مفتي الجمهورية: الشراء والبيع بالتقسيط لا يُعَدُّ مِن قبيل الربا
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن التقصير في العمل والتقاعس عنه وأخذ الرشوة حتى القليلة هو من الفساد، وبرغم كونه فسادًا صغيرًا فقد يؤدي لخلل كبير في المجتمع يقترب من الفساد الكبير.
جاء ذلك في لقائه الأسبوعي في برنامج نظرة مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية صدى البلد، خلال رده على سؤال عن "حكم أخذ الرشوة" من ضمن أسئلة السادة المشاهدين، مضيفًا فضيلته أن الرشوة من الكبائر لأنها داخلة تحت دائرة اللعن، فكل ما يندرج تحت دائرة اللعن هو من الكبائر، وقد لُعن آخذ الرشوة كما جاء في الحديث الشريف: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِي»، وفي رواية بزيادة: «وَالرَّائِشِ»، أي: الساعي بينهما، واللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أَنَّ ذلك كبيرة من الكبائر.
وشدد مفتي الجمهورية على أن قبول الرشوة أمر مُحرَّمٌ شرعًا، ومُجَرَّم قانونًا، لما اشتمل عليها من كَذِبٍ ومفاسد عدة، وعلى مَنْ فعل ذلك أن يتوب إلى الله تعالى ويرجع عن هذه المعصية، ويسعى في إتقان عمله والقيام بواجبه، حتَّى يُحلِّلَ كسبه ويطيب عيشه، ويحرص على خدمة مجتمعه ووطنه.
وردًّا على سؤال عن ضابط إعطاء الزكاة للقريب المستحق قال فضيلته: كل من لم تجب على المزكِّي نفقتُه من أقاربه جاز دفع الزكاة إليه ما دام مستحقًّا لها.
وعن حكم الشراء والبيع بالتقسيط في صورة زيادة الثمن مقابل زيادة الأجل، قال مفتي الجمهورية: من المقرر شرعًا أنه يصحُّ البيعُ بثمنٍ حالٍّ وبثمن مؤجل إلى أجل معلوم، والزيادة في الثمن نظير الأجل المعلوم جائزة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، لأنها مِن قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن، قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود موجب للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين.
وأكد مفتي الجمهورية أن ذلك لا يُعَدُّ مِن قبيل الربا، لأن القاعدة الشرعية أنه إذا توسطت السلعة فلا ربا، والخدمات التي يُتَعاقَد عليها هي في حكم السلعة.
وعن حكم الحج بالتقسيط قال مفتي الجمهورية: من المقرَّر شرعًا أن ملكية نفقة الحج أو العمرة -وهي المُعَبَّرُ عنها في الفقه بالزاد والراحلة- إنما هي شرط وجوبٍ لا شرط صحة، بمعنى أن عدم ملكية الشخص لها في وقت الحج كالذي يحج بالتقسيط لا يعني عدم صحة الحج، بل يعني عدم وجوبه عليه، فإذا لم يَحُجَّ حينئذٍ فلا إثم عليه، أما إذا أحرم بالحج فقد لزمه إتمامه، وحَجُّه صحيحٌ، وتسقط به عنه حجة الفريضة، فالمسلم الذي لا يملك نفقة الحج كاملة لن يحاسبه الله عزَّ وجلَّ على عدم قيامه بالحج، فالله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، مشيرًا إلى أن الحج بالتقسيط جائز، بضوابط شرعية، ولكن لماذا يفتعل المسلم تحقيق شروط الحج، ويكلف نفسه فوق طاقتها أو إرهاقها بالديون؟!
وحول أولوية الحج مرة أخرى نفلًا أم مساعدة المحتاجين، قال: المفتَى به في هذه الآونة أن كفاية الفقراء والمحتاجين وعلاج المرضى وسد ديون الغارمين وغيرها من وجوه تفريج كرب الناس وسد حاجاتهم مقدَّمة على نافلة الحج والعمرة بلا خلاف، وأكثر ثوابًا منها، وأقرب قَبولًا عند الله تعالى، وهذا هو الذي دلَّت عليه نصوص الوحيين، واتَّفق عليه علماء الأمة ومذاهبها المتبوعة.
واختتم مفتي الجمهورية حواره بالتأكيد على أن المقصد من الحج هو تهذيب النفس الإنسانية وترقيق القلوب والقيام بالنسك، مؤكدًا على أنه لا بدَّ لهذه الفريضة من استعداد نفسي وروحي، فضلًا عن الاستعداد المادي والجسماني.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مكافحة الفساد مفتي الجمهورية دار الإفتاء محاربة الفساد دار الإفتاء المصرية الإعلامي حمدي رزق الزكاة التقصير في العمل أشكال الفساد فقه الدولة الربا الرشوة من الكبائر مفتی الجمهوریة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: غزوة بدر مدرسة في التخطيط وحسن التدبير
أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن غزوة بدر الكبرى تحمل العديد من الدروس والعبر التي يجب التوقف عندها، مشيرًا إلى أنها لم تكن مجرد معركة، بل خطة محكمة وإعداد دقيق جسّد أسمى معاني التخطيط والإحسان في اتخاذ القرار.
مفتي الجمهورية: استشارة النبي لأصحابه في بدر درس في القيادة الرشيدة
مفتي الجمهورية: القول بأن الشريعة الإسلامية غير مطبقة مغالطة كبرى
مفتي الجمهورية: كل ما في حياة الإنسان أمانة يُسأل عنها يوم القيامة
مفتي الجمهورية: الصوم أعلى درجات الأمانة.. فيديو
وقال خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج «اسأل المفتي» المذاع على قناة «صدى البلد»، إن الانتصار في غزوة بدر لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة لحسن التدبير والإعداد الجيد، سواء في اختيار مكان المعركة، أو في وضع آلية التعامل مع الخصوم، مما يجعل منها مدرسة نتعلم منها فنون القيادة والتخطيط.
دروس غزوة بدروأضاف مفتي الجمهورية أن من أهم دروس غزوة بدر الكبرى تطبيق مبدأ الشورى، حيث لم يكن القرار فرديًا، بل جاء بعد مشاورة النبي "صلى الله عليه وسلم" لأصحابه، مستشهدًا بموقف الصحابة الذين أبدوا تأييدهم المطلق، قائلين: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا معكما مقاتلون"، على عكس ما قاله بنو إسرائيل لموسى عليه السلام.
وختم الدكتور نظير عياد حديثه بأن غزوة بدر ليست مجرد حدث تاريخي، بل نموذج يُحتذى به في التخطيط السليم، والشورى، وحسن إدارة الأزمات، مما يدحض الادعاءات بأن الدين الإسلامي يدعو إلى الجمود أو عدم الإحسان في اتخاذ القرارات.