لم يعد تهديد جماعة الحوثي لحرية الملاحة في الممرات البحرية الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر حدثاًً عابراً يمكن التعايش معه. انخفض عدد السفن العابرة يومياً لمضيق باب المندب من 60 سفينة إلى أقل من 12. لكن، حتى لو انتهت الحرب في غزة سيبقى التهديد جدياً وحقيقياً ويمس مصالح أكثر من أربعين دولة، بينها قوى دولية كبرى مثل الصين والهند، فضلاً عن الولايات المتحدة القوة العظمى الأولى في العالم، وأكثر من ثلاثين دولة أوروبية.

والتهديد يطاول أيضاً الدول المتشاطئة في البحر الأحمر بدءاً من المملكة العربية السعودية، وصولاً إلى الأردن، والأهم مصر التي فقدت جراء الهجمات الحوثية وأعمال القرصنة أكثر من 50 في المئة من عائدات قناة السويس الحيوية بالنسبة إلى الاقتصاد المصري. بالمقارنة أن الخسائر الإسرائيلية لا تذكر. ومرفأ إيلات المعطل هامشي نسبياً.

 

بالأمس تابعت على قناة "الحدث" العربية مقابلة مع رئيس المنتدى الخليجي للأمن والسلام الدكتور فهد الشليمي، أجرتها معه الزميلة لارا نبهان حول مسألة تهديد جماعة الحوثي لأمن الممرات البحرية في باب المندب والبحر الأحمر والمنطقة. قال الدكتور الشليمي ما معناه إن جماعة الحوثي التي يتم التعامل الغربي معها بالكثير من التساهل تهدد أمن البحار في باب المندب ومحيطه، لكن في ما بعد إذا لم يتم تأديب الحوثيين، فسيتعين على أوروبا وأميركا أن تنتظرا هجمات في البحار الأوروبية من الشمال إلى الجنوب. وقال أيضاً ما معناه إن إيران التي ترعى الحوثي يجب أن تشعر بتهديد لمصالحها الاقتصادية والسياسية لكي ترتدع. ولأن الغرب لن يقاتل على الأرض في اليمن يجب دعم قوات الشرعية اليمنية وقوات المكوّن الجنوبي التي وحدها يمكنها أن تفرض رادعاً عسكرياً على الأرض.  

 

تقدير الدكتور فهد الشليمي منطقي. فالتساهل، لا بل التواطؤ الغربي على مر العقد الماضي ضد الشرعية اليمنية والتحالف العربي أسهما في تنمية قدرات جماعة الحوثي، وتسهيل مهمة الإيرانيين في تقوية الجماعة. لقد صنعوا خطراً بأيديهم. ومن هنا فالخطر الذي تتعرض له منطقة باب المندب أكبر من حرب غزة نفسها. وأبعاده ومضاعفاته ستستمر إلى أمد طويل بعد أن تنتهي حرب غزة.

   

صحيح أن الشعار الذي ترفعه جماعة الحوثي مرتبط بمساندة غزة ورفع الحصار عنها، تماماً كالشعار الذي يرفعه "حزب الله" من لبنان. لكن الصحيح أيضاً أن تهديد الملاحة البحرية الدولية من قبل الحوثيين، ومضايقة إسرائيل بهجمات انطلاقاً من لبنان، ما غيّرا من مصير قطاع غزة، ولن يغيّرا مصير حركة "حماس" والفصائل المقاتلة. وإيران غير مستعدة للدخول في حرب مفتوحة ضد إسرائيل وأميركا. كما أنها ضنينة بـ“حزب الله" ولا ترغب في تعريضه لخطر وجودي. لذلك نلحظ أن الحزب المذكور يتشبث بحرب "المشاغلة" المنخفضة الوتيرة حتى عندما تتجاوز إسرائيل الخطوط الحمراء لناحية قوة الضربات، أو عمق الاستهدافات الجغرافي. هذا ما يفسر العدد الكبير من الخسائر بين كوادر الحزب العسكرية. فضلاً عن التباين بين الضربات الإسرائيلية الموجعة ورد "حزب الله" المنضبط بقرار مركزي من طهران.

 

بالنسبة إلى جماعة الحوثي، لا تعبأ طهران بالضربات الأميركية – البريطانية على مواقعها. ففي اليمن الذي سقط فيه مئات الآلاف من المواطنين والمقاتلين في أقل من عقد من الزمن، فإن حساب الخسائر مختلف تماماً. وحدها ضربات منسقة مع الشرعية والمكون اليمني الجنوبي تفتح الباب أمام تغيير الواقع العسكري على الأرض يمكن أن تحدث فارقاً حقيقياً. فجماعة الحوثي بوظيفتها الإقليمية التي تدار من طهران ستشكل لعقود مقبلة الخطر المقبل على دول عربية كبرى في الإقليم، وعلى القارة الأوروبية بأسرها.

المصدر .. النهار

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

اليمن يشارك في الإجتماع التنسيقي للحوار السياسي الاستراتيجي العربي_ الصيني

شمسان بوست / القاهره:

شاركت الجمهورية اليمنية، اليوم، في الإجتماع التنسيقي العربي على مستوى المندوبين الدائمين للإعداد والتحضير للدورة الـ 20 لاجتماع كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي- الصيني والدورة الـ 9 للحوار السياسي الاستراتيجي العربي -الصيني على مستوى كبار المسؤولين، المزمع عقدهما يوم 21/5/2025 بالمملكة المغربية.

وناقش الاجتماع، بمشاركة القائم بأعمال مندوب اليمن الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير الدكتور علي موسى، والأمانة العامة للجامعة العربية، ومندوبي وممثلي الدول الأعضاء، مناقشة الترتيبات الخاصة بالإعداد والتحضير للدورة، و للحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين، ومناقشة مشروع التوصيات التي تم أعدادها من قبل الجانب العربي المزمع صدورها عن الدورة.

تجدر الإشارة إلى أنه وفقاً لآليات عمل منتدى التعاون العربي- الصيني، يتم عقد اجتماع سنوي على مستوى كبار المسؤولين لمتابعة تنفيذ أنشطة وفعاليات المنتدى، في ضوء القرارات الصادرة عن الاجتماعات الوزارية والخطط والأنشطة لهذا المنتدى.
  

مقالات مشابهة

  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي
  • اليمن: إنهاء التهديد الحوثي مرهون بتجريد موارده
  • رئيس البرلمان العربي يدين المخططات التخريبية التي تستهدف أمن الأردن
  • حرب القيامة التي يُراد بها تغيير خارطة الوطن العربي 
  • إخوان الأردن: مصلحة المملكة فوق كل اعتبار ولا علاقة لنا بالخلية التي اعتقلتها المخابرات
  • اليمن يشارك في الإجتماع التنسيقي للحوار السياسي الاستراتيجي العربي_ الصيني
  • الحوثي: غارات أميركية تستهدف مناطق في وسط وغرب اليمن
  • اليمن: «الحوثي» حولت البلاد إلى ساحة صراعات
  • جماعة الحوثي تعلن عن سلسلة غارات أمريكية على جزيرة كمران
  • لماذا زجّ ترامب بالصومال في حديثه عن جماعة الحوثي؟