مصر دولة محورية فى العالم العربى
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
تعيش دولة الكويت هذه الأيام أجواء الاحتفال بالأعياد الوطنية المجيدة... عيد الاستقلال الثالث والستون الذى يصادف 25 من فبراير فى كل عام والذكرى الثالثة والثلاثين للتحرير التى تحل يوم 26 من الشهر نفسه، وتحفل الكويت بمظاهر الفرحة والابتهاج فى هذه الأعياد بما تحمله من إنجازات كبيرة تمت على مدار 63 عاماً أرست دعائم نهضة الكويت الحديثة.
بهذه المناسبة، التقت الوفد مع السفير غانم صقر الغانم، سفير دولة الكويت بالقاهرة وهو رجل محب لمصر تقطر كلماته عنها بالود والإخلاص وعلى إلمام واسع بتاريخ العلاقات العريقة بين البلدين يقول الغانم: العيد الوطنى دلالة على بداية الكويت كدولة مستقلة بعد أن كانت تحت الحماية البريطانية منذ عام 1899 بمقتضى اتفاقية ثنائية بين الجانبين، وفى عام ١٩٦١ رأت أن الوقت بات مناسباً لإنهاء المعاهدة وهو ما تحقق بالفعل وأصبحت مستقلة وانضمت لجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية ومارست دورها فى العالم كدولة ديمقراطية تدعو للسلام والتعاون ومركز للإنسانية ومصدر إشعاع حضارى، هذه المعانى نستدعيها فى هذه المناسبة الغالية على الكويتيين أثناء احتفالهم بعيد الاستقلال، ولعل ما يميز المناسبات الوطنية هذا العام أنها تأتى مع انطلاقة عهد يتجدد بقيادة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
ويمضى الغانم:
الاحتفال بالعيد الوطنى يعد مناسبة للتأمل بما تحقق على هذه الأرض الطيبة منذ الاستقلال حتى يومنا هذا، فى كافة المسارات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلاً عن إظهار المكانة التى باتت تحظى بها الكويت دولياً وإقليمياً، كما تعتبر هذه المناسبة عيداً للحرية والانتماء وفرصة لاستذكار بطولات وتضحيات الأجداد العظام، حيث تعقبه ذكرى عيد التحرير الثالث والثلاثين والذى تخلصت فيه الكويت من الغزو العراقى الغاشم عام ١٩٩٠ بمساعدة الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسها مصر.
كيف ترى العلاقات المصرية الكويتية على مر التاريخ؟
العلاقات بين البلدين الشقيقين انطلقت قبل استكمال الاستقلال بعقود طويلة، تعود إرهاصاتها لبدايات القرن الماضى عندما كانت الكويت بلداً صغيراً من حيث المساحة والسكان فى وقت كانت مصر قد قطعت شوطاً طويلاً فى النهضة فى كل النواحى، وصارت قبلة لكل الشعوب العربية والإسلامية، تفتح أبوابها لهم لينهلوا من علومها وفنونها، وحينما طلبت الكويت الدعم من مصر لم تتأخر، أرسلت مفكريها وعلماءها ومدرسيها ولم تنتظر المقابل انطلاقاً من شعورها الأصيل بواجبها تجاه أشقائها، وازدادت هذه العلاقة متانة ورسوخاً عبر العقود، وشهدت محطات مهمة خلال مسيرتها ورسخت فى سجلات تاريخ وذاكرة البلدين والشعبين الشقيقين منذ عهد ما قبل الاستقلال إلى يومنا هذا.
وأضاف الغانم: قبل أن تدخل الكويت عصر النفط، فتحت مصر أبوابها لطلبة الكويت ليدرسوا فى كلياتها ومعاهدها ويتعلموا من أدبائها ومفكريها، فى حقبة الأربعينات كانت الكويت تعتمد على مصر فى النهضة التنموية التى عاشتها تلك الفترة، ونمت مشاعر قوية بين الشعبين، وحينما اعلنت الاستقلال عام ١٩٦١ وظهرت أطماع عبدالكريم قاسم فيها، بادرت مصر بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر بالتصدى لهذه الأطماع ودافعت عن حق الشعب الكويتى فى تقرير مصيره وكان لهذا الموقف أكبر الأثر فى تكريس الاستقلال، وإفشال المخططات التى أرادت السوء بالكويت.
واستمرت العلاقة فى خط متصاعد وشاركت مصر فى النهضة التنموية والعمرانية فى دولة الكويت فى مختلف المجالات، بما فى ذلك البنية القانونية والدستورية عبر أساطين الفقه الدستورى المصريين، كل ذلك يؤكد خصوصية وعمق العلاقات الأخوية التى استندت على جذور راسخة فى الماضى وازدادت رسوخاً على مر الأيام، وتتجلى بصفة خاصة عبر محطات مضيئة لا يمكن أن تخطئها العين مثل موقف مصر من الغزو العراقى عام ١٩٩٠، وموقف الكويت المساند لمصر فى أعوام ١٩٥٦ و١٩٦٧ حتى نصر أكتوبر المجيد ١٩٧٣ التى شاركت فيه الكويت على الجبهة المصرية بلواء اليرموك.
الذى يعادل ثلث جيشها وقوة الجهراء على جبهة الجولان، علاوة على دورها الشجاع فى قرار وقف تصدير النفط للدول المؤيدة للعدوان الإسرائيلي.
- كما أسلفت فإن علاقات البلدين فريدة وراسخة فى كافة مجالات التعاون الثنائى، السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والعسكرية، بالإضافة إلى ذلك فهناك تقارب كبير وعلاقات أخوية متينة بين قيادتى وشعبى البلدين، وكانت مصر دائماً فى مقدمة الدول التى سعت دولة الكويت إلى تعزيز علاقاتها بها فى كافة المجالات، حيث وقع البلدان فى عام 1995 اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون برئاسة وزيرى خارجية البلدين لتكون مظلة لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات المبرمة، وبحث مجالات التعاون والارتقاء بها بما يلبى تطلعات الشعبين الشقيقين، وهناك الكثير والكثير مما تحقق عبر هذه اللجنة التى نتطلع إلى استئناف دورية لقاءاتها قريباً.
- هناك استحقاقات يتم تدارسها حالياً مع الجانب المصرى، كما أن هناك دعوة موجهة لحضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير البلاد لزيارة مصر، ودعوة مماثلة لسمو الشيخ محمد صباح السالم الصباح، رئيس مجلس الوزراء، فضلاً عن الترتيبات الخاصة باللجنة المصرية الكويتية برئاسة وزيرى خارجية البلدين وغيرها من الفعاليات التى يتم التباحث بشأنها بما يسهم فى تعزيز علاقاتها البلدين.
- تشهد مصر قفزة تنموية كبيرة فى الآونة الأخيرة نتيجة جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تمخضت عن برنامج للإصلاح الاقتصادى والمشروعات الكبرى أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة يلمسها كل زائر أو مقيم، الأمر الذى أوجد بيئة استثمارية جاذبة وواعدة تتميز بالشفافية خاصة بعد التعديلات الأخيرة للقوانين الاقتصادية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، أما عن الاستثمارات الكويتية فى مصر فقد بلغت أكثر من 20 مليار دولار، تتوزع بين القطاعين العام والخاص، ويتركز معظمها فى مشاريع وقطاعات تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة، ونتطلع أن تشهد المرحلة القادمة قفزة أخرى فى حجم الاستثمارات الكويتية التى لا شك أنها ستكون مفيدة للبلدين خاصة فى ظل ما يشهده العالم من أزمات.
- منذ اليوم الأول بادر الرئيس عبدالفتاح السيسى بالدعوة إلى وقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات وأكد على رفض التهجير، وهو موقف قوى يستحق الإشادة فى ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التى تعيشها مصر، إذ لم تخضع لأى مساومة فى هذا الملف، كما بادرت بتقديم مساعدات سخية إلى أهالى غزة فاقت كل ما جاء من الخارج.
- زرت العريش نحو 6 مرات منذ أن أمر صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد بتسيير جسر جوى لإغاثة إخواننا فى غزة، وعايشت الجهود الكبيرة التى تبذلها السلطات المصرية، عبر المحافظة والوزارات المعنية إضافة إلى الهلال الأحمر المصرى، وإدارة مطار العريش الذى يتسلم مساعدات تفوق طاقته عشرات المرات ومع ذلك يتم إنجاز العمل بسلاسة تامة دون حدوث أى تأخير فى ادخال الشحنات، وهو أمر يستحق كل الإشادة والتقدير فى ضوء العديد من صور التعنت من الجانب الإسرائيلى الذى يعمل على تعطيل المساعدات بطرق متعددة.
حدثنا عن الممارسات الديمقراطية فى الكويت من بداية إنشائها؟
تأسس الحكم فى الكويت من خلال مبايعة أهل الكويت لآل الصباح حكاماً لهم لما وجدوه من هذه الأسرة من
كفاءة وحكمة وإخلاص جعلتهم يجمعون على القبول بها لتولى شئونهم لأكثر من 3 قرون بكل اقتدار رغم الظروف الدقيقة التى مرت بها منذ نشأتها، فروح الديمقراطية تجذرت منذ القدم فى المجتمع الكويتى والعلاقة التى تربط الحاكم بالمواطنين قوامها الثقة والمحبة والشورى، وقد تم عكس تلك المعانى فى الدستور الكويتى لعام 1962، والذى نص على أن نظام الحكم فى الكويت ديمقراطى والسيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعها، فالديمقراطية الكويتية هى نظام فريد تطور منذ مرحلة الشورى إلى عهد الدولة الدستورية الذى نظمت العلاقة بين الحاكم والمحكوم من خلال دستور كفل حقوق الحريات، وعمل على تنظيم نظام الحكم فى الكويت ومؤسسات الدولة، على أساس فصل السلطات مع تعاونها وقرر أن سمو الأمير هو رئيس الدولة ويتولى سلطاته بواسطة وزرائه.
- الكويت تفتح أبوابها منذ عقود طويلة لكل الكوادر المصرية المدربة وترحب بها لسد العجز فى كوادرها المحلية المماثلة، فسكان الكويت حالياً 5 ملايين نسمة من بينهم نحو ١.٥ مليون كويتى، ونحو 450 ألف مصرى، يمثلون أكبر جالية عربية فى البلاد ويعمل أكثرهم فى القطاع الخاص ويحظون بكل الرعاية والتقدير، وهناك رغبة فى تعديل التركيبة السكانية مع تقليل العمالة المخالفة وغير الماهرة، وهذا لا يتعلق بالكوادر المصرية بصفة خاصة، فلا يزال الكثير من القضاة والمحامين والأطباء والممرضين والفنيين المهرة مطلوبين الكويت وهناك تيسيرات أقرت مؤخراً لتسهيل التحاق الأسر بعائليها الذين يعملون فى البلاد.
- كسفارة نعطى توصيات لكن الجهات المختصة هى وزارة العمل المصرية ونظيرتها هيئة العمل فى الكويت.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر العالم العربي العيد الوطنى الكويت الوطنية المجيدة دولة الکویت فى الکویت
إقرأ أيضاً:
محمد بن زايد وزيلينسكي يشهدان توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين
شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وفولوديمير زيلينسكي رئيس جمهورية أوكرانيا اليوم الاثنين، توقيع "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة" بين دولة الإمارات وأوكرانيا، والتي تهدف إلى فتح آفاق جديدة للتعاون المشترك والتبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
وأكد الشيخ محمد بن زايد بهذه المناسبة أهمية الاتفاقية في تعزيز العلاقات الإستراتيجية التي تجمع البلدين ودفع التعاون الاقتصادي الثنائي إلى مستويات جديدة تلبي تطلعاتهما.
وقال: "نتطلع إلى أن تشكل اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة نقلة نوعية في مسار التعاون الاقتصادي والاستثماري لمصلحة التنمية المشتركة للبلدين"، مشيراً إلى أن نهج الإمارات يقوم على بناء جسور التعاون لتحقيق التنمية والازدهار للجميع.
من جانبه، أكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي أهمية الاتفاقية في توسيع آفاق التعاون الاقتصادي الإماراتي الأوكراني لما فيه مصلحة البلدين وشعبيهما.
وقع الاتفاقية- خلال المراسم التي جرت في قصر الشاطئ- الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، ويوليا سفيريدينكو النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزيرة الاقتصاد في جمهورية أوكرانيا.
وبموجب اتفاقية الشراكة، ستحظى 99% من واردات أوكرانيا من السلع الإماراتية، و97% من صادرات أوكرانيا إلى دولة الإمارات بإعفاء فوري من الرسوم الجمركية.
ومن المتوقع أن تضيف الاتفاقية 369 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات، و874 مليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي لأوكرانيا بحلول عام 2031، كما تدعم تسريع الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا وتوفير فرص جديدة للتعاون في مجالات مختلفة مثل البنية التحتية والصناعات الثقيلة والطيران والفضاء وتكنولوجيا المعلومات.
وتحظى أوكرانيا بأهمية إستراتيجية بالنسبة لدولة الإمارات، فيما بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال عام 2024 إلى 372.4 مليون دولار أمريكي.
وتهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة إلى توسيع شبكة الشركاء التجاريين للدولة حول العالم وتعزيز الفرص الاستثمارية والتعاون الاقتصادي في مختلف القطاعات، وتمثل التجارة الدولية ركيزة أساسية ضمن جهود دولة الإمارات الهادفة إلى رفع حجم التجارة غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم (1.1 تريليون دولار أميركي) بحلول العام 2031.
ومنذ إطلاق أجندتها التجارية الخارجية، أبرمت دولة الإمارات 24 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع دول ذات أهمية إستراتيجية إقليمياً وعالمياً على خريطة التجارة الدولية، يعيش فيها نحو 2.5 مليار نسمة أي ربع سكان العالم، مما يسهم في تعزيز النمو في قطاعات حيوية مثل الخدمات اللوجستية، والطاقة النظيفة والمتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، والنظم الغذائية المستدامة.