في ظل أزمة اقتصادية خانقة، فاقمتها سياسات النظام المصري، بدا واضحا أن انتفاضة المصريين باتت قاب قوسين أو أدنى، مع استمرار نزيف العملة والغلاء الفاحش في الأسعار، ووصول الفقر في مصر لمستويات قياسية.

واضحى النظام المصري في وضع لا يحسد عليه مع تعسر اقتراض أموال جديدة وتخلفه عن سداد قروضه القديمة، حيث تطالب القاهرة بسداد نحو 25 مليار دولار هذا العام فقط، وفق بيانات البنك المركزي المصري، فيما تشير إحصائيات إلى أن إجمالي الديون الخارجية وصل لـ 165 مليار دولار.



ومن ذات الدول التي دعمت انقلاب السيسي، جاءت نجدته كالعادة، فبعد سلسلة طويلة من بيع لأصول الدولة، وصل الحال بالنظام المصري لبيع مدينة رأس الحكمة الساحلية شمالي البلاد للإمارات مقابل 35 مليار دولار، تدفع على مدار الشهرين المقبلين.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي إن الاتفاق المبرم مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، أصغر صناديق الاستثمار السيادية الثلاثة الرئيسية في أبوظبي، يهدف إلى تطوير شبه جزيرة رأس الحكمة، وقد يدر في النهاية ما يصل إلى 150 مليار دولار.

وأضاف، أن المشروع سيتضمن استثمار أجنبي مباشر بقيمة 35 مليار دولار تدخل الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، والثانية 20 مليار دولار، وسيكون للدولة المصرية 35 بالمئة؜ من أرباح المشروع. 

وشدد مدبولي على أن مشروع مدينة رأس الحكمة هو "شراكة استثمارية وليس بيع أصول"، وسيتم في إطار مخطط متكامل لتنمية الساحل الشمالي بمدن ذكية، وفق زعمه.

وخلال الأيام القليلة الماضية شغلت مدينة رأس الحكمة الرأي العام وأصبحت حديث مواقع التواصل الاجتماعي، إثر تأكيدات عن بيع المدينة للإمارات على غرار ماحدث مع جزيرتي تيران وصنافير.



رأس الحكمة
تتبع قرية رأس الحكمة لمرسى مطروح، على الساحل الشمالي المصري، إلى الشرق من مدينة مرسى مطروح، حيث تمتد شواطئها من منطقة الضبعة في الكيلو 170 بطريق الساحل الشمالي الغربي وحتى الكيلو 220 بمدينة مطروح التي تبعد عنها 85 كم.

وأنشأ القرية آخر ملوك مصر الملك فاروق عام 1948، لتكون منتجعا للأسرة المالكة والوزراء، لأهمية المنطقة الكبيرة بسبب موقعها الاستراتيجي وشواطئها الخلابة.


وتشتهر رأس الحكمة بالاستراحة التي أنشأها الملك فاروق في المنطقة. بعد قيام ثورة 23 تموز/يوليو 1952 تحولت إلى استراحة رئاسية، 

من المزمع أن يتم إقامة مشروع سياحي ضخم على قرية رأس الحكم، وقد صدر قرار جمهوري عام 1975 بإخلاء القرية من سكانها، والتي تبلغ مساحتها 55 ألف فدان.

ولم يتم تنفيذ القرار حتى عاد المشروع من جديد للظهور، وبدأت الجهات المعنية بمحاولة إجبار السكان على الخروج من منازلهم وإخلاء أراضيهم، ما أثار غضب السكان خاصة وأن المحافظة لم توفر لهم البدائل المناسبة.

وتزخر المنطقة بمقومات السياحة الثقافية والتاريخية التى تظهر فى مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية.

وجهة سياحية
وتعد رأس الحكمة ذات أهمية سياحية لعدة أسباب منها أنها تقع على طريق فوكة الجديد الذي يربط بين القاهرة والساحل الشمالي حيث تبلغ المسافة من القاهرة إلى العلمين من خلال طريق فوكة الجديد حوالى 140 كيلو مترًا بعد أن كان الطريق السابق حوالى 240 كيلومترا.

ويعد الشريط الساحلي للقرية البالغ 50 كيلو متر والواقع بين مدينة الضبعة إلى مرسى مطروح من أجمل شواطئ العالم من الرمال الناعمة الصفراء إلى المياه الفيروزية.


وتضم المنطقة أنماطا متعددة ومقومات جاذبة للسياحة الشاطئية، على طول امتداد الساحل الشمالي الغربي لنحو 400 كم من غرب الإسكندرية، وحتى الحدود الغربية لمصر.

كما تحتوي المنطقة على مقومات السياحة الثقافية والتاريخية التي تظهر فى مقابر الكومنولث والمقبرة الإيطالية والألمانية.

ويبلغ إجمالي المساحة المعروضة للاستثمار السياحي برأس الحكمة، حوالي 11 مليون و500 متر ، بتكلفة استثمارية تتجاوز مليار و351 مليون جنيه، لإقامة مشروعات سياحية متكاملة، لجذب السائحين الوافدين إلى مصر لمنطقة رأس الحكمة، خاصة وأن البنية التحتية من طرق وخدمات فى مراحل الإنشاء المتقدمة.

قصة مشفى القرية
في عام 2000، كان الرئيس المخلوع حسني مبارك وأولاده في زيارة لرأس الحكمة، وانزلقت قدم هايدي زوجة نجله مبارك علاء، ما تطلب نقلها إلى مستشفى رأس الحكمة.

وآنذاك كانت المستشفى مغلقة كما أنها لم تكن مجهزة أصلا بخدمات صحية مناسبة. 

وعقب الحادثة تم تجهيز المستشفى بأحدث الأجهزة الطبية، وإعداد طاقم طبي، كما يشير سكان القرية إلى أنه بعد اعتياد مبارك وعائلته زيارة القرية، دخلت جميع المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحي للقرية، وفق مواقع مصرية.



الطوق الإماراتي
ويضغط صندوق النقد الدولي على القاهرة لتبيع أصولا مملوكة للدولة وتفسح المجال للقطاع الخاص وتسمح بتحريك سعر صرف الجنيه بصورة مرنة.

وأجرى فريق من الصندوق زيارة لمصر في الشهر الماضي للتفاوض على إحياء اتفاق قرض بقيمة ثلاثة مليارات وعلى احتمال توسيعه، كان قد تعثر بعد وقت قصير من توقيعه في كانون الأول/ ديسمبر 2022.

وسبق أن أعلنت مصر عن بيع أصول للدولة للمساعدة في تمويل أقساط الديون الخارجية الثقيلة المستحقة هذا العام وإفساح المجال للقطاع الخاص، في إطار حزمة الدعم المالي الموقع مع صندوق النقد.

وفي العاشر من الشهر الجاري، قالت مصادر خاصة لـ"عربي21" إن رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، قدم مساعدات مالية عاجلة لمصر خلال اليومين الماضيين، بهدف اتخاذ بعض الإجراءات لتخفيف الاحتقان الشعبي المتنامي ضد رئيس النظام عبد الفتاح السيسي، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.

وأضافت المصادر أن الإمارات تسعى لمساعدة نظام السيسي في التخفيف من حدة غلاء المعيشة التي يعاني منها المواطن المصري، وكذلك لمحاولة ضبط سوق العملة الصعب، لضمان استقرار النظام ومنع تفاقم الغضب الشعبي.

وأشارت المصادر إلى أن رجل أعمال، حكم سابقا في جرائم جنائية، هو وجهة الإمارات الاقتصادية داخل مصر في المرحلة الحالية. 

وكشف حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة التي تديرها الدول، الأربعاء الماضي، "عن اختيار المجموعة الاستثمارية كونسورتيوم إمارات للعمل مع شركاء محليين لتطوير منطقة رأس الحكمة، وهي منطقة تبعد حوالي 350 كيلومترا عن شمال غرب القاهرة، في منطقة تضم منتجعات سياحية فاخرة".

وقال هيبة في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي عربية"، إن التقدير الأولي لإجمالي المشروع كان 22 مليار دولار ومن المتوقع التوصل إلى اتفاق قريبا، ولم يقدم المزيد من التفاصيل، ولم يذكر أسماء أي شركات أو كيانات.

من جهتها، قالت الحكومة المصرية، إنها تستعد للإعلان عن مشروعات جديدة "ستُدر موارد ضخمة من النقد الأجنبي" وستوفر مئات الآلاف من الوظائف الجديدة، في إشارة إلى مشروعات تنموية بمليارات الدولارات على ساحل البحر المتوسط، حسبما نقلته رويترز.

ونقلت وكالة بلومبيرغ، عن مصادر مطلعة قولها، "إن أبو ظبي تشارك في المناقشات، وأن مصر قد تحتفظ بملكية حوالي 20 بالمئة من الأراضي الشاسعة التي تبلغ مساحتها 180 مليون متر مربع".

وأضافت المصادر، "أن هذه النسبة ستشمل حصة لمجموعة طلعت مصطفى، وهي شركة تطوير عقاري، وبعض الهيئات الحكومية المصرية".

وأكدت الحكومة المصرية، أنها استعانت بمكتب محاماة عالمي لإعداد الصياغات النهائية للعقود والاتفاقات، بما في ذلك التفاصيل المالية والقانونية والفنية.

وذكرت، أن التفاصيل ستُعلن بمجرد انتهاء المفاوضات مع المستثمرين. وأضافت أن المشروعات ستسهم في تشغيل الشركات المصرية وانتعاش قطاع الصناعة. 

وبينت "بلومبرغ"، "إذا تمت الصفقة، فإنها ستؤدي إلى تعميق العلاقات بين مصر والإمارات التي كانت داعما رئيسيا للسيسي، وقدمت سابقا الدعم الاقتصادي في شكل استثمارات أو مساعدات أخرى".

وأوضحت الوكالة، أن اكتمال هذه الصفقة من شأنه أيضا، دعم جهود مصر لمعالجة أسوأ أزمة صرف أجنبي منذ عقود، حيث أن البلاد في حاجة ماسة إلى النقد الأجنبي لسداد ديون أجنبية ثقيلة مستحقة هذا العام.

بيع مكرر
وأثار الإعلان المصري عن الصفقة جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وجه سياسون واقتصاديون  مصريون سهام نقدهم للحكومة، وتساءلوا عن الأسباب الحقيقية التي تدفع الإمارات لدفع أموال ضخمة تصل إلى 35 مليار دولار للحكومة المصرية.

وقال الفنان والمعارض المصري عمرو واكد، "لو كانت فلوس تيران وصنافير نفعت يبقى فلوس راس الحكمة تنفع، نفس بالونة ضربة معلم بكل تفاصيلها. مع اختلاف اننا في حال اسوأ بكتير لكن ذاكرة السمك أقوى من ذاكرة الكثير".

‏ لو كانت فلوس تيران وصنافير نفعت يبقى فلوس راس الحكمة تنفع.
نفس بالونة ضربة معلم بكل تفاصيلها. مع اختلاف اننا في حال اسوأ بكتير.
لكن ذاكرة السمك أقوى من ذاكرة الكثير. — Amr Waked (@amrwaked) February 23, 2024 ‏

وذكر الصحفي المصري جمال سلطان، أن الإمارات الشريك الأساس في المشروع لم تعلن أي شيء عن صفقة رأس الحكمة.

‏ حتى الآن لم تعلن الامارات ـ الشريك الأساس في المشروع ـ أي شيء أو أي معلومات أو أرقام عن صفقة رأس الحكمة أو تفاصيلها، واعلام أبو ظبي يلتزم الصمت، كل الضجيج الإعلامي والأرقام المتطايرة والمتضاربة من مواقع الصحف المصرية والإعلام المصري، ننتظر التفاصيل "الدقيقة" من الجانب الاماراتي — جمال سلطان (@GamalSultan1) February 23, 2024 ‏

وقال الصحفي والباحث الاقتصادي المصري وائل جمال، في منشور على منصة "إكس" حول الصفقة، "لا خير يأتي من الإمارات…شكراً".

‏ لا خير يأتي من الإمارات…شكرًا — Wael Gamal وائل جمال (@waelgamal) February 23, 2024 ‏



ليست "رأس الحكمة" وحدها
وقّعت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في مصر، وشركة "يو دي سي" الإماراتية، على اتفاق جديد، من أجل تخصيص قطعة أرضية، بمنطقة حدائق الأندلس، في القاهرة الجديدة، لإقامة نشاط عمراني متكامل.

وقال وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، عاصم الجزار، أمس الخميس إنه "بموجب العقد يتم تخصيص قطعة أرض بمساحة 665505.63 م2 أي نحو 157 فدانا على الطريق الدائري الأوسطي على شارع الـ 90 الجنوبي بمنطقة حدائق الأندلس بجوار مثلث الأمل التابعة لمدينة القاهرة الجديدة، لصالح شركة "يو دي سي" للتطوير العقاري".

وأوضح وزير الإسكان المصري، أن "إحدى الشركات التابعة لمجموعة محمد عمر بن حيدر، القابضة الإماراتية تهدف لإقامة نشاط عمراني متكامل (سكني، إداري، ترفيهي، تجاري، فندقي) باسم ذاكريست The Crest بالتعاون مع شركة الكازار".

وتابع: "سيتم تنفيذه على أعلى مستوى بما يضاهي أعمال الشركة في أنحاء العالم، وسيتم تسويقه محليا وعالميا، على أن تكون مدة تنفيذ المشروع 8 سنوات تبدأ من تاريخ استصدار قرار اعتماد التخطيط والتقسيم".

وفي السياق نفسه، تم الاتفاق على سداد قيمة الأرض بالعملة الأجنبية، بإجمالي استثمارات يزيد على الـ 60 مليار جنيه؛ حيث إن هذا المشروع سيسهم في استقطاب العديد من الشركات للعمل بمصر، ممّا يوفّر العملة الأجنبية، وكذا فتح آفاق أخرى للشباب بتوفير فرص العمل المتنوعة من خلال الاستفادة من خبرات أكبر الأسماء في مجال التطوير العقاري في مصر.

إلى ذلك، أكد الرئيس التنفيذي لشركة "يو دي سي" للتطوير العقاري، التزام الشركة بعرض المخطط العام للمشروع والبرنامج الزمني لتنفيذ المشروع في مدّة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ التعاقد، مشيرا إلى أن "المشروع يمثل النواة الأولى لاستثمارات مجموعة محمد عمر بن حيدر في مصر".

وتابع: بأن "الشركة تتطلع إلى فتح آفاق للتعاون المشترك بمشروعات أخرى، في ظل ما توفره الحكومة من دعم وتسهيلات ومرونة في الإجراءات لبناء مصر الحديثة، وكذا البيئة المواتية لجذب الاستثمار في مصر".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي أزمة اقتصادية المصري الإماراتي راس الحكمة مصر الإمارات أزمة اقتصادية بيع اصول راس الحكمة المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الساحل الشمالی ملیار دولار رأس الحکمة إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

بعد تصدرها التريند.. ماذا تعرف عن مدينة سنجة السودانية؟

مدينة سنجة.. تصدرت محركات البحث خلال الساعات القليلة الماضية وذلك بعد أن أعلن الجيش السوداني استردادها من جديد بعد سقوطها في يد قوات الدعم السريع.
لذلك نستعرض إليكم جميع التفاصيل حول مدينة سنجة عاصمة سنار السودانية.


ما هي مدينة سنجة؟


هي مدينة سودانية تقع في ولاية سنار، وهي واحدة من المدن الجذابة والتاريخية في السودان. تشتهر سنجة بتاريخها العريق وثقافتها الغنية التي تمزج بين التأثيرات العربية والإفريقية. تقع المدينة على ضفاف نهر النيل، مما يضيف جمالًا طبيعيًا لها ويسهم في زراعة الزراعة والثروة المائية.

من الأماكن البارزة في سنجة تاريخيًا هو معبد كوما الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وهو يمثل أحد المعالم الأثرية الهامة في المنطقة. كما تتميز المدينة بسوقها النابض بالحياة والذي يعكس حياة السكان المحليين وثقافتهم التجارية.

بالإضافة إلى ذلك، تعد سنجة مركزًا هامًا للتعليم والتعلم في السودان، حيث تضم جامعة سنجة التي تقدم مجموعة متنوعة من التخصصات الأكاديمية والبحثية. تجمع المدينة بين التاريخ العريق والحاضر الديناميكي، مما يجعلها وجهة مثيرة للاستكشاف والاستمتاع بالثقافة والتراث السودانيين.

 

 

التسمية

تعود تسمية مدينة سنجة إلى عدة روايات تاريخية. إحدى الروايات تقول إن اسمها مشتق من كلمة "سنجة" والتي تعني "المدينة" أو "المركز التجاري" بلغة الفونج، حيث كانت المدينة مركزًا تجاريًا هامًا في فترة سلطنة الفونج.

رواية أخرى تشير إلى أن الاسم قد يكون من كلمة "سنجة" التي تعني "ساقية" أو "قناة مائية"، في إشارة إلى النظام المائي القديم الذي كان يستخدم للري في المنطقة، نظرًا لقربها من نهر النيل.

بغض النظر عن الأصل الدقيق للاسم، فإن مدينة سنجة تحمل تاريخًا طويلًا ومعقدًا يعكس تفاعل الثقافات والتأثيرات المختلفة على مر العصور.

 

 

التاريخ

مدينة سنجة تتمتع بتاريخ غني يعكس التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها المنطقة على مر العصور. تقع في منطقة استراتيجية على ضفاف نهر النيل، مما جعلها نقطة محورية في تجارة القوافل وتبادل السلع والثقافات.

 

العصور القديمة


تعتبر سنجة من المناطق القديمة التي سكنتها مجموعات بشرية منذ فترة طويلة. وُجدت بها آثار تدل على حضارات قديمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، حيث كانت تشكل جزءًا من الممالك النوبية التي نشأت على طول نهر النيل.

فترة سلطنة الفونج
ازدهرت سنجة بشكل كبير خلال فترة سلطنة الفونج (1504-1821)، والتي كانت إحدى القوى الكبرى في السودان في تلك الفترة. كانت المدينة مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا، حيث تبادلت فيها البضائع مثل الذهب والعاج والملح. كما كانت مركزًا لتجارة الرقيق.

 

فترة الحكم التركي المصري


في عام 1821، خضعت سنجة للحكم التركي المصري عندما غزا محمد علي باشا السودان. أثرت هذه الفترة على المدينة من خلال إدخال نظام حكم جديد وزيادة التفاعل مع العالم الخارجي. تم تطوير بنية تحتية جديدة، بما في ذلك القنوات والمباني الإدارية.

 

فترة المهدية


في أواخر القرن التاسع عشر، كانت سنجة جزءًا من الثورات ضد الحكم التركي المصري، وخصوصًا أثناء ثورة المهدي (1881-1899). أصبحت المدينة ساحة للمعارك والنضال من أجل الاستقلال، وتأثرت بشكل كبير بالحروب والنزاعات التي شهدتها تلك الفترة.

 

العصر الحديث


في القرن العشرين، وبعد استقلال السودان في عام 1956، شهدت سنجة تطورات ملحوظة في مجالات التعليم والبنية التحتية. أُنشئت العديد من المؤسسات التعليمية والصحية، مما ساهم في تحسين مستوى الحياة للسكان المحليين.

اليوم، تعد سنجة مركزًا إداريًا وتجاريًا هامًا في ولاية سنار، وتستمر في الحفاظ على تراثها التاريخي والثقافي الغني، مع التطور والنمو في مختلف المجالات.

 

 

الموقع والمساحة والسكان

تقع مدينة سنجة في وسط السودان، وتحديدًا في ولاية سنار، على الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق. يحدها من الشمال مدينة سنار، ومن الشرق النيل الأزرق، ومن الجنوب ولاية النيل الأبيض، ومن الغرب سهول كردفان. تتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يجعلها نقطة تواصل هامة بين مختلف مناطق السودان، ويساهم في تطويرها كمدينة تجارية وزراعية رئيسية.

 

 

المساحة


تمتد مدينة سنجة على مساحة كبيرة تشمل مناطق حضرية وزراعية. المساحة الإجمالية للمدينة مع المناطق المحيطة بها تقدّر بنحو 2،370 كيلومتر مربع. هذا الامتداد الجغرافي الكبير يساعد على توفير بيئة متنوعة للزراعة والتجارة، بالإضافة إلى كونها مركزًا إداريًا هامًا.

السكان
يبلغ عدد سكان مدينة سنجة نحو 120،000 نسمة، وفقًا للتقديرات الأخيرة. يتكون سكانها من مجموعة متنوعة من الأعراق والقبائل، مما يضفي على المدينة طابعًا ثقافيًا فريدًا ومتنوعًا. تعتبر الزراعة والتجارة من الأنشطة الاقتصادية الرئيسية للسكان، إلى جانب الحرف التقليدية والصناعات المحلية.

تتميز سنجة بتركيبة سكانية تعكس التنوع الثقافي والإثني في السودان، حيث تتواجد فيها عدة قبائل ومجموعات عرقية تعيش في سلام وتعاون. يشمل ذلك الفونج، وهم السكان الأصليون للمنطقة، إلى جانب العرب والمجموعات الأخرى الذين هاجروا إلى المدينة لأسباب اقتصادية وتجارية.

 

 

أهم معالم المدينة

مدينة سنجة تزخر بالعديد من المعالم الهامة التي تعكس تاريخها وثقافتها الغنية. إليك أهم هذه المعالم:

1. معبد كوما
يُعد من أقدم المعالم الأثرية في المنطقة، ويعود تاريخه إلى الفترة النوبية القديمة. يمثل المعبد شاهدًا على الحضارات التي مرت على سنجة ويعكس العمارة النوبية الفريدة.

2. جسر سنجة
يمتد جسر سنجة فوق نهر النيل الأزرق، وهو من أهم المعالم البارزة في المدينة. يربط الجسر المدينة بالمناطق المحيطة، ويسهل حركة النقل والتجارة بين الضفتين.

3. السوق الكبير
يعتبر السوق الكبير في سنجة من أبرز الأسواق التقليدية في السودان. يقدم تجربة فريدة للتسوق، حيث يمكن للزوار العثور على مجموعة متنوعة من المنتجات المحلية مثل الفواكه والخضروات والمنتجات الحرفية التقليدية.

4. جامعة سنجة
تعتبر من المعالم الأكاديمية الرئيسية في المدينة. تأسست الجامعة لتوفير التعليم العالي لسكان المنطقة وتعزيز البحث العلمي. تشمل الجامعة عدة كليات متخصصة في مجالات متعددة، مما يسهم في تطوير الكفاءات المحلية.

5. ضريح الشيخ إدريس بن الأرباب
يقع في المدينة وهو أحد المواقع الدينية الهامة التي يرتادها الناس. الشيخ إدريس بن الأرباب هو أحد الشخصيات الدينية البارزة في تاريخ السودان.

6. محمية الدندر
تقع بالقرب من سنجة، وهي واحدة من أهم المحميات الطبيعية في السودان. تعتبر المحمية موطنًا للعديد من الحيوانات والنباتات النادرة وتوفر بيئة مناسبة لممارسة الأنشطة السياحية والطبيعية.

7. قصر الأمير أبو العمر
يعتبر من المعالم التاريخية المميزة في المدينة، حيث يُظهر العمارة التقليدية ويعكس تاريخ المنطقة. القصر يمثل جزءًا من تراث المدينة ويستخدم أحيانًا كموقع للفعاليات الثقافية.

8. ساحة الاستقلال
تعتبر من الأماكن العامة التي تقام فيها الاحتفالات والمناسبات الوطنية. تُستخدم الساحة كموقع لتجمعات المجتمع المحلي وتعزيز الروابط الاجتماعية.

9. مسجد سنجة الكبير
يُعد من أقدم المساجد في المدينة، ويتميز بتصميمه المعماري التقليدي. يُعتبر المسجد مركزًا رئيسيًا للتعليم الديني والأنشطة الاجتماعية.

10. المركز الثقافي
يعد المركز الثقافي في سنجة مكانًا هامًا للحفاظ على التراث الثقافي للمدينة. يعرض المركز تاريخ المدينة ويعقد فعاليات ثقافية وفنية تُبرز الفنون التقليدية والحرف المحلية.

هذه المعالم تساهم في إبراز الطابع الفريد لمدينة سنجة وتعكس تنوعها الثقافي والتاريخي.

 

 

النشاط الاقتصادي

النشاط الاقتصادي في مدينة سنجة يعتبر متنوعًا ويعتمد على عدة قطاعات رئيسية تساهم في تعزيز اقتصاد المدينة وتنمية المجتمع المحلي. إليك نظرة على أبرز هذه الأنشطة:

1. الزراعة
تعتبر الزراعة النشاط الاقتصادي الرئيسي في سنجة، حيث يستفيد المزارعون من الأراضي الخصبة حول النيل الأزرق. يزرع المزارعون مجموعة متنوعة من المحاصيل مثل:

القطن: يُعتبر من المحاصيل الرئيسية التي تزرع في المنطقة ويشكل جزءًا مهمًا من الاقتصاد المحلي.
الحبوب: مثل الذرة والقمح والسمسم، والتي تستخدم للاستهلاك المحلي وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي.
الفواكه والخضروات: مثل المانجو والبطيخ والطماطم، حيث توفر الزراعة المحلية إمدادات غذائية طازجة للسوق المحلي.
البستنة: تُزرع العديد من الأشجار المثمرة والنباتات الزراعية التي تُستخدم لأغراض تجارية ومعيشية.
2. تربية الماشية
تُعد تربية الماشية من الأنشطة الاقتصادية الهامة، حيث يقوم العديد من السكان بتربية الأبقار والأغنام والماعز لتلبية احتياجات السوق المحلي من اللحوم والألبان والمنتجات الحيوانية الأخرى. هذا النشاط يلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد الريفي ويعزز من قدرات المجتمع على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

3. الصيد
نظرًا لموقع سنجة على ضفاف النيل الأزرق، يُعتبر الصيد نشاطًا اقتصاديًا مهمًا. يعتمد السكان على الصيد لتوفير مصدر غذاء أساسي وأيضًا كجزء من اقتصاد المدينة، حيث تُباع الأسماك الطازجة في الأسواق المحلية وتُستهلك على نطاق واسع.

4. التجارة
تُعتبر التجارة واحدة من الأنشطة الاقتصادية الحيوية في سنجة. تستفيد المدينة من موقعها كمركز تجاري إقليمي، حيث تجذب التجار من مختلف المناطق المحيطة. يشمل النشاط التجاري:

الأسواق المحلية: مثل السوق الكبير، الذي يعد مركزًا لبيع وشراء السلع المحلية والمستوردة.
تجارة التجزئة والجملة: التي تشمل المنتجات الغذائية والملابس والأدوات المنزلية.
5. الصناعات الحرفية
تشمل الصناعات الحرفية في سنجة إنتاج السجاد والأقمشة التقليدية والأواني الفخارية والمنتجات اليدوية الأخرى. هذه الصناعات تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل للسكان.

6. الصناعات الصغيرة
بدأت سنجة تشهد نموًا في الصناعات الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك تصنيع المواد الغذائية ومنتجات الألبان والصناعات الجلدية. هذه الصناعات تساعد في تنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل جديدة.

7. الخدمات
يشمل قطاع الخدمات في سنجة مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل:

التعليم: وجود مؤسسات تعليمية مثل جامعة سنجة يساهم في تنشيط الاقتصاد من خلال جذب الطلاب والموظفين.
الرعاية الصحية: وجود المرافق الصحية يساهم في توفير الرعاية الصحية للسكان وتوظيف الكوادر الطبية.
النقل: توفر خدمات النقل الداخلي والخارجي يسهل حركة الأشخاص والبضائع ويساهم في دعم الأنشطة التجارية.
8. السياحة
رغم أن السياحة ليست النشاط الاقتصادي الرئيسي، إلا أن بعض المواقع الطبيعية والتاريخية في سنجة مثل محمية الدندر ومعبد كوما تسهم في جذب الزوار وتشجيع السياحة المحلية.

هذه الأنشطة الاقتصادية تساهم مجتمعة في تعزيز النمو الاقتصادي لمدينة سنجة وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين.

مقالات مشابهة

  • شعبة السيارات: 35% نسبة انخفاض أسعار السيارات بعد صفقة "رأس الحكمة"
  • تعرف على نتائج المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي
  • بعد تصدرها التريند.. ماذا تعرف عن مدينة سنجة السودانية؟
  • «الحرية المصري»: ثورة 30 يونيو طوق نجاة للدولة ضد جماعة إرهابية
  • باستثمارات 12 مليار دولار.. شركات مصرية وإمارتية توقع اتفاقية مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر
  • بعد توقيع اتفاقية لإنتاجها.. ماذا تعرف عن الأمونيا الخضراء وأبرز مزاياها؟
  • الاتحاد الأوروبي يواصل تدقيقه صفقة بـ13 مليار دولار بين مايكروسوفت وأوبن إيه آي
  • بقيمة 36 مليار سنتيم.. المغرب يطلق صفقة ضخمة لبناء ملعب بنسليمان استعدادا لمونديال 2030
  • 5.5 مليار دولار.. قطر تخطط لمدينة ملاهي أكبر من ديزني لاند
  • نجاح جديد لمصر.. كيف سددت الدولة ديون بـ25 مليار دولار في 4 أشهر؟