"ثورة الملاكمين" انتفاضة شعبية خرجت ضد تنامي النفوذ الغربي والياباني شمالي الصين أثناء الفترة الأخيرة من حكم سلالة تشينغ. بدأت عام 1899 وانتهت عام 1901. ترأستها مجموعة ثارت على الإمبريالية وانتشار المسيحية، فردت عليها 8 بلدان اتفقت على إسكاتها، فانتهت بمقتل 100 ألف معظمهم مدنيون.

أُطلق عليها "ثورة الملاكمين" ("يتيهوان" باللغة الصينية) لأن أفرادها كان يؤدون تمارين بدنية مكثفة معتقدين أنها ستجعلهم قادرين على مقاومة الرصاص وتدمير الممتلكات.

الأسباب

عاشت الصين قرونا من الازدهار والعزلة، لكنها تراجعت في القرن الـ19 أمام القوى الأوروبية التي أجبرتها على قبول عدة شروط لفتح أبوابها أمام التجارة الخارجية، منها التنازل عن هونغ كونغ وكوولون ودفع تعويضات ضخمة، وقبول تجارة الأفيون التي قادت إلى "حرب الأفيون الأولى".

كانت تلك الحرب بداية التدخل الأجنبي وفاتحة لما أسمته الصين "قرن الإهانة"، وفيها هزمت البحرية البريطانية بكين، ولم تتوقف الأطماع الأجنبية عنها من حينها، وفقدت الصين السيطرة الآسيوية بعد انهزامها في الحرب الصينية اليابانية.

وأصبحت "الصين العظيمة" تحت سلطة وسيطرة 8 دول غربية حينها -بدرجات متفاوتة- وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا وإيطاليا واليابان والإمبراطورية النمساوية المجرية والولايات المتحدة الأميركية.

رسم تعبيري نشر عام 1915 يجسد ثورة الملاكمين (غيتي)

حينها، تشكلت جمعية "الملاكمين" شمالي الصين، وكان دافعها الأساسي رفض الوجود الأجنبي المتزايد في الصين آنذاك، وخصوصا محاولات الهيمنة الغربية التجارية وفرض المسيحية على البلاد. وبينما كانت الصين تقاتل لمقاومة المستعمرين، عانت البلاد بسبب افتقارها إلى جيش لكثرة ضحاياها من حروبها السابقة.

زاد من ذلك تنامي مشاعر الكراهية لدى القرويين الصينين في الشمال الصيني ضد المسيحين الذين تجاهلوا التزامهم بدفع الضرائب. مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بسبب سيطرة الدول الغربية على مجمل قطاعات الاقتصاد الصيني.

بداية الحرب

أشعلت سلسلة الحروب والمعاهدات التي وقعتها البلاد مجبرة نار الغضب في نفوس الشعب الصيني، فثار ضد الوجود الأجنبي، وازدادت كراهيته ضد الأجانب والمسيحيين مع مرور الوقت، حتى اعتبر "المسيحيون الصينيون" خونة وعملاء للغرب. وبدا من الواضح أن انفجار اجتماعيا كان وشيكا، في ظل التدهور الاقتصادي وفساد المحاصيل الزراعية والجفاف، حتى عصفت المجاعة بالبلاد.

في أواخر القرن الـ19 بدأت حركات تنشط مطالبة بحقوق الشعب الصيني، وبرزت جماعات ثورية، أبرزها جماعة "الملاكمين"، التي اعتمدت على أساس ديني، ودعت للحفاظ على القيم التقليدية الصينية. وأول ما طالبت به قتل الأجانب ومنعهم من دخول البلاد، معتبرة أنه السبب في تدهور أحوال الإمبراطورية.

نشأت جماعة "الملاكمين" في مقاطعة شاندونغ الواقعة على الساحل الشمالي للصين، في وقت زادت فيه قوة النفوذ الألماني على المدينة، وبعد مقتل اثنين من المبشرين الألمان هناك، احتلت ألمانيا ميناء المدينة وجعلتها مستعمرة ألمانية بحكم الأمر الواقع، مما أشعل سباقا بين القوى الأوروبية لحصد مناطق مماثلة في الصين.

الدفاعات التي بناها "الملاكمون" على جدار قرب البوابة الجنوبية في العاصمة بكين حوالي عام 1901 (غيتي)

استقطب "الملاكمون" العاطلين عن العمل والناقمين على الاحتلال الأجنبي، وهاجمت الجماعة في البداية الحكومة الصينية، لكنها سرعان ما وجدت في الإمبراطورة الأرملة المحافظة تسيشي حليفا لها، فرفعت فورا شعار "نصرة تشينغ ومحاربة الأجانب".

ساعد دعم الإمبراطورة الأرملة على انتشار أفكار الجماعة، لكن السلطة المطلقة التي حصل عليها المبشرون الأوروبيون من الحكومة الصينية بسبب خوفها من الغرب زادت من اعتناق كثيرين للمسيحية من أجل الحصول على الامتيازات التي وفرها المبشرون، فتصاعد الشعور بالغضب والظلم عند الشعب الصيني.

عكفت الجماعة بعدها على مهاجمة المسيحيين وتدمير الكنائس وقتل المصلين فيها ورجال الدين، وبعد ضغط الدول الغربية، اضطرت الحكومة الصينية إلى مواجهة الجماعة نهاية عام 1899، مما دفع الملاكمين إلى الانتقال شمالا نحو العاصمة "بكين" ومدينة "تيانجين"، التي كانت تحت سيطرة اليابان حينها، ومقرا للبعثات الأجنبية وسفارات الدول الغربية.

ومن هناك بدأت قوة "الملاكمين" تزداد، وسيطرت قوى محافظة معادية للأجانب على الحكومة الصينية وأقنعت "الملاكمين" بالتخلي عن معارضتهم لسلالة تشينغ والتحالف معها لطرد الأجانب، ولكن رغم احتجاجات القوى الغربية، فإن الإمبراطورة الأرملة شجعت المجموعة، ومنعت من تقدم القوات الأجنبية وأوقفت إدخال أي مساعدات إغاثية للغربيين في العاصمة.

في هذه الأثناء، أحرق "الملاكمون" الكنائس ومحطات السكك الحديدية ومساكن وممتلكات الأجانب، وقتلوا مسيحيين صينين، وحاصروا مناطق السكن الرسمية للدبلوماسيين الأجانب.

موكب يحمل هدايا إلى السكان الأصليين الصينيين في مدينة تيانجين (غيتي) أهم المحطات

حوّل "الملاكمون" أنظارهم نحو الدبلوماسيين الأجانب، وشرعوا في التحضير لمهاجمة مدينة بكين المحصنة، فشعر المبعوثون الأجانب في العاصمة بالخطر، وطلبوا قوات أجنبية لحمايتهم، فوافقت الحكومة الصينية بتردد في مايو/أيار 1900 على إدخال قوات الحماية، ووصل ما يقارب 400 جندي أجنبي من الدول الثماني آتين من الأساطيل المتمركزة حول الصين.

وفور اقتراب الثوار من مقر البعثات حاصروها، وبدؤوا في تخريبها وقتل أي أجنبي بالمدينة، وقطعوا الطريق أمام وصول أي تعزيزات عبر تدمير خط السكك الحديدية هناك.

وخلال أيام قليلة أرسل الضابط البريطاني في الجيش الهندي ألفريد جاسيل طلبا للمساعدة، فجمع ما يزيد على 20 ألف جندي، وجههم صوب مدينة تيانجين، لكنهم فشلوا في الوصول بسبب تدمير السكك الحديدية، فانسحبوا.

في بداية الأحداث بالعاصمة ضد الدبلوماسيين والأجانب لم يكن للجيش الصيني موقف واضح، لكنه فيما بعد عقد تحالفا رسميا مع "الملاكمين" ضد القوات الأجنبية، وأعلنت الإمبراطورية الصينية الحرب على كل الدول الغربية، بما في ذلك إسبانيا وهولندا وبلجيكا، وهي الدول التي كانت لها بعثات دبلوماسية في الصين.

كان من أول ما شرعت به الحكومة الصينية بعد تعاونها مع "الملاكمين" إصدارها أمرا بإجلاء الأجانب من البلاد، فأمهلت البعثات الدبلوماسية 24 ساعة للرحيل، وهو ما كان شبه مستحيل لأن الأجانب كانوا محاصرين في بكين.

رفض الأجانب مغادرة بكين ففتحت عليهم القوات الصينية النيران، وهجمت على مقرات البعثات الأجنبية، مما تسبب في سقوط ضحايا، وعندما حاول السفير الألماني استئناف التفاوض من خارج المدينة قتله الثوار الصينيون.

الطريق أمام السفارة الإنجليزية في العاصمة الصينية بكين بداية القرن العشرين (غيتي)

ورغم أن الإمبراطور الصيني غوانغ شو (ابن أخ تسيشي وكانت قد عينته بنفسها) أصدر قرارا بدعم "ثورة الملاكمين"، فإن بعضا من قادة الجيش الصيني وكبار المسؤولين رفضوا تنفيذه، وخاصة جنوب الصين، حيث رأوا أن القرار غير مدروس فأعلنوا العصيان ضد الإمبراطورية.

على الجانب الآخر حاول بعض قادة الجيش إعاقة الهجوم على المقرات الأجنبية، وماطلوا في إمداد القوات الغربية بالأسلحة الثقيلة. ويُعزى لهم الفضل في إنقاذ المدنيين الأجانب، ويُقال إن الإمبراطورة نفسها أرسلت شحنات من الفاكهة والطعام لمساعدة المدينة المحاصرة.

استمر الحصار 55 يوما، عانى خلالها المواطنون الأجانب والمسيحيون الصينيون من الجوع والرعب في ظل التهديد والقتل الذي طال 60 أجنبيا ومئات المسيحيين الصينيين.

وواصل "الملاكمون" وحلفاؤهم من الجيش محاولاتهم لاختراق المقر ونجحوا في الضغط على قوات الحماية الأجنبية، وتقلّصت المنطقة الآمنة يوما بعد يوم، وفقدت القوات أعدادا كبيرة مع عدم وجود مؤشر لوصول المساعدات الخارجية قريبا.

اتفقت دول التحالف الثماني على شن هجوم مشترك على الصين. وبدأت قوة دولية مشتركة قوامها بين 20 إلى 50 ألف مقاتل في شق طريقها عبر الصين. كان معظمها من اليابان وروسيا والهند البريطانية، نظرا لقربها من الصين.

نجحت قوات التحالف في إيقاف المقاومة الصينية واحتلال مدينة تلو الأخرى، وتحول الأمر إلى سباق بين الدول الكبرى على من يصل إلى مقر البعثات في بكين أولا. فكانت بريطانيا أول الواصلين يوم 14 أغسطس/آب 1900.

ومع اقتراب القوة الدولية من العاصمة، هربت العائلة الإمبراطورية ومعها معظم المسؤولين الكبار وقادة الجيش، وتُرك الآلاف من "الملاكمين" للدفاع عن المدينة، مع مجموعة من الجيش الصيني.

سرعان ما قضي على "الملاكمين" والجيش الصيني، ودخلت القوات الدولية بكين، وشنت حملة ترأستها اليابان وروسيا، استهدفت فيها المدنيين الصينيين، ونهبت المدينة ودمرتها، وشرعت بحملات إعدام جماعية قطعت فيها رؤوس عدد من "الملاكمين" وقادتهم وارتكبت جرائم اغتصاب.

خلال توقيع "بروتوكول بوكسر" ببكين لوقف "ثورة الملاكمين" (غيتي) الخسائر البشرية

قتل ما يصل إلى 100 ألف، غالبيتهم من المدنيين، بما في ذلك آلاف المسيحيين الصينيين و200 إلى 250 مواطنا أجنبيا، كما قتل حوالي 3 آلاف عسكري، معظمهم من "الملاكمين" والمقاتلين الصينيين الآخرين.

النتائج

كانت لـ"ثورة الملاكمين" تأثيرات كبيرة على الاقتصاد والسياسة في الصين، فقد أدى التمرد إلى تعطيل الأنشطة التجارية والاقتصادية في البلاد، مما تسبب في أضرار جسيمة لاقتصادها.

وكان لتمرد "الملاكمين" أيضا تأثير كبير على السياسة الصينية. إضافة للتوتر المتزايد بين أسلوب الحياة التقليدي وزحف الإمبريالية الغربية على الصين. وكان يُنظر إلى أسرة تشينغ، التي كانت تحكم الصين آنذاك وتعاني من صراعات داخلية على الحكم، على أنها غير قادرة على التعامل مع القوى الأجنبية، وألقي عليها اللوم في الإذلال الذي تعرضت له البلاد، وأدى ذلك إلى سقوط الأسرة، وحلت محلها جمهورية الصين عام 1912.

وتسبب التدخل الدولي في الصين في توقيع "بروتوكول بوكسر" يوم السابع من سبتمبر/أيلول 1901، الذي أجبر الصين على دفع تعويضات للدول التي شاركت في قمع الثورة، وفرض عليها حظر شراء الأسلحة مدة عامين.

كما منح البروتوكول البعثات الدبلوماسية للدول المشاركة في الحرب امتيازات من بينها مراقبة الإدارة المالية الصينية، وإعدام عدد من قادة الثورة، وتدمير التحصينات العسكرية الصينية، وإنشاء المزيد من الامتيازات خارج الحدود الإقليمية للقوى الأجنبية في البلاد، وخاصة التي تطل على السواحل، ووضع قوات أجنبية في حي البعثات الدبلوماسية في بكين.

ومن أهم نتائج "ثورة الملاكمين":

حالت دون انفراد دولة أوروبية واحدة بالسيطرة على الصين. أجبرت الحكومة الصينية على القيام ببعض الإصلاحات مثل إصلاح الجيش ونظام التعليم. أدرك الشعب الصيني أن طريق الثورة هو الطريق الأفضل لإنقاذ بلاده من مشاكلها، إذ مهدت هذه الثورة لانتفاضة وثورة كبرى عام 1911.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحکومة الصینیة الدول الغربیة الشعب الصینی فی العاصمة فی الصین

إقرأ أيضاً:

أزمة تشكيل حكومة إقليم كردستان.. تقاسم النفوذ يحتدم بين الحزبين الحاكمين

بغداد اليوم -  كردستان

تشهد الساحة السياسية في إقليم كردستان تصعيدًا غير مسبوق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني على خلفية الخلاف حول تشكيل الحكومة الجديدة وتقاسم المناصب السيادية، حيث يتمسك الاتحاد الوطني بالحصول على منصب رئاسة الإقليم، بينما يرفض الحزب الديمقراطي التنازل عنه، معتبرًا إياه خطًا أحمر لا يمكن التفاوض بشأنه.


توازن القوى الانتخابية وتعقيدات التحالفات

في الانتخابات التي جرت بتاريخ 20 تشرين الأول 2024، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على 39 مقعدًا، بينما حصل الاتحاد الوطني الكردستاني على 23 مقعدًا من أصل 111 مقعدًا في برلمان الإقليم. وبما أن تشكيل الحكومة يتطلب أغلبية 51 مقعدًا، فإن أي حزب لا يستطيع تشكيلها منفردًا، ما يفرض تحالفات سياسية معقدة قد تؤخر تشكيل الحكومة لفترة أطول.


الاتحاد الوطني: "رئاسة الإقليم استحقاق سياسي"

يرى الاتحاد الوطني الكردستاني أن المرحلة الحالية تمثل فرصة ذهبية لانتزاع منصب رئاسة الإقليم، حيث يؤكد القيادي في الحزب غياث سورجي أن منصب رئيس الإقليم يجب أن يكون من نصيب الاتحاد الوطني أو أن يحصل الحزب على منصب رئاسة الحكومة على الأقل.

وقال سورجي في حديثه لـ "بغداد اليوم": "نحن الحزب الثاني في الإقليم، والديمقراطي يريد منصب رئاسة الحكومة، لذلك فمن حقنا الحصول على منصب رئاسة الإقليم كاستحقاق سياسي وانتخابي. نحن لن نشارك في الحكومة من أجل المشاركة فقط، بل نريد أن نكون طرفًا فاعلًا يخدم الجمهور، ولا نقبل بأن تحتكر المناصب المهمة من قبل طرف سياسي واحد".


الديمقراطي الكردستاني: "رئاسة الإقليم خط أحمر"

في المقابل، يتمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بمنصبي رئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة، حيث أكد ريبين سلام، عضو الحزب الديمقراطي، أن الحزب قادر على تشكيل الأغلبية دون الحاجة إلى الاتحاد الوطني، لكنه يفضل مشاركة جميع القوى السياسية.

وقال سلام في تصريح لـ "بغداد اليوم": "نحن نمتلك 42 مقعدًا مع المكونات، ويمكننا التحالف مع كتل أخرى لتشكيل الأغلبية المطلوبة (51 مقعدًا)، ولكننا نفضل مشاركة الاتحاد الوطني بسبب قاعدته الجماهيرية. لكن لا يمكن القبول بأي مطالب غير منطقية، فهناك اتفاق سياسي قديم يقضي بأن يكون منصب رئاسة الإقليم من حصة الحزب الديمقراطي مقابل أن يكون منصب رئاسة الجمهورية من نصيب الاتحاد الوطني، وقد حصلوا بالفعل على رئاسة الجمهورية في بغداد رغم أنهم لا يشكلون الأغلبية الكردية في البرلمان العراقي".


مسرور بارزاني مرشح لرئاسة الحكومة.. ولكن بشروط

وفقًا لمصدر سياسي مطلع تحدث لـ "بغداد اليوم"، فإن الحزب الديمقراطي رشح مسرور بارزاني، النائب الثاني لرئيس الحزب، لتولي رئاسة حكومة إقليم كردستان لدورة ثانية، وهو أمر وافق عليه الاتحاد الوطني الكردستاني لكنه اشترط في المقابل الحصول على منصب رئاسة الإقليم.


لماذا يتمسك الديمقراطي الكردستاني برئاسة الإقليم؟

على الرغم من أن منصب رئيس إقليم كردستان كان يُعتبر منصبًا شرفيًا في الماضي، فإن التعديلات الدستورية التي أُدخلت خلال السنوات الماضية منحت رئيس الإقليم صلاحيات واسعة، ما جعله منصبًا ذا ثقل سياسي وتنفيذي. وتشمل هذه الصلاحيات:

-تمثيل الإقليم دوليًا والتفاوض مع بغداد بشأن الملفات السياسية والاقتصادية.

-الإشراف على المؤسسات الأمنية والاستخباراتية، وهو أمر بالغ الأهمية في العلاقة بين الحزبين.

-التأثير على القرارات الاقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بالنفط والغاز، وهما المصدران الرئيسيان لاقتصاد الإقليم.

يرى الحزب الديمقراطي أن منح الاتحاد الوطني هذا المنصب قد يمكنه من استخدامه كورقة ضغط ضد الحزب الديمقراطي، خصوصًا مع تصاعد الخلافات بين الطرفين حول إدارة الثروات، وتقاسم السلطات، والنفوذ الأمني في مناطق السليمانية وحلبجة.


العقبات أمام تشكيل الحكومة.. أزمة البرلمان والتحالفات

حتى الآن، لم يتمكن برلمان كردستان من عقد جلساته بانتظام، حيث انعقدت جلسة وحيدة فقط برئاسة محمد سلمان، النائب عن حراك الجيل الجديد، لكنها رُفعت بسبب الإخلال بالنصاب القانوني.

وعلى الرغم من الاجتماعات المستمرة بين اللجنة التفاوضية المشتركة للحزبين، لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي حول توزيع المناصب السيادية، وهو ما يزيد من حالة الجمود السياسي.


السياسي لطيف الشيخ: "المأزق السياسي سيطول"

يرى المحلل السياسي لطيف الشيخ أن أزمة تشكيل الحكومة قد تستمر لفترة طويلة بسبب تصلب مواقف الطرفين، حيث أشار إلى أن الاتحاد الوطني يراهن على موقف المعارضة من أجل تقوية موقفه التفاوضي.

وقال الشيخ في حديثه لـ "بغداد اليوم": "الاتحاد الوطني يدرك أن الحزب الديمقراطي لا يستطيع تشكيل الأغلبية منفردًا، وهو ما يمنحه فرصة للمساومة على منصب رئاسة الإقليم. كما أن المعارضة، مثل حراك الجيل الجديد والأحزاب الإسلامية، ترفض الدخول في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية، مما يعزز موقف الاتحاد الوطني".

وأضاف: "حتى لو تمكن الحزب الديمقراطي من الوصول للأغلبية العددية داخل البرلمان، فإنه لن يغامر بتشكيل حكومة بمفرده، لأن الاتحاد الوطني يسيطر فعليًا على محافظتي السليمانية وحلبجة، وهو لاعب سياسي لا يمكن تجاوزه".


ما السيناريوهات المحتملة؟

أمام هذه الأزمة، تبدو الخيارات محدودة:

1. التوصل إلى اتفاق سياسي بين الحزبين، وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، لكنه قد يستغرق أسابيع أو حتى أشهر.

2. استمرار الجمود السياسي، ما قد يؤدي إلى أزمة دستورية تعطل عمل الحكومة والبرلمان.

3. تحالف الحزب الديمقراطي مع قوى أخرى لتشكيل الأغلبية دون الاتحاد الوطني، وهو خيار ممكن لكنه قد يزيد من التوترات بين الطرفين.


غياب التوافق "مستمر"

يبدو أن أزمة تشكيل حكومة إقليم كردستان ستستمر لفترة طويلة، خاصة في ظل الخلافات الحادة بين الحزبين الرئيسيين. فبينما يتمسك الاتحاد الوطني بمنصب رئاسة الإقليم، يرفض الحزب الديمقراطي التنازل عنه خوفًا من تداعيات سياسية وأمنية قد تؤثر على نفوذه في الإقليم. ومع غياب توافق واضح، يبقى المشهد السياسي في كردستان مفتوحًا على كل الاحتمالات، في انتظار تسوية سياسية قد تكون مكلفة للطرفين.


المصدر: بغداد اليوم+ وكالات

مقالات مشابهة

  • أزمة تشكيل حكومة إقليم كردستان.. تقاسم النفوذ يحتدم بين الحزبين الحاكمين
  • نائب وزير الخارجية يبحث مع مبعوث الحكومة الصينية تعزيز التعاون الإفريقي-الصيني
  • الحريزي: أبناء المهرة سيتصدون للمخططات الأجنبية التي تستهدف المحافظة
  • بكين تتوقع سلاماً عادلاً في أوكرانيا
  • في كأس آسيا للشباب المقامة بالصين.. الأخضر الشاب يواجه العراق لتعزيز الصدارة
  • 22.1 % ارتفاعا في شحنات الهواتف المحمولة بالصين خلال ديسمبر الماضي
  • بكين تندد باتهامات أمريكية بـ "العدوان" الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ
  • زي النهارده.. كاراجورجي يقود أول انتفاضة صربية ضد الدولة العثمانية
  • تفاصيل جديدة حول اغتيال الحريري.. اجتماع سرّي في دمشق وغضب بشار الأسد
  • ما هي التلال الاستراتيجية التي تنوي اسرائيل البقاء فيها؟