تفاصيل جديدة عن ترسانة الأسلحة “الغامضة” للحوثيين
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات :
أثار إعلان زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، يوم الخميس، عن إدخال “سلاح الغواصات” إلى العمليات الهجومية التي تنفذها الجماعة ضد سفن في البحر الأحمر، تساؤلات حول مدى تطور القدرات العسكرية ، وبالتالي قدراتها في التأثير على التجارة الدولية.
وكان تقرير لشبكة “ABC News” أشار إلى امتلاك الحوثيين ترسانة من الأسلحة تتركز في صواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن وزوارق بحرية مسيرة وطائرات مسيرة.
ونقلت الشبكة عن المحلل العسكري، ميك مولوري، أن الحوثيين “يعدلون من إستراتيجيتهم لأنهم لم ينجحوا في ضرب سفن بحرية أمريكية”.
وقال إن “الغواصة المسيرة، وهي مركبة غاطسة تحت الماء، تظهر قدرة الحوثيين المتقدمة وإستراتيجيتهم المتغيرة”، ووفق مولوري، فإن اكتشاف وتدمير المركبات البحرية المسيرة “أكثر صعوبة” من اكتشاف الطائرات المسيرات والصواريخ المضادة للسفن.
وأكد أنه “من غير المحتمل أن يكون الحوثيون قادرين على تصنيع هذه الأسلحة بمفردهم، ومن المحتمل أن تكون قادمة من إيران”.
وأشار إلى أن أنظمة الأسلحة المسيرة هذه “تشكل تهديدًا خطيرًا لأنها يمكن أن تطغى على دفاعات السفن من خلال هجوم من أبعاد متعددة يسمى بـ(هجوم السرب)”.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية أعلنت، الأحد الماضي، استهدافها سفينتين مسيرتين غير مأهولتين، ضمن الأهداف العسكرية التي دمرتها مقاتلاتها، تابعتين للحوثيين في اليمن.
وأشارت إلى أنه للمرة الأولى، استخدم الحوثيين غواصات حربية.
وحول ترسانة الأسلحة التي تمتلكها الجماعة، قال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة “نافانتي” الاستشارية الأمريكية، محمد الباشا، إن إيران ووكلاءها في المنطقة لديهم “سجل طويل من تطوير تقنيات حربية غير تقليدية”.
ونقل موقع “الحرة” عن الباشا أن “الغواصات المسيرة خلافا للطوربيدات، قد تكون بطيئة ولكن مداها أبعد، وهي مجهزة بمنظومة بصرية تسهم في تحديد الهدف، وأغلبها يتم توجيهه بدقة”.
وعن الخصائص الفنية لهذه الغواصة، رجح أنها تشمل “تعديلا لمعدات إيرانية قادرة على الغطس مثل مركبة الــ (روف) المجهزة بمجموعة أجهزة استشعار متقدمة، وتستخدم في المقام الأول للاستطلاع أو عمليات زرع الألغام المحتملة، وهي نسخة من مركبة (بلوتو بلس) الإيطالية، أو غواصات صغيرة مثل فئة (غدير) الإيرانية”.
وأضاف: “الجديد أنها غواصة مسيرة عن بعد قادرة على حمل رأس متفجر”.
ويؤكد مراقبون أن الحوثيين تمتلك الغواصات المفخخة المُسيّرة، منذ سنوات، وليس حديثًا، وسبق أن استهدفت من خلالها سفنا تجارية وأهدافًا بحرية، في عمليات إرهابية مختلفة، خلال هجمات متفاوتة، منذ العام 2018.
إعلان جديد للبنتاغون بشأن هجمات الحوثيين الأخيرة (تفاصيل)
المصدر: شمسان بوست
إقرأ أيضاً:
“التجربة التي وثبت بالعطاء ومهدت لولوج ايقونات فنية تخصصت بالإبداع وحده”
بقلم : سمير السعد ..
في العام 1956، وفي أزقة شعبية تتنفس البساطة والأصالة، ولد أبو الحسن صلاح مهدي، الذي شاءت الأقدار أن يسكن بجوار عميد المسرح الميساني، الراحل عيسى عبد الكريم. كانت حكايات هذا العميد الإبداعية تسري في أجواء الحي، وتسللت إلى خيال الطفل الذي بدأ يتأمل الصور المسرحية ويسكن عوالمها بعيونه الصغيرة.
كان أبو الحسن يؤمن بأن الله قد منح كل إنسان موهبة، تاركًا له حرية أن يبرزها أو يتركها ضامرة. جرّب كرة القدم والرسم، لكنه لم يجد نفسه فيهما. حتى جاءت اللحظة الحاسمة على مقاعد الدراسة المتوسطة، حينما اختاره المخرج مهدي حمدان للمشاركة في عمل مسرحي. كانت تلك اللحظة هي بداية الرحلة التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، رحلة مليئة بالشغف والتجدد.
لم تكن تلك البداية إلا محطة أولى في مسيرته. تتلمذ على يد كبار المخرجين مثل رضا جابر، قاسم مشكل، فاضل سوداني، عبد الأمير كاظم، وعبد الجبار حسن، الذين فتحوا له أبواب الإبداع المسرحي. بدأ رحلته كممثل في مسرحيات مثل “فوانيس أمينة”، “محاكمة الرجل الذي لم يحارب”، و”بائع الدبس الفقير”، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية الفنون الجميلة، حيث نهل من علم عمالقة المسرح العراقي مثل بدري حسون فريد، جاسم العبودي، سامي عبد الحميد، وحميد محمد جواد.
في الأكاديمية، تألق في أعمال مسرحية عالمية مثل “هاملت”، “مارا صاد”، و”الجبل المهزوم”، مؤكدًا أنه لا يمثل على خشبة المسرح فقط، بل يعيش الدور ويتنفسه.
بعد تخرجه، عاد إلى ميسان ليبدأ تجربة احترافية مليئة بالعطاء في قسم النشاط المدرسي. وكان أول أعماله الإخراجية “الكرماء” عام 1982، مسرحية أثارت جدلًا فكريًا وفنيًا واسعًا، ما رسّخ قناعته بأن المسرح الحقيقي هو الذي يثير الفكر ويدفع المشاهد للتساؤل والتفاعل. ومن هنا ولدت أعماله المتميزة، مثل “من سيرة المدعو حمد”، “لعبة الجد والهزل”، و”عبدول الوالي”.
تميز بإصراره على تقديم شخصياته بمستوى فني عالٍ، سواء من حيث الأداء أو التفاصيل الدقيقة، مثل الملابس والمكياج والإكسسوارات، ما جعله يستحق جوائز عديدة، أبرزها جائزة أفضل ممثل في مهرجان “ينابيع الشهادة” ببابل عن دوره في مسرحية “اللوح الثاني عشر” عام 2014.
لم يكتفِ بصناعة أعمال فنية مبهرة، بل كان دائم الحرص على تمهيد الطريق للأجيال الجديدة. ساهم في نشأة العديد من المبدعين الذين أصبحوا اليوم أعمدة في المشهد المسرحي العراقي، مثل ماجد درندش، علي صبيح، وأحمد شنيشل.
امال في مجال السينما، أثبت أنه وجه مميز يمتلك قدرة استثنائية على تجسيد الشخصيات. شارك في أفلام روائية مثل “ما بعد الحب” و”الأغنية”، وقدم أعمالًا توجيهية للقوات المسلحة خلال أصعب فترات العراق.
من أبرز التجارب المسرحية التي انفرد بها هي “تجربة القصب”، المستوحاة من طبيعة ميسان، التي تزينها نباتات القصب الذهبية. في مسرحية “المعمورة”، تأليفًا وإخراجًا، جعل القصب بطلًا رمزيًا يحمل رسالة العمل.
رغم سنواته الطويلة في المسرح والسينما، لا يزال أبو الحسن صلاح مستمرًا في العطاء. يكتب المقالات المتخصصة، يقيم الورش المسرحية، ويشارك في لجان تحكيم المهرجانات، مؤمنًا بأن الفن رسالة إنسانية لا تنضب.
هكذا، يواصل قطار رحلته، متجاوزًا الحدود الزمنية والعمرية، ليبقى رمزًا حيًا للإبداع والإيثار، وشاهدًا على أن المسرح يمكن أن يكون أكثر من مجرد خشبة؛ إنه حياة تنبض بالإنسانية.
أبو الحسن ، ذلك الفنان الذي لا يكف عن البحث والتجديد، ينظر إلى المسرح على أنه أكثر من مجرد وسيلة ترفيهية أو منصة لعرض الأفكار. المسرح بالنسبة له رسالة حياة، وساحة للإلهام والتأمل، ومساحة لتفجير القضايا الإنسانية التي تتجاوز حدود المكان والزمان.
في كل مرة يقف فيها على خشبة المسرح، أو يقدم نصًا جديدًا، يحمل في أعماقه هموم الإنسان وآماله. إنه يحرص دائمًا على أن يكون العمل المسرحي صادقًا ومؤثرًا، يجسد الواقع بروح الفن، ويثير في الجمهور مشاعر التساؤل والدهشة.
ما يميزه انه ليس فقط موهبه فذه ، بل إنسانيته العميقة. هو ذلك الفنان الذي يرى النجاح الحقيقي في بناء الآخرين. سواء كان مخرجًا، كاتبًا، أو ممثلًا، كان دائمًا معطاءً، يفتح أبواب الإبداع لمن حوله، ويمنح الفرصة لكل من يؤمن به.
لم يكن مجرد صانع للمسرح، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عمل معه. من خلال جهوده في تدريب الشباب، ورعاية المواهب الصاعدة، وضع حجر الأساس لجيل جديد من الفنانين العراقيين الذين حملوا شعلة المسرح إلى أفق جديد.
رغم تقدمه في العمر، فإن لا يعرف للراحة معنى. هو كالنهر المتدفق الذي يروي كل من يقترب منه. إرثه الفني يتجاوز أعماله المسرحية والسينمائية، ليشمل القيم الإنسانية التي زرعها في كل من تعامل معه.
يعرفه الجميع انه ليس مجرد اسم في تاريخ المسرح العراقي، بل هو قصة نضال وجمال، رمز للإبداع الذي لا ينضب، وصورة مشرقة للفن الإنساني. سيرته هي دعوة لكل من يؤمن بالفن، بأن يستمر في العطاء رغم كل الصعاب، وأن يجعل من الفن رسالة للحياة والحب.
في كل محطة من محطات حياته، أثبت أن الإبداع لا عمر له، وأن المسرح هو المساحة التي يعبر فيها الإنسان عن أعماق روحه، وينير بها طريق الآخرين. هذه المسيرة الممتدة، المليئة بالعطاء والإنجاز، هي شهادة حية على أن الفنان الحقيقي يعيش خالدًا في قلوب الناس وفي ذاكرة الأجيال.
اخيرا .. أبو الحسن صلاح مهدي هو أيقونة مسرحية وإنسانية نادرة، تعلمنا من خلاله أن الفن الحقيقي هو الذي يزرع الأمل في النفوس، ويترك بصمة لا تمحى في قلوب كل من يعايش تجربته. إنه ليس مجرد فنان، بل معلم للأجيال، وقصة تلهمنا جميعًا أن نجعل من حياتنا مسرحًا للجمال والإنسانية.
سمير السعد