صور| مريدو القطب الصوفي " ابو الحجاج الأقصري" يواصلون الاحتفال بالليلة الختامية لمولده
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
يواصل أهالي الأقصر احتفالات الليلة الختامية لمولد ابو الحجاج الأقصري، والتي انطلقت الاستعداد لها منذ أيام؛ استعدادًا لليوم الختامي، وسط أجواء من البهجة، والروحانيات.
واحتشد ميدان ابو الحجاج بمريدي القطب الصوفي يوسف ابو الحجاج، الذين جاءوا من مختلف محافظات الجمهورية؛ احتفالًا بالليلة الختامية لمولده، بمدينة الأقصر، كما انتشر بائعو الحلوى والهدايا، ووزع الأهالي المشروبات والعصائر، والكباب، والأرز باللبن، كأحد الطقوس المتوارثة في مدينة الشمس.
ولد العارف بالله أبو الحجاج الأقصري، في أوائل القرن السادس الهجري ببغداد في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، وينتهي نسبه إلى إسماعيل أبي الفراء بن عبد الله بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
يضم مسجد ابي الحجاج ضريح العارف بالله، ودفن بجواره أبناءه منهم أحمد النجم، الذي تولى الطريقة من بعده فـكان له مكانته عند حكام القاهرة حتى قيل أنهم هم الذين ساعدوه في بناء المئذنة القديمة على الطراز الفاطمي، وكذلك شقيقه عبد المعطي، وبجواره ايضا تلميذه الشيخ عبد المعطي.
ودفن خارج باب المقام، أحفاد أبو الحجاج كما يوجد مقام الشيخ المغربي تلميذ وصديق الشيخ أبو الحجاج، ودفن بجواره ابن عمه جبريل.
كما يضم مقر مقام الشيخ أبو الحجاج كذلك مقام القديسة تريزا، لذا يعتبر هو المكان الوحيد الذي تجد فيه شيخًا مسلمًا يقدسه المسلمون، وقديسة يقدسها المسيحيون".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المولد الليلة الختامية الأقصر مولد ابو الحجاج ابو الحجاج أبو الحجاج
إقرأ أيضاً:
مقامات الشحي وتأملاته الصوفية
وأنا أقف عند عتبة عنوان ديوان الشاعر محمد بن عبدالكريم الشحي الجديد (مقامات لام وضمّة ميم - من تأملات شاكر حسن آل سعيد ومذكراته)، استحضرت مقولة اليوناني سيمونيدس (450 ق.م) «الشعر رسم ناطق والرسم شعر صامت»، حيث اشتهر الفنان شاكر حسن آل سعيد بالحروفـيات التي يعتبرها الدكتور حاتم الصكر من التقنيات الشعرية التي تقدّم «مقترحها الأبرز» فـي لقاء «الرسم والشعر، وانفتاح النصوص البصرية والكتابية وإيقاعاتها»، ففـي هذا الديوان، الذي صدر عن مؤسسة بيت الزبير ويمتد على 175 صفحة، عمّق الشحّي علاقة الشعري بالتشكيلي، فقدّم قراءة شعرية لتجربة الفنان العراقي شاكر حسن آل سعيد (1925-2004)، فتجلّت حروفه بها، وتماهى معها، فـي ديوان يتألف من خمسة أقسام أطلق عليها تسمية مقامات، وهي تعني لدى المتصوفة المراتب التي يبلغها العبد فـي تجلياته وهو يقف بين يدي الرب، من خلال الانقطاع لعباداته، وهي: التوبة، والورع، والزهد، والفقر، والصبر، والتوكل على الله، لتحقيق منزلة عليا لديه، وجعل الشحّي لكلّ قسم من الأقسام الخمسة عنوانا، فالأول عنوانه (مقام الأحافـير والأحجار والجدران)، وضمّ (13) نصا، أما الثاني، فعنوانه (مقام الأنوار والأزمنة والنداءات)، وضم 9 نصوص، أما المقام الثالث فحمل عنوان (مقام النقطة)، وضمّ 13 نصا، أما المقام الرابع، فعنوانه (مقام الأشجار والخضرة والينوع)، وضمّ 11 نصا، وخامس المقامات وآخرها هو (مقام البعد الواحد)، وهو المصطلح الذي أطلقه الفنان على مرحلة من مراحل نضج تجربته الصوفـية ويعني به «البعد الواحد الذي يصل الإنسان بالله» كما ينقل عن جبرا إبراهيم جبرا، وضم نصّا طويلًا وفـي كلّ مقام من هذه المقامات، تتجلّى حروفه، وهو يلقي إضاءات شعرية على تجارب شاكر حسن آل سعيد الفنية والروحية، ففـي نص (مديح الماء فـي نوم الغزالة)، وهو أطول نصوص الديوان، يستعير رمز الغزالة من أدبيات المتصوفة، فـيتساءل:
«قل لهم: ماذا تبقى من حروف؟
فالحروف لها حتوف
ماذا يقابل حرفك الباقي
من التأويل حين تغادر اللغة الجريحة برجها
وتصير رمزا فـي كراريس العدد»
فـي هذا الإصدار، لم يكتب الشحّيّ ديوانا شعريا، فحسب، بل وضع بحثا شعريّا فـي تجربة شاكر حسن آل سعيد، دوّن فـيه تأمّلاته فـي عوالمه الصوفـيّة، فكتب نصًا موازيًا، لأعماله وطروحاته، وقدّم تجربة فريدة تندرج ضمن ما يسمّى بالقصيدة- الديوان، فنرى فـي ديوان الشحّي وحدة الموضوع، ليس عبر قصيدة واحدة طويلة، بل عدّة قصائد تندرج ضمن موضوع واحد هو مغامرة الفنان شاكر حسن آل سعيد التشكيلية، فقام باستلهام واستحضار تجربته الصوفـية، حتى أنه ثبّت فـي الصفحة (175) المصادر والمراجع التي تمت الإشارة إليها والاقتباس منها، ومن ضمنها كتب الفنان، مع كتاب لكل من: جبرا إبراهيم جبرا، ورباح آل جعفر، ونزار شقرون وكتابين لشربل داغر الأول قراءة فـي تجربته والثاني حوارات أجراها معه، بالإضافة إلى كتاب عبدالغني النابلسي ( كشف السر الغامض شرح ديوان ابن الفارض)، فقد تماهى «الشحي» معه وأهدى ديوانه لروحه، كما أنه افتتح ديوانه بعتبتين استلّهما من مذكراته، وكتاباته، وقدّم قراءة شعرية فـي أعمال الفنان الذي كان يجنح فـي حروفـياته، وأعماله إلى التصوف، ملامسًا الجوانب الروحية مستكشفًا تلك العوالم عبر قصائد تمزج بين شعر التفعيلة والنثر، ساعيًا إلى كتابة نص مجاور، له قوّة تأثير الصورة، التي ترتفع إلى مصاف الرموز الدينية، وقد تحدّث عبدالقاهر الجرجاني فـي كتابه (أسرار البلاغة) عن هذا التأثير قائلا «الشعر فـيما يصنعه من الصور ويشكله من البدع ويوقعه فـي النفوس من المعاني التي يتوهم بها الجماد الصامت فـي صورة الحي الناطق؟»، وفـي نصوص الشحّي تقف البلاغة «حافـية» تسير على صخور صلدة، يقول فـي المقطع (ذ) من نصّه (مخطوطة أحجار الريح):
لدواعي الإنصاف
يمكنك الآن تعريف العالم بأنه:
«بلاغة حافـية
تجرب السير
على صخور المعاني الحادة»
وهذا النص مؤلف من تسعة مقاطع قصيرة، يستغني به عن الأرقام، ويكتفـي بالحروف، وقام باستدعاء الرموز التي أثّرت فـي تجربة آل سعيد ومن بينها يحيى بن محمود الواسطي، والغزالي، وجواد سليم، وجبرا إبراهيم جبرا، فقد تلبّس شخصه، ونطق بلسان حاله، ففـي قصيدة أهداها إلى النحّات جواد سليم (1919-1961) يقول:
أنت قمرنا البعيد يا جواد
أشعلت الشمعة من طرفـيها
وغادرتنا باكرا لتسبقنا
لثمرة الخلود
ننظر للجدارية الوشم
لنصب الحرية
وكم كنت أتمنى أن يكلّل هذا الجهد الإبداعي بلوحات من أعمال الفنان، فقد غابت لأمور تتعلق بحقوق النشر، وشمل هذا الغياب صورة غلاف الديوان الذي صمّمه الكاتب هلال البادي، لكن روح الفنان تجلت فـي كتاباته ذات المنحى الصوفـي، التي هضمها الشحّي فخرج بتجربة شعريّة مغايرة لما هو سائد، معزّزة خطّا شعريّا نهجه الشحّي منذ سنوات بعيدة، وها هي ثماره تنضج فنيّا، وفكريا، وروحيّا.