تتصارع الأراضي الفلسطينية، وخاصة غزة، مع واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث، وفقًا لتحذير صارخ أصدره البنك الدولي. وأدى الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي إلى انكماش مذهل بنسبة 24% في اقتصاد غزة في عام 2023، حيث شهد الربع الأخير انخفاضًا غير مسبوق بنسبة 80%. وتؤكد هذه الأرقام الوضع المزري الذي يواجهه سكان غزة، حيث يعيش جميع السكان تقريبًا في فقر.

يرسم تقرير البنك الدولي صورة قاتمة للوضع الإنساني في غزة، حيث يؤثر انعدام الأمن الغذائي الحاد على واحد على الأقل من كل أربعة أفراد، كما أن خطر المجاعة يلوح في الأفق. وقد أدى انتشار الفقر على نطاق واسع، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية، إلى ترك سكان غزة يعانون من آثار الصراع.

وكانت التداعيات الاقتصادية الناجمة عن الأعمال العدائية المستمرة كارثية، حيث تحمل القطاع الخاص في غزة العبء الأكبر من الخسائر. انخفض الإنتاج بما يقرب من 1.2 مليار جنيه إسترليني في شهرين فقط، أي ما يعادل حوالي 20 مليون جنيه إسترليني يوميًا. لقد طغى هذا التدهور الاقتصادي المذهل حتى على أشد الصراعات خطورة في العقدين الماضيين، باستثناء الانتفاضة الثانية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ومن المأساوي أن حصيلة الصراع تتجاوز الدمار الاقتصادي، مع خسائر كبيرة في الأرواح منذ أكتوبر، وكان جزء كبير منها من الأطفال. إن تهجير 1.7 مليون فلسطيني، يمثلون أغلبية سكان غزة، يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي تتكشف في المنطقة.

ولا تقتصر تداعيات الصراع على غزة وحدها، حيث يحذر البنك الدولي من آثار مضاعفه ستؤثر على مستويات المعيشة في الضفة الغربية، مما سيؤدي فعليا إلى إلغاء أي تقدم تم إحرازه منذ ظهور جائحة كوفيد-19. ويرسم التقرير صورة واقعية للتحديات الهائلة التي يواجهها الفلسطينيون، حيث لا يستطيع أكثر من 650,000 فرد العودة إلى منازلهم بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية.

وفي ظل هذه الظروف العصيبة، أصبح التدخل الدولي العاجل أمرا حتميا للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني ومنع المزيد من تفاقم الأزمة. إن النتائج التي توصل إليها البنك الدولي هي بمثابة تذكير صارخ بالحاجة الملحة إلى بذل جهود متضافرة لمعالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية التي تواجه غزة والأراضي الفلسطينية الأوسع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: البنک الدولی

إقرأ أيضاً:

القانون الدولي يعتبره «جريمة حرب».. مصر تتصدى لمخطط ‏‏«تهجير» سكان غزة ‏

منذ وقوع النكبة في عام 1948، اتخذت حكومات الاحتلال الإسرائيلي المتعاقبة سياسات من شأنها الضغط على الفلسطينيين بكل الوسائل من أجل طردهم من أراضيهم، وكذلك العمل على قدم وساق من أجل بناء مستوطنات جديدة، وتهويد القدس، ولا شك أن الدعم الأمريكي عبر عقود شجع الاحتلال على ممارسة جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.

وكشف العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، الذي جاء ردا على عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2024، ليكشف النوايا الإسرائيلية بشأن تهجير الفلسطينيين من غزة وتفريغه القطاع تماما من سكانه، وقد خرجت تصاريح غير رسمية من الداخل الإسرائيلي تتحدث عن نقل الفلسطينيين من القطاع إلى مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته مصر بشكل كامل على المستوى الرسمي والشعبي.

لكن مما أثار جدلا واسعا، خلال الآونة الأخيرة، هو ما طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن نقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن، وحديثه عن رغبته في استقبال البلدان العربية المزيد من اللاجئين الفلسطينين، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه يتفق تماما مع مخططات إسرائيل الشيطانية لاحتلال أراضي فلسطين، كما أنه محاولة لإعفاء إسرائيل مسؤولية جرائم الإبادة في غزة، وعدم تحميلها فاتورة إعمار القطاع.

ونستعرض خلال السطور التالية كل ما يخص مقترح ترامب لـتهجير الفلسطينيين.

خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين

وطرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت 25 يناير، خطة لـ «تطهير» غزة، قائلاً إنه «يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط».

وصرح ترامب للصحافيين:«نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها»، واصفاً غزة بأنها مكان مدمر، وقائلاً إن هذه الخطوة قد تكون Jموقتة أو طويلة الأجل».

مصر ترفض مخطط التهجير رفضا قطعيا

وأعلنت مصر رفضها لأي تهجير قسري للفلسطينيين، وشدد بيان لوزارة الخارجية المصرية على «استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه»، وقال البيان إن القاهرة ترفض أي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل.

وسبق أن حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي مراراً، من أن التهجير سيكون هدفه تصفية القضية الفلسطينية. وخلال الشهر الأول من الحرب، قال الرئيس السيسي إن إسرائيل بإمكانها نقل سكان قطاع غزة إلى صحراء النقب حتى الانتهاء من الحرب في غزة، ورفض فكرة التهجير إلى شبه جزيرة سيناء المصرية.

تهجير الفلسطينيين رد فعل الجانب الأردني على تصريحات ترامب

وأما عن الجانب الأردني، فبعد تصريحات ترامب، أطل وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قائلاً: «رفضنا للتهجير، ثابت لا يتغير»، مشيراً إلى أن الموقف الأردني ثابت راسخ لا يمكن أن تحيد عنه المملكة وأضاف: «نعمل وفق ثوابتنا، وحل القضية الفلسطينية في فلسطين، والأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين».

ودأبت عمّان منذ سنوات على تكرار رفضها لمخططات التهجير وجعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، وكان من أشهر المواقف لاءات العاهل الأردني الثلاثة التي رددها وهو يرتدي البزة العسكرية في 2019، حين قال «كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين».

في 2023، قال بشر الخصاونة إبان توليه رئاسة الوزراء في الأردن، إن «أي محاولات أو خلق ظروف لتهجير الفلسطينيين من غزَّة أو الضفَّة الغربيَّة خطٌّ أحمر وسيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب».

حركة حماس ترد على مخطط ترامب للتهجير

من جانبه، قال رئيس دائرة العلاقات الخارجية لحركة حماس، باسم نعيم، إن «الشعب الفلسطيني في قطاع غزة عانى من الموت والدمار على مدى 15 شهرا في واحدة من أكبر جرائم الإنسانية في القرن 21، لمجرد البقاء على أرضه ووطنه. وبالتالي، لن يقبل بأي مقترحات أو حلول، حتى لو بدت حسنة النية تحت ستار إعادة الإعمار»، كما اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مضيفا: «شعبنا أحبط كل مخططات التهجير والوطن البديل على مدى عقود، ويرفض مثل هذه المشاريع أيضاً. ونؤكد أن شعبنا قادر على إعادة إعمار غزة بشكل أفضل من ذي قبل، شريطة رفع الحصار عن المنطقة».

التهجير القسري في القانون الدولي

يعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وهو يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني لـ المحكمة الجنائية الدولية، فإن «إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية».

كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

اقرأ أيضاًقبل مقترح ترامب.. تهجير الفلسطينيين مخطط شيطاني تبنته إسرائيل وأمريكا على مر السنين

أيمن سلامة: مقترح ترامب انتهاك جسيم لمعاهدة السلام.. ويحمل طابع المناورة السياسية

ترامب: سأبحث مسار حل الدولتين مع نتنياهو خلال زيارته للبيت الأبيض

مقالات مشابهة

  • تقرير مشترك بين البنك الدولي و” GLMC”.. الشباب في الجنوب العالمي طاقة غير مستغلة للنمو الاقتصادي
  • الى اين يتجه الصراع الاقتصادي.. كندا تخفض سعر الفائدة 
  • بري بحث مع زواره في برامج البنك الدولي لاعادة الاعمار والمستجدات جنوباً
  • البنك الدولي يؤكد: سنقف إلى جانب لبنان لتمكينه في اعادة البناء والنهوض
  • السوداني “يتعهد” للبنك الدولي بإجراء إصلاحات اقتصادية
  • البريد المصري "يحذر" من الرسائل النصية والروابط غير معلومة المصدر.. التي تستهدف اختراق حسابات المواطنين
  • فرنسا ترفض اقتراح ترامب لتهجير سكان غزة: انتهاك خطير للقانون الدولي
  • محافظ البنك المركزي يعلن قرب إطلاق مبادرة كبيرة لتمويل المشاريع الصناعية
  • القانون الدولي يعتبره «جريمة حرب».. مصر تتصدى لمخطط ‏‏«تهجير» سكان غزة ‏
  • عطفاً على سياسات ترامب.. البنك الدولي يحذر من رد الفعل المتسرع