نوفا: الدبيبة يستطيع تحريض الأميركان والإيطاليين لإزاحة الكبير من طريقه
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
ليبيا- تناول تقرير إخباري التوترات المستمرة بسبب حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة تصريف الأعمال المهددة لإمدادات الطاقة لإيطاليا.
التقرير الذي نشره قسم الأخبار الإنجليزية بوكالة أنباء “نوفا” الإيطالية وتابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن مصادر في حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة تصريف الأعمال تأكيدها أهمية تنفيذ الأخيرة بطلباتهم المتعلقة بمرتباتهم وحقوقهم.
ووفقا للحرس سيتم منع دخول العاملين للمنشآت النفطية في حال عدم الاستجابة فيما قال المحلل السياسي كريم ميزران:”وراء هذا التطور فصل آخر من الصراع بين محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير الذي لا يريد إصدار موازنة مغلقة وعبد الحميد الدبيبة”.
وأضاف ميزران قائلا:”الدبيبة يقوم بمثل هذه الأعمال اليائسة في محاولة للضغط على الغربيين لمساعدته في إقناع الكبير بالإفراج عن الأموال وعندما يشعر باليأس يصبح كل شيء ممكنا وهو لا يستطيع الإطاحة بالكبير”.
وأوضح ميزران:”الدبيبة يستطيع دفع شخص آخر مثل الأميركيين أو الإيطاليين للتدخل فمن الواضح أن التهديد بإغلاق خط أنابيب نفط أداة تلاعب من جانبه وهناك خطر من أن يؤدي ذلك إلى فشل يؤدي إلى نتائج عكسية”.
وبين التقرير إن ميزانية العام 2024 معطلة بالكامل فيما لم تتم الموافقة بعد على نظيرتها للعام 2023 مشيرا لوجود نوع من الغموض المحيط بالحسابات والشكوك بشأن احتمال تحريك مبالغ مالية كبيرة خارج القنوات الرسمية.
بدوره قال المحلل السياسي جليل حرشاوي إن الوضع أكثر تعقيدا بكثير مما قد يبدو على السطح فعلى أرض الواقع تظهر ديناميكيات إشكالية للغاية مبينا إن مخاوف الكبير بشأن صورته العامة لا تمنع كون الوضع الحالي ليس مؤاتيا على الإطلاق.
وأضاف حرشاوي بالقول إن من بين هذه الديناميكيات الجهود المستمرة التي يبذلها وزير الداخلية المكلف في حكومة الدبيبة عماد الطرابلسي لإبعاد الأمازيغ عن سيطرتهم التقليدية على خط أنابيب الغاز بالقرب من زوارة ومن مجمع مليتة للطاقة.
من جانبه قال المحلل السياسي طارق المجريسي أن الإنذار النهائي لحراس المنشآت النفطية يشير إلى مدى توتر الوضع في العاصمة طرابلس والاضطراب المتزايد لدى أسرة الدبيبة المتمتعة بإمكانية الوصول إلى حد كبير للموارد.
وقال المجريسي:”التهديد بإغلاق خطوط أنابيب الغاز علامة على تدهور العلاقات مع القلة الرئيسية في مصراتة المعروفة باستضافة ميليشيات مسلحة قوية فاستخدام حرس المنشآت النفطية للضغط على المنافسين ليس بالأمر الجديد في المشهد السياسي”.
وأضاف المجريسي قائلا:”ومع ذلك فهو خطوة محفوفة بالمخاطر لأن الإغلاق الفعال من شأنه أن يضر بصورة الدبيبة في الخارج ويعرض للخطر استقرار إمدادات الكهرباء” في وقت أبدت فيه المحللة السياسية “كلوديا غازيني” وجهة نظرها بهذا الشأن.
وقالت “غازيني”:”إن الإغلاق المحتمل لخط الأنابيب الذي ينقل الغاز الليبي إلى إيطاليا ليس سوى جانب واحد من جوانب المعركة السياسية الشرسة الجارية على الموارد المالية الضخمة ومع ذلك فإن هذا ليس سوى جانب هامشي لقضية أكبر بكثير”.
وتابعت غازيني قائلة:”هذه القضية هي الوصول إلى الموارد المالية الضخمة في ليبيا فالمشكلة ليست مليتة في في كل مرة يتم إغلاقه كان لبضعة أيام فقط ولا أتوقع تطورا على المدى الطويل لتبقى المشاكل الأساسية بعد العام 2011 مؤثرة جدا”.
وقالت “غازيني”:”هذه كلها قضايا أساسية مرتبطة بالمشكلة الفعلية للمرتبات حتى لو علمنا أن مرتبات شهر يناير قد تم دفعها متسائلة عن مدى بقاء التهديد مجرد فرضية على الورق أو التوصل إلى اتفاق بين هذه المؤسسات المالية لتجنب تحمل نفقات الدبيبة”.
واختتمت “غازيني بالقول:”لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل ولكن يبدو أن جوهر القضية يكمن في كونها لعبة سياسية يناقش فيها طرفان قضايا ذات أهمية اقتصادية كبيرة”.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المنشآت النفطیة
إقرأ أيضاً:
الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
الخطاب السياسي لدولة السادس والخمسين منذ مجيئها إلى حيز الوجود، قبل إعلان (الاستغلال) ببضعة أشهر ساهم في اندلاع جميع الحروب، ابتداء من حرب الجنوب الأولى – تمرد توريت – وانتهاء بالحرب القائمة الآن، دشن السياسيون الشماليون خطاباً عدائياً تجاه نخب الجنوب السياسية، وتمركز التوجه العام لهذا الخطاب حول الكراهية العرقية والدينية والفرز الجهوي، واشتغلت الأجهزة الإعلامية والصحفية على ترميز الجنوب والجنوبيين على أساس أنها شعوب بدائية لم تبلغ الحلم، وبالتالي لابد من وجود كفيل يقوم برعايتها، استمر ذلك الخطاب طيلة مدة اشتعال حروب الجنوب الثلاث، وتم تغييب وعي المجتمعات الشمالية، فتبنت السردية المجحفة بحق شقيقهم شعب الأبنوس الجميل، فالحروب بالشرق الأوسط وافريقيا تندلع بدوافع التباينات الجغرافية والدينية والعرقية، فأخذ الجنوبيون حظهم من الفرز الوطني بحجة أن غالبهم يعتنق المسيحية، فعمل الخطاب السياسي للشمال المسلم ما في وسعه لقطع صلات التلاقي الاجتماعي بين الجهتين، ولا يجب أن ننسى الدور الفاعل الملعوب من الإدارة البريطانية، وقرارها ببذر بذور الشقاق وسياسة فرق تسد والمناطق المغلقة، ولكن، ما كان يجب على النخبة الحاكمة بعد ذهاب "الخواجة" أن تواصل فيما خلّفه المستعمرون من سياسات ظالمة، وأيضاً لا يستقيم منطقاً أن يكون هذا مبرراً للفاشلين من الحكام لإخفاقهم في حل مشكلة الجنوب.
تمددت الحرب شمالاً وغرباً لذات السبب – الخطاب السياسي الرافض للآخر والمشيطن له، وجميعنا يستحضر خطاب الدكتاتور عمر البشير بعد انفصال جنوب السودان، ووصفه لفترة حكومة الوحدة الوطنية (بالدغمسة) – عدم الوضوح، في إشارة لانعدام الإرادة الوطنية من جانبهم لاستكمال اهداف اتفاق السلام الشامل، والدكتاتور في حقيقة قوله يعني خروج الجنوب المسيحي، وبقاء الشمال (المسلم) خالصاً لأهله لإقامة (دولة الخلافة الراشدة)، متناسياً المسيحيين المتبقين بالشمال، فالخطاب السياسي الداعم لخط الانحياز الديني أدى لتقطيع الوطن إلى جزئين، مختلفاً عن الخطاب الموجه للسودانيين بعد تمرد دارفور حيث دق إسفين العروبة والأفريقانية، بين المكونين الاجتماعيين اللذين عاشا ردحاً من الزمن، في تماسك اجتماعي واقتصادي وسياسي، أما الخطاب المدشن بعد اندلاع الحرب بين الجيش المختطف من الحركة الإسلامية وقوات الدعم السريع، لم يجد منظروه بداً من وصف أفراد القوة العسكرية الشقيقة بأنهم غزاة أجانب، في مهزلة مضحكة للطفل قبل الشيخ الهرم، إذ كيف لرمز سيادة البلاد أن يكون سيّداً وأجنبياً في آن واحد؟، فالخطاب الأخير جاء غير مقنع لقطاعات عريضة من المجتمعات السودانية، وفضح الجذر المتأصل للمأساة الممتدة من بدايات تأسيس دولة السادس والخمسين، والذي عمل مصدروه بكل جهد لتفكيك وحدة البلاد واستمراء المضي قدماً في ذات الاتجاه السالب.
الفشل الكبير للخطاب السياسي المركزي عبر الحقب، ظهرت آخر مخرجاته في القفز على الواقع الداخلي وإصدار التهم للدول الجارة والشقيقة، التي تضامنت مع السودانيين في محنهم، فبعد أن أكدت الحرب المشتعلة بين الجيشين على سقوط السيادة الوطنية، وخروج الدولة من الفاعلية الإقليمية والدولية، بفقدانها لنظام الحكم الشرعي الذي كان قبل انقلاب أكتوبر، اصبح الجيش المختطف من جماعة الاخوان يتأرجح مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس، في نهاية منطقية للاستمرار في توجيه هذا الخطاب الفطير داخلياً، والمحاولة اليائسة لتسويقه خارجياً، لقد صنع هذا الخطاب كادر حزبي وعسكري لا يعي أهمية العلاقات الدبلوماسية ولا الروابط الودية بين الشعوب، فأساء هذا الكادر للوشائج الأزلية بين السودان وجواره العربي والإفريقي، وعمّق الأزمة الوطنية ودولها وأقلمها، فزيادة على كارثة الحرب التي ما يزال المواطنون يدفعون ثمنها الباهظ، خلق توترات حدودية ودبلوماسية لا مبرر لها مع بلدان مباركة لمساعي الحل السلمي التفاوضي، ولها أياد بيضاء في ساحة العمل الإنساني السوداني، ومارس فوضوية في خلط الأوراق لدرجة أن المراقبين والمحللين والمسهّلين دخلوا في حيرة من أمرهم، جراء هذه المهزلة الحكومية التي ألمت بالسودانيين، والتي آخرها تلعثم مندوب جيش الاخوان وهو يقدم دعواه الباطلة أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com