معهد أمريكي: تراجع في نفوذ هادي العامري سياسيا ووطنيا
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
شهد شهر شباط/فبراير وقوع بعض الأحداث التي أسفرت عن نتائج مؤلمة لهادي العامري و"منظمة بدر" العراقية. واستفادت ميليشيات أخرى، تحظى بدعم إيران، من الاضطرابات الوظيفية والانقسامات الداخلية في "منظمة بدر"، بحسب معهد واشنطن.
وقد تذبذبت الفرص السياسية للرئيس المفترض للإطار التنسيقي، هادي العامري، بشكل منتظم.
وبدأ بعض المراقبين في استبعاده من المشهد في وقت مبكر، ولكن السياسي الخبير عاد بمرونته المعتادة ليظهر قيمته.
ومع ذلك، يظهر بوضوح أن هذا الشهر كان تحديا كبيرا لهادي، حيث حاول تعزيز سيطرته على المحافظين المعينين بعد انتخابات مجالس المحافظات في كانون الأول/ديسمبر، لكنه فشل بشكل كبير في تحقيق ذلك، وفق المعهد.
رفض "أبو مازن" المدعوم من العامري كمحافظ صلاح الدين
ويتمتع هادي العامري بسمعة قوية في التعامل مع مختلف الأفراد، ويشتهر أيضاً بعلاقاته التجارية مع العديد من السياسيين ورجال الأعمال السنة.
وفي تطور حديث، قام بدعم إعادة تعيين أحمد الجبوري (أبو مازن) كمحافظ لصلاح الدين، ما ساهم في تحقيق موافقة مجلس المحافظة على هذا التعيين في 4 شباط/فبراير، بأغلبية تصويت تضمنت 9 أصوات من إجمالي 15 صوتا ولكن ذلك أثار رد فعل سلبيا قويا من قبل "عصائب أهل الحق".
نائب "عصائب أهل الحق" في مجلس النواب، محمد البلداوي، من محافظة صلاح الدين، أعرب عن استيائه من هذا التعيين وأصدر بيانًا يهدد فيه بمواجهة الذين "يأكلون حقوقهم".
وقال: "من يأكل حقنا سيتألم كثيراً… والله لن تهنئوا بها وهو وعد غير مكذوب... شكراً لكل الكرام أصحاب المواقف المشرفة. شكراً لشيخنا الأمين العزيز [قيس الخزعلي]، شكراً لزعيم القانون [أي نوري المالكي]، شكراً للشيخ الهمام [أي همام حمودي] . مواقفكم المناصرة الداعمة دين في أعناقنا. لا عزاء للخونة. غداً ستكشف الأوراق وتسود الوجوه".
من خلال هذا البيان، يتبين بوضوح أن "عصائب أهل الحق" لم تتطرق إلى ذكر هادي العامري و"منظمة بدر" بل هم "الخونة" المشار إليهم، وفق معهد واشنطن.
ويبدو أن هناك توترا شديدا في العلاقات بين "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق" وحتى المالكي، اللذان جعلا الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد يتدخل لمنع المصادقة على تعيين أبو مازن في 15 شباط/فبراير، بناءً على اتهامات بالفساد تعود إلى فترة نظام صدام وتجددت في عام 2017، بحسب ذات المصدر.
زعيم فصيل يقارعه على منصب محافظ واسط
فشل هادي العامري في تعيين وكيل محافظة واسط، وتجدد الخلاف مع زعيم كتائب "الإمام علي" شبل الزيدي، المعاقب أمريكا بسبب دعمه المادي لفيلق القدس في الحرس الثوري وحزب الله اللبناني.
معهد واشنطن، أشار إلى أن الزيدي رفض بشدة جهود "منظمة بدر" لتحديد مرشح لمنصب المحافظ هناك، حيث أشار في منشور له أن حصة "تحالف نبني" الذي يتزعمه العامري منذ بدء الانتخابات المحلية هي أربع محافظات.
وقال منتقدا: "حصة تحالف نبني أربع محافظات هي: ديالى والديوانية [القادسية] وميسان وبابل. وقد قسمها المعني بالقسمة بإنصاف، فجعل وجبة الإفطار له في الديوانية، واختار لنفسه ميسان كوجبة غداء، وسوف يتعشى في محافظة ديالى)".
ويشير شبل هنا إلى "الطريقة التي سيطرت بها "منظمة بدر" على محافظتي ميسان والقادسية، لكنها حاولت الخروج من هذه المنطقة للسيطرة أيضاً على واسط، حيث المحافظ المفضل لدى شبل هو محمد جمال المياحي"، وفق المعهد.
كما ينظر أعضاء آخرون في "الإطار التنسيقي" إلى هادي العامري على أنه استخدم اثنين من "المستقلين" المزعومين في مجلس النواب، هما رئيس مجلس النواب بالنيابة محسن المندلاوي وعضو اللجنة المالية يوسف الكلابي، وكلاهما يميل إلى "منظمة بدر"، للطعن في مصادقة مجلس محافظة واسط على المياحي.
وعليه، اتهم المياحي المندلاوي بإساءة استغلال دوره النيابي لتقويض التصديق، ولمياحي تاريخ سيء مع الكلابي، الذي اتهمه مرتين في قضايا أمام المحكمة بالتهديد باغتياله واستخدام طائرات مسيّرة ضده، بحسب المعهد.
إبعاد مرشح العامري عن كرسي محافظ ديالى
لفت المعهد إلى أن "منظمة بدر" بدأت تفقد نفوذها ببطء في ديالى لصالح "عصائب أهل الحق" منذ ما يقارب عقد من الزمن، رغم قدرة العامري على إدارة التوترات داخل المنظمة بشكل فعال.
فقد كان هادي العامري قد دعم في السابق محافظ ديالى مثنى التميمي طوال ذلك العقد بأكمله تقريبا، حتى أنه هدد باستخدام القوة ضد زعماء العشائر الآخرين من "منظمة بدر" مثل صباح التميمي عندما تمردوا ولجأوا إلى "عصائب أهل الحق" للحصول على الدعم.
حيث تعرضت عائلة صباح لهجوم في كمين نُصب لها في ديالى بتاريخ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، مما أدى إلى مقتل أحد عشر شخصاً من أفراد العائلة.
ويرى المعهد أن هادي العامري "أخطأ في حساباته عندما سعى إلى نزع فتيل التوترات القائمة منذ فترة طويلة من خلال إقالة مثنى وترشيح بديل عنه هو محمد جاسم العميري، نجل أحد القضاة المفضلين لهادي، رئيس المحكمة الاتحادية العليا، القاضي جاسم محمد عبود العميري".
بهذه الخطوة، أثار هادي حاليا غضب مثنى التميمي وكذلك أعضاء "بدر" الذين لجأوا إلى "عصائب أهل الحق"، ولم يتمكن مرشحه "ذو الوجه الطفولي" من الترشح لمنصب المحافظ لأنه من الواضح أنه لا يستوفي الحد الأدنى للسن وهو 30 عاما".
وإثر ذلك، تراجع هادي سريعا عن موقفه في 17 شباط/فبراير، مدعيا عدم معرفته بسن المرشح، وهو أمر مستبعد، وفق معهد واشنطن.
من جهة أخرى، اغتيل في 18 شباط/فبراير، واحد على الأقل من أقارب هادي العامري في الراشدية، على الطريق المؤدي إلى ديالى في شمال بغداد، وهو أحد أصهرته (صبري العامري) وذلك في نزاع على الأرض ليس له علاقة على ما يبدو بأي من الأحداث السياسية.
يلفت المعهد إلى أنه "يمكن للمزيد من الخلافات والانتهاكات الأمنية داخل دوائر هادي القبلية، وإن كانت عرضية، أن تعطي الانطباع بتراجع قيادته والحماية التي يؤمنها عما كانتا عليه في السابق".
معهد واشنطن، يقرأ المشهد الحالي على أنه "في ظل تنافس "عصائب أهل الحق" بقوة مع هادي على قيادة "الإطار التنسيقي"، والتي يمكن القول إنها تتفوق بالفعل على هادي على الساحة الوطنية، يبدو الآن أن "عصائب أهل الحق" ستهاجم هادي و"منظمة بدر" في قاعدتها الرئيسية ديالى أيضا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية منظمة بدر هادي العامري صلاح الدين عصائب أهل الحق الخزعلي واسط صلاح الدين هادي العامري عصائب أهل الحق منظمة بدر الخزعلي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة عصائب أهل الحق هادی العامری معهد واشنطن شباط فبرایر منظمة بدر
إقرأ أيضاً:
ثمن التخاذل
إن اللحظات التاريخية الفارقة تضع الأمم والشعوب أمام اختبار حقيقي لقيمها ومبادئها. وفي خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقتنا، وتحديدًا في ظل العدوان الغاشم على أهلنا في فلسطين، يبرز سؤال وجودي يفرض نفسه بقوة: ما هو الثمن الحقيقي الذي سندفعه جراء صمتنا وتخاذلنا؟
إن القول بأن تبعات التقاعس عن نصرة المظلومين ستكون باهظة هو قول موجز لحقيقة دامغة ، فالأمر لا يتعلق بخسائر مادية أو تداعيات سياسية عابرة، بل يمتد ليشمل جوهر وجودنا الإنساني والأخلاقي، ويترتب عليه مصيرنا في الدنيا والآخرة.
إن اليمن، رغم ما يعانيه من أوجاع وتحديات، يقدم اليوم نموذجًا فريدًا في التضحية ونصرة الحق. إنه يدرك تمام الإدراك أن الدفاع عن المستضعفين في فلسطين ليس مجرد واجب ديني أو قومي، بل هو صمام أمان لقيم العدل والإنسانية التي بدونها تفقد الحياة معناها. إن الضريبة التي يدفعها اليمنيون اليوم، من تضحيات في الأرواح والموارد، هي ثمن غالٍ لكنه يبقى أقل وطأة وأكثر شرفًا من الخزي والعار الذي سيلاحقنا إن اخترنا طريق التخاذل.
لنتخيل للحظة حجم العار الذي سيلحق بأجيالنا القادمة حين تتذكر كيف وقفنا صامتين أمام صور القتل والدمار، وكيف آثرنا مصالحنا الضيقة على نصرة إخواننا الذين يستغيثون. إن وصمة التخاذل ستلتصق بنا كظل لا يزول، تحرمنا من أي مكانة أخلاقية أو احترام دولي. سنصبح في نظر التاريخ مجرد أرقام هامشية، أمة فقدت بوصلتها وضيعت فرصتها في الوقوف بجانب الحق.
أما على الصعيد الديني والأخروي، فإن الأمر أشد وأخطر. لقد حذرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم من مغبة التولي عن نصرة الحق والمظلومين. قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا} [النساء: 75]. إن هذا النداء القرآني الصريح يحمل في طياته مسؤولية عظيمة تقع على عاتق كل مسلم قادر على نصرة الحق.
إن التخاذل ليس مجرد تقاعس عن الفعل، بل هو تواطؤ ضمني مع الظالم، وهو اختيار للراحة والسلامة الشخصية على حساب أرواح ودماء الأبرياء. وهذا الاختيار يحمل في طياته بذور الهوان والذل في الدنيا، ويستحق أشد العذاب في الآخرة. فكيف لنا أن نلقى الله ونحن نشهد على الظلم الصارخ ولم نحرك ساكنًا؟ كيف لنا أن نتوقع رحمته ونحن لم نرحم إخواننا المستضعفين؟
إن اليمن اليوم، بوقوفه الشجاع والمبدئي، يذكرنا بواجبنا ويحثنا على مراجعة حساباتنا، إنه يجسد المعنى الحقيقي للتضحية والفداء، ويثبت أن هناك من لا يزال يؤمن بقوة الحق وضرورة نصرته مهما كانت التحديات. إن تضحياتهم ليست مجرد أرقام في سجل الأحداث، بل هي مشاعل نور تضيء لنا الطريق نحو العزة والكرامة في الدنيا، والنجاة والفوز في الآخرة.
فلنتعظ من التاريخ، ولنستلهم من مواقف الشرف، ولنتذكر دائمًا أن ثمن التخاذل والخنوع سيكون دائمًا أضعافًا مضاعفة من ثمن التضحية والوقوف مع الحق. إنها دعوة إلى صحوة الضمير، وإلى تحمل المسؤولية، وإلى اختيار الطريق الذي يقودنا إلى العزة في الدنيا ورضا الله في الآخرة. فالخيار لنا، والتاريخ سيسجل مواقفنا.