محمد عصام يكتب: الدولار واللاجئون
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
فى عام ١٩١٧م وعد البريطانى «بلفور» اليهود المضطهدين فى أوروبا بإقامة وطن لهم فى فلسطين يتمتعون فيه بالأمان والرخاء مع التأكيد على عدم المساس بحقوق الفلسطينيين «السّكان الأصليين» للبلد، وبالفعل تسرّب اليهود خلال السنوات التالية إلى فلسطين وتعمق تأثيرهم لدرجة التحكّم فى الاقتصاد عبر شراء الأراضى الزراعية والمحلات التجارية، ذلك بالإضافة إلى علاقاتهم السياسية المتينة مع البريطانيين المستعمرين لفلسطين فى ذلك الوقت، وقد توقع البعض أن الوضع سيستقر على ذلك ولكن كان لليهود خطة أخرى، فعبر السنين وباكتساب الخبرات السياسية والعسكرية شنوا حرباً شرسة على الفلسطينيين و«استولوا» على أراضيهم، وأعلنوا إنشاء دولة إسرائيل على قبور الفلسطينيين.
وفقاً للتقارير الرسمية، فإن مصر تستضيف تسعة ملايين لاجئ من إخواننا العرب، وعلى الرغم من افتخار إعلامنا المصرى بذلك، فإن ذلك الخبر قد يحمل بذور تحديات لمصرنا الحبيبة، فتسعة ملايين لاجئ يترجمون إلى استهلاك حوالى ١٠ مليارات لتر ماء سنوياً على الأقل فى دولة تواجه شبح الشّح المائى (يستهلك الفرد ٣ لترات ماء على الأقل يومياً)، ويترجمون أيضاً إلى استهلاك حوالى ١٠ مليارات وجبة طعام سنوياً فى بلد يستورد ٤٠٪ من غذائه (يستهلك الفرد ٣ وجبات طعام على الأقل يومياً)، كما يعنون الاستحواذ على ١٫٥ مليون منزل فى بلد يعانى من أزمة السكن (لو افترضنا أن الأسرة الواحدة تتكون من ٦ أفراد)، وشغل ٣ ملايين وظيفة فى بلد يعانى شبابه من البطالة (لو افترضنا تقديرياً أن عدد ربات البيوت وكبار السن والأطفال ٦ ملايين فرد)، هذا بالإضافة إلى الضغط على مدارسنا كثيفة الطلاب، ومستشفياتنا التى ينقصها الأطباء الأكفاء والأدوية، ومواصلاتنا المكدسة بأجساد المصريين الفقراء، وارتفاع أسعار البضائع والخدمات بسبب تزايد الطلب عليها (ما يسهم بطريقة غير مباشرة فى ارتفاع سعر الدولار)، وغيرها من الأمور الاقتصادية التى تمس حياة المصريين اليومية الذين يعانون الأمرين خاصة آخر ٤ سنوات بسبب أزمة وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
كل تلك الضغوطات الاقتصادية على المصريين ستؤدى إلى احتمالات لها علاقة بالموارد الاقتصادية مثل: أن يدخل المصريون فى صدام مع إخوانهم العرب بسبب التزاحم على الموارد الاقتصادية. ولذلك يجب على حكومتنا اتخاذ موقف لأن الأمثلة من تاريخنا البشرى تؤكد أن البشر فى أحيانٍ كثيرة يكونون أنانيين وعنيفين ويفعلون أى شىء من أجل بقائهم مثلما حدث فى الحربين العالميتين الأولى والثانية.
هذا لا يعنى التعامل بقسوة مع إخواننا العرب اللاجئين، ولكن يعنى وقفة حاسمة تحمى حقوق ومصالح المصريين، وفى نفس الوقت توفر حياة كريمة للاجئين العرب، فكيف يكون ذلك؟
أولاً: من الممكن اقتصار استضافة اللاجئين خاصةً والأجانب عامة على الكفاءات العلمية والفنية والرياضية المميزة التى تضيف إلى اقتصادنا وتسهم فى تحسين جودة حياة المصريين.
ثانياً: أن يكون الهدف الأساسى لتعامل حكومتنا مع اللاجئين هو إبقاءهم فى دولهم وليس استضافتهم فى مصر، لأن من يدخل مصر لن يعود لدولته بعد تخريبها، ومن الممكن تحقيق ذلك عبر أن توفر لهم مصر الاحتياجات الأساسية (مثل الطعام والعلاج الطبى) بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بشئون اللاجئين، أى لا نتحمل تلك التكاليف الضخمة بمفردنا.
ثالثاً: أن تستفيد حكومتنا من دور مصر الريادى فى المنطقة لحث الدول الغنية على استثمار ثرواتها فى مشروعات ضخمة فى البلاد العربية التى تعانى المشكلات السياسية والاقتصادية المسببة لهجرة اللاجئين لمصر وبعض الدول الأخرى، تلك المشروعات ستحدث النمو الاقتصادى وتوفر فرص العمل وبالتالى الاستقرار السياسى والاقتصادى اللازمين لحل مشكلة اللاجئين من جذورها، كما أنها ستحمل الأرباح المالية لدول الخليج، أى أنه أمر مربح للطرفين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اللاجئون الدولار فلسطين
إقرأ أيضاً:
محمد عثام يكتب: رئيس الوزراء ورجال الأعمال.. وطن يسع الجميع
استمع وشاهد الجميع لقاء دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي مع رجال الأعمال المصريين...
اللقاء جاء ضمن سلسلة لقاءات دورية يجريها باستمرار الدكتور مصطفي مدبولي مع كافة أطياف وفئات المجتمع بدأ من البيان الأسبوعي الموجه للمواطن البسيط في الشارع، والذي يشرح له أهم القرارات الحكومية، ليضعه أمام الصورة الحقيقة؛ لموقف البلاد على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتى لا يترك عقله لقمة صائغة للإعلام المعادي...
ومرورا باجتماعاته مع طبقة المثقفة من كتاب وصحفيين ونخبة سياسية؛ ليستمع لي آرائهم فيما يمر به الوطن من تحديات.
والأمس تجدد لقاءات مدبولي هذه المرة برجال الأعمال المصريين، في وقت يعلم فيه الجميع بحجم التحديات الاقتصادية الملقاة على الاقتصاد المصري، وأنه لا رفاهية لإضاعة الوقت في عمليات الإصلاح وإعادة الهيكلة.
ولست هنا بصدد أن أناقش ما دار في اجتماع رئيس الوزراء مع رجال الأعمال وما أثير خلاله من أفكار ومقترحات لإعادة بناء الاقتصاد المصري واستعادة معدلات نموه المرتفعة مرة أخرى، ومعظمها كانت مناقشات مثمرة …وهذا لا يمنع أن هناك بعض ما تم طرحه يحتاج الوقوف أمامه ومراجعة جيدا قبل اتخاذ أي قرار فيه.
وكل ما يهمني في هذا اللقاء أو ما قبلها من لقاءات أخرى.
أن الوطن أصبح يسع الجميع بمختلف فئاتهم واطيافهم وطبقاتهم ويتقبل أفكارهم، وينصت ويستمع ويحلل لما يدور في أذهانهم بلا يراجع نفسه في كثير من الأحيان إذ تطلب الأمر المراجعة.
فالجميع غرضه البناء والتعمير، والدولة بتلك اللقاءات أرست مبدأ كان غائبا عنها منذ سنوات "اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية".
وما يعجبني في تلك اللقاءات.. اتساع صدر رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي؛ واستماعه فيه لجميع الآراء، وتقبله بصدر رحب الانتقادات التي توجه للحكومة، وحتى وإن كانت مبنية على معلومات وبيانات خاطئة فهو يصححها بكل بساطة دون ثور أو غضب.
في النهاية نشكر الدكتور مصطفي مدبولي، على تلك اللافتة الطبية، ولكن يبقى الأهم أن تسفر تلك اللقاءات عن نتائج حقيقية وتغيرات ملموسة على أرض الواقع يشعر بها المواطن.
فما يهم المواطن ليس أن تسمع الحكومة لما يدور في ذهنه فقط.. ولكن أن تسمع وأن تتغير معا.
حفظ الله مصر ووقاها شر الفتن.