موقع النيلين:
2025-02-06@07:48:23 GMT

سيزائي قاراقوج مفكر النهضة الحضارية في تركيا

تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT


سيزائي قاراقوج يُعتبر شخصية رئيسية تمثل الجيل الثاني من التفكير الإسلامي في تركيا. وعلى عكس نجيب فاضل، الذي نشأ في اسطنبول وتلقى تعليمه في الغرب، وُلد قاراقوج في شرق تركيا وحصل على تعليمه داخل البلاد. هذا سمح له بتفسير ما حوله من منظور داخلي، حيث دافع بقوة عن الحفاظ وإحياء التراث العثماني والإسلامي.

سعى سيزائي قاراقوج لإحياء الحضارة الإسلامية على غرار الفلاسفة الصوفيين التقليديين مثل الغزالي، الرومي، ويونس إمره، وأيضا سعى إلى توسيع وتعزيز الرؤية التي وضعها نجيب فاضل. استقصى قاراقوج أسئلة عميقة طرحها أسلافه، بهدف إعادة الحياة إلى الأمة الإسلامية. وساهمت أعماله في الحوار المستمر حول إحياء القيم الإسلامية، مستندة إلى فهمه العميق للسياق الثقافي والتاريخي لتركيا.

ولد سيزائي قاراقوج في عام 1933 في ديار بكر، لعائلة من الطبقة المتوسطة. رغم أوضاع عائلته المحدودة، استمر في مسيرته الأكاديمية بعزيمة. حصل على تعليمه الثانوي من خلال منحة حكومية وتابع دراسته في كلية العلوم السياسية في جامعة أنقرة. خدم سيزائي قاراقوج كموظف ضرائب في وزارة المالية في الفترة بين عامي 1956 و1965، حيث تنقل بين العديد من المدن التركية كجزء من واجباته الوظيفية. ومع ذلك، قرر أن يتخلى عن هذا المنصب الحكومي ليكرس نفسه بشكل كامل للكتابة وتحقيق الاستقلال الفكري. في هذا السياق، سار على خطى سلفه نجيب فاضل، متبنيًا مسار النشاط الفكري والأدبي.

في عصر الكساد الكبير، شهدت طفولة سيزائي قاراقوج تحديات عميقة واجهت الشعب التركي، حيث ارتسمت بوضوح الصعوبات الاقتصادية وتنفيذ سياسات التغريب والعلمنة الراديكالية خلال فترة الثلاثينيات والأربعينيات. بصفته مراقبًا حادًا لمحيطه، وثّق قاراقوج بعناية فائقة تطورات عصره.

قام بتدوين ذكرياته بعناية فائقة، مستعرضًا تفاصيل المرحلة الأولى من حياته، لكنه، للأسف، تركها غير مكتملة. تناولت مقالاته مجموعة متنوعة من القضايا ذات الأهمية السياسية والاجتماعية عبر فترات مختلفة، حيث قام بتوثيق مرحلة انتقال تركيا من حكم حزب واحد إلى دولة ديمقراطية. ضمت تحاليله تطورات سياسية داخلية وشؤون دولية. يُلاحظ أنه وصف غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 بأنه «اندلاع صامت للحرب العالمية الثالثة“.

سيزائي قاراقوج معروف بشعره ذي الأسلوب الحر، حيث كتب عشرة مجلدات من القصائد التي تتناول الفضائل والحب والمدن. نُشرت قصيدته الأولى في مجلة «حصار» في عام 1951. وقد تنوعت مشاركاته في العديد من المجلات المختلفة، وتولى تحرير مجلة «شعر سناتي (فن الشعر)» في عام 1955 وأصبح واحدًا من أبرز الشعراء في جيله بفضل تخيّلاته الفريدة والمحتوى الصوفي والإسلامي الذي يتضمنه شعره. انتشرت قصيدته بعنوان «مونا روزا» (الوردة الوحيدة) على نطاق واسع وبشكل كبير، ورغم ذلك، لم يدّعِي الشاعر الفخر الذاتي والاعتزاز بهذه القصيدة. ومن بين أعماله المؤثرة، أصبحت قصيدته حول فلسطين بعنوان «يا يهودي» مشهورة، إذ كتبها كرد على حرق يهودي متعصب للمسجد الأقصى في عام 1969، مُكرّرًا فيها التعبير 24 مرة. «أخيرًا، حرقتَ مسجد الأقصى، يا يهودي، تمامًا كما حرقتَ روح الإنسانية لقرون…“.

مشابهًا لنجيب فاضل، كتب قاراقوج في مجموعة متنوعة من الأدب، بما في ذلك كتابان للقصص، وثلاثة كتب مقالية، ومسرحيتان، ووثائقي واحد، وثلاثة كتب بحثية. والأهم من ذلك كان سعيه في إحياء الحضارة الإسلامية (أو النهضة) من خلال الإصلاح، حيث كتب 13 كتابًا فكريًا: «إحياء الروح»، «لقاح اليوم الأخير»، «الزمن والإلهام 1-4»، «إحياء الإنسانية»، «عقيدة جيل النهضة»، «الجنة المفقودة»، «إحياء الإسلام»، «تغيير الموسم»، «آمال النهضة»، «الإسلام»، «الهيكل الاقتصادي للمجتمع الإسلامي»، «أفكار 1-2».

أسهم قاراقوج بشكل كبير في توجيه المجتمع التركي وفقًا للحضارة الإسلامية. بالنسبة له، يجب أن تبدأ النهضة من الداخل من خلال الإصلاح وبناء مجتمع أخلاقي وسياسي. كانت نظريته وأعماله مجسدة حول فكرة النهضة في إطار المجلة الفكرية «الدعوة». بدأت تُنشر بشكل دوري (غالبًا شهريًا وأحيانًا أسبوعيًا ومرتين في الأسبوع) مع بعض الانقطاعات بسبب الصعوبات الاقتصادية. كانت رؤيته مركزة على النهضة الحضارية وحول إرث الدولة العثمانية. شملت المجلة العديد من القضايا من الأخلاق الإسلامية إلى القضايا الاجتماعية والسياسية والعالم الإسلامي. كما شملت أيضًا أشكالًا متنوعة من الفنون مثل السينما وترجمات لأفكار فكرية غربية وإسلامية.

أصبحت المجلة منبرًا حيويًا لظهور كتّاب إسلاميين بارزين مثل راسم أزدنورين، وجاهد ظريف اوغلو، ونوري باكديل، وأردم بايازيت، وإسميت أوزيل في تركيا الحديثة. كمحطة هامة في التفكير الإسلامي في تركيا، بل قام سيزائي كاراكوج بتأسيس حزب سياسي حتى في أوائل التسعينيات تحت اسم «الدعوة». ومع ذلك، على الرغم من أهميتها الفكرية، لم يتحول رأس المال الفكري إلى قوة سياسية وانحل بشكل تلقائي.

مع تولي حزب العدالة والتنمية الحكم، حصل سيزائي قاراقوج على العديد من الجوائز القيمة تقديرًا لإسهاماته الفنية والفكرية. ومن الجدير بالذكر أنه، وفقًا لنمط حياته المتواضع، اختار عدم استلام هذه الجوائز شخصيًا. يحظى قاراقوج باحترام كبير نظرًا لرفضه الثابت للسعي إلى مناصب رسمية أو طلب الدعم من الدولة. حيث تتجلى تلك المواقف في تأثيره العميق على الساحتين الأدبية والسياسية في تركيا.

البروفيسور احمد أويصال – الشرق القطرية

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: العدید من فی ترکیا فی عام

إقرأ أيضاً:

النهضة تدين أحكام السجن الظالمة بحق الغنوشي وسياسيين وإعلاميين

أدانت حركة "النهضة" التونسية، الأربعاء، أحكام السجن التي أصدرها القضاء بحق رئيسها راشد الغنوشي وعدد من السياسيين والصحفيين والمدوّنين، ووصفتها بالأحكام "القاسية والظالمة".

واعتبرت حركة "النهضة" أن "ما حصل محاكمة سياسية ظالمة تأتي في سياق مزيد التشفي والاعتداء على أبسط الحقوق والحريات، وعلى أبسط أسس دولة القانون والحريات".

وقالت إن هذه المحاكمة "تمثل اعتداء صارخا على استقلالية القضاء وحياديته وتسييسا فاضحا لإجراءاته وأحكامه".

وأضافت أن هذه الأحكام "تتناقض بشكل تام مع حاجة البلاد للحوار والوحدة الوطنية في مجابهة التحديات الخطيرة" التي تمر بها المنطقة.

وأصدرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس الأربعاء، أحكاما بالسجن تراوحت بين 5 أعوام و54 عاما بحق 41 من السياسيين والصحفيين والمدونين ورجال الأعمال في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أنستالينغو".


وشملت الأحكام الصادرة، التي تعد غير نهائية وقابلة للطعن، رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 22 عاما.

وتعود القضية إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حين أوقفت السلطات موظفين في شركة "أنستالينغو" وحققت مع صحفيين ومدوّنين ورجال أعمال وسياسيين بتهم بينها "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة قيس سعيد، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والجوسسة".‎

ومفندة الأحكام، قالت حركة "النهضة" إن "شركة انستالينغو مختصة بإنتاج المحتوى الإعلامي والصّحفيّ بما في ذلك الترجمة، وتقدّم خدمات إعلاميّة متنوّعة شمل بعضها المشاركة في الحملات الانتخابية لعدد من المترشّحين للحملات الانتخابية الرّئاسيّة لسنة 2019، وليس من بينهم مرشح حركة النهضة في تلك الانتخابات".

وأضافت أن "هذه القضية شملت عددا من السياسيين وأعضاء الحكومات السابقين وموظفي الدولة والصحفيين والمدونين لا علاقة لعدد منهم ببعضهم البعض، ولم تثبت المحكمة هذه العلاقة بينهم".

ولفتت إلى أن "إجراءات هذه القضية شابتها منذ يومها الأول إلى صدور الحكم اخلالات وتجاوزات لا تكاد تحصى، مثل منع المحامين من الترافع عن بعض المتهمين، أو الادعاء على بعضهم دون دليل مادي أو معنوي".

ووفق وكالة الأنباء التونسية الرسمية، شملت الأحكام الصادرة بالقضية اليوم، السجن 54 عاما لمؤسس شركة "أنستالينغو" سالم الكحيلي، و35 عاما لكل من رئيس الحكومة الأسبق هشام المشيشي، ونجل الغنوشي معاذ الغنوشي.

إضافة إلى السجن 34 عاما لوزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، و28 عاما لمدير شركة "أنستالينغو" هيثم الكحيلي، و27 عاما للصحفية شهرزاد عكاشة، و25 عاما لنجلة الغنوشي سميّة الغنوشي.

و18 عاما ليحي الكحيلي شقيق مؤسس شركة "أنستالينغو"، و15 عاما للقيادي الأمني السابق لزهر لونغو، و13 عاما لكل من الناطق الأسبق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي، والقيادي بحزب حركة النهضة السيد الفرجاني.


و12 عاما للمدون سليم الجبالي، 10 أعوام للضابطة السابقة بوزارة الداخلية سامية صبابطي، و8 أعوام للمسؤول الأمني الأسبق توفيق السبعي وزير الاستثمار والتعاون الدولي الأسبق والقيادي بحركة النهضة رياض بالطيب، و6 أعوام للمدون أشرف بربوش، و5 أعوام للصحفية شذى الحاج مبارك.

وتضمنت الأحكام للبعض غرامات مالية كبيرة ومصادر الأملاك والمنع من الترشح للانتخابات لفترات تصل لـ10 سنوات.

فيما حوكم البعض منهم غيابيا باعتبارهم فارين من العدالة ومنهم: شهرزاد عكاشة، وهيثم الكحيلي، وهشام المشيشي، ومعاذ الغنوشي، وسميّة الغنوشي.

يذكر أن المحكمة الابتدائية بمدينة سوسة تولت الفصل بهذه القضية في البداية، قبل أن يقرر قاضي التحقيق أواخر العام الماضي التخلي عنها وإحالتها إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.

مقالات مشابهة

  • غضب سياسي وحقوقي في تونس بعد صدور أحكام قضية أنستالينغو
  • مفكر سياسي: فرنسا ترى ترامب بمثابة ديكتاتور جاء بطريقة ديمقراطية
  • النهضة تدين أحكام السجن الظالمة بحق الغنوشي وسياسيين وإعلاميين
  • تونس… السجن 22 عاماً لـ«رئيس حركة النهضة» ومجموعة آخرين
  • 110 قطع أثرية نادرة تكشف الإسهامات الحضارية لإمارة الشارقة في شبكة التجارة العالمية القديمة
  • 22 سنة سجنا بحق راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس
  • مفكر استراتيجيي: مخططات ترامب لا يمكن التنبؤ بها
  • بعد حجزه 64 مليار متر.. كيف عوضت مصر احتياجاتها المائية بعد تعبئة سد النهضة؟
  • انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي التراث والسياحة والثقافة، رؤى متجددة للتنمية الحضارية بجامعة نزوى
  • تعادل إيجابي بين النهضة وعبري