البابا شنودة يصف فضائل أهل سفينة يونان
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
قال الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، من كتاب "تأملات فى سفر يونان النبي" عن فضائل أهل سفينة يونان.
أول صفة جميلة في بحارة هذه السفينة أنهم كانوا رجال صلاة. لما صدمتهم الرياح الشديدة وكادت تكسر السفينة، يقول الكتاب " فخاف الملاحون، وصرخوا كل واحد إلى إلهه. وطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر ليخففوا عنهم" (1:5).
وعندما أيقظوا يونان، لم يقولوا له "قم ساعدنا في التخفيف عن السفينة". وإنما قالوا له " قم اصرخ إلى ألهك". كان كل بحارة السفينة وركابها يصلون. والوحيد الذي كان لم يصلى في ذلك الوقت هو نبي الله يونان!! وحتى بعد أن أيقظوه، لم يقل الكتاب انه قام وصلى
إنه موقف مخجل حقا! كان يونان " قد نزل إلى جوف السفينة وأضطجع، ونام نوما ثقيلا عجيب أن يكون النبي العظيم نائما في الوقت الذي كان فيه الأمميون يصلون!
شيْ مخجل.. ومما يزيد الخجل فيه أن يأتي إليه إنسان أممي ليبكته قائلا "مالك نائما".. ما هذا الكسل والتراخي واللامبالاة؟! ألا تقوم وتصلي كباقي الناس؟ " قم اصرخ إلى إلهك، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك
صفة جميلة ثانية نجدها في أهل السفينة انهم يبحثون عن الله.
لم يقولوا ليونان في تعصب لديانتهم " قم أصرخ إلى إلهك، عسى أن يفتكر الإله فينا فلا نهلك وهذا يدل على أنهم كانوا يبحثون عن الله، ولا يعرفون أين يوجد. كانوا مضطربين في وسط عقائد كثيرة، لا يعرفون أين الإله الحقيقي ولكنهم يحبون ويؤمنون به دون آن يدركوه.. لذلك كشف الله لهم ذاته في قصة يونان
صفة جميلة ثالثة وهى أنهم كانوا رجال بساطة وإيمان. لم يكتفوا بالصلاة، وإنما أيضا ألقوا قرعا. كانوا يؤمنون أن الله سيكشف لهم الحقيقة بتلك الطريقة، وقد كان.. ألقوا القرعة ليعرفوا " بسبب من حدثت تلك البلية "…إذ أنهم في تقواهم كانوا يشمئزون من بشاعة الخطية ويشعرون أنها سبب البلايا التي تحيق بالإنسان. هم كبحارة مهرة لم يقولوا أن هذا النوء العظيم حدث بسبب البحر وطبيعة المياه وتقلبات الرياح، وإنما أيقنوا أن ذلك بسبب خطية أرتكبها أحدهم، ويطالب بها العدل الإلهي. فبحثوا " بسبب من تلك البلية".
ووقعت القرعة على يونان... حقا إن الله صالح وحنون.. حتى لو صلى إليه أناس امميون، بضمير مستقيم، طالبين إرشاده، فإنه يسمع لهم ويستجيب. ووقوع القرعة على يونان، كشف صفة أخرى جميلة في نوتيه تلك سفينة الأتقياء.
فكانوا أيضا أشخاصا عادلين لا يحكمون على أحد بسرعة. بل إتصفوا بطول الأناة، وبالفحص وإرضاء الضمير. كان يمكنهم بعد وقوع القرعة على يونان، أن يتخلصوا منه في الحال، وبخاصة أنه كان يبدو غريبا كان نائما والكل يصلون وكان غريبا لا يعرفون له أصلا. وقد كشفته القرعة إذ وقعت عليه بعد صلوات صرخوا بها جميعهم إلى الله.
إلا أنهم أرادوا أن يريحوا ضميرهم، فحققوا معه. قالوا له: أخبرنا من أنت؟ وما هو عملك؟ ومن أين أتيت؟ وما هي أرضك؟ ومن أي شعب أنت؟ وبسبب من هذه المصيبة التي حلت علينا؟.. أسئلة كثيرة..
حقا أنه من فضائل هؤلاء الناس طول الأناة العجيبة أنني متعجب من عدلهم ومن حساسية ضميرهم. السفينة موشكة على الغرق، والبحر هائج، وبين لحظة وأخرى يمكن أن يهلكوا ومع ذلك يصرون على التحقيق مع يونان، لكي يريحوا ضميرهم ولا يظلموا الرجل وهم يفعلون ذلك على الرغم من كل الأدلة التي تحت أيديهم. ولكنهم مؤمنون أنه لا يليق بهم أن يحكموا على إنسان دون أن يعطوه فرصة لكي يتكلم عن نفسه..
أما يونان فاعترف لهم وقال " أنا عبراني، وأنا خائف من الرب اله السماء الذي صنع البحر والبر، وبمجرد سماعهم ذلك الكلام خافوا خوفا عظيما
أنهم قوم بسطاء لا يكذبون غيرهم.
هل إلهك يا يونان هو اله البحر والبر؟.. نحن الآن في البحر، إذن فنحن في يد ألهك أنت. ونحن نريد الوصول إلي البر،إلهك هو إله البر أيضا، كما هو اله البحر، أذن فنحن في يديه. لذلك خافوا ووبخوه قائلين " لماذا فعلت هذا؟!".
وللمرة الثانية يتبكت النبي العظيم من الأمميين. حسنا أوجده الله في هذه السفينة التي يوبخه ركابها، دون أن يستحوا منه كنبي..
وكما كان ركاب السفينة عادلين، كانوا أيضا في منتهى الرحمة والشفقة: فبعد ثبات التهمة على يونان، واعترافه أمامهم بذنبه وبأنه هارب من الرب، وتأكدهم أن كل المصيبة التي حلت عليهم كانت بسببه لم يشاءوا أن يتخلصوا منه على الرغم من أن " البحر كان يزداد اضطرابا". بل فكروا في حل لإنقاذ هذا الإنسان الذي تسبب في أتعابهم كانوا يوقنون أنه مذنب ويستحق الموت. ومع ذلك لم يكن سهلا على هؤلاء القوم الرحماء، أن يميتوا أنسانا حتى لو كان هو السبب في ضياع متاعهم وأملاكهم وتهديد حياتهم بالخطر.
لم يكن سهلا عليهم أن يضحوا به بسهولة أو بسرعة. فقالوا له "ماذا نصنع بك ليسكن البحر عنا أبحث معنا عن حل، لأن اضطراب البحر كان يزداد بطريقة مقلقة فقال لهم يونان " خذوني واطرحوني في البحر، فيسكن البحر عنكم لآني عالم أنه بسببي هذا النوء العظيم عليكم القوني في البحر فليس هناك حل للمشكلة غير هذا.. ولكن مع كل هذا. لم يكن ضميرهم مستريحا لإلقائه.
إني متعجب من شدة رحمة هؤلاء الناس الأبرار. لقد عرفوا سبب مشكلتهم، وعرفوا علاجه، ولكن ضميرهم لم يساعدهم على التنفيذ. كيف نقتل الرجل، حتى لو كان دمه حلالا لنا؟! وحتى لو كان خاطئا يستحق الموت.. وهكذا جذفوا بكل قوتهم ليرجعوا السفينة إلى البر فلم يستطيعوا لآن البحر كان يزداد اضطرابا عليهم..
لقد بذلوا كل جهدهم لإنقاذ الرجل الخاطىْ من الموت، ولكن دون جدوى، كانت مشيئة الرب أن يلقى يونان في البحر.. وهكذا أسقط في أيديهم. ولكن لكي يريحوا ضمائرهم، صرخوا إلى الرب وقالوا " أه يا رب فعلت كما شئت ".
وإذ تحققوا أن هذه هي مشيئة الله، وأنهم لا يستطيعوا أن يقفوا ضد مشيئة، "أخذوا يونان وطرحوه في البحر، فوقف البحر عن هيجانه" من كل ما سبق يتضح أن هؤلاء البحارة كان لهم ضمير حساس نقى، وأنهم أرادوا بكل حرص أن يقفوا أمام ضميرهم بلا لوم. لم يكن سهلا عليهم أن يرتكبوا خطية، مهما كانت العوامل الخارجية ضاغطة، ومهما كانت هناك أسباب تبرر الموقف. وقد كان موقفهم من يونان نبيلا جدا، ورحيما جدا وموافقا لإرادة الله فيه.
ما أعجب أهل هذه السفينة التي ركبها يونان.. حقا كانوا أممين، ومع ذلك كانت لهم فضائل عجيبة فاقوا بها النبي العظيم. وفيهم تحقق قول الرب " ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغي أن أتى بتلك أيضا فتسمع صوتي. وتكون رعية واحدة وراع واحد" (10: 16).
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط على یونان فی البحر لم یکن
إقرأ أيضاً:
القفز من "سفينة بايدن"
◄ استقالات لمسؤولين أمريكيين بسبب "الدعم الأمريكي الأعمى" لإسرائيل
◄ استقالة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأمريكية بسبب سياسات بايدن
◄ مسؤولة في البيت الأبيض تُغادر منصبها اعتراضا على السياسة الأمريكية تجاه غزة
◄ مسؤول بالخارجية: واشنطن لا تفعل شيئا للأطفال الذين يموتون في غزة
◄ مساعدة بالداخلية: سياسة بايدن تسمح بالإبادة الجماعية
◄ موظفة بالخارجية تغادر وظيفتها بسبب "التقارير الكاذبة"
◄ مسؤولة يهودية: "لا أستطيع تأييد كارثة غزة"
◄ متحدثة الخارجية باللغة العربية تنضم إلى قائمة المستقيلين
الرؤية- الوكالات
منذ اليوم الأول من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي غير محدود، سواء على المستوى السياسي والدبلوماسي أو على المستوى العسكري، الأمر الذي جعل إدارة الرئيس الأمريكي متهمة بدعم الإبادة الجماعية في غزة.
ولقد دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهرا في غزة، أكثر من عشرة مسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى الاستقالة واتهمه بعضهم بغض الطرف عن الفظائع الإسرائيلية في القطاع الفلسطيني.
وتنفي إدارة بايدن ذلك مستشهدة بانتقادها لسقوط قتلى مدنيين في غزة وجهودها لتعزيز المساعدات الإنسانية للقطاع، حيث يقول مسؤولون بقطاع الصحة في غزة إن هناك نحو 45 ألف شخص استشهدوا في هذه الحرب فضلاً عن انتشار الجوع على نطاق واسع.
وفي في يوليو، ترك مايك كيسي منصب نائب المستشار السياسي لوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون غزة. وكشف عن أسباب ذلك في مُقابلة مع صحيفة الجارديان في ديسمبر الجاري قائلاً: "سئمت جدا من الكتابة عن الأطفال القتلى... تعين عليَّ أن أثبت لواشنطن باستمرار أنَّ هؤلاء الأطفال ماتوا بالفعل ثم أرى أن لا شيء يحدث".
كما تركت مريم حسنين التي كانت تعمل مساعدة خاصة بوزارة الداخلية الأمريكية -المختصة بالموارد الطبيعية والإرث الثقافي- منصبها في يوليو. وانتقدت مريم سياسة بايدن الخارجية ووصفتها بأنها "تسمح بالإبادة الجماعية" وتجرد العرب والمسلمين من إنسانيتهم.
بدوره، قال رايلي ليفرمور الذي كان مهندساً بسلاح الجو الأمريكي، في منتصف يونيو الماضي إنه سيترك منصبه. وأضاف لموقع إنرتسبت الإخباري: "لا أريد أن أعمل على شيء يمكن أن يتغير الهدف منه لقتل الأبرياء".
وغادرت ستايسي جيلبرت التي عملت في مكتب السكان واللاجئين والهجرة بوزارة الخارجية، منصبها في أواخر شهر مايو الماضي. وقالت إنها استقالت بسبب تقرير إلى الكونجرس قالت فيه الإدارة كذباً إن إسرائيل لا تمنع المساعدات الإنسانية عن غزة.
كما استقال ألكسندر سميث، وهو متعاقد مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في أواخر مايو الماضي، بدعوى الرقابة بعد أن ألغت الوكالة نشر عرض له عن وفيات الأمهات والأطفال بين الفلسطينيين. وقالت الوكالة إن العرض لم يخضع للمراجعة والموافقة المناسبة.
- وفي مايو، أصبحت ليلي جرينبيرج كول أول شخصية سياسية يهودية معينة تستقيل، بعد أن عملت مساعدة خاصة لكبير موظفي وزارة الداخلية الأمريكية. وكتبت في صحيفة الجارديان "باعتباري يهودية، لا أستطيع أن أؤيد كارثة غزة".
وتركت آنا ديل كاستيلو، نائبة مدير مكتب الإدارة والميزانية بالبيت الأبيض، منصبها في أبريل وأصبحت أول مسؤولة معروفة في البيت الأبيض تترك الإدارة بسبب السياسة تجاه غزة.
وفي السياق، غادرت هالة راريت المتحدثة باسم وزارة الخارجية باللغة العربية، منصبها في أبريل احتجاجا على سياسة الولايات المتحدة في غزة، حسبما كتبت على صفحتها على موقع لينكدإن.
كما استقالت أنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية في أواخر مارس. وكتبت في مقال نشرته شبكة "سي.إن.إن" أنها لا تستطيع خدمة حكومة "تسمح بمثل هذه الفظائع".
و استقال هاريسون مان، الضابط برتبة ميجر في الجيش الأمريكي والمسؤول بوكالة مخابرات الدفاع، في نوفمبر بسبب السياسة في غزة، وأعلن أسباب استقالته في مايو.
وغادر جوش بول، مدير مكتب الشؤون السياسية العسكرية بوزارة الخارجية، منصبه في أكتوبر في أول استقالة معلنة، مشيرا إلى ما وصفه "بالدعم الأعمى" من واشنطن لإسرائيل.