لا يمكن القضاء على حركة حماس لأنها حركة تحرر وطني التعددية ليست امتيازا للنخبة الغربية فهي جزء حيوي من تاريخ وواقع العالم العربي حزب الله يتمتع بدعم شعبي وسياسي كبير داخل لبنان من مختلف الطوائف الدينية | | | | لندن - العمانية: دعت سلطنة عمان إلى عقد مؤتمر دولي طارئ بشأن فلسطين يشمل جميع الأطراف المتنازعة بهدف التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وإنهاء الصراع في المنطقة تحقيقا للسلام الإقليمي والدولي.
وقال معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية: إن المبادرة التي تدعو إليها سلطنة عمان تماثل مبادرة الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، عندما دعا إلى مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، واستضافت مدريد سلسلة من المفاوضات المتعددة الأطراف التي هدفت إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وقد أحرزت تقدما كبيرا لكنها توقفت بعد ذلك بشكل مأساوي. وأشار معاليه في حديث لصحيفة «الإيكونيميست» البريطانية إلى أن سلطنة عمان -مثل جميع جيرانها- تعاني من عواقب الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، مؤكدا أن احتمال زيادة التصعيد يهدد المنطقة جميعها، لذا فإن وقف إطلاق النار يمثل ضرورة إنسانية واستراتيجية، كما أن الخطوة من تبني قرار لوقف إطلاق النار وعقد مؤتمر الطوارئ يجب أن يتم بسرعة وبشكل حاسم. وقال معاليه: «في غياب دولة فلسطينية فإن المنطقة بالكامل محكوم عليها بدائرة مستمرة من العنف، وسوف يستمر الفلسطينيون في العيش في ظل التهديد بالفناء»، وأوضح أنه لا يمكن القضاء على حركة حماس، لأن حركات التحرر الوطني مثل حماس، متجذرة بعمق في مجتمعاتها وستبقى قضيتهم حية مهما مات العديد من المسلحين، إذا يجب على صانعي السلام أن يجدوا طريقة للتحدث معهم والاستماع إليهم. وأشار معاليه إلى أن هناك افتراضا بأن شعوب الشرق الأوسط مقيدة بالمنطق الطائفي لدرجة أنها غير قادرة على إصدار ذلك النوع من الأحكام المتطورة التي اعتادت شعوب الغرب الليبرالي والديمقراطي على إصدارها، وهذا بحد ذاته يمثل تنازلا عميقا، وهو أيضا يشكل خطأ في الواقع. وقال معاليه: «إن التعددية ليست امتيازا للنخبة الغربية، فهي جزء حيوي من تاريخ وواقع العالم العربي، كما أن أبناء المنطقة لهم طريقة تفكيرهم الخاصة ويتبعون الأحكام السياسية وليس مجرد التمسك بالانتماء الطائفي». وأضاف معاليه أنه في لبنان اليوم، على سبيل المثال، «حزب الله» هو الذي حشد قواته وقام بعمل عسكري ضد إسرائيل، وقيل لنا إن «حزب الله» حزب شيعي ويعمل وكيلا لإيران. وبيّن أن هذا الوضع لا يصل إلى حد التفسير الفعلي، ففي الواقع يتمتع حزب الله بدعم شعبي وسياسي كبير داخل لبنان من مختلف الطوائف الدينية، ولا يشمل المسلمين الشيعة فحسب، بل أيضا المسلمين السنة والنصارى، ويشكل هذا الدعم مسألة خيار سياسي، وليس ولاء طائفيا. وأوضح في هذا الصدد قائلا: «أنا لا أقول بأن الأشخاص الذين يتم تمثيلهم في وسائل الإعلام الغربية كأشرار هم في الحقيقة الأخيار، هذا مجرد تفكير ثنائي، ما أقوله هو أن السيئ والجيد ليسا درجتين مفيدتين عند محاولة فهم موقف معقد وديناميكي والتصرف بمسؤولية فيه. وشدد معاليه على أهمية التحدث إلى جميع أنواع المعنيين ذوي الاهتمامات ووجهات النظر المختلفة، والاستماع إليهم، والعمل معهم في نهاية المطاف، ويجب أن يكون الأساس الذي نعتمد عليه لوقف الكارثة في فلسطين. وقال: «لقد أرجأ العالم مسألة الدولة الفلسطينية فترة أطول مما ينبغي كما أن العديد من أولئك الذين يتحدثون لصالح حل الدولتين يعدون هذا هدفا يجب تحقيقه في المستقبل البعيد كما لو أن الحقائق الأساسية في ذلك المستقبل سوف تتغير بطريقة سحرية، لجعل ما هو مستحيل الآن بطريقة أو بأخرى ممكنا». وأكد معالي وزير الخارجية بأن علينا أن نتعامل مع الواقع الذي نعيشه الآن، لا مزيد من التأجيل، وهذا الواقع يشمل «حركة حماس». وأشار إلى أن المتابعين لشؤون المنطقة أحيانا يشيدون بالعمانيين بصفتهم وسطاء، قائلا: «صحيح أننا دعمنا مبادرات السلام بدءا من كامب ديفيد في عام 1978 حتى عملية مدريد في عام 1991 واتفاقيات أوسلو في عام 1993، فضلا عن الاتفاق النووي المتعدد الأطراف مع خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران، والمحادثات التي تهدف إلى إنهاء الحرب في اليمن، وعمليات الإفراج عن الرهائن، ولكننا نهيئ الأرضية المناسبة لعقد المفاوضات ولسنا وسطاء، فالبعض يستنتج أن الوسطاء يشاركون في الأحكام، وهذه ليست الطريقة العمانية». وأضاف معاليه إن المؤتمر الذي تدعو إليه سلطنة عمان يجب أن يشمل الجميع، لأن الجميع لهم مصلحة في التوصل إلى الاتفاق، مشيرا إلى أن إيران سوف تحتاج إلى تقديم تنازلات صعبة لتكون جزءًا من هذه العملية، وعبّر معاليه عن ثقته بعد أن تعامل مع مسؤولين إيرانيين مدة أكثر من ثلاثين عاما، من أنهم قادرون على تقديم مثل هذه التنازلات. وقال: «يجب علينا أيضا أن نؤمن بوجود قيادة إسرائيلية يمكن إقناعها بالانخراط بحسن نية وشعب إسرائيل يستحق ما هو أفضل من العيش في عالم شكله اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين في عام 1995 وهي جريمة القتل التي ارتكبها شاب إسرائيلي متطرف، وساهمت في إخراج عملية السلام عن مسارها». وأكد معاليه أنه يتعين التعامل مع الجهات الفاعلة غير الحكومية، وهذا لا يشمل «حماس» و«حزب الله» فحسب، بل جماعة «أنصار الله» أيضا، والشيعة الزيدية الآخرين، الذين كانوا عاملا كبيرا في السياسة اليمنية لعدة قرون، وهم مثل جميع اليمنيين جيران لسلطنة عمان، واليوم هم يحكمون معظم أنحاء اليمن وهذا يجعلهم حكومة في الأمر الواقع. وقال معالي وزير الخارجية: «إذا جاز لي أن أعرض جانبا عن البحر الأحمر، فأنا على يقين أن الهدوء سيسود هناك إذا تم الاتفاق على وقف الحرب في قطاع غزة، ففي نهاية المطاف، يزعم الغرب أنه لا يوجد أي رابط، إلا أن وقف الحرب من شأنه أن يمنح جماعة «أنصار الله» الفرصة لإثبات وجود رابط للحرب على غزة على وجه التحديد». ولدى سؤاله عن المكان والزمان المناسبين لانعقاد المؤتمر الدولي الطارئ بشأن فلسطين، رد معاليه: «حيث يشعر جميع الأطراف بالراحة، قد يكون في سويسرا أو النرويج، على سبيل المثال، وفي أسرع وقت ممكن بهدف التوصل إلى اتفاق على خطة لقبول عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة، ومن الممكن أن يكون هذا بمثابة منصة للمفاوضات العاجلة حول حل الدولتين الشامل وكل ما هو مطلوب لضمانه». |
| | |
|
|
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية:
سلطنة عمان
حزب الله
فی عام
إلى أن
إقرأ أيضاً:
نهاية الأمل للسودانيين في سلطنة عمان
في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها السودان بسبب الحرب والتهجير القسري، وجد العديد من السودانيين في سلطنة عمان ملاذًا لهم، حيث كانوا يأملون في بناء حياة جديدة بعيدًا عن المعاناة. ولكن مع مرور الوقت، أصبحت هذه الآمال تتلاشى تدريجيًا، خاصة بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها السلطات العمانية، والتي كانت بمثابة ضربة قوية لجميع الذين كانوا يطمحون إلى استقرار حياتهم هناك.
لقد شهدت الفترة الأخيرة توقف جميع انواع التأشيرات للسودانيين، وهو ما أثر بشكل كبير على كل من كان يسعى لتحقيق أحلامه في عمان. لا سيما أن القرارات شملت أيضًا توقف الالحاق العائلي، وهو ما فاقم معاناة العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت في رحلة لم شمل أفرادها بعد تهجيرهم قسرًا بسبب الحرب. هذه الإجراءات كانت بمثابة خيبة أمل جديدة لكل من كان يتطلع إلى لم شمل أسرته وإعادة الحياة إلى طبيعتها في أرض جديدة.
تعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها عمان بمثابة ضربة قوية لمجتمع السودانيين المقيمين في السلطنة، حيث شملت المقيمين لعدة سنوات قبل الحرب، وهو ما يزيد من عمق توهان السودانيين الذين كانوا قد استقروا هناك لفترات طويلة. العديد منهم دفعوا ثمن الاستقرار في بلد آخر، لكنهم تفاجؤوا بأن حياتهم العملية والشخصية أصبحت في مهب الريح بعد هذه القرارات المفاجئة.
أحد القرارات الأكثر تأثيرًا كان توقف اجراءات السجلات التجارية حتى للذين سددوا الرسوم واستلموا شهادة السجل التجاري، مما عطل العديد من المشروعات التي كانت تعتمد على استمرار هذه الإجراءات. هذه الإجراءات كانت قد بدأت وفقًا للنظام، ولكن تم ايقاف اجراءاتهم عند هذا الحد، ما تسبب في حالة من تضرر كبير لأصحاب المشاريع الذين كانوا يراهنون على هذه الفرص لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بعد ما عانوا من ويلات الحرب في وطنهم.
بالإضافة إلى ذلك، تم توقف اجراءات استقدام الزوجة والابناء، وهو ما جعل العديد من الأسر السودانية التي كانت قد بدأت الاستثمار في عمان غير قادرة على لم شمل أفرادها. هؤلاء كانوا قد بدأوا إجراءات الاستقدام بتفاؤل، على أمل أن تبدأ حياتهم في عمان بشكل جديد ومثمر، لكنهم وجدوا أنفسهم اليوم عالقين في حلقة مفرغة من الإجراءات المتوقفة التي وضعتهم أمام واقع مرير.
ومنذ بدء الحرب، اتجه السودانيون للاستقرار بالعديد من الدول، حيث سعوا إلى إنشاء مشاريعهم واستثماراتهم في محاولات لتأمين حياة أفضل بعيدًا عن النزاع. الجدير بالذكر أن للسودانيين إسهامات واضحة في بناء العديد من دول الخليج، إذ استعانت بهم هذه الدول في الماضي لدورهم البارز في التأسيس والبناء في قطاعات متعددة.
وفي ظل هذه القرارات، لم تقم السفارة السودانية بأي خطوات ملموسة للتوضيح أو معالجة الموقف، مما زاد من حالة الغموض التي تحيط بالموضوع. حتى الآن، لم تصدر السفارة أي بيانات رسمية تشرح تفاصيل الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات أو تقدم حلولًا للمتضررين. هذا الصمت دفع العديد من السودانيين إلى الشعور بأنهم تُركوا يواجهون مصيرهم المجهول وحدهم، مما زاد من معاناتهم الاجتماعية والاقتصادية.
وفي النهاية، لم يتوقف الأمر عند هذه القرارات وحدها. لم يتم استرداد المبالغ للذين بدؤا اجراءاتهم وتوقفت بسبب القرارات، مما زاد من الضغط المالي على العديد من الأسر التي كانت قد بدأت بالفعل في دفع رسوم لهذه الإجراءات. هذا الموقف أضاف معاناة جديدة للمقيمين الذين كانوا يعولون على تلك المبالغ لإكمال مشروعاتهم وتطوير حياتهم.
كل هذه القرارات، التي جاءت في وقت كان يعاني فيه السودانيون من آثار الحرب والنزوح، ساهمت في تضرر كبير للعديد منهم، وأدت إلى زيادة معاناتهم النفسية والاجتماعية. ومع ذلك، تبقى الأسئلة دون إجابة: هل ستستمر هذه القيود على السودانيين في عمان؟ وهل ستتغير هذه القرارات في المستقبل؟ ما يزال الكثيرون يترقبون في أمل أن يعيد الأفق المستقبلي فرصًا جديدة للعديد من الأسر التي كانت قد تعلق آمالها على هذه الدولة كمصدر للأمان والاستقرار.
إنضم لقناة النيلين على واتساب