% خلال عام 2025، وبنسبة تراجع تصل لـ 3.5% خلال عام 2026.
ولكن في حالة التصعيد الاقتصادي العالمي، فمن المتوقع أن يشهد النمو العالمي تراجع بنسبة 1.5% خلال العام الجاري، و 6% خلال عام 2026.
يذكر أنه قبل حالات التصعيد في الحرب التجارية بين أكبر الاقتصادات العالمية، وصلت توقعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد العالمي خلال العام الجاري بنسبة تتخطى الـ 3%.
اقرأ أيضاًوزير المالية يُشارك في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي ومجموعة العشرين بواشنطن
البنك الدولي يشيد ببرنامج التنمية المحلية في صعيد مصر
التنمية المحلية والبنك الدولي يتابعان ملفات التعاون لتنمية الصعيد وتطوير الإدارة المحلية