يوم 28 أكتوبر 1973، انتهت فعلياً حرب السادس من أكتوبر بين مصر وإسرائيل، واجتمع الوفدان المصرى والإسرائيلى فى بدء المباحثات لتثبت وقف إطلاق النار، وقضت مصر بالنصر الذى حققته فى هذه الحرب على أسطورة الجيش الذى لا يقهر، باقتحامها لقناة السويس أكبر مانع مائى واجتياحها الكامل لنقاط خط بارليف.. واستيلائها خلال ساعات قليلة على الضفة الشرقية لقناة السويس بكل نقاطها وحصونها ثم إدارتها لقتال شرس فى عمق الضفة الشرقية وعلى الضفة الغربية للقناة.
حققت مصر من وراء نصر أكتوبر المجيد عدة نتائج مهمة على كافة المستويات، فقد استطاعت القوات المصرية فى الأيام الأولى للمعركة أن تحقق هدفاً استراتيجياً لا يختلف عليه أحد وهو كسر النظرية الأمنية الإسرائيلية، واستطاع الرئيس السادات أن يثبت أن القيادة المصرية والعربية ليست واهنة بل لديها الشجاعة على اتخاذ القرار، فرغم المنحنيات الكثيرة التى مرت بها عملية اتخاذ القرار فحينما جاءت اللحظة الحاسمة أعطت أمر القتال وأطلقت شرارة الحرب.
فجرت الحرب والظروف التى نشبت فيها طاقة إنسانية لم يكن أحد يحسب لها حساباً أو يخطر بباله أنها موجودة على هذه الدرجة من الاقتدار.
أعاد نصر أكتوبر للشارع العربى والمصرى ثقته فى ذاته بعد أن كانت تجتاحه حالة من الإحباط الشديد، إثر نكسة 1967، والتى رافقه العديد من المظاهر الاجتماعية فى الوطن العربى.
أظهرت المواقف العربية خلال الحرب وعداً بعصر عربى جديد يضع العرب على موضع يرضونه لأنفسهم من توافقه وتكامل يؤدى بهم إلى الصفوف الأولى.. فإن تحالفاً واسعاً على الناحية العربية للمعركة قام وراء جبهة القتال تمثل فى عدة خطوط تساند بعضها بطريقة تستطيع تعويض جزء كبير من الانحياز الأمريكى لإسرائيل، وكانت الجيوش العربية المقاتلة بشجاعة هى الخط الأول، وكانت الجبهات العربية الداخلية التى تجلت إرادتها هى الخط الثانى، كما ظهر سلاح البترول للمرة الأولى بعد أن لوحت المملكة العربية السعودية باحتمال قطع إمداداتها لأى دولة تقوم بمساعدة إسرائيل.
استطاعت مصر من خلال موقفها القوى فى الحرب خلق رأى عام عالمى واضح مناهض للجبهة التى تساند إسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة وحصلت مصر على مدد عسكرى ضخم خلال أيام المعركة، عندما قررت القيادة السوفيتية تعويض الجيش المصرى عن بعض خسائره من الدبابات وأهدته 250 دبابة من طراز «تى 26». كما بعث «تيتو» رئيس يوغسلافيا فى ذلك الوقت بلواء كامل من الدبابات ووضعه تحت تصرف القيادة المصرية.
على مستوى الرأى العام، أدى انكسار النظرية الإسرائيلى إلى سقوط أساطير إسرائيلية كثيرة على رأسها الجيش الإسرائيلى الذى كان أمل إسرائيل وموضع اعتزازها الأول وأيضاً سقطت صورة المخابرات الإسرائيلية التى كانت غائبة عن مسرح الأحداث بالمعلومات والكشف والتحليل. كما سقطت شخصيات إسرائيلية كانت مثل أصنام لدى الرأى العام الإسرائيلى ومنها جولدا مائير وموشى ديان.
وقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام، اقتناعاً منها بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل فى الشرق الأوسط، وقد نصت الاتفاقية على إنهاء الحرب بين الطرفين، ويقام السلام بينهما، وتسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة والمدنية من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء.
أدت معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل إلى انسحاب إسرائيلى كامل من شبه جزيرة سيناء وعودة السيادة المصرية غير كامل ترابها.
من حق الشباب المصرى الذى لم يعاصر نصر أكتوبر على الكيان الصهيونى أن يطلع على الوثائق الحقيقية والمتعددة والمتنوعة عن حرب أكتوبر بعد قيام وزارة الدفاع المصرية برفع السرية عنها التى جاء بعضها بخط يد قادة حرب أكتوبر العسكريين للتعرف على بطولات الجيش المصرى فى حربه ضد إسرائيل وتعزيز ترابط الشعب بقيادته وتوحيد الجبهة الداخلية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجيش المصرى الجيش الإسرائيلي حكاية وطن وثائق نصر أكتوبر محمود غلاب نصر أکتوبر
إقرأ أيضاً:
الزناتى: العلاقات المصرية الصينية نموذج لتحقيق الكسب المشترك بين الدول
أكد حسين الزناتى، وكيل النقابة رئيس لجنة الشئون الخارجية بنقابة الصحفيين، أن العلاقات الصينية المصرية ما زالت نموذجا للتعاون وتحقيق الكسب المشترك بين دولتين صديقتين، وكان من نتيجة ذلك، أن حجم التجارة بين البلدين قد بلغ وفقا للمصادر الصينية الرسمية 12 مليارًا و560 مليون دولار، فى الأرباع الثلاثة الأولى من العام الجارى، وأصبحت الصين من أكبر الدول الاستثمارية في مصر.
وقال الزناتى، فى بداية اللقاء الحوارى الذى نظمته لجنة الشئون الخارجية بالنقابة للسفير الصينى بالقاهرة لياو ليتشيانج، إن الحالة المصرية الصينية لها أساس راسخ قاعدته الحضارة العريقة التى ينتمى إليها كل شعب من الشعبين، واستمر التواصل بينهما عبر التاريخ، فكانت أعظم قوة للتعاون الصيني المصرى هو تلك الصداقة المستمرة بين الشعبين حتى الآن.
وأضاف الزناتى: “على مدى العقود الستة الماضية، شهدت العلاقات المصرية الصينية تطورًا مستمرًا في جميع المجالات، وأثبتت هذه العلاقات قدرتها على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية والداخلية، فى الوقت الذى تنتهج فيه الدولتان سياسات متوافقة للعمل من أجل السلام في العالم وإقامة نظام دولي سياسي واقتصادي قائم على احترام خصوصية كل دولة، فضلا عن تفهم كل طرف للقضايا الجوهرية للطرف الاخر، وتتمسك الدولتان بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة والسعي إلى حل النزاعات عبر الطرق السلمية، وبرزت تلك السياسة في مواقف كل منهما تجاه الآخر في مختلف المحافل الدولية وخاصة في ملفات النزاعات الإقليمية والدولية، فى الوقت الذى أكدت مصر موقفها الثابت بوجود دولة واحدة للصين هي جمهورية الصين الشعبية، كما تبنت الصين موقفًا مؤيدًا لاختيارات الشعب المصري خلال السنوات الماضية ورفضت أى تدخل خارجي في الشأن المصري”.