الوطن:
2024-10-03@05:00:35 GMT

دينا المقدم تكتب: اللاجئون والرمق الأخير

تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT

دينا المقدم تكتب: اللاجئون والرمق الأخير

أرض الكنانة هى الملاذ الآمن منذ فجر التاريخ لكل من يبحث عن السلام، وعلى مدار أكثر من عشرة أعوام تحتضن مصر أعداداً كبيرة من اللاجئين على أراضيها، الفارين من أوطانهم بسبب النزاعات والحروب والإرهاب، يتلقون كل الخدمات العامة ولا تستطيع أن تفرقهم عن المواطن المصرى. ولم تدخر الدولة المصرية جهداً فى توفير خدمات الصحة والتعليم، وبرامج الاستجابة والمساعدة القانونية، وأنشطة حماية الطفل، والتمويل الواضح والمرن فى الوقت المناسب للاجئين وطالبى اللجوء على قدم المساواة مع المصريين.

نصت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 2 لسنة 2018، الخاص بالتأمين الصحى الشامل، على شمول اللاجئين والأجانب المقيمين فى مصر، ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل ناهيك عن استفادتهم بجميع المبادرات الرئاسية الخاصة بالصحة، ويستفيد اللاجئون من الدعم الذى تقدمه الحكومة للمصريين فى السلع والخدمات الأساسية أيضاً. كما يتمتع الأطفال العرب بحق الالتحاق بالمدارس الحكومية بغير تفرقة بينهم وبين المصريين. وتيسر السلطات المصرية حصول اللاجئين على تصاريح الإقامة والعمل. وينعم اللاجئون وملتمسو اللجوء بحرية التنقل فى البلاد، دونما احتجاز داخل معسكرات، أو تكدس فى مراكز احتجاز.

إن ما يقرب من 9 ملايين من مختلف الجنسيات يقيمون على الأراضى المصرية وفقاً لإحصائيات مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين عام 2022. وفى تصريحات الحكومة المصرية أنها تستضيف نحو 9،000،000 لاجئ فى أغسطس 2023. وفى نظرى أن هذه الإحصائيات غير صحيحة وتفتقر لدقة الواقع الذى يعيشه المواطن المصرى. لذلك أعلنت الحكومة المصرية عن مبادرة ومواعيد محددة لتقنين أوضاع الأجانب فى البلاد.

‏نظراً لغياب الحصر الدقيق لأعداد المهاجرين واللاجئين فى مصر حيث يوجد منهم من يقيم بطرق رسمية وآخر بطرق غير شرعية، ناهيك عمن هم ليسوا فى حاجة إلى التسجيل فى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين. وهذا ما يشكل خطراً على الأمن القومى المصرى.

كيف لدولة بحجم مصر أن تواجه هذا الكم من المخاطر ويوجد على أرضها لاجئون مجهولو الهوية؟ يبدو أن الخطاب السياسى الجيد وتصريحات السيد الرئيس كانت عامل جذب لكل شخص فر من بلاده بسبب النزاعات والصراعات فى المنطقة العربية وأفريقيا. وواقعياً هكذا تنظر القيادة السياسية المصرية لكل من تطأ قدمه الأراضى المصرية فتعتبرهم القيادة السياسية ضيوفاً «حلوا أهلاً ووطئوا سهلاً». وهى نظرة تطبقها فى جميع الجوانب، عندما يذكر الإخوة العرب أو الأفارقة المقيمون فى مصر فلا تستخدم كلمة لاجئ أو مهاجر بل ضيف مرحب به فى كل الأوقات.

حقيقة لا يوجد تعريف صريح لكلمة مهاجر أو لاجئ فى القانون المصرى ولا حتى خيام ولا أى شكل من أشكال الإقامة المؤقتة، بل إن كل القادمين إلى مصر يختلطون وينسجمون بين المواطنين المصريين لدرجة يصعب تمييزها عندما تسير على الأقدام فى شوارع المحروسة.

إن اللاجئين فى مصر بعضهم مسجل وبعضهم لا يعلم للمفوضية الأممية سبيلاً. ولا نعلم إذا ما كانت تلك الأرقام صحيحة أم هى مجرد مسكن لمريض يعانى فى صمت. فكل من غادر بلاده بحثاً عن الأمن والأمان وفاراً من ويلات الحروب والكوارث الطبيعية مُرحب به دونما النظر إلى حالته الإنسانية سوى أنه طالب للمساعدة. ومع ذلك لم يتم تصنيف مصر من الدول الخمس الأولى لاستضافة اللاجئين على مستوى قارة أفريقيا. مثلما حدث مع العديد من الدول التى تحصل على المساعدات الدولية بسبب استضافتها لعدد لا يتجاوز الـ30% من أعداد الموجودين على الأراضى المصرية. صراع يعقبه صراع وتقف مصر بجوار كل من يدق بابها طالباً المساعدة، بالرغم من الحالة الاقتصادية التى تمر بها، التى تكاد تعصف بالأوضاع إلى اتجاهات ربما لن تجود على وضع هؤلاء الضيوف أو اللاجئين سمهم ما شئت بالمزيد من الأمان.

لكن يجب الأخذ بالاعتبار بأن ما تؤول إليه الأوضاع هو مزيد من الشتات لهم، حيث إن الضغط الممارس على الدولة من حيث المرافق العامة والمواد الغذائية والمواصلات، وارتفاع معدلات الجريمة والتنافس على الوظائف، قد يجبر مصر على تفضيل توفير حياة آمنة لمواطنيها.

تقنين أوضاعهم، خاصة غير المسجلين منهم، أصبح فرضاً أمنياً لأنه يشكل خطراً على الأمن القومى المصرى يجب الوقوف عنده مثلما تقف مصر فى مواجهة العديد من المخاطر التى تحاصرها من الخارج. ولكن يبقى السؤال الأهم هو إلى أى مدى تستطيع مصر الصمود فى ظل ما يحيط بها من مخاطر. وهل سيظل الضيف مرحباً به إلى الرمق الأخير أم أن «ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع»؟

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أرض الكنانة أرض السلام فى مصر

إقرأ أيضاً:

قانون الإجراءات الجنائية

يعتبر مشروع تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديد من أهم الخطوات لتحديث النظام القانونى المصرى والذى سينعكس بدوره على فلسفة الإجراءات الجنائية لإحداث طفرة بل ونقلة نوعية فيها.

إن مشروع هذا القانون ما هو إلا سلسلة متواصلة من الجهود والعمل الدءوب المتواصل بين اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية واللجنة الأصلية، ويهدف مشروع القانون إلى العمل على بناء وإرساء نظام قضائى يتصف بالعدل حماية لحقوق أفراد المجتمع وضمان سلامته واستقراره وذلك فيما يتصل بحقوق المرأة المصرية والطفل المصرى وذوى الهمم ورعاية حقوق المتهمين والمبلغين والشهود وغير ذلك مما ورد بمشروع القانون.
إن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية الجديد جزء من الخطة الاستراتيجية القومية لحقوق الإنسان فى مصر، فمشروع هذا القانون سيكون خطوة بل طفرة قانونية تحمل فى طياتها آليات إنسانية جديدة فيما يتعلق بحقوق الأفراد وحرياتهم.

كما سيكون مشروع هذا القانون آلية من آليات العدالة الناجزة وسيكون مواكباً للتطورات الحديثة والتكنولوجيا الرقمية من خلال وسائل التواصل الاجتماعى وما يسمى بالأدلة الرقمية وغير ذلك، كما سيسهم مشروع هذا القانون فى تسريع إجراءات التقاضى داخل أروقة القضاء المصرى مما سيسهم بشكل فعال فى التخفيف من حدة التكدس القضائى داخل أروقة القضاء المصرى.

ومشروع تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديد يأتى متوافقاً ومتسقاً مع دستور ٢٠١٤ والمعدل ٢٠١٩ والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والمواثيق والاتفاقات الدولية ذات الصلة بملف حقوق الإنسان والحريات والحقوق محققاً للضمانات الدستورية التى تعلى من حقوق الإنسان وتنظم ممارسة المواطنين للحقوق والحريات العامة.

حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل سوء وتحيا مصر.

مقالات مشابهة

  • قانون الإجراءات الجنائية
  • البابا تواضروس: نصر أكتوبر صفحة بيضاء في تاريخ العسكرية المصرية وتاريخ المصريين
  • «مركز التلقيح الاصطناعي» بكفر الشيخ: مصدر سلالات الأبقار والجاموس عالية الإنتاجية المناسبة للظروف المناخية المصرية
  • خريف الخطر يا عرب
  • اليابان استخدمت الملوخية المصرية فى صناعة الدواء
  • بيغولا تودّع من ثمن النهائي وتشانغ تكتب التاريخ
  • سياحة المهرجانات فرصة قوية للترويج للمقاصد المصرية
  • «بيك الباتروس» للفنادق المصرية تستحوذ على ٤ فنادق فى المغرب
  • وكيل إفريقية النواب: العالم منبهر بنجاحات المصريين ودعمهم لسياسات السيسي داخليًا وخارجيًا
  • الداخلية تنظم مؤتمرًا طبيًا تحت عنوان "الاستراتيجيات الطبية العامة لصحة المرأة المصرية"