الجزيرة:
2025-02-01@00:07:10 GMT

آلام الحرب والتعامل معها

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

آلام الحرب والتعامل معها

{ولا تهنوا في ابتغاء الْقوم إن تكونوا تأْلمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله علیمًا حكیمًا} [سورة النساء:104]

نزلت هذه الآية الكريمة في ظروف مرّ بها المجاهدون المقاتلون، وهم في حالة الهجوم في ابتغاء القوم. وقد ألموا ألمًا شديدًا من محنة القتال.

ولكي لا يقودهم ألمُهم إلى ضعفٍ ويأس، سارعت الآية لتبيّن لهم عبر تقديرٍ صحيحٍ للموقف، أن عدوّهم يألم كما يألمون، أي بما يؤدي به إلى الضعف والوهن واليأس.

ثم لتذكرهم الآية، بأنهم يرجون من الله ما لا يرجو عدوّهم. بما يشير إلى أن ميزان القوى في مصلحتهم، وفي غير مصلحة عدوّهم.

وبهذا أصبحت الحربُ بين "الفريقين"، صبر ساعة، من يصرخ أولًا من الألم واليأس. وهو ما ينتظر عدوّهم، فيما تصبر المقاومة أعظم من صبرهم، وتزيد من رجائها الذي لا يرجون مثله.

قتل وتدمير

الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على غزة مؤلمة أشدّ الألم، بالنسبة إلى أهل غزة ومقاوميها وقادتهم. وعلى التحديد، بسبب القتل الجماعي للمدنيين، والتدمير شبه الكامل للأحياء السكنية. مع تصميم قوي على مواصلة هذا التقتيل، وذاك الدمار من قِبَل نتنياهو وشركائه، كما ببقاء الدعم له من قِبَل أميركا، والتي تضغط عليه، في الوقت نفسه، باتفاق الهدنة المصوغ في باريس.

ولكن أُعيدَ للتداول، بعد التعديلات القويّة من جانب قيادة عزالدين القسّام وسرايا القدس، والمقاومة في غزة وخارجها.

وجاء قرار نتنياهو متوعدًا باستمرار العدوان والتركيز على قتل المدنيين ومواصلة التدمير، بل وتمديدها بفتح جبهة رفح. الأمر الذي يعني مواصلة ما يؤلم أشدّ الألم. وذلك بسبب القتل الجماعي للمدنيين، وتدمير المنازل السكنية والمؤسسات والمستشفيات.

الأمر الذي يوجب على المقاومة وقادتها، والشعب داخل غزة وخارجها، على المستوى الفلسطيني، أن يهتدوا بالآية الكريمة أعلاه، بألا يسمحوا للتهويل بألمهم، من دون أن يتأكدوا أن العدو يتألم كما يألمون، بل وأشدّ.

والآن كيف نقرأ الواقع المعطى، بأن العدّو يألم بأكثر مما نألم؟، ولسوف يصرخ أولًا ويُهزم، ويقرّ بهزيمته في لحظة قادمة لا محالة، إن شاء الله.

صمود المقاومة

أولًا: إن البُعد الأهم الذي سيقرر مصير هذه الحرب العدوانية يتجسّد في الحرب البريّة الدائرة في ميدان المواجهة العسكرية. وقد أكدت الأشهر الأربعة الماضية حتى اليوم، أن يد المقاومة هي العليا في هذه الحرب، طوال 139 يومًا (ساعة بساعة على التتالي).

ثانيًا: الحرب الوحشية الإبادية الموجّهة ضد المدنيين والعمران لم تستطع أن تحقق هدفها بتركيع المقاومة والشعب أمام هوْل مجزرة مستمرة على مدار الساعة، وطوال ما يقارب الخمسة أشهر، بلا توقف. بل مع تصميم معلن بالاستمرار فيها من قِبَل نتنياهو، وبتغطية مفضوحة، من قِبَل بايدن، من خلال المطالبة "برعاية المدنيين"، وليس وقفها.

على أن نتائج هذه الحرب الإبادية، عادت بأسوأ سمعة على الكيان الصهيوني باعتباره مجرم حرب، ومجرم إبادة، ومجرم تدمير شامل، مما أدى إلى أن تسوء وجوه قادة الكيان ومستوطنيه. وهذا تدمير لسمعته ولمستقبله في فلسطين والمِنطقة والعالم.

وهذا كله مربك ومخسر للعدو، وأخطر إستراتيجيًا عليه، مما يسبّبه من ألمٍ لنا. لأنه ألمٌ مفروضٌ علينا من جهة، وقتلانا فيه شهداء وجرحانا مأجورون، ويرجون الشفاء.

ثالثًا: علاقات الكيان بدول العالم حتى الدول الحليفة والصديقة تقف ضدّه في المطالبة بوقف المجزرة، ووقف إطلاق النار. فالعزلة السياسية أشدّ إيلامًا وإضعافًا للعدوّ، مما يصيب المقاومة والشعب الفلسطيني من ألم، حين لا تصل الضغوط على العدوّ، إلى حدّ إجباره على وقف جريمته. وذلك لأن عزلته ستسهم في النهاية، في إجباره على هدنة لا يرضاها، أو وقف إطلاق نار، يعلن هزيمته أمام غزة، مقاومةً وشعبًا.

آلام وهزيمة

رابعًا: إن التظاهرات والاحتجاجات التي عبّر عنها الرأي العام العالمي، وخصوصًا في أميركا وأوروبا، أصبحت قوّة ضاغطة عليه، وعلى إدارة بايدن. وهو ما عمّق تناقضًا في الموقف الذي يزيد الكيان الصهيوني ألمًا سياسيًا، وتناقضات داخلية حتى في داخل الكيان نفسه. وذلك سواء على مستوى الضغط لإنجاز صفقة تبادل أسرى، أم الإطاحة بحكومة نتنياهو، السائرة بالكيان نحو دمار من خلال مواصلة حرب، ذات خسائر فادحة بالنسبة إليه، أو عبثية من ناحية عسكرية، حيث لن يستطيع إحراز نصر عسكري على المقاومة، كما أثبتت التجربة طوال أربعة أشهر.

خامسًا: انتقاله لفتح جبهة رفح سيزيد من تناقضاته الداخلية والخارجية، ويؤزّم علاقته بمصر، ولن يفيد منها شيئًا، عدا استمراره بالقتال، وبقتل المدنيين، وهدم البيوت، وتخريب ما تبقى من مستشفيات. فضلًا عن خسائر الجيش في ميدان القتال في قطاع غزة.

وهنا أيضًا يجب اعتبار "ألمه" (أسباب هزيمته) أشدّ وطأة عليه من الألم الذي سوف يسببّه لأهل رفح. ناهيك عن المقاومة.

سادسًا: أخذت تتصاعد الضغوط والمواجهات التي يمارسها محور المقاومة، عسكريًا وسياسيًا ومعنويًا، لا سيما في الجبهة المفتوحة من جنوبي لبنان، كما الاشتباك العسكري الأميركيّ- البريطاني مع القوات اليمنية التي راحت تكثف القصف على أم الرشراش، كما قصفت السفن الذاهبة أو المغادرة إلى الكيان الصهيوني. طبعًا إلى جانب المقاومة في العراق، والمعركة المفتوحة مع سوريا، والموقف الإيراني الداعم بقوّة للمقاومة في قطاع غزة، والضفة الغربية، ومحور المقاومة عمومًا.

قراءة صحيحة

إن "الألم" العسكري والسياسي والمعنوي الذي يسبّبه محور المقاومة في جبهة العدو صهيونيًا وأميركيًا، يفترض أن يوضع في موقع هام عند تقدير الموقف، واحتساب ميزان القوى الذي توجب الآية الكريمة أن يركز على الألم في صفوف العدّو، مقابل تحمُّل الألم في صفوف المقاومة.

خلاصة: تؤكد هذه الأبعاد الستة أهمية الآية التي تنصّ على:

"وَلا تهنوا في ابْتغاء الْقوْم إِنْ تكونوا تَألَمون فإنهمْ يَألَمون كَمَا تأْلمون وَترجون من الله ما لا يرْجون". وذلك من خلال القراءة الصحيحة لميزان القوى بين العدّو وحلفائه من جهة، وبين المقاومة والشعب من جهة ثانية، أثناء استعار الحرب، حيث التفاؤل بالنصر ونبذ التشاؤم، حاسمان في نتائج المعركة، كما بالنسبة لأنصار كل فريق.

إن التركيز على ألم القوّة المسيطرة، والتدقيق فيما تعانيه من ضعف وأزمات، يشكلان الخط المنهجي الصحيح في تقدير الموقف.

أما التركيز على ما في جبهتنا من سلبيات وأزمات، والتعامل مع القوّة المسيطرة، بما تتمتّع به من قوّة وسيطرة وسطوة، فطريقٌ إلى التشاؤم وهبوط المعنويات، خصوصًا، في مرحلة شبه التوازن الإستراتيجي، عندما يحتاج كل فريق إلى الإعداد للهجوم العام، ولا سيما في مرحلة الاشتباك الحاسمة، وابتغاء القوم.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

منير شفيقمنير شفيقالمزيد من آراء الكاتبمقالاتمقالات, تيار جديد لإستراتيجيّة التسويةمقالاتمقالات, المقاومة بين السلبيات والإيجابياتمقالاتمقالات, "دروس في الأخلاق للمقاومة الفلسطينية"مقالاتمقالات, هل في غزة مقاومة؟الأكثر قراءةالحرب على غزة.. مجازر إسرائيلية جديدة وتحذيرات من المجاعة بالقطاعجنوب أفريقيا تدعو دول العالم للشهادة ضد إسرائيلليلة النصف من شعبان.. أحكام وفضائلإذاعة إسرائيل: دول عربية طرحت مبادرة لدمج حماس بمنظمة التحريرمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی من ق ب ل

إقرأ أيضاً:

سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل

الثورة نت/..

عبّر المكتب السياسي لأنصار الله، عن أحر التعازي للأمة والشعب الفلسطيني وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” وكافة فصائل المقاومة الفلسطينية في استشهاد القائد الكبير محمد الضيف ورفاقه الشهداء.

وأوضح المكتب السياسي لأنصار الله في بيان، أن استشهاد هذه الكوكبة المؤمنة من المجاهدين والأبطال مقبلين غير مدبرين، يبعث على الفخر والشموخ، حيث كان هؤلاء القادة في مقدمة الصفوف وسطروا ملاحم الانتصار والصمود، وهم يشتبكون مع قوات العدو من المسافة صفر بكل شجاعة وثبات وإيمان ورباطة جأش.

وقال البيان “بقلوب يعتصرها الألم والأسى تلقينا نبأ استشهاد شهيد الأمة الكبير قائد هيئة أركان كتائب القسام المجاهد محمد الضيف، الذي ارتقى شهيدًا مع كوكبة من القادة المجاهدين في حركة حماس وكتائب القسام على يد العدو الصهيوني المجرم، في خضم معركة “طوفان الأقصى” وعلى طريق تحرير القدس الشريف”.

وأضاف “قدّم الشهيد القائد محمد الضيف ورفاقه الشهداء الأبرار أرواحهم في أقدس المعارك وهي معركة الدفاع عن شرف الأمة ومقدساتها في وجه العدوان الصهيوني المدعوم أمريكيًا وغربيًا وحققوا بفضل الله وتضحياتهم ودمائهم الزكية انتصارًا تاريخيًا للمقاومة ولفلسطين ولكل أحرار الأمة”.

وأكد بيان المكتب السياسي لأنصار الله أن دماء القادة الشهداء، هي مشعل المقاومة ووقود حركتها، وأنها الطوفان المتجدد الذي لن يتوقف إلا بزوال الكيان الصهيوني، وتحرير كل شبر في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبارك للمقاومة الإسلامية الفلسطينية هذه التضحيات الجسيمة، وهذا الصبر الجميل واحتساب الأجر الكبير، مضيفًا “عزاؤنا أن هذه الخسارة الفادحة والفقد الأليم لن يفت في عضد المقاومة، بل سيزيدها قوة وصلابة وعزيمة وجهادًا حتى النصر والتحرير”.

وأكد المكتب السياسي لأنصار الله على ثبات الموقف اليمني الداعم والمساند للأشقاء في المقاومة الإسلامية “حماس” وبقية الفصائل الفلسطينية المقاومة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني والانتصار لقضيته العادلة كتفا بكتف، مهما كانت الظروف أو التحديات أو التضحيات.

مقالات مشابهة

  • أسمته “إسرائيل” رجل الموت.. من هو محمد الضّيف مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني؟ (تفاصيل + فيديو)
  • بالفيديو.. تعرف على “محمد الضّيف” مهندس معركة “طوفان الأقصى” الذي أرعب الكيان الصهيوني
  • طبيب يوضح كيفية التعامل مع آلام الظهر بسرعة
  • محافظ أسيوط يشهد اصطفاف معدات المراكز والأحياء والقطاعات الخدمية للتأكد من جاهزيتها
  • نصائح بسيطة للتخلص من آلام الظهر بسرعة
  • محمد الضيف.. الشبح الذي قاد كتائب القسام إلى طوفان الأقصى
  • محافظ أسيوط يشهد اصطفاف معدات المراكز والأحياء لمواجهة أي طارئ
  • محافظ أسيوط يشهد اصطفاف معدات المراكز والأحياء والقطاعات الخدمية
  • سياسي أنصار الله: دماء القادة الشهداء مشعل المقاومة ووقود حركتها والطوفان الذي لن يتوقف إلا بزوال إسرائيل
  • ضابط كبير يكشف التحدي الحقيقي الذي يواجه الجيش الإسرائيلي