خيّم الحزن والغضب على المنصات السودانية عقب أنباء عن احتراق "الدار السودانية للكتب" التي تعد من أعرق المكتبات وأقدمها في البلاد على يد قوات يرجح أنها تابعة للدعم السريع.

وكتبت سعاد عبد الرحيم مكاوي ابنة مؤسس الدار، في منشور لها عبر فيسبوك، "حرقوا الدار السودانية للكتب التي أسسها الوالد على مدى عقود، الآن تصلنا الأنباء أن التتر قاموا بحرقها، كنا نحبها ونفخر بها، كان الوالد أيضا يحبها بذل فيها كثيرا من الوقت والجهد".

وتابعت "أبي أبعث إليك رسالة وأنت بين يدي الله وأقول لك إن ما قمت بتأسيسه في عقود من الجهد والبذل والتفكير قد تم حرقه في لحظات، لقد لطف الله بك إذ لم تكن في هذه الدنيا عندما حدث هذا، وهذا الخراب الشامل لكل مكتبات الخرطوم، نرجو من الله أن يصب علينا الصبر صبا صبا".

وتفاعل الناشط أمجد فريد بقوله "دمرت المليشيا اليوم الدار السودانية للكتب، 4 طوابق متكدسة بمختلف أنواع العلوم والمعرفة في قلب الخرطوم، تمضي قوات الدعم السريع في تكرار نفس صورة اجتياح المغول لبغداد في العصور الوسطى".

دمرت المليشيا اليوم الدار السودانية للكتب، اربعة طوابق متكدسة بمختلف انواع العلوم والمعرفة في قلب الخرطوم. تمضي قوات الدعم السريع في تكرار نفس صورة اجتياح المغول لبغداد في العصور الوسطى.

من يحرق مكتبة غير الفاشست يا يوسف عزت الماهري؟! @YousifIzat #لا_للحرب #لازم_تقيف pic.twitter.com/oRwlz3E8q4

— Amgad (@Amjedfarid) July 20, 2023

وقالت الناشطة سماح إبراهيم إن حريق الدار السودانية للكتب من "قبل مليشيا الدعم السريع"، هو أسوأ خبر مر عليها، لأن "الدار عريقة تعود لعام 1969 وبها 4 طوابق كل واحد منها أهم من الآخر، الأول للقرآن الكريم بكل قراءاته وروايته وكتب تفسيره وكتب الكتّاب السودانيين والقواميس والمعاجم، والثاني فيه كتب اللغة العربية والسياسة والكتب الإسلامية وكتب التاريخ، والثالث فيه كتب للناشئة والرابع يحتوي على الكتب العلمية".

وأضافت "آلاف الكتب انتهت بسبب شخص جاهل قوته كلها في سلاحه، كأن هذه الحرب هدفها الأساسي أن تكسر كل الأعمدة المهمة في الخرطوم وتمسح كل ذكرياتها، لكن الخرطوم حتى لو انتهت سترجع أحسن وأقوى وأجمل وستظل عاصمـة القراءة والثقافة للأبد".

بدورها، قالت الإعلامية نسرين النمر "مليشيا الدعم السريع تدمر الدار السودانية للكتب أكبر دار عرض بالسودان والمحيط الاقليمي إذ تحوي 3 آلاف عنوان، لصوص الدعم السريع الذين بلا تاريخ يدمرون هوية الأمة بضرب مراكز المعرفة والإشعاع الثقافي وتدمير حضارة الأمة الإنسانية".

وتفاعل المدون حسن يحيى "بعد قراءة الخبر توقفت عن التصفح لبُرهة من الزمن تذكرت كل لحظة قضيتها في رواق الدار أتفحص الكُتب التي أريد شراءها ولحظات الجدال حول الأسعار حينها يتدخل الراحل عبد الرحيم مكاوي بلطف ويهديني كتابا من اختياره وذوقه وأصبحت بيننا معرفة سطحية نتناقش عن الأحداث العابرة ويحكي لي قصصه مع العلامة عبد الله الطيب وغيره من الأفذاذ في بلادي".

وقال الروائي حمور زيادة إنه تجاهل خبر احتراق الدار السودانية للكتب لعدة ساعات طمعا أن يظهر تكذيب، وأضاف "لله الأمر من قبل ومن بعد"، بينما أعتبر القيادي بالكتلة الديمقراطية مبارك أردول ‏حرق الدار السودانية للكتب "حرقا لذاكرة الأمة وجريمة حرب".

وتأسست الدار السودانية للكتب في عام 1969 على يد عبد الرحيم مكاوي (1937-2021) لخدمة الكتاب السوداني والعربي، نشرا وتوزيعا وطباعة، وتم افتتاح معرضها الدائم للكتاب بشارع البلدية بالخرطوم في عام 1983، ليكون أكبر مكتبات السودان كما تقول الدار، كما نشرت الدار أكثر من 300 عنوان، وتضم بمعرضها أكثر من 25 ألف عنوان في مجالات مختلفة، وفق ما أوضح موقع المكتبة الإلكتروني.

جدير بالذكر أنه لم يتم تداول أي مقاطع فيديو أو صور للحريق الذي حدث ولم تعلق جهات رسمية على ذلك، غير أن حسابات إعلامية موالية لقوات الدعم السريع بالسودان، عرضت لقطات من داخل الدار، اليوم الجمعة 21 يوليو/تموز، تظهر مجندا يرتدي زي الدعم السريع، وهو يعلن سيطرتهم على الدار، وينفي الاتهامات الموجهة ضدهم بقصف مناطق مأهولة بالسكان.

كتب ومخطوطات محترقة

وفي مايو/أيار الماضي، لحق الدمار مكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أم درمان الأهلية المعروفة بالمؤلفات والمخطوطات النادرة، ما خلّف حسرة وأسى في نفوس الآلاف من طلاب وخريجي الجامعة العريقة.

ورغم أن إحراق مكتبة المركز وقع في سياق عمليات نهب تواصلت نحو 10 أيام وطالت كل ممتلكات الجامعة الأهلية، لكن مديرها البروفيسور المعتصم أحمد الحاج قال للجزيرة نت إن إحراق مكتبة مركز محمد عمر بشير كان عملا ممنهجا دافعه الأساسي محو ذاكرة السودانيين.

حريق ضخم قضى على مخطوطات وكتب تاريخية بمكتبة الجامعة الأهلية بالخرطوم (مواقع التواصل)

ومطلع يوليو/تموز الجاري، قالت الهيئة القومية للآثار والمتاحف السودانية إن النيران أتت على ما لا يقل عن 50 من الكتب النادرة والقيّمة أو المجموعات في جامعة أم درمان الأهلية، إحدى المدن الثلاث التي تشكل العاصمة السودانية.

وحسب تقرير نشرته منظمة التراث من أجل السلام، وهي منظمة غير حكومية للتراث الثقافي على اتصال بباحثين وعلماء آثار محليين، الأسبوع الماضي، فقد استُهدف ما لا يقل عن 28 موقعا ثقافيا وأثريا بأنحاء البلاد أو تعرضت لأضرار جانبية خلال الاشتباكات المستمرة في السودان منذ أبريل/نيسان الماضي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

كم بلغ ضحايا مجزرة الهلالية شرق الجزيرة السودانية؟

 

تشهد مدينة الهلالية في شرق ولاية الجزيرة بالسودان تصاعدًا مأساويًا في الانتهاكات والعنف منذ أواخر أكتوبر، حيث ارتفع عدد الضحايا  جراء العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الدعم السريع.

وتشير التقارير المحلية إلى أن الأهالي يتعرضون لانتهاكات واسعة، منها القتل المباشر والنقص الشديد في الغذاء والدواء، إضافة إلى عمليات اختطاف قاسية، حيث يُحتجز الشباب ويُطلب من ذويهم دفع فدية ضخمة تصل إلى 6 ملايين جنيه سوداني مقابل الإفراج عنهم.

ورغم أن بعض العائلات قامت بالدفع، إلا أن المخطوفين لم يتم الإفراج عنهم حتى الآن، مما يزيد من معاناة العائلات.

واقع مأساوي تحت الحصار ونزوح قسري

تعيش مدينة الهلالية ومحيطها في ظل حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، إذ تُمنع المساعدات الإنسانية، وتتزايد حالات التسمم والأوبئة بين المدنيين نتيجة نقص المياه النظيفة والغذاء. ووفقًا لمنصة "مؤتمر الجزيرة"، فإن أكثر من 1237 مدنيًا من مناطق شرق وشمال الجزيرة لقوا حتفهم في الأسابيع الأخيرة، سواء بسبب الطلقات النارية المباشرة أو نتيجة الظروف الإنسانية القاسية التي تسببت في تدهور الوضع الصحي. وأدى الحصار إلى نزوح قسري لآلاف السكان، حيث أُجبر الأهالي على ترك منازلهم، بينما احتلت قوات الدعم السريع بعض المباني السكنية بعد حرق أخرى، مما يعمّق الأزمة الإنسانية.

مناشدات دولية وتحركات إنسانية عاجلة

وجّه أبناء الهلالية في دول الخليج العربي نداءات للمجتمع الدولي، مطالبين بالتدخل العاجل لرفع الحصار عن مدينتهم وفتح تحقيق شامل في الانتهاكات. وشددوا على ضرورة تصنيف قوات الدعم السريع كجماعة إرهابية ومحاسبة قادتها، معتبرين أن هذه الجرائم تشكل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان. من جهة أخرى، قرر مجلس الأمن فرض عقوبات على عدد من قادة قوات الدعم السريع، في خطوة تهدف إلى كبح العنف في السودان، وسط مطالبات متصاعدة بتعزيز التدخل الدولي لمواجهة الجرائم الإنسانية بحق المدنيين في الهلالية ومناطق شرق الجزيرة.


حصيلة ضحايا الهلالية

ارتفعت عدد الضحايا إلى 463 مدنيًا جراء العمليات العسكرية التي تنفذها قوات الدعم السريع.

مقالات مشابهة

  • تجدد الإشتباكات بين الجيش والدعم السريع في العاصمة الخرطوم
  • الآن العدو عندنا واحد إسمو مليشيات الدعم السريع والواقف معاها
  • كم بلغ ضحايا مجزرة الهلالية شرق الجزيرة السودانية؟
  • تقرير: مقتل 61 ألف شخص بولاية الخرطوم السودانية في 14 شهرا
  • بالفيديو.. شاهد عيان يحكي جرائم غير متوقعة أرتكبها أفراد الدعم السريع بحي الحلفايا: (كانوا يمنعونا من أداء الصلاة وإذا استغفرت الله أمامهم بدوك طلقة وقتلوا أفراد أسرة من أجل الظفر بفتياتهم)
  • مستقبل حميدتي وقوات الدعم السريع بعد الخسائر العسكرية الأخيرة
  • الانتربول يصدر نشرة زرقاء بحق قادة قوات الدعم السريع في السودان
  • الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على قيادي بـ”قوات الدعم السريع” في السودان
  • الدعم السريع تقتحم “ود راوة” وتصيب 5 مواطنين
  • واشنطن تفرض عقوبات على أحد قادة قوات الدعم السريع في السودان