احتجاجات السويداء السورية مستمرة.. ومصادر توضح الأسباب لـعربي21
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
تتواصل الاحتجاجات في محافظة السويداء جنوب سوريا للشهر السادس على التوالي، وسط تجدد الاتهامات للنظام السوري بمحاولة اختراق صفوف المتظاهرين.
وكانت الموجة الأخيرة من الاحتجاجات التي بدأت في منتصف أيلول/سبتمبر 2023، قد حملت في بداياتها شعارات اقتصادية متعلقة بتحسين المعيشة، لكنها أخذ منحى سياسي بعد ذلك من خلال المطالبة بإسقاط النظام السوري.
وفي ظل التأييد من مشايخ الطائفة الدرزية للاحتجاجات، ووجود أسباب عديدة تمنع النظام السوري من استخدام العنف ضد المتظاهرين، أبرزها خصوصية المحافظة، كونها معقلاً لإحدى الأقليات السورية، نظم أهالي السويداء الحراك بتشكيل لجنة لإدارته وتنويع فعالياته للحفاظ على الاستمرارية.
وخلافاً للتحركات المشابهة السابقة التي شهدتها السويداء، لم ينته الحراك رغم "التجاهل" الواضح من قبل وسائل الإعلام الدولية، وخاصة بعد تركز الاهتمام على مواكبة العدوان "الإسرائيلي" على غزة، بل العكس لا يزال المتظاهرون عند مطالبهم، رغم الاعتقاد الواسع بصعوبة ذلك.
وبعد فترة قصيرة من اندلاع الاحتجاجات، حاول النظام إثارة الفوضى معتمداً على بعض المجموعات التابعة له، لكن لم يكتب لكل محاولاته النجاح، وقبلها أرسل أكثر من مسؤول للتهدئة.
وفي جديد التطورات، رفض الرئيس الروحي للدروز الشيخ حكمت الهجري، ممارسات الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، متهماً الأخير بمحاولات اختراق الحراك وبث الفتن، داعياً قبل أيام إلى استمرار التظاهرات، وأضاف الهجري الذي يتمتع بشعبية واسعة أن "الشعب يمارس حقه في التظاهر السلمي دون خوف أو وجل.
وأمام ذلك، تُثار التساؤلات عن الأسباب التي تدفع المتظاهرين إلى الاستمرار، وفي هذا الإطار يقول جمال درويش، عضو المكتب السياسي في الهيئة السياسية للعمل الوطني في السويداء، وعضو اللجنة المصغرة لإدارة الحراك، إن استمرار الاحتجاجات مرده إلى القرار الذي اتخذه أهالي المحافظة، بعيداً عن أي أجندات خارجية أو مشاريع انفصالية تقسيمية.
وأضاف درويش لـ"عربي21" أن "الانتفاضة تعمقت وتجذرت نتيجة آليات عديدة، منها تجنب العنف والعنف المضاد، بحيث لم يحصل أي ضرر في ساحة الكرامة التي تقع في قلب المدينة التجاري".
وأشار إلى أن المتظاهرين باتوا يتقنون لعبة "عض الأصابع" مع النظام، موضحاً أن "النظام راهن على عامل الزمن لتوقف الاحتجاجات، لكن الساحة قالت عكس ذلك".
ومن الأسباب الأخرى، مشاركة المرأة في التظاهرات، على حد تأكيد درويش، معتبراً أن "السويداء ساهمت في إعادة بناء رأي عام سوري متقدم، قد يساهم في تحريك مناطق سورية أخرى عند مواكبة تطورات جديدة".
وفي رأيه، فإن احتجاجات السويداء مستمرة وتأثيراتها تصب في مشروع التغيير السياسي، الذي بدأ منذ خروج التظاهرات الأولى ضد النظام السوري.
عضو الائتلاف المعارض السابق عن السويداء والكاتب السياسي حافظ قرقوط، يؤكد أن السويداء وضعت الماضي خلفها، وانطلقت بعيداً عن تغول النظام، مشدداً على أن "شعارات الاحتجاجات تؤكد أن لا عودة للوراء".
ولفت الكاتب إلى جملة أسباب تفسر استمرار التظاهرات بالزخم ذاته، منها الوضع الاقتصادي الصعب، وانتشار المخدرات وعصابات تهريبها وتغلغل إيران في النسيج المجتمعي السوري، وقال: "في المقابل، لا يمتلك النظام الحلول، وكل ذلك يدفع الأهالي إلى الثبات".
كما أشار قرقوط، إلى دعم رجال الدين للتظاهرات، معتبراً أن "الحراك لن يتوقف حتى يحقق بعض النتائج على الأقل، والأمل أن تتحرك محافظات سورية أخرى، للضغط باتجاه تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة".
الاحتجاجات إلى أين؟
ويلفت الأمين العام لحزب "اللواء" السوري مالك أبو الخير، من السويداء، إلى وجود أكثر من رؤية لمستقبل الاحتجاجات، موضحاً لـ"عربي21" أن "هناك من يعتقد أن المظاهرات السلمية مستمرة حتى إسقاط النظام وتطبيق القرارات الدولية"، وعقب بقوله: "يبدو هذا صعب التحقق نتيجة دعم إيران وروسيا اللامتناهي للنظام".
في المقابل، ينوه إلى قيام حزب "اللواء" بطرح فكرة الإدارة اللامركزية وتحييد السويداء وكامل الجنوب السوري عن أدوات النظام الأمنية، وإعادة بناء المجتمع تدريجياً وصولاً إلى إسقاط النظام.
وتابع أبو الخير: "في النهاية النتيجة واحدة، الكل يسعى لإسقاط النظام، وتطبيق القرارات الدولية"، وقال: "لكن للآن لا نتائج واضحة، وهي تحتاج إلى وقت طويل، لأن سوريا باتت محط صراع لقوى دولية وإقليمية، وحتى تحقيق ذلك نؤمن في السويداء بالعمل السلمي الوطني وعدم الذهاب إلى العنف إلى حين تحقيق المطالب".
وتابع بأن "الشارع في السويداء لا ينتظر الإعلام حتى يستمر، نتيجة الإيمان بالعمل السلمي المدني، والسعي لتحقيق المطالب بالأدوات السلمية المدنية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الاحتجاجات السويداء سوريا سوريا الأسد احتجاجات السويداء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
في ذكراها الـ14.. هذه محطات الثورة السورية من الشرارة الأولى إلى دخول دمشق
في مثل هذا اليوم قبل 14 عاما، انطلقت الثورة السورية حاملة معها آمال شعب يتوق للحرية والكرامة والتخلص من القبضة الأمنية التي حكم بها نظام الأسد البلاد طوال عقود عدة.
بدأت الاحتجاجات التي انطلقت في دمشق في 15 آذار /مارس ومن ثم درعا في 18 من الشهر ذاته سلميةً، لكن سرعان ما قوبلت بالقمع الدموي، ما أدى إلى تصاعد الأحداث وتحولها إلى صراع طويل الأمد.
وعلى مدار أكثر من عقد، مر السوريون بمراحل مفصلية مليئة بالتحديات والآلام، حتى حققت الثورة هدفها أخيرا في 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، بإسقاط نظام بشار الأسد، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 عاما من حكم عائلة الأسد.
شرارة الثورة
في 15 آذار /مارس عام 2011، خرج السوريون للتظاهر في مدينة دمشق مطالبين بالإصلاحات السياسية والعدالة، مستلهمين من الثورات العربية التي سبقتهم، ما أدى إلى اعتقالات في صفوف المتظاهرين.
وفي 18 آذار /مارس من العام ذاته، بدأت المظاهرات في درعا بعد اعتقال وتعذيب أطفال كتبوا شعارات مناهضة للنظام، ما أدى إلى مقتل الشاب محمود الجوابرة أو قتيل على أيدي قوات النظام في الثورة السورية.
وسرعان ما امتدت الغضب الشعبي الذي فجرته الأحداث في درعا التي عرفت بمهد الثورة السورية، إلى العديد من المدن بينها دمشق وحمص وحماة وإدلب ودير الزور وغيرها.
رد نظام الأسد بالعنف المفرط، حيث أطلقت قوات الأمن والجيش الرصاص الحي على المتظاهرين، وبدأت حملات اعتقالات واسعة في صفوف المدنيين، في محاولة لكبح جماح الثورة التي اتسعت رقعتها وتصاعدت وتيرتها بسبب تشبث النظام بالخيار الأمني رافضا لإجراء إي إصلاحات.
في تموز /يوليو عام 2011 وتحت تصاعد العنف من قبل النظام، انشق بعض الضباط عن الجيش وأسسوا ما عرف باسم "الجيش السوري الحر" بقيادة العقيد رياض الأسعد، لتتحول الثورة بشكل تدريجي منذ ذلك الحين إلى العسكرة لمواجهة عنف النظام.
التصعيد والعسكرة
مع استمرار القمع الوحشي، بدأ النظام باستخدام "البراميل المتفجرة"، وقصف المدن بشكل عشوائي، ما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا، وأسفر عن موجات نزوح ولجواء واسعة.
وفي 21 آب 2013، ارتكب النظام إحدى أبشع جرائمه عندما قصف الغوطة الشرقية بالسلاح الكيميائي، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 مدني أغلبهم من الأطفال.
في هذه الفترة، دخلت أطراف دولية وإقليمية على خط الصراع، حيث تدخلت إيران وميليشاتها على الأرض لدعم النظام، بينما دعمت دول أخرى المعارضة.
وفي أيلول /سبتمبر عام 2015، بدأت روسيا التي انضمت إلى داعمي النظام بشن ضربات جوية مكثفة على مناطق المعارضة، ما رجح كفة المعركة لصالح النظام الذي كاد يسقط حينها على وقع ضربات المعارضة.
المأساة الإنسانية والتهجير القسري
شهدت هذه المرحلة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث، ففي أواخر 2016، سقطت حلب الشرقية بيد النظام بعد حصار وتجويع وقصف استمر لأشهر، لتبدأ بذلك سلسلة من موجات التهجير القسري من عدة مناطق مثل الغوطة الشرقية ودرعا وريف حمص.
بحلول عام 2019، كان أكثر من 13 مليون سوري قد هُجّروا من ديارهم سواء داخل البلاد أو كلاجئين في دول الجوار وأوروبا، وذلك بعد انكفاء المعارضة ومحاصرها في شمال غربي البلاد، في حين امتلأت سجون النظام الوحشية بالمعتقلين الذين فقد كثير منهم الحياة تحت أبشع أنواع التعذيب التي مارسها النظام بحقهم.
وكانت صور "قيصر" التي سربها المساعد أول فريد المذهان رئيس قسم الأدلة القضائية بالشرطة العسكرية في العاصمة السورية دمشق، أكبر عملية تسريب أثبتت التعذيب الوحشي الذي كان النظام يمارسه ضد المعتقلين.
وتضمنت الصور التي أدت إلى فرض الكونغرس الأمريكي في كانون الأول /ديسمبر عام 2019 قانون "حماية المدنيين السوريين" الذي ههدف إلى فرض عقوبات اقتصادية على النظام وأفراد مرتبطين به. وعرف القانون باسم قانون "قيصر" في إشارة إلى جهود مسرب الصور المروعة.
الصمود والمقاومة
رغم كل ذلك، لم يفقد السوريون الأمل، فقد استمر كفاحهم في الشمال السوري، وأصبحت إدلب آخر معاقل المعارضة بعد حملات النظام على معاقل المعارضة واحدا تلو آخر.
وعلى الصعيد السياسي، لم تنجح أي من المبادرات الدولية في إنهاء الصراع بسبب تعنّت النظام وداعميه أمام الحل السياسي، فضلا عن شروع العديد من الدول في العمل على إعادة تدوير نظام بشار الأسد ودمجه بالمنظومة الدولية.
لكن مع تفاقم الأزمات الداخلية، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق في مناطق سيطرة النظام، بدأت حالة السخط تتصاعد حتى داخل المناطق التي كانت خاضعة له، وظهرت احتجاجات جديدة في السويداء ذات الغالبية الدرزية في 2023.
النصر وإسقاط النظام
في أواخر 2024، تصاعدت الضغوط على النظام جراء الانهيار الاقتصادي الكبير وتحول رؤوس النظام إلى تجارة "الكبتاغون" وهو أحد أنواع المخدرات من أجل تأمين مصدرا ماليا، بينما بقي السوريون في مناطق سيطرة النظام يرزحون تحت وطأة الفقر وغياب الأمن وأبسط الخدمات والاحتياجات المعيشية.
كما ساهمت الأحداث التي تلت السابع من تشرين الثاني /أكتوبر عام 2023 في إضعاف داعمي النظام مثل إيران وحزب الله بسبب الضربات الإسرائيلية، في حين غرقت روسيا التي تمتلك قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري في حربها المتواصلة مع أوكرانيا.
حتى جاءت اللحظة الفارقة في 27 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2024 عندما أعلنت الفصائل السورية المسلحة في إدلب بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "ردع العدوان" ما أدى إلى انهيارات واسعة في صفوف النظام.
وخلال أقل من 48 ساعة، تمكنت فصائل المعارضة من بسط سيطرتها على محافظة حلب في 29 تشرين الثاني /نوفمبر من العام ذاته، ما قلب موازين القوى وأنهى التفاهمات الدولية التي أبقت الملف السوري في حالة من الجمود لأكثر من 7 سنوات.
في أعقاب ذلك، واصلت فصائل المعارضة بالتقدم إلى المدن وبسط سيطرتها عليها المحافظات السورية واحدة تلو الأخرى لينتهوا بعد 11 يوما في العاصمة دمشق.
وفي 8 كانون الأول /ديسمبر عام 2024، أعلنت الفصائل الثورية سيطرتها على دمشق بالكامل وسط انهيار مفاجئ لقوات النظام وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد وعائلته إلى روسيا التي منحته حق "اللجوء الإنساني" بأمر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي 29 كانون الثاني/ يناير 2025، أعلنت الإدارة السورية الجديدة عن تعيين قائد قوات التحرير أحمد الشرع رئيسا للبلاد في المرحلة الانتقالية، بجانب العديد من القرارات الثورية التي قضت بحل حزب البعث العربي الاشتراكي ودستور عام 2012 والبرلمان التابع للنظام المخلوع.
وشرع الشرع في إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، منجزا العديد من الاستحقاقات التي وعد بها عقب توليه منصب الرئاسة، بما في ذلك المصادقة على الإعلان الدستوري الذي من شأنه أن ينظم المرحلة الانتقالية التي حددت بموجب الإعلان بمدة 5 سنوات.